
محمد جمال الدين
ألا تستحون؟!
البداية كانت بالكنائس ثم أعقبها المساجد وأخيرا المستشفيات، ومن قبلهم رجال الجيش والشرطة والمواطنون المسالمون العزل، هؤلاء هم أهداف الإرهابيين فى جهادهم فى سبيل الله الذى تنتهجه جماعات الإرهاب، والتى يأتى فى مقدمتها تلك الجماعة المدعوة بالإخوان المسلمين.
جرائمهم فى قتل الأبرياء ونسف وحرق بيوت العبادة والذبح والتهديد والوعيد، تؤكد أنهم ليسوا بإخوان أو حتى مسلمين، جماعة المنضمون إليها والقائمون عليها لا يملكون أدنى قدر من الضمير أو الأخلاق، وهذا ما اتضح جليا فى عمليتهم الإرهابية الأخيرة من تفجير سيارة محملة بالمتفجرات أمام معهد الأورام، الذى يعالج فيه غير القادرين من هذا المرض العضال، لم يردعهم دين يتمسحون به آناء الليل والنهار، من قتل مرضى ابتلاهم الله بهذا المرض، ولا يوجد أمامهم سوى تلك النافذة العلاجية المجانية، لم تأخذهم بهم رحمة أو شفقة، وفى النهاية يخرجون علينا مصرحين بأن هذا جهاد فى سبيل الله، وهنا لا أعرف عن أى جهاد يتحدثون؟ هل هو جهاد قتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم؟ أم هو جهاد الخونة المسيطرين عليهم الذين خدعتهم أحلام الزعامة التى (برطعوا) فيها لمدة عام على يد رئيس أسبق خائن لوطنه؟ مضحيًا بشهداء الوطن الذين جعلهم مطية للوصول إلى كرسى الحكم، حتى اتضح بعد ذلك أن جهادهم المزعوم ليس سوى أحلام لم ولن تعود قط مهما طال الزمن، بعد أن كشفوا عمالتهم لمن يدفع أكثر، وتحديدا لمن يوفر لهم كهوف المأوى والمال كى يجاهدوا من فوق شواطئهم فى الدوحة واسطنبول وأزمير وأنطاليا.
جهاد كشف حقيقته القريب قبل البعيد من شعب مصر الطيب، الذى استخسرتم فيه حتى العلاج من مرض لعين، جهاد التخريب والهدم الذى لم يمنعكم من قتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، وتحديدًا فى شهر ذى الحجة الذى حرم فيه الله الحرب والقتال وإزهاق الأرواح، ومع هذا لم يرتدع خونة الأوطان وعبيد المال والسلطة، فلا دموع طفل مريض أو شاب يسير على كرسى متحرك، أو رجل طاعن فى السن، يسير وأنابيب المحاليل تتدلى فوق جلبابه الأبيض، ولا صرخة أم لا تعرف مصير ابنها بعد أن طالت النار جسده، وكأن ما به من مرض ليس بكافٍ، حتى لا يفكر عبيد النار وسفك الدماء فى التوقف عن أفعالهم الإجرامية.
أعلم كما يعلم غيرى أنكم لا تستحون بعد أن وصل إرهابكم إلى مرحلة قتل المرضى الفقراء فى المستشفيات، أهلهم يقضون ليلتهم على رصيف المستشفى أملاً فى رؤية فلذات أكبادهم صباحا فى حال أفضل، ولكنكم لم ترحموهم، مثلما سبق ولم ترحموا مصليًا فى مسجد أو كنيسة أو حتى عابرًا فى الطريق، عموما لن يؤثر إرهابكم ولو للحظة على مجريات الحياة فى بر مصر التى ستظل عصية عليكم وعلى أمثالكم وعلى من يوفرون لكم المال والمأوى.. تبقى نقطة واحدة أعتقد أنها جديرة بالمناقشة نتجت عن هذا الحادث الخسيس، وهى الخاصة بالتبرعات، وما يدور بشأنها من جدل، حيث اتضح أننا نعشق كشعب التشكيك فى جل أمر الصغير منه قبل الكبير، وهذا تمثل فى حالة الجدل والتضارب المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، عمن تبرع ومن لم يتبرع، وأيهما دفع أكثر من الثانى، ومطالبة بعض نواب البرلمان لرجال الأعمال بالتبرع لمعهد الأورام، وكذلك مطالبة البعض لكبار مذيعى ومذيعات الفضائيات بالتبرع للمعهد، وكذلك كبار الفنانين، أود أن أقول إن التبرع أمر شخصى لا إجبار فيه، فلا يهم كم دفع هذا أو ذاك، المهم المشاركة، ثم إن هناك العديد من المتبرعين رفضوا الإعلان عن نفسهم، كما أن هناك من تبرع من خلال رسائل هاتفية كلفتها لا تتعدى الخمسة جنيهات، كلٌ حسب ما يستطيع أو يقرر، لذلك كفانا يا سادة التشكيك فى بعضنا البعض، فلم يكن التبرع يتقرر يومًا بأوامر عليا أو من مواقع (السوشيال ميديا).. وقانا الله وإياكم الشك والمشككين والحسدة والحاسدين، وشر الإرهاب والإرهابيين، وتحيا مصر.