رجالة إيران «ستات بطرح»!

مروة سلامة
ازداد الحديث عن المتحولين جنسياً فى إيران خلال السنوات الأخيرة وتعد إيران ثانى أكبر دولة فى العالم تجرى عمليات التحول الجنسى بعد تايلاند، إلى درجة أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن عدد مرات إجراء هذه العملية فى إيران يصل إلى سبعة أضعاف مثيلاتها فى أوروبا.
أسباب عديدة وراء الإقبال على تلك العملية، المفارقة أن هذه القضية لم تثر فى عهد شاه إيران، وأن الحديث عنها ظهر على السطح بعد الثورة الإسلامية 1979 بعد فتوى «الخومينى» بإباحة تغيير الجنس.
ويجرى المتحولون العملية تفادياً لعقوبة الإعدام التى يعاقب بها القانون الإيرانى «الشواذ».
فتوى «الخومينى»
للمجتمع الإيرانى طبيعة خاصة تحمل الكثير من الازدواجية، التى تحير الكثيرين، ففى ظل حكم الملالى نجد مثل هذه الظاهرة، فى حين أنها لم تكن موجودة به من قبل، وذكر الموقع الرسمى لمنظمة حقوق الإنسان العالمية فى قسمه الفارسى أن هذه الظاهرة لم تناقش بشكل رسمى، ولم يكن أعداد المتحولين مثلما ترصده اليوم الإحصائيات الرسمية.
القصة بدأت قبل الثورة الإسلامية بثلاث سنوات، عندما ذهب «فريدون»، الذى تحول فيما بعد إلى مريم خاتون بور آرا، إلى فرح بهلوى، زوجة الشاه طلب خلالها أن تعترف الدولة به كامرأة وأن ينال هو وأمثاله حقوقهم كاملة فى المجتمع، وهو ما أثار جدلاً كبيراً حينها، حيث طلبت منه ''بهلوى'' أن يوقع على طلب ويتم النظر فى أمره لاحقاً وباء مطلبه بالفشل، إلا أنه لم ييأس وحاول أخذ فتوى من رجال الدين تبيح له إجراء عملية تحول جنسى، وهو ما دفعه للسفر لفرنسا لمحاولة لقاء «الخومينى» قبل الثورة بأشهر قليلة، إلا أنه لم يستطع مقابلته هناك وبعد مضى نحو 6 سنوات استطاع مقابلة الأخير فى منزله.
أتكلم.. وأعيش بإحساس وملامح وجه امرأة.. فكيف أعامل كرجل؟.. كانت هذه الكلمات التى جاءت على لسان «فريدون» عند لقائه بـ«الخومينى»، وكان رده كفتوى فتحت الباب له وللآلاف غيره لديهم نفس المشكلة، حيث أباح له تغيير جنسه لامرأة طالما أن هناك 3 أطباء وافقوا على ذلك.
وبهذه الفتوى أصبحت «مريم خاتون آرا» أول وأشهر متحولة جنسياً فى إيران، التى أسست فيما بعد فى عهد الرئيس محمد خاتمى، جمعية أطلقت عليها «الدفاع عن المرضى المتحولين جنسياً»، وهى إحدى أهم الجهات التى يتعامل معها المتحولون لتسهيل الإجراءات الطبية أو القانونية لمن لديه هذه المشكلة أو يرغب فى تغيير نوعه، وهى جمعية مشهرة تعمل بشكل قانونى ومعترف بها فى إيران.
لم يكن «الخومينى» رجل الدين الوحيد فى إيران الذى أفتى بذلك، فهناك الكثيرون ممن أيدوه فى الرأى أمثال كريمى نيا، الملقب بـ«آية الله»، الذى رأى أنه لابد من اعتراف المجتمع بالمتحولين وأن هذا الأمر يأتى من باب الدفاع عن حقوق الإنسان، لدرجة أنه خصص لهذه القضية الباب الأخير فى رسالة الدكتوراه الخاصه به.
تغيير الجنس أرحم من عقوبة الإعدام
تغليظ العقوبات ضد المثليين جنسياً فى إيران، تقضى إما بالجلد أو الإعدام بالميادين العامة كان وراء ارتفاع نسبة الإقبال على عمليات التحول الجنسى، حيث أفصح عدد من المثليين الذين أقدموا على تلك الخطوة للعديد من وسائل الإعلام والمؤسسات المعنية بالإشراف على «المتحولين»، أكد موقع «خبر أنلاين» الإيرانى أن هناك عدداً ممن يعانون من اضطرابات الهرمونات التى أدت إلى خلل فى نوعهم ومن ثم فبعضهم يبدو رجلاً من مظهره الخارجى ولكنه يحمل مشاعر أنثى أو العكس، إلا أن النسبة الأكبر من المثليين جنسياً الذين يلجأون لهذه الحيلة لإنقاذ أرواحهم من حبل المشنقة.
وأضاف الموقع أن الطب الشرعى يعد الجهة الرسمية التى تفصل فى هذه الأمور، بعد أن يتقدم إليها المريض ومعه موافقة ثلاثة أطباء، لإتمام الإجراءات القانونية اللازمة بعد العملية والمتعلقة بإثبات هوية «المتحول» الجديدة.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية أجريت نحو 1366 عملية تحول جنسى فى إيران فى الفترة من عامى 2006: 2010 أى نحو 270 عملية سنويا من هذا النوع، نحو 65٪ منهم من الرجال، الذين يرغبون تغيير جنسهم إلى نساء.
وذكر موقع «حقوق الإنسان» أن بعض المثليين يقومون بعقد زواج متعة مع شركائهم كى يهربوا من قبضة القانون، وأنها حيلة باتت معروفة لدى قطاع كبير، فى إشارة إلى أن القانون فى هذه الحالة يكون فى صفهم ويحصنهم من أية عقوبات يمكن أن تمارس عليهم.
وفى السياق نفسه أشار موقع «راديو فردا» الموجه بالفارسية إلى أن السبب وراء انتشار هذه الظاهرة التشدد الدينى والقيود التى يفرضها نظام الملالى، التى تقضى بفصل الجنسين وعدم الاختلاط وتغليظ العقوبات على الزنى وفتاوى التحريم التى يخرج بها المرجعيات الدينية بين الحين والآخر، علاوة على ارتفاع نسبة الإدمان بين الشباب وطلاب الجامعات الذى يؤدى بدوره إلى فقدان الوعى وارتكاب الرذيلة والعلاقات المحرمة بين الجنسين أو بين أبناء الجنس الواحد، حيث تتصدر إيران قوائم الدول الأكثر لتعاطى المخدرات.
وأشار «فردا» إلى وجود عدد ليس بقليل من الأطباء الذين يقومون بهذه العملية من أجل الحصول على المال وأنها تحولت إلى تجارة رابحة، حيث إن تكلفة هذه العمليات كبيرة، مضيفة إلى أن تكلفة العملية تتراوح ما بين 2 و15 مليون تومان، إلا أن تكلفتها أقل بكثير مقارنة بدول أوروبا وأمريكا.
المشكلة الحقيقية تظهر لدى قطاع كبير منهم فى سن المراهقة، الذى يتحدد فيه الميول الجنسية لكل فرد، تبدأ المشكلة فى البحث عن هوية وتبدأ رحلة تحديدها، الأمر لم يكن صعباً فى إيران، فتحويل الجنس أسهل مما يمكن، كما أنهم لم يواجهوا نفس المشكلات التى يقابلها أمثالهم فى باقى دول العالم وبالتحديد البلدان الإسلامية والعربية، ويهاجر البعض من إيران لتركيا أو دول أوروبا وأمريكا، كى يعيش بحرية أكبر وبدون قيود.
فلاعجب أن ترى المراكز المتخصصة فى الدفاع عن حقوق «المتحولين» تتحدث بالأسانيد والأدلة الدينية التى تبيح إجراء مثل هذه العمليات، ومن بين تلك المراكز «منظمة المتحولين الإيرانيين» التى تفتح الباب للحوار مع المرضى والراغبين فى إجراء تلك الجراحة ويقوم الأطباء بالرد على أسئلتهم عبر الموقع، ويقول د. نصر رئيس أحد المراكز الطبية بطهران أن هناك بعض الحالات لمخنثين يولدون بأعضاء تناسلية للذكور والإناث معاً ومن ثم يجرى لهم جراحة لتحديد نوعهم، وهناك نوع آخر يولد بأعضاء كاملة لأحد الجنسين، ولكنه يعيش مشاعر الجنس الآخر وفى هذه الحالة يتم التدخل الجراحى وإعطاؤه بعض الهرمونات التى تساعد فى تحديد هويته الجنسية، مشيراً إلى أن بعض حالات النساء اللاتى يرغبن فى تحويل أنفسهن لرجال تستغرق ما بين 6: 8 ساعات، بينما تستغرق عملية تحويل الرجال نحو 14 ساعة تحت تأثير البنج الكلى ويتم بعدها الفحص تحت إشراف طبى عالٍ، نظراً لكونها إحدى الجراحات الصعبة والمعقدة.
من بين أشهر حالات المتحولين فى إيران الممثلة والمؤلفة المسرحية الإيرانية «فرزانة ارسطو»، التى قامت بخطوة جرئية وغريبة من نوعها عندما أقدمت على إجراء تلك الجراحة وهى فى مطلع عقدها الرابع وحولت جنسها إلى رجل وأطلقت على نفسها اسم سامان أرسطو، وتزوج من امرأة بعد ذلك لتكون الأشهر بين المتحولين فى إيران، الغريب أن مظهر هذه الممثلة يخدع الكثيرين الذين لم يشكوا للحظة أن بداخلها رجلاً والدليل على ذلك الأدوار السينمائية العديدة التى شاركت بها فى دور امرأة.
ولعل أكبر دليل على تقبل المجتمع الإيرانى للمتحولين جنسياً هو أن «أرسطو» عاد للتمثيل ولحياته العملية بعد إجراء العملية دون أن يواجه أية مشكلات، وأصبح بعد ذلك أحد أبرز أعضاء جمعية «المتحولين جنسياً فى إيران».
∎ فيديوهات العملية على يوتيوب لطمأنة الراغبين
المفارقة أن إيران التى تعتبر نفسها أكبر دولة إسلامية وراعية للإسلام تحصد أكبر عدد للمتحولين جنسياً، والغريب أنك بمجرد البحث بالفارسية عن المتحولين جنسياً يظهر لك عبر محرك البحث جوجل فيديوهات تشرح بالتفصيل عمليات التحول ثانية بثانية من خلال حالات يجرى عليها تلك العمليات الصعبة والدقيقة، ليشاهد الراغبون تلك العملية وكأنها جراحة تجميلية عادية.
الأكثر من ذلك أن بعض الحالات التى ظهرت فى هذه الفيديوهات لم تكن لمخنثين جنسياً، بل لأشخاص مكتملى الرجولة، حيث يتم تشويه أعضائهم وتحويلها إلى أعضاء أنثوية.
صحيح هناك حالات تستلزم التدخل الجراحى نظراً لكونها مشوهة نفسياً وعضوياً، إلا أن البعض يتخذ منها ستاراً لإشباع رغباته الشاذة محاولاً إكسابها صبغة دينية باستناده لفتوى «الخومينى». ∎