
محمد جمال الدين
عدالة الغرب العمياء «رودنى كينج» مثالا!!
حقوق الإنسان والحرية والعدالة والشفافية، هذه هي الكلمات التي اعتاد ترديدها على مسامعنا قادة الغرب، ليذكرونا برفاهية ديمقراطيتهم وشفافيتهم وحريتهم وعدالتهم التي ينعمون بها ويسبحون بحمدها ليل نهار، في نفس الوقت الذي ينددون فيه بجرائم دول العالم الثالث في هذا الشأن بالتحديد «حسب ما يرونه هم»، آخر من أخذ على عاتقه تذكيرنا بحقوق الإنسان وغيرها كان الرئيس الفرنسي «ايمانويل ماكرون»، بالطبع سبقه من قبل قادة ومسئولون كثر من قادة الغرب حامى الحمى والحريات والعدالة، وللسيد «ماكرون وغيره من قادة الغرب» أذكره فقط وأذكر غيره بواقعة وقعت أحداثها في عام 1991 كان بطلها مواطن أمريكي أسود يدعى «رودنى كينج» تم إيقافه أثناء قيادته لسيارته من قبل مجموعة من رجال الشرطة لتجاوزه الحد الأقصى للسرعة، ثم تم إنزاله من سيارته حيث تم الاعتداء عليه بوحشية وتعمد، ولحسن حظ «كينج» شهد واقعة الضرب مواطن أمريكي يدعى «جورج هوليداى» تصادف أن منزله قريب جدًا من موقع الحادث، والذي بدوره أرسل فيديو الضرب إلى محطة تليفزيون أذاعت أجزاء منه، مما أحدث دويًا كبيرًا بين الأمريكيين «السود منهم على وجه التحديد»، المؤسف في هذا الحادث أنه عند تقديم أفراد الشرطة المعتدين إلى المحكمة، تم تبرئتهم جميعًا من جريمة الاعتداء بالضرب رغم الفيديو المصور للحادث، حيث رأت هيئة المحلفين التي لم تكن تضم أي صاحب بشرة سوداء، أنه لا وجه لاستخدام القوة المبالغ فيها رغم الكسور والعاهات المستديمة التي تمكنت من «كينج».. ولكنها العنصرية التي يعانى منها المجتمع الغربي، التي لم يحدث أن نصفت مواطنا أسود، وهذا تحديدًا ما دعا الأمريكيين السود من القيام بأعمال تخريب وشغب واسعة النطاق في لوس أنجلوس عام 1992، قتل على أثرها قرابة الـ60 شخصًا وجُرح ما يقرب من 2400 ضحية واعتُقل نحو 16 ألف مواطن مما أدى إلى وقوع خسائر مادية جسيمة.. هذه واقعة من وقائع عدل وحرية وشفافية الغرب، وحدوتة حقوق الإنسان التي لا تفرض سوى علينا نحن العرب والتي يتباكى عليها السيد «ماكرون» غافلًا ومتعمدًا القتلى من أصحاب السترات الصفراء الذين قتلتهم شرطته جهارًا نهارًا على مرأى ومسمع من جميع المحطات التليفزيونية في العالم جله، ولكن لا حياة لمن تنادى، فالعرب هم وحدهم المنوط بهم حماية حقوق الإنسان، والعرب وحدهم هم المنوط بهم الرد على أي استفسار يخص الإنسان وحقوقه، وكأن عجلة الزمن قد عادت بنا إلى الخلف مرة أخرى لتذكرنا بمجتمعات العبيد والأسياد، التي بفضلها انتعش الغرب وبنى حضارته بإراقة المزيد من دماء الشعوب والمجتمعات التي ساعدت في نهضته، وحسنًا فعل عندما رد الرئيس «السيسى» على صاحبنا عندما ذكره بالإرهاب الذي نال من مصر وطال فرنسا، وبأنه يحكم وفقًا لإرادة الشعب المصري الذي اختاره، وتغافل قاصدًا أن يذكره بممارسات الشرطة الفرنسية في تعاملها الفج مع أصحاب السترات الصفراء، «إعمالا بمبدأ حسن الضيافة وإكرام الضيف» بالمناسبة ما ذكره الرئيس الفرنسي أو يفعله، لا يختلف كثيرًا عما يفعله الرئيس الأمريكي «ترامب» الذي لا يرى أو يسمع عن انتهاكات الشرطة الأمريكية المتوالية على المواطنين السود في بلادة، مثلما لا يرى أو يسمع عن الاعتداءات والانتهاكات لحقوق الإنسان، التي تقوم بها ربيبته إسرائيل في حق المواطنين الفلسطينيين أصحاب البلاد الحقيقيين، تطبيقًا لنظرية «ودن من طين وأخرى من عجين» التي تسمح فقط بانتهاك حقوق المواطن الفلسطيني، بل وقتله إذا لزم الأمر، بعد أن تم اغتصاب وطنه.
السادة حكام الغرب ارحمونا يرحمكم الله من شعاراتكم الجوفاء عن الحرية والعدالة والشفافية التي تصدعون بها رءوسنا كلما ضاقت بكم السبل، ولهذا نطالبكم بتطبيقها عندكم أولًا، حتى يحق لكم أن تطالبونا بها، وواقعة «رودنى كينج» ليست سوى قليل من كثير فتاريخكم قديمًا وحديثًا يحتوى على العديد من جرائم العنف والاضطهاد التي يندى لها الجبين، ولكن يبدو أنكم لا تتذكرون سوى ما على الغير.