مديحة عزت
الذكرى والذكريات
أخذت نعشك مصر باليمين
لقيت طهر بقاياك كما
اضجعت قبلك فيه مريم
دقات قلب المرء قائلة له
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
وحوته من يد الروح الأمين
لقيت يثرب أم المؤمنين
وتوارى بنساء المرسلين
إن الحياة دقائق وثوانى
فالذكر للإنسان عمر ثانى
رحم الله سيدة الصحافة فاطمة اليوسف وأمير الشعراء أحمد شوقى الذى كان أول من ساعد السيدة «روزاليوسف» كما كان يطلق عليها لأنه كان اسمها المسرحى أيام الفن.. ساعدها شوقى بك بإعطائها شقة فى عمارته التى كان يملكها فى شارع جلال فى حى المنيرة لتكون أول مقر لإصدار مجلة «روزاليوسف» وصدر منها أول عدد يوم الاثنين 26 أكتوبر سنة 1925 وظلت تصدر من شقة عمارة شوقى بك وتطبع فى مطبعة دار البلاغ فى شارع محمد سعيد «حسين حجازى» اليوم، وظلت تصدر من عمارة شارع جلال حتى استأجرت بيتاً من بابه فى شارع محمد سعيد وعام بعد عام بدأت تكون مطبعة وتستقل عن الطباعة فى دار البلاغ.. وظلت بهذه الدار حتى انتقلت إلى رحمة الله ولم يمهلها القدر حتى ترى مبنى روزاليوسف الحالى الذى اشترت الأرض بشارع قصر العينى وبناها أستاذنا الحبيب إحسان عبدالقدوس.. ومرت السنين سنة بعد سنة حتى الخامسة والخمسين على رحيل السيدة والأستاذة التى لم أحب بعد أمى أما غيرها.. كانت أغلى عندى من جدتى لأمى وجدتى لأبى. كان فرق السن بيننا كبيرا ولكن التفاهم والتقاء الأرواح قريبا جدا كانت ترتاح لى وكنت أرتاح معها - كنت ألتقط ما تريد أن تقول قبل أن تنطق وكانت تقرأ ما فى نفسى مجرد أن تلقانى.. كانت ترتاح وتسعد كثيرا فى إعادة الماضى وكانت تقول من لا ماضى له ليس له مستقبل.
ومن أقوال فاطمة اليوسف «ما ضاع شعب حافظ أبناؤه على كرامتهم».. لذلك عاشت سيدة الصحافة أيامها جميعا وهى محافظة على كرامتها».. وكانت تقول الذى يعتز بكرامته لا ينافق ولم يحدث أبدا أنها نافقت مهما كانت الأحداث ومن أقوالها أمس.. وكأننا نسمعها اليوم لتصل لغد مستقر قولها بعد ثورة «يوليو 1952».. كان جيشنا معزولا عن الشعب فأصبح الجيش هو الشعب.. كان زعماؤنا سياسيين فأصبح لنا زعيم ثائر من جيش ثائر.. نريد زعيما منا زعيماً تصميمه من تصميمنا ومبادئه مبادئنا وقوته من قوتنا».. يا ريت تقرأ هذا الرجاء يا جيش مصر اليوم!!
هذا قليل من ذكريات كثيرة عرفتها منها وعايشتها مع ذكرياتها الكثيرة التى كانت تحكيها لى، أما ما رأيته منها شخصيا أنها كانت عبارة عن مجموعة من المتناقضات لايمكن أن تجتمع فى شخص واحد فهى فى عملها عنيفة عاصفة صوتها الرفيع ترتفع لتزلزل مكاتب المحررين وعناصر المطبعة قوية إلى حد القسوة.. جريئة إلى حد التهور لا تخفى رأيا صريحا ولا توارى غضبا.. ومع ذلك من يعرفها كما عرفتها يعرف أنها صاحبة قلب طيب ينشر الحب والسلام هادئة رقيقة حنون عطوفة خيرة كانت تساعد كثيرين من أبناء من عملوا معها فى المسرح كانت تأخذنى كل شهر نطوف على بيوتهم نوصل الشهرية لكل بيت.. كانت فى قمة السعادة وهى تستقبل أولادها وأحفادها كل أسبوع على الغداء وكان قلبها يرقص وهى ترى أحفادها يجرون أمامها إلى محل لاباس للإفطار معنا محمد وأحمد إحسان عبدالقدوس وزكى طليمات ابن بنتها آمال أو ميمى الجندى كما كنا نعرفها وهى زوجة رجل الأعمال العظيم أحمد الجندى ابن يوسف الجندى أول من أعلن زفتى جمهورية.
هذا وأذكر أننى رأيتها تبكى أمامى مرتين، المرة الأولى كانت عندما كنا أنا وهى نزور أستاذنا الحبيب إحسان فى المعتقل عام 1954 وبعد الزيارة بكت وقالت لى كأنها تعتذر عن ضعفها أنا أم كأى أم خارج المجلة.. والمرة الثانية عندما بلغها خبر إنجاب ميمى لابنتها فاطمة وأن الوضع تم بسلام وأن الأم والبنت بخير هذا لأنها كانت مشغولة جدا على ميمى أثناء الحمل!!
ومن محاسن الصدف قبل أن أكتب هذا المقال بأسبوع فجأة هلت علينا فى روزاليوسف فاطمة الجندى حفيدة سيدة الصحافة وابنة ميمى وأحمد الجندى التى رأيتها هذا الأسبوع سيدة ناضجة وأماً ناجحة، بل وجدة رأيت فاطمة الجندى وهى تتكلم كأنى أسمع صوت جدتها فاطمة اليوسف سعيدة بهذه الحفيدة الواعية لتاريخ وعظمة جدتها سيدة الصحافة فاطمة اليوسف التى تسمت باسمها إجلالا وعرفانا بهذه السيدة العظيمة فاطمة اليوسف سيدة الصحافة والأدب والفن التى كنا كلنا تلاميذها بداية من التابعى والعقاد أول رئيس تحرير حتى الزميل العزيز أطال الله عمره عصام عبدالعزيز أدامه الله على روزاليوسف هذه الأيام لحمايتها وحمايتنا من هوجة «ثورة يناير» على فكرة أيضا من أهم ذكرياتى معها أنها عندما كانت رئيسا للكتاب الذهبى وكانت تطلب منى قراءة كل ما يقدم قبل أن ينزل للطبع وكان منهم يوسف إدريس ونجيب محفوظ، مصطفى محمود وعبدالحليم عبدالله وكان سكرتير عميد الأدب طه حسين قال لها سيادة طه حسين طالب زيادة عن المائة جنيه فقالت له قل له الست روزا بتقول لك هى محترمة تاريخك وأنه اليوم يوجد كتاب اكتشفتهم ثم سيكونون أهم منه يوسف إدريس ونجيب محفوظ ومصطفى محمود وعبدالحليم عبدالله.. وقد كان ما تنبأت به هذه السيدة العظيمة فاطمة اليوسف رحمها الله ورحم الجميع وغفر لهم مع كل من معهم فى رحاب، عليكم رحمة الله وغفرانه.. أذكركم جميعاً وأتذكر قول عمر الخيام.. أحبابى..
يا ثرى كم فيك من جوهر
يبين لو ينبش هذا التراب
قد عصف الموت بهم فانطووا
واحتضنوا تحت التراب
نفسى خلت من أنس تلك الصحاب
لما غدوا ثاوين تحت التراب
وأخيرا هذا كله حب وتبجيل لجيش مصر وتقبيل كل يد تردم وتغرق الأنفاق على الحدود مع غزة.. وياريت تسد بأسوار ويقف الجيش لحماية سيناء ومصر من ألاعيب حماس وإسرائيل التى تحالفت مع غزة لاحتلال سيناء لاقدر الله يا ريت يارب يتنبه الجيش والشعب لحماية سيناء التى استشهد أولاد مصر فى الحرب دفاعا عنها وكم من بيت مصرى له شهيد على أرض سيناء وأخيرا شباب الجيش الذين استشهدوا على الإفطار فى رمضان.. يا عالم سيناء فى أشد الحاجة لحمايتها من الاحتلال الفلسطينى - الإسرائيلى والذى كم حذرت وقلت هذا كثيرا.
يا رب احم سيناء من غفلة أولى الأمر ويارب السلامة والسلام لمصر وشعب مصر من عبث إسرائيل وحماس والعياذ بالله ولاقدر الله.. ولا كان.







