
محمد جمال الدين
هل عندنا أحزاب؟!
بداية وقبل أن نبحث وندقق فى حال الأحزاب السياسية المصرية، أعلن من الآن أننى أتحداك عزيزى القارئ فى معرفة كم عدد الأحزاب الموجودة الآن على الساحة وخصوصًا بعد ثورة 25 يناير؟
مؤكد أنك لن تعرف أو حتى تتذكر كم هو عددها الحقيقى، مثلما لا أتذكره أنا أو غيرى، فجلها إن لم يكن أغلبها عجز عن إيجاد قواعد شعبية لهم حتى يلتف الناس حولهم، تقدم وعودًا وأحلامًا ليس لها من أساس على أرض الواقع، أغلب من أسسوها لا يبحثون سوى عن الوجاهة والشهرة، لأنها أقيمت من حر مالهم، ولذلك ابتعد الشارع عنهم ولم يتفاعل معهم، بعد أن اتضح له أنها لا تختلف فى شىء عن الأحزاب التى سبقتها من قبل والتى لم تقدم أو تؤخر شيئًا، فجميعها تدور فى فلك الحزب الواحد المسيطر والمهيمن (الحزب الوطنى من قبل، وائتلاف حب مصر حاليًا)، مما أدى بالمواطن العادى إلى الابتعاد عنها وعدم وضعها فى الحسبان، نتيجة لغياب الرؤية والهدف وقيادة الحراك السياسى والديمقراطى فى الشارع وعدم بحثهم عن مصلحته، وهذا ما تجلى بوضوح فى عدم قدرة هذه النخب فى إدارة وقيادة أحزابهم، التى تصدعت وتهاوت قبل أن تخطو خطواتها الأولى فى العمل السياسى، بسبب الصراع والبحث عن الزعامة (والبرستيج) والشو الإعلامى، ناهيك عن خطابهم النخبوى الباحث عن المصلحة الشخصية فقط، والذى لا يفهمه المواطن البسيط مما جعل الشارع لا يعيرهم أدنى اهتمام، لتجاهلهم المتعمد له ولمتطلباته واحتياجاته، نعم عندنا أحزاب كثيرة (العدد فى الليمون) قائمة بالفعل (على الورق فقط)، ولكن ليس لها أدنى تأثير على السياسة العامة، واتصالها بالمواطن شبه منعدم أو غير موجود بالمرة، ولذلك هى فى نظر الكثيرين من عموم الشعب المصرى ليست سوى فى مقر معلق عليه لافتة باسم الحزب، أو جريدة تحمل اسم وشعار الحزب إن وجدت أصلاً، أحزاب جل برامجها متشابهة، لا لون لها أو توجه معين فى طرح أفكار وبرامج جديدة تساعد فى النهوض بمصر، وتقدم حلولًا لمشاكلها، لهذا لم يكن بمستغرب أن يتنقل قادتها بأموالهم من حزب إلى آخر تحت قبة البرلمان، بحثًا عن زيادة العدد والنفوذ خلافًا لما تنص عليه لائحة المجلس، لذلك يطالب البعض بإلغاء أو دمج بعضها، لعدم تقديمها أى جديد.. مؤكد أن الرئيس (السيسى) لا يرضيه بأى حال من الأحوال صورة أحزابنا ومشاركتها فى بحث سياسة الدولة بوضعها الحالى، وهو أيضًا وللأمانة لا ينتظر منها أن تشيد وتمجد لكل خطوة يقدم عليها فقط، بل ينتظر منها وضع خطط وحلول وبرامج من خارج الصندوق، تساعد وتدعم فى تقدم واستقرار مصر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، يريد أحزابًا تساهم مع الدولة فى الارتقاء بالمواطن ومد يد العون له، أحزابًا تساهم فى وضع استراتيجية الدولة المصرية لأجيال قادمة، كل حسب معتقده وفكره السياسى للتعامل مع الداخل والخارج، أما ترك الرئيس يذهب يمينًا ويسارًا وطلب تدخله فى كل مشكلة، دون أن نقدم له يد العون والمساعدة مكتفيين فقط بالإشادة وعبارات التمجيد، فعدم وجودها أفيد وأفضل للمواطن الذى يثق فقط فى الرئيس وفى قدراته، علمًا بأن الرئيس السيسى طلب مرارًا وتكرارًا من الجميع ضرورة المساهمة معه فى بناء مصر الحديثة، مؤكدًا أنه لن يستطيع أن يفعل شيئًا بمفرده، ومع هذا قادة أحزابنا وبحمد الله فى حالة (نيام فى العسل) ولا يراهم الناس أو يشاهدونهم سوى فى حالة وجود صراع أو خلافات فيما بينهم على النفوذ والمناصب أو فى الأيام التى تسبق أى انتخابات، وغير ذلك يظلون فى علم الغيب.
عذرًا عزيزى القارئ ابتعدت بك بعض الشىء عن السؤال الرئيسى، والتحدى القائم بينى وبينك عن عدد الأحزاب فى مصر، ولتسهيل الأمور عليك ورحمة بك من عناء البحث والتقصى والدخول على مؤشرات البحث لمعرفة العدد الصحيح، أصرح لك بأن مصر لديها بالفعل حزب واحد فقط، وهو بالمناسبة على درجة كبيرة من القوة والنفوذ، بخلاف القاعدة الجماهيرية الكبيرة التى يتمتع بها ولها تأثير مباشر على الشارع المصرى، وهو حزب الكرة ومشجعوها، الذين يهيمون عشقًا فى هذه الساحرة المستديرة، التى أعادت الفرحة والبسمة لجموع المصريين، تلك البسمة والفرحة التى أفقدهم إياها أهل السياسة والأحزاب بفعل فاعل وعدم وعى وإدراك لحقيقة دورهم فى الدفاع عن الشعب وحقوقه، حزب يعطى البسمة والفرح والسعادة، حتى ولو كانت لحظة المباريات فقط، وهى النعمة التى يتفنن السياسى فى حرمانه منها، ولهذا عرف أغلب المصريين أن ابتعادهم عن السياسة وأهلها غنيمة، فهم لم يروا منها سوى الغم والنكد وقتل الضحكة على الشفاه وكتم الفرحة فى الصدور.. لهذا وبكل فخر وحب وانتماء أعلن انضمامى لحزب الكرة وابتعادى عن السياسة وأهلها.