
محمد جمال الدين
لماذا ينبطح إعلامنا الرياضى؟!
فى معجم اللغة العربية يتم تعريف معنى كلمة «منبطح» بالاستلقاء على الوجه أو البطن، وفى معجم المعانى نجد تعريفًا للانبطاح مأخوذًا به فى التدريبات البدنية، أما فى التدريبات العسكرية فنقول: انبطح الجندى على وجهه أثناء إطلاق الرصاص مثلا.
ولكن الأمر يختلف فى الحياة حين نقول: جعله منبطحًا أى ذليل مهان، وهو بالمناسبة الأمر الشائع فى هذه الأيام، وللأسف يتم العمل والأخذ به من قبل البعض ممن يتصدرون المشهد الإعلامى وتحديدًا فى مجال الرياضة، حيث اعتاد البعض ممن يقدمون البرامج على شاشات الفضائيات، على تطبيقه قولاً وفعلاً، حتى سار منهجًا لا بد من اتباعه وعدم الخروج عنه، فهم إما صامتون أو منكسرون أو بمعنى أصح منبطحون أمام الضيف، إما لخوفهم من قوة شخصية الضيف أو طول لسانه، أو لضحالة ثقافتهم ومعلوماتهم، أو لعدم امتلاكهم المنطق الذى يحدد إطار مناقشة موضوع الحلقة، أو لخوفهم على (لقمة العيش) التى أتيحت لهم من قبل من يتحكمون فى الرياضة المصرية.
أكبر دليل على ما أقوله وتحديدًا عن من ارتضوا على أنفسهم العمل وفق هذا المنهج، ويطلق عليهم حاليًا صفة ولفظ المنبطح من قبل من يتابعونهم، يتجسد بقوة فى البعض من السادة مقدمى هذه البرامج أو التوك شو كما يردد البعض ويتجلى هذا بصورة واضحة فى بعض البرامج التى يقدمها ذوو الصيت والسمعة والغنى أيضا لو أحببت، فاللغة المعتمدة فى هذه البرامج تعتمد على الردح (والنهش والهبش) فى الآخر، وترك الضيف يدعى احتكاره العلم ومعرفة حقائق الأمور، يحدث هذا فى ظل ابتسامات بلهاء من قبل المذيع أو مقدم البرنامج (مش فارقة، فجلهم فى النهاية يتساوون) وما حكاية نجم الإعلام الرياضى والبرنس أو غيره، سوى كذبة كبيرة يصدقها البعض ممن ينتمون لنادٍ منتمٍ إليه مقدم هذا البرنامج أو ذاك.
وهناك العديد من الأمثلة التى تثبت انبطاح البعض ممن ينتمون للإعلام الرياضى، سواء فى شخوصهم أو فى برامج رياضية بعينها، فمثلاً لا أجد تفسيرا لضيف يطلق لعناته ولسانه لمهاجمة جل من يعتقد أنه ينتقده أو ينتقد المؤسسة التى يديرها ومقدم البرنامج صامت صمت الحملان، وعندما يتجرأ مقدم البرنامج ولو للحظة، يعنفه سيادة الضيف لمجرد أنه قاطعه فى استرساله لحديث اللعنات والأحذية الذى يجيده، معتبرًا نفسه الضيف وصاحب البرنامج والقناة (بفلوسه واللى مش عاجبه يشرب من البحر) حتى ولو استغرقت مداخلة سيادته وقت البرنامج من دقيقته الأولى إلى الأخيرة.
برنامج آخر وضع جل همه فى الدفاع عن الكيان الذى ينتمى إليه، متصيدًا الأخطاء عبر لعبة الزمن التى يمتلك الكثير منها مواقع التواصل الاجتماعى لمن يقع تحت مقصلته فى حالة لو فكر أحد فى مهاجمة الكيان الذى يرعاه، البرنامج يدعى الحيادية ويعلن أن ما يعنيه فى المقام الأول هو المهنية الإعلامية، رغم أن العالمين ببواطن الأمور يؤكدون أن هذا البرنامج أصبح منبرًا من أكبر منابر الفتنة والتعصب بين جماهير الرياضة مثل برامج أخرى، برنامج آخر يقدمه من يقولون عليه (برنس البرامج الرياضية) ينتقد المنظومة الكروية المصرية التى يعد من أحد أفرادها، البرنس إياه لم يفكر ولو للحظة أن يدافع عن هذه المنظومة سواء بالحق أو بالباطل، بل يسارع ويسرب ما يدور فى اجتماعاتها على الرأى العام باعتبار أنه صاحب السبق الإعلامى، ولكن عندما يتعلق الأمر بالشركة التى ترعى برنامجه يهب مدافعًا بجسارة عنها وعن لقمة عيشه لأن الصمت عن الهجوم عليها مدافعا، يعرضه لعدم الظهور على الشاشة (وهنا المصلحة تحكم).
بالمناسبة هذا الشأن تحديدًا يتساوى فيه البرنس مع نجم الإعلام الرياضى (الذى جلس فى منزله عامًا لاشتباكه مع أحدهم على الهواء مباشرة)، مع غيرهم من السادة المحللين الذين يسترزقون من الشركة الراعية، فى سابقة لا تحدث فى أى وسط رياضى سوى عندنا فقط، فهؤلاء جميعهم يصبحون أبطالاً علينا وعلى أندية الغلابة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالشركة يعد الصمت فضيلة ومن ذهب.
بالطبع هناك أنواع أخرى من الانبطاح يأتى فى مقدمتها اختلاق أحد البرامج ومقدمه لأخبار وقصص وهمية، حتى يزيد من عدد مشاهديه حتى ولو جاء ذلك على حساب الحقيقة (الأمر الوحيد المفتقد فى الوسط الرياضى)، هذا بخلاف البعض من المعلقين الرياضيين، الذين انبطحوا عن طيب خاطر أمام الميكروفون الذى يستخدمونه فى التعليق على المباريات، ليجعل لنفسه شكلاً ولونًا تحقيقًا لشهرة زائفة، مستظرفًا فى تعليقه بجمل واستظراف فى غير محله، ولكن اتباعًا لمنهج الفهلوة الذى اعتادوا عليه هم وغيرهم، من الذين لم يعرفوا أن التعليق علم يدرس فى الجامعات، بعيدًا عن الانتماء والأندية التى يتبعونها والتى تجعلهم فى النهاية منبطحين بطبعهم، وأسرى لمن يحبون وينتمون، ليتكاثر بيننا المتعصبون والجهلة وناشرو التعصب والفتن.. وقانا الله وإياكم شر الانبطاح والمنبطحين.