قــوانـيـن قـمـع الـمـصريــيـن
عصام عبد الجواد
من مفارقات الأحداث التي تعيشها مصر، أن تتدفق عليها قوانين قمع المصريين بعد ثورة الحريات، والغريب أن السلطة الحاكمة تتفنن في تشدد هذه القوانين وكثرتها، ومنها قوانين التظاهر والبلطجة والعدالة الانتخابية وتبادل المعلومات، فقانون التظاهر يمنع أي أشكال المظاهرات ويحد من أي محاولة للتعبير السلمي عن الغضب، وكأنهم يدفنون الثورة بعد أن ركبوا علي أنقاضها ليصعدوا لكرسي السلطة، الغريب أن أصحاب هذه القوانين يرفضون انتقادها ويطالبوننا بقراءتها أولا قبل الهجوم عليها، متهمين خصومهم بالجهل، وينفردون بالمعرفة الكاملة.. فيما تري المعارضة أن هذه القوانين تحاول إبقاء الإخوان في الحكم بأي طريقة وتشرع لوأد الثورة!
خلال الأيام الأخيرة شهد مجلس الشوري مناقشات حادة حول هذه القوانين القمعية ومنها التظاهر الذي ثبت أنه قانون لا مثيل له وأنه سوف يجعل المتظاهرين ينتقلون للتظاهر كما وصفه أحد الأعضاء في الصحراء الغربية أو في الصحراء الشرقية بعد أن تم وضع شروط صارمة لهذا القانون الذي لم يكتمل بعد، وكذلك مشروع قانون العدالة الانتخابية، فيبدو أن الأحزاب والتيارات السياسية التي وافقت علي قانون الانتخابات ودفعت به إلي المحكمة الدستورية لمطابقته بالدستور الجديد وجدت أنها تريد بعض التعديلات فتم اقتراح قانون العدالة الانتخابية وكذلك قانون البلطجة، فيما حاولوا تجميل الصورة بقانون الحد الأدني والأقصي للأجور.
ففي قانون التظاهر يمنع القانون الجديد بعض الفئات من حق التظاهر منهم أفراد الجيش والشرطة والقضاة، وشدد القانون علي ضرورة أن يكون مكان التظاهر يبعد عن المنشآت الحيوية بحد أقصي 500 متر، كما حدد ضرورة أن يكون هناك إخطار مسبق من منظمي المظاهرة لوزارة الداخلية ويكون قبل تنظيم المظاهرة علي الأقل بخمسة أيام وإذا رفضت الداخلية تنظيم المظاهرة يلجأ أصحابها إلي القضاء الذي يكون حكما بين الداخلية والمتظاهرين ويمنع منعا باتا حمل السلاح أو لبس الأقنعة في المظاهرة ومن يتم ضبطه بالقناع أو السلاح يحال للمحاكمة الفورية، الأمر الذي جعل الخلافات تدب بين أعضاء لجنة الأمن القومي.
وكذلك شهدت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية برئاسة محمد طوسون خلافات حادة حول قانون العدالة الانتخابية والمقصود به دراسة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، فقانون الانتخابات البرلمانية الذي تم التصديق عليه حدد الدوائر الانتخابية بـ46 دائرة ثم اكتشف أعضاء المجلس أن هناك دوائر انتخابية يزيد طولها علي مائتي كيلو متر وهناك دوائر انتخابية يزيد عدد الأصوات فيها علي 500 ألف صوت وهناك دوائر يقل عدد الأصوات فيها علي 200 ألف صوت لذلك بدأوا في دراسة قانون العدالة الانتخابية لتقسيم الدوائر تقسيما عادلا يتساوي فيه عدد الأصوات الانتخابية مع المساحة الجغرافية خاصة أن هناك دوائر مثلا في القاهرة رغم صغر حجمها الجغرافي إلا أن عدد الأصوات فيها كبير جدا بعكس دوائر في المحافظات الحدودية التي يقل عدد الأصوات فيها وتزداد مساحتها بشكل كبير.
وكذلك يتضمن القانون التصويت الإلكتروني والذي وافقت عليه اللجنة مبدئيا معتبرا ذلك فتحا جديدا لها رغم اعتراض البعض عليه لأن ذلك معناه أن عددا كبيرا ممن لا يعرفون القراءة ولا الكتابة سيقوم آخرون بالتصويت لهم عن طريق بطاقة الرقم القومي وناقش القانون أيضا تخصيص مقاعد للمصريين العاملين بالخارج بالبرلمان وقد أطلق عليه البعض قانون تفصيل الدوائر علي مقاس أعضاء الجماعة.
وكذلك أيضا قانون الحد الأدني والأقصي للأجور فبعد معاناة طويلة داخل الأدراج سواء في مجلس الشعب أو في مجلس الشوري ناقشت اللجنة الاقتصادية قانون الحد الأدني والأقصي للأجور وبعد محاولات طويلة انتهت إلي ما انتهت إليه المناقشات السابقة في مجلس الشعب بأن يكون الحد الأدني للأجر 1200 جنيه والحد الأقصي ما يعادل 50 ألف جنيه وكأن شيئا لم يكن.
وكذلك قانون البلطجة والذي سوف تتم مناقشته باستفاضة في الأسبوع القادم أمام لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري.
المستشار عمرو مراد مساعد وزير العدل أكد أن القانون الجديد للتظاهر لا يقيد حق المصريين في التظاهر المقر دستوريا والتشريع الجديد يتطابق مع المواثيق والعهود الدولية للأمم المتحدة، والتي وافقت عليه مصر، لذلك أرجو من الجميع ألا ينتقدوا القانون قبل أن يقرأوه وأن القانون الجديد يجعل القاضي حكما بين الشرطة والمتظاهرين إذا حدث خلاف بينهما حول مكان تنظيم التظاهر ومدي الجاهزية الأمنية في استقبالهم فإن القضاء يفصل في ذلك بشكل استثنائي.
وأضاف أن القانون الجديد يمنع الفئات مثل أفراد الجيش والشرطة والقضاة من التظاهر ولم يحدد القانون أماكن معينة للتظاهر فجميع الأماكن مباح فيها التظاهر باستثناء ميدان التحرير الذي سوف يستثنيه القانون من أي قيود باعتباره رمزا للثورة.
وحول وجود بند في القانون بأن يكون بين المتظاهرين والمنشآت المهمة 500 متر، أكد أن حماية المنشآت أمر مهم جدا وحتي لا تتعطل مصالح المواطنين وهي محل دراسة وأن عملية الإخطار المسبق حتي تستعد الداخلية لحماية المتظاهرين ومنع أي أحد من الاحتكاك بهم.
في حين قال النائب طارق قريطم عضو مجلس الشوري عن حزب الوسط: نخشي أن يتم استخدام ورقة القضاء من أجل تعطيل تنظيم التظاهرات لأنه يجب أن يفصل القضاء بسرعة كبيرة لأن أي مظاهرة لا يحتمل تأجيلها لأسابيع أو شهور حتي تحصل علي حكم قضائي ويجب أن يكون الفصل بين المتظاهرين والداخلية عن طريق القضاء بأسرع ما يمكن.
في حين أكد صبحي صالح عضو مجلس الشوري والقيادي بحزب الحرية والعدالة أن قانون التظاهر من القوانين العاجلة والتي تأخرت أكثر مما ينبغي والدولة التي لا يوجد بها قانون ينظم المظاهرات تعم فيها الفوضي، وأكد أن التظاهر حق دستوري ولابد له من إطار قانوني وأن المعارضة الآن متهمة بأحداث العنف التي تجري في الشارع المصري ولو كان هناك قانون للتظاهر لظهر من يقف وراء هذا العنف وأضاف أن القانون واضح وصريح وسوف يمنع حملة الأقنعة وحملة السلاح من التواجد في المظاهرات ومن يتم ضبطه يحمل سلاحا أو قناعا يجب أن يحاكم وتغلظ عليه العقوبة.
وأوضح أن قانون البلطجة يحد من الجرائم التي تشهدها مصر والتي يصفها البعض بأنها أفعال ثورية موضحا أنه بموجب قانون البلطجة يمكن القبض علي المسجلين خطر دون ارتكابهم أي أفعال إذا تواجدوا في محيط الاشتباكات أو في المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية لأن هؤلاء لم يأتوا للاحتجاج أو للتظاهر بل وجودهم يضر المتظاهرين ويضر المجتمع بأكمله لأنهم من العناصر التخريبية والتي تريد إحداث عنف في البلاد.
صبحي صالح قال إن البلاد في الفترة القادمة تحتاج إلي مجموعة من القوانين تحافظ علي المجتمع الذي يشعر بعدم الأمان من وجود عناصر تباشر العنف.
أبوالعز الحريري عضو مجلس الشعب المنحل والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية رد علي كلام النواب الإخوان والإسلاميين بقوله أن هذه القوانين التي يتم تفصيلها أو طبخها داخل مجلس الشوري تخدم مصالح جماعة الإخوان المسلمين فقط والتابعين لها من أنصار تيار الإسلام السياسي، وأنها قوانين باطلة وغير معترف بها لأن مجلس الشوري في الأصل باطل وهي قوانين يتم تفصيلها للقضاء علي الحرية والحريات في مصر وتكبيل يد المتظاهرين السلميين وجماعة الإخوان المسلمين تحاول أمام الناس أن تظهر نفسها أنها تريد الحفاظ علي المتظاهرين من خلال هذا القانون.
كما أنها تريد أن تظهر أنها تريد تحقيق العدالة الانتخابية من خلال قانون العدالة الانتخابية بغير الحقيقة وهو أمر أصبح واضحا للجميع بأن الجماعة تريد السيطرة علي كل شيء من خلال القوانين التي تصدرها ولن يقبلها الشارع المصري الذي كشف نوايا الجماعة وكشف خططها ولن تفلح معه أي عمليات تجميل لهذه القوانين.
وأضاف الحريري أن الشارع المصري أصبح الآن علي دراية كاملة لكل ما تفعله الجماعة وتيارات الإسلام السياسي وعليهم أن يدركوا أنهم لن يستطيعوا تضليل الرأي العام أكثر من ذلك.