
محمد جمال الدين
عن فساد الرياضة.. أتحدث!
منذ فترة ليست بالقليلة عقدت الأجهزة الرقابية فى الدولة، العزم على محاربة جميع أوجه الفساد، على أرض المحروسة، سواء كان ماليّا أو إداريّا أو فكريّا أو حتى أخلاقيّا، بهدف القضاء على هذا الداء الذى استشرَى فى مفاصل الدولة المصرية، صحيح أن هذه الأجهزة لم تُقصّر فى عملها وتبذل كل جهودها لتطهير مصر من هذا الداء العضال، إلّا أنه بين الوقت والآخر تظهر البعض من حالات هذا الفساد، وبطرُق وأساليب جديدة فرضتها علينا الثورة التكنولوجية الحديثة، التى أصبح استخدامها فى كل مجال أمرًا حتميّا؛ لمواجهة التقدُّم السريع الذى يميز العصر الذى نعيش فيه. مؤخرًا طل علينا فسادٌ من نوع آخر، وتحديدًا فى مجال الرياضة، التى من المفترض أن تُهذّب نفوس من يديرها أو يمارسها، وهذا ما تجلى بوضوح فى وقائع الفساد التى طالت رياضة رفع الأثقال التى كان لنا فيها شأن كبير على مَرّ التاريخ الرياضى، ولكننا ابتلينا برجال يهدرون وعن طيب خاطر وبقصد وتعمُّد، انتصارات أبطالنا العظماء «سيد نصير وخضر التونى وعطية حمودة وأنور مصباح وإبراهيم شمس وصالح سليمان ووصيف إبراهيم ومحمود فياض» ومؤخرًا «عبير عبدالرحمن وطارق يحيى وشيماء خلف وإيهاب محمد وسارة سمير» ومن قبلهم «نهلة رمضان»، لصالح تحقيق مكاسب رخيصة فى قيمتها، ولكنها للأسف كبيرة فى أثرها على أهم لعبة تميزت بها مصر على المستوى العالمى، فساد لم نعهده ولم يكن أشد المتشائمين يتوقعه؛ خصوصًا فى هذه الرياضة التى لايزال العالم كله يتحدث عن أبطالها وانتصاراتهم، ولكن البعض من المتاجرين بالرياضة وأبطالها ويُشرفون على هذه الرياضة ويديرونها لم يبحثوا سوى عن مصالحهم الشخصية، وبسبب هؤلاء تم إيقاف نشاط الاتحاد المصرى لرفع الأثقال لمدة سنتين وحرمان أبطالنا من المشاركة فى دورة طوكيو الأوليمبية، وسحب تنظيم بطولة كأس العالم من مصر؛ لاكتشاف تعاطى ربّاعينا للمنشطات، ولهذا لم يكن غريبًا أن يُحوِّل وزير الشباب والرياضة دكتور «أشرف صبحى» المتسببين فى هذه الكارثة إلى النيابة العامة، التى أصدرت قرارها بحبس المدير الفنى للاتحاد والمدرب العام أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بعد ثبوت وقائع تلاعب وتزوير فى صرف المكملات الغذائية التى كانت تقدم للرباعين وتوقيعهم بدلًا منهم على كشوف استلامها، كما أفرج عن رئيس الاتحاد وأمين الصندوق عقب سدادهما الأموال التى بموجبها تم اتهامهما ماليّا، رُغم أنهما لايزالان قيد التحقيقات، كل هذا جميل وجيد وننتظر من القانون أن يأخذ مجراه فى شأن من تثبت إدانته، ولكن، هل كل هذا يكفى ويعوض حرمان ربّاعينا وربّاعاتنا من المشاركة فى البطولات الدولية؟، وهل (يُبيّض) سمعة مصر التى تأثرت من جراء هذا الإيقاف؟، مؤكد أن كل هذا لا يكفى، ولذلك نطالب بثورة كبيرة فى عالم الرياضة وفى كل الاتحادات؛ لأن قضايا المنشطات وتعاطى الرياضيين لها، لاتزال دول كبيرة مثل روسيا ورياضيها تعانى منها منذ سنوات، مع ضرورة استبعاد أى مسئول رياضى سواء كان إداريّا أو فنيّا أو حتى رياضيّا من ممارسة أى نشاط رياضى مدى الحياة (لأن حكاية تجميد العضوية لم يدخل دماغى)، وإجراء كشف منشطات دورى على أى لاعب أو لاعبة يشارك فى البطولات المحلية أو العالمية؛ لأن سمعة مصر لا بُدّ أن تأتى فى المقام الأول؛ خصوصًا أن هناك وقائع تعاطى منشطات ظهرت فى أكثر من اتحاد مصرى، ولكن يظل هناك سؤال حائر الإجابة عنه تكشف الكثير من الحقائق: أين كان دور أجهزة المتابعة والتفتيش المالى والإدارى فى وزارة الشباب والرياضة، المنوط بهم وقبل غيرهم كشف وإجلاء هذا التلاعب قبل أن تقع الكارثة، أمْ أن القائمين على هذا العمل لا يتحركون إلّا بعد وقوع الواقعة، أسوة بالموظف المصرى الذى لا يرى أو يسمع أو يتحرك إلّا بناءً على أوامر وتوجيه من السُّلطة الأعلى (عملًا بنظرية أذُن من طين وأخرى من عجين لحين يجدّ جديد)، الأمرُ جد خطير ولا يحتمل الانتظار سواء من الدولة، أو من اللجنة الأوليمبية المصرية، فسمعة مصر الرياضية على المحك، وترك الرياضة لبعض الفهلوية وأصحاب المصالح والمتمسحين فى المناصب الدولية الرياضية، سيتسبب فى كارثة نحن فى غنى عنها، وسينتج عنها ظهور البعض ممن يعتمدون الغش والخداع والتزوير لتحقيق انتصارات زائفة، وجلها عناصر تؤدى إلى استشراء الفساد وليس القضاء عليه.