الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نحمل الحزن وهنًا على وهن

نحمل الحزن وهنًا على وهن
نحمل الحزن وهنًا على وهن


كل سنة وأنت طيبة يا أمى.. عبارة وقبلة على الجبين وأخرى على اليد، لا تمثل الكثير أمام عطاءات وتضحيات «التى حملتنا وهنًا على وهن»، لكنها تمثل وسيلة.. مجرد وسيلة لكى نقول لهن: شكرًا.
وفيما تغرورق عيون الأمهات بدموع الفرح فى هذا اليوم، يوم عيد الأم، وفيما يحتضن فلذات الأكباد، ويرفعن الأكف إلى السماء، أن يحفظهم الله، تعانى أمهات الشباب المحبوسين من الحزن على الذين خلف القضبان، ودعائهن أن يجعل الله الزنازين دافئة و«البُرش على البلاط» حنونًا طيبًا.


أمهات السجناء من شباب الثورة يحكين لـ«روزاليوسف» عن حجم ما يعانين فى عيد أم يأتى وهن يحملن الحزن وهنًا على وهن.
تقول إيمان سعد- والدة سلوى محرز- المحكوم عليها بالسجن لمدة سنتين على خلفية التظاهر بدون تصريح، إن ابنتها مهندسة معمارية وتبلغ 25 عامًا، وتحضر الماجستير فى الهندسة المعمارية، وكان لها اهتمام بالعمل التطوعى فى الجمعيات الخيرية، ويوم مظاهرة الاتحادية فى 24 يونيو 2014 كانت فى عملها بمصر الجديدة ثم ذهبت لاستكمال عملها التطوعى بجمعية «يهمنى الإنسان» التى كانت ترعى مصابى الثورة، وكانت تساعد «عمر مرسى» أحد مصابى الثورة فى الذهاب للطبيب فى ذلك اليوم، وتم القبض عليها وقتها، بعد أن حاولت إنقاذ عمر من هجوم البلطجية على المظاهرة.
وتضيف: «والله ابنتى لا تنتمى لحزب ولا تيار سياسى، فهى تعشق العمل التطوعى وخدمة البسطاء فقط، حتى إنها تستعد لمناقشة رسالة الماجستير فى شهر سبتمبر 2015 وتذاكر من داخل السجن، ونحضر لها المراجع وحصلنا على موافقة من إدارة السجن لذهاب الدكتور المشرف على الرسالة لها شهريًا، ليتابع معها الرسالة، موضحة أن من حب سلوى محرز للفقراء ستكون رسالتها عن تطوير عزبة الصفيح العشوائية وتوفير معيشة آدمية للسكان بأقل الإمكانيات الحكومية.
تصمت الأم برهة حتى تغلبها الدموع قبل أن تقول: أوقات كثيرة بحس إنى أنا اللى مذنبة، لأنى علمتها الوطنية والتضحية وحب البلد، وفى الآخر البلد ظلمتها وتقبض عليها وتحكم عليها بالسجن.
وتمضى قائلة:
أشعر بمرارة كبيرة من بلدى، ابنتى أكثر شجاعة منى، ففى كل مرة أزورها أجدها قوية متماسكة، فالسجن زادها إصرارا وقوة، كنت خائفة عليها تضعف، ولكنى وثقت  فى تربيتى لها.
 بينما تعانى (هناء الشيخة) من أزمة أكبر وهى أم لمحمود يحيى أحد المتهمين فى قضية مجلس الشورى، وزوجة للدكتور يحيى عبدالشافى المقبوض عليه فى نفس القضية وكلاهما حكم  عليه بالسجن 3 سنوات مع غرامة 100 ألف جنيه ومراقبة 3 سنوات، تقول هناء: لا أستطيع أن أتخيل كيف لزوجى وابنى أن يكونا محبوسين خلف القضبان لمجرد أنهما كانا يقفان بمنتهى السلمية وكلاهما نزل 25 يناير و30 يونيو من أجل الدفاع عن الوطن.
 وتشير إلى أن ابنها كان يعمل مندوبا للمبيعات فى إحدى الشركات الطبية وزوجها الدكتور يحيى عبدالشافى طبيب وكل المقبوض عليهم ليسوا بلطجية.
ومن جانبها تقول والدة مصطفى يسرى أحد المتهمين فى قضية مجلس الشورى والمحكوم عليهم بالسجن 3 سنوات إن مصطفى يدرس فى الفرقة الثانية بكلية الآداب قسم إعلام جامعة عين شمس، وهو الابن الوحيد لها مع أخته الصغرى، وهى أرملة فقدت زوجها منذ 15 عاما، وكانت الأم والأب لأبنائها، مؤكدة أن مصطفى كان شخصا هادئا وملتزما منذ الصغر وكان حنونا وعطوفا، حتى إنه طلب منها فى المرحلة الإعدادية أن يتحمل مسئولية المنزل حتى يريحها من التعب.
 وتعرب الأم عن استيائها من تشويه الإعلام لشباب الثورة، متسائلة عندما نزل الشباب فى 25 يناير، الإعلام قال عليه أعظم جيل، (حسب تعبيرها) وعندما نزلوا ضد مرسى، وقف الإعلام يساندهم، ولكن لما نزلوا رافضين لبعض القرارات الحالية تم الهجوم عليهم واتهامهم بأنه شباب مخرب.
وتضيف: إن ابنى شاب وطنى، ومش بيخرب البلد، اللى بيخرب البلد هو اللى حبس شباب الثورة ظلما.
 وتقول: لست نادمة يوما على تربية ابنى وأننى غرست فى شخصيته الروح الوطنية وحب البلد والدفاع عن المظلومين، ورفض القمع بجميع أشكاله.. أنا شاركت ونزلت 25 يناير أيضا، ضد ظلم مبارك وفساده، فنحن ملح أرض هذا البلد ولن نتخلى عنه، وابنى يزداد إصرارا وإيمانا بموقفه، وكلما زرته فى السجن أحصل منه على القوة وعدم الضعف.
شىء صعب أن ميعاد  الزيارة ينتهى ويشدوا بنتى من حضنى، شىء صعب جدا أنك بعد ما كنت بتشوف بنتك 24 ساعة فى اليوم، يكون رؤيتك لها مرة كل أسبوعين، شىء صعب أما تكون هى ابنتك الكبيرة وأول فرحتك وتكون موجودة خلف القضبان) هكذا تعبر أمل حسن أم أصغر سجينة فى قضية الاتحادية الطالبة حنان الطحان- 20 عاما- بالفرقة الثانية كلية التجارة.
وتضيف: حنان كانت طفلة ليس لها انتماءات سياسية، بل  كانت تخدم البلد وتساعد أى محتاج، ابنتى كانت  عضوة فى حركة تمرد وكانت توزع الاستثمارات لجمع التوقيعات، وكانت رافضة لحكم الإخوان لأنهم ظلموا الشعب وعذبوهم على قصر الاتحادية بعد الإعلان الدستورى.
أما عن آخر هدية عيد الأم فتقول : هى قالت أنها عملت صدقة جارية، ولم تفضل شراء هدايا تقليدية مثل أخواتها، ابنتى جدعة وصاحبة صحابها، ولا أصدق أنها تقضى أجمل أيام حياتها وشبابها وهذه المرحلة العمرية خلف القضبان مع المجرمين.
 رابعة الميرغنى والدة محمد تيمور المقبوض عليه فى قضية مجلس الشورى، والمحكوم عليه بالسجن 3 سنوات، تقول: إن محمد كان يعمل مرشدا سياحيا فى شرم الشيخ، ثم مع اندلاع ثورة يناير، أصيب فى أحداث مجلس الوزراء 2011 وفقد إحدى عينيه، ثم عمل مفتشا فى وزارة السياحة، وهو الابن الأكبر صاحب الشخصية الهادئة الطموحة، كان يحلم مثل ملايين الشباب بأن يرى حلم الثورة يتحقق، وأن يكون للشباب دور فى تغيير الواقع، وأن مصر بعد 2011 ستكون خالية من الفساد والقهر، وتتحول مثل أوروبا فيها الحرية والعدالة، والحياة الكريمة لكل مواطن.∎