أهم 10 اكتشافات فى القرن الـ20
من مصر بدأ التاريخ حكايته، وعبْر آثارها عَرف الجميع قيمتها، تلك الآثار التى خلّدت للعالم أساطير نحتَها الأجداد بأظفارهم وأسبغوا عليها من عظمتهم، ولم يكن العالم ليتعرف على ذلك التراث الإنسانى إلّا عبْر استخراج هذه الكنوز وفض خزائن أسرارها.
يُعتبر القرن العشرون من أهم القرون فى الاكتشافات الأثرية المصرية. وقام بهذه الاكتشافات المثيرة علماء آثار أفذاذ حققوا نتائج وإنجازات مذهلة لم يسبق لها مَثيل حين نقبوا ونشروا عَبَق مصر القديمة على العالم أجمع.
فى العام 1999م كشفت بعثة أثرية يرأسها الدكتور زاهى حواس فى منطقة الواحات البحرية فى الصحراء الغربية- تبعد عن القاهرة نحو 385 كيلومترًا- عن واحد من أهم الاكتشافات الأثرية فى القرن العشرين، ليلقى الضوء على فترة مهمة من تاريخ مصر فى بداية العصر الرومانى، محاولًا تكثيف بؤرة الضوء على منطقة الواحات البحرية.
1 ـ وادى المومياوات الذهبية
كما أن المصادفة البحتة فى يوم 2 مارس عام 1996م، كانت وراء هذا الاكتشاف عندما غيّر حمار الشيخ عبدالموجود، حارس معبد الإسكندر الأكبر، طريق عودته الليلية بعد انتهاء نوبة حراسة صاحبه، فغاصت أقدام حماره فى حفرة، فوقع الشيخ عبدالموجود ليستطلع الأمر، فنظر فيها فلم يرَ غير شىء يبرق فى الظلام، فذهب إلى مدير آثار الواحات البحرية، ليخبره بما رأى، ولم يكن هذا الذى رآه الشيخ عبدالموجود سوى قناع ذهبى يغطى وجه مومياء، ومن هنا جاءت تسمية الوادى باسم «وادى المومياوات الذهبية». وقام أثريو الواحات البحرية بإجراء مسح أثرى أوّلىّ للموقع المكتشف، فتأكدوا من صِدق كلام الشيخ عبدالموجود وحقيقة الاكتشاف، فأخطروا الدكتور حواس.
بدأت أعمال الحفائر العلمية المنظمة فى مارس عام 1999م، فكشفت النقاب عن عدد هائل من المومياوات الذهبية، جعل الدكتور حواس يُرجّح امتلاء هذا الوادى بعدد كبير منها، فى مساحة مكانية كبيرة، تستغرق زمنًا طويلاً من أعمال الحفائر المنظمة؛ فلم يكشف فى المواسم السابقة سوى عن 250 مومياء. وتعود المومياوات المكتشفة إلى القرنين الأول والثانى الميلاديين، عندما كانت مصر تحت الحكم الرومانى.
2 ـ آثار الإسكندرية الغارقة
فى عام 1994م، وصلت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة «جان-إيف إمبرير» المكوّنة من 30 غواصًا إلى الإسكندرية. وبدأ العمل يأخذ شكلاً آخر، وكشف المسح الذى قام به إمبرير فى الميناء الشرقية بالقرب من قلعة قايتباى المملوكية عن وجود أكثر من 300 كتلة ضخمة (بلغ وزن بعضها نحو 75 طنًا)، واعتقد المكتشف أنها تمثل بقايا فنار فاروس الأسطورى (إحدى عجائب الدنيا السبع) فضلاً عن عدد من العناصر المعمارية (أعمدة ومسلات)، وتماثيل على خط الصخور الموازى للساحل، وتاج جرانيتى ضخم لبوابة بطلمية وتمثال للملك رمسيس الثانى على شكل «أبو الهول». وكانت أولى القطع النحتية التى استخرجها إمبرير من البحر جذع الملكة البطلمية الذى رفع فى 4 أكتوبر 1995م، وتلاه بفترة قصيرة اكتشاف تمثال ضخم لملك بطلمى، ثم توالت الاكتشافات الأثرية بصورة مذهلة. وقاد فرنسى آخر، هو «فرانك جوديو» من المعهد الأوروبى للآثار الغارقة، مشروعًا ثانيًا لاكتشاف آثار المدينة الغارقة.
3 ـ مقابر بناة الأهرام
من بين أهم اكتشافات الدكتور زاهى حواس، اكتشافه المهم مقابر «بناة الأهرام» من العمال والفنانين الذين شيّدوا أهرام مصر الخالدة، وأثبتوا للعالم أجمع أن المصريين هم «بناة الأهرام» ولا أحد غيرهم كما زعم البعض كذبًا وبهتانًا. وأثبتت هذه الاكتشافات أيضًا أن الأهرام المصرية بنيت بالحب والعقيدة الراسخة لا بالسُّخرة، وبناها نحو عشرين ألف عامل وليس مائة ألف كما زعم أبوالتاريخ «هيرودوت»، وأوضحت كيف كان الهرم هو المشروع القومى لمصر؛ إذ كانت تسهم فى بنائه الأسر الكبيرة فى صعيد مصر ودلتاها بإرسال شباب العمال طاعة وولاءً للملك، فضلاً عن الإمداد بالطعام والخبز والجُعّة فى سبيل إنجازه.
أذهل بناء الهرم الجميع بإعجازه الهندسى والفلكى والمعمارى الذى لا يبارى، وكما أكّد الدكتور حواس، فى أكثر من مقال له، أن الذى يؤثر فى الناس فى العالم أجمع، هو كيفية بناء هذا الهرم الضخم، بينما يرى أن المعجزة - وإن كانت تكمن فى بناء الهرم المذهل بكل المقاييس- فإنها تكمن فى الإعجاز الإدارى فى تحقيق وتنظيم العمل داخل منطقة العمل على فترة طويلة، وبين عدد كبير من العمال والفنانين والإداريين منذ أكثر من 4600 عام. وتجىء البداية الحقيقية للكشف عن هذا الاكتشاف المهم فى ظهيرة يوم 14 أغسطس عام 1990م، عندما سقطت سائحة أمريكية من فوق صهوة جوادها حين اصطدمت قدمه بجدار من الطوب اللبن على بُعد عشرة أمتار فقط من موقع الحفائر فكانت مقابر «بناة الأهرام».
4 ـ خبيئة معبد الأقصر
يُعد اكتشاف خبيئة معبد الأقصر من أهم الاكتشافات التى حدثت فى منطقة طيبة عام 1989م، حيث تم العثور على مجموعة من التماثيل الفرعونية الفريدة لبعض الآلهة والملوك، التى ترجع إلى الدولة الحديثة، من التماثيل أهمها:
- تمثال للإله آتوم (إله هليوبوليس) والملك حور محب على قاعدة واحدة، مصنوع من الديوريت، وهو تمثال فريد فى الفن المصرى القديم. وصور الملك حور محب راكعًا مُقدمًا إناءين يعرفان بـ«النو» للإله آتوم، ومرتديًا النمس والصل الملكى، واللحية الملكية المستعارة. وصور الإله آتوم فى هيئة بشرية جالسًا على كرسى العرش، مرتديًا التاج المزدوج، واللحية الإلهية المستعارة، وممسكًا فى اليد اليسرى علامة الحياة عنخ الموضوعة على فخذه. وزيّن كرسى العرش بمناظر تمثل إلهَى النيل وربط نبات البردى (رمز الشمال) ونبات اللوتس (رمز الجنوب) (للدلالة على وحدة أراضى مصر السفلى والعليا).
- تمثال الملك أمنحتب الثالث، مصنوع من الكوارتزيت، ارتفاعه نحو 2.5 م، وصور الملك واقفًا على قاعدة تشبه الزحافة، ومرتديًا التاج المزدوج، واللحية الملكية المستعارة، وممسكًا علامة مكس فى يديه.
- تمثال للإلهة حتحور، ويعود إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، ومصنوع من حجر الديوريت، وارتفاعه نحو 170سم. وصورت الإلهة فى هيئة إنسانية، جالسة على كرسى العرش، وممسكة فى اليد اليُمنى علامة الحياة عنخ الموضوعة على فخذها.
- تمثال للإلهة أيونيت، ممثلة فى هيئة بشرية بالشعر المستعار الذى يصل إلى الصدر، وتمسك بيدها اليُمنى علامة الحياة عنخ الموضوعة على فخذها، وتكوّن مع الإلهة ثننت والإله مونتو ثالوث مدينة أرمنت المقدس.
- تمثال على هيئة «أبوالهول»، مصنوع من المرمر، ويرجع إلى عهد الملك توت عنخ آمون، ويرتدى الملك تاج الوجهين البحرى والقبلى.
وقد زاد عدد التماثيل التى عثر عليها فى خبيئة معبد الأقصر على العشرين تمثالاً بجانب بعض الأوانى التى ترجع إلى العصر المتأخر.
5 ـ مراكب خوفو
فى شهر مايو عام 1954م، وفى ظل الاكتشاف المدوّى الذى أنجزه زكريا غنيم فى سقارة، اكتشف مصرى آخر اكتشافًا أثريّا مُهمّا، هو مركب الملك خوفو (2551- 2528 ق.م.) جنوب هرمه الأكبر وفى الناحية الشرقية من ضلعه الجنوبى تحديدًا. وأحدثَ هذا الكشف عاصفة عالمية من الاهتمام أدهشت العالم.
كان المهندس المصرى كمال الملاخ يقوم بأعمال التنظيف وإزالة الرديم جنوب الهرم الأكبر، فكشف عن حفرتين لمركبين مغطيين بكتل من الحجر الجيرى الجيد. ومن الجدير بالذكر أن للهرم الأكبر ثلاث حفرات أخرى منقورة فى الصخر الطبيعى لهضبة الجيزة تأخذ شكل المراكب فى الناحية الشرقية للهرم، تقع اثنتان منها فى الناحية الجنوبية والناحية الشمالية للمعبد الجنائزى، بينما تقع الحفرة الثالثة شمال الطريق الصاعد للهرم الأكبر.
الجدير بالذكر أنه لم يستخدم مسمار معدنى واحد فى صناعة هذا المركب، فقد استخدم المصرى القديم هنا طريقة «العاشق والمعشوق» والحبال فى تكوين أجزاء هذا المركب كبير الحجم.
6 ـ هرم سخم خت
فى عام 1952م، اكتشف الأثرى المصرى النابه محمد زكريا غنيم أمين جبانة سقارة، هرم الملك سخم خت (2603 - 2611 ق.م) - من ملوك الأسرة الثالثة- الذى لم ينته العمل فيه، خلف هرم الملك زوسر المدرج الشهير، فى منطقة سقارة، وقد أراد مُشيده أن يكون صورة شبيهة من هرم الملك زوسر، لكن لم يكتمل بناء هذا الهرم سواء فى داخله أو مصاطبه.
ويبدو شيئًا محيرًا للغاية أن يختفى من الوجود هرم، والأشد حيرة من ذلك هو اكتشافه، ففِيمَ كان اختفاؤه وكيف كان اكتشافه؟ فالأهرام من الأشياء التى لا يُعتقد فى اختفائها أو فقدها.
عثر غنيم على جزء من السور الخارجى (السور الأبيض) الذى يشبه بدرجة كبيرة السور الخارجى الموجود فى مجموعة الملك زوسر الجنائزية فى سقارة، والذى طبَّق فيه النظام المعمارى المعروف باسم «المشكاوات»، (أو الداخلات والخارجات) والذى كان تقليدًا لواجهة القصر الملكى التى كانت تتناوبها مثل هذه التشكيلات المعمارية فى هذه العصور المبكرة من تاريخ مصر القديمة. وفى 22يناير 1952م، ظهرت المفاجأة فى الموسم الأول، وتأكد للمكتشف غنيم أنه ليس هرمًا عاديّا، وإنما هرم مدرج. وفى يناير 1954م، بدأ البحث عن مدخل الهرم أسفل الحجرات السفلية للهرم، ونظرًا لوقوع مدخل هرم الملك «زوسر» فى الناحية الشمالية منه، نظّف غنيم الرمال فى الجانب نفسه فى هرمه المكتشف، فوجده بناءً شبيهًا. وفتح الهرم فى 9مارس 1954م، واهتمت وسائل الإعلام العالمية والمحلية بالهرم الجديد ومكتشفه المصرى الدءوب محمد زكريا غنيم.
يقول غنيم عن تلك اللحظات الصعبة فى حياته: «إنه من الصعب علىّ أن أصف هذه اللحظات، خليط من الرهبة، والفضول، والشك ... شعرتُ أن للهرم شخصية، وأن هذه الشخصية كانت مجسّدة فى الملك نفسه الذى بنُى من أجله الهرم، ولاتزال أصداء أنفاسه تتردد بيننا».
وبعد نحو ثلاث سنوات فى 12يناير 1959م تحديدًا، وحين جردت عهدة زكريا غنيم الأثرية فى سقارة تمهيدًا لتوليه إدارة المتحف المصرى فى القاهرة، وجهت إليه تهمة ضياع بعضها، وتحديدًا الآثار التى اكتشفها فى هرم الملك سخم خت، فلم تتحمل نفس زكريا غنيم الأبيّة وقْع الصدمة، فألقى بنفسه فى نهر النيل الخالد.
7 ـ كنوز تانيس الذهبية
تُعتبر تانيس- أو صان الحجر- الموقع الأثرى الأكثر أهمية فى شمال شرق الدلتا، وعاصمة الإقليم التاسع عشر من أقاليم مصر السفلى فى العصر المتأخر (747-332 ق.م.)، وتقع فى مركز الحسينية فى محافظة الشرقية، وذُكرت فى النصوص المصرية القديمة باسم «جعنت» وتعنى «المدينة التى بُنيت فى الأرض الخلاء»، كما ورد ذكرها فى التوراة باسم «صوعن»، أمّا اسم «تانيس» فقد أطلقه عليها الإغريق نسبة إلى الفرع التانيسى، أحد أفرع نهر النيل السبعة القديمة، بينما أطلق عليها العرب اسم «صان» تحريفًا عن الأصل المصرى القديم، ونظرًا لكثرة الأحجار بها أضافوا إليها الحجر، فأصبح يطلق عليها اسم «صان الحجر» إلى الآن.
أجرى الحفائر بها أثريون عظام أمثال أوجست مارييت بين الأعوام 1860-1880م، ووليام فلندرز بترى بين الأعوام 1883-1886م، وبيير مونتييه بين الأعوام 1921-1951م. وكان عام 1939م، لحظة عظيمة الأهمية فى تاريخ مصر القديمة، حتى اكتشف الأثرى الفرنسى«بيير مونتييه» مقابر جبانة عصر الانتقال الثالث الملكية الغنية، من الأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين (1040-783ق.م.) فى تانيس.
لم يدخل المكتشفون الفرنسيون المقبرة الأولى من مدخلها الأصلى، وإنما من السقف. وبنيت حجرة الدفن من كتل من الحجر الجيرى والجرانيت الوردى، وزينت الجدران بنقوش من «كتاب الموتى» و«كتاب الليل»، وهما من الكتُب الدينية المهمة فى مصر القديمة. واحتوت المقبرة الدفنة الغنية التى تخص الملك أوسركون الثانى بكل كنوزها الفاتنة من الحلى الذهبية والتمائم والأوانى الذهبية والفضية.
ودخل المكتشف المقبرة الثانية من السقف أيضًا، فى يوم 17مارس 1939م، الذى أطلق عليه اسم: «يوم العجائب المثيرة لألف ليلة وليلة». ومن خلال دخوله حجرة صغيرة ملونة، ثبت أنها تخص الملك بسوسنس الأول (1034 -981 ق.م.)- المقبرة رقم «3» فى تانيس- وجد نفسه محاطا بأكوام رأسية من الأثاث الجنائزى.
8 ـ مقبرة الفرعون الذهبى
تعددت المحاولات لاكتشاف مقبرة الفرعون الصغير توت عنخ آمون فى وادى الملوك، وفى عام 1917م، حصل اللورد هربرت إيرل كارنارفون الخامس (1866-1923م) على موافقة مصلحة الآثار المصرية بالتنقيب فى وادى الملوك. وكان حلم كارتر العثور على مقبرة الفرعون الصغير توت عنخ آمون بين مقابر وادى الملوك، فطلب اللورد كارنارفون من كارتر أن يُجرى الحفائر لحسابه فى الوادى، فقد كان الاثنان على يقين من أن مقبرة الفرعون الصغير لم تكتشف بعد، وأن الافتراضات التى ادّعاها تيودور ديفيز غير صحيحة، وأن المقبرة لاتزال فى بطن الوادى لم تبح بأسرارها بعد، وكان من بين ما أكد ظنهما أن مومياء الملك الصغير لم تكتشف فى أى خبيئة مومياوات مَلكية، مما يعنى أن المقبرة لاتزال سليمة لم تكتشف بعد. وبدأت الحفائر فى العام نفسه، ومضى دون أى نتائج مشجعة، واستمر الحفر خمس سنوات أخرى دون نتائج مرجوة. يقول كارتر مفصحًا عن تمنياته الداخلية للكشف عن الحلم الذى ظل يراوده طويلا: «نعمل فى شىء لم يمس، لذا فلا أحد يعرف ما الذى ربما يجىء، أتمنى مئات المرّات شيئًا جيدًا...».
وبعد طول عناء وسنوات عدة من الحفر المستمر، وفى يوم 4نوفمبر 1922م، اكتشف كارتر الدرج الحجرى أسفل مدخل مقبرة الملك رمسيس السادس (المقبرة رقم 9 فى وادى الملوك). وأثبت هذا الدرج أنه أولى حلقات السلسلة التى قادت إلى مدخل المقبرة التى حملت رقم «62» بين مقابر الوادى العظيم.
9 ـ مقبرة جميلة الجميلات
حملت منطقة وادى الملكات فى مصر القديمة أسماء عدة مثل «الوادى العظيم» و«الوادى الجنوبى» و«تا ست نفرو» ويعنى الاسم الأخير «مكان الجمال»، وشاع أكثر من الاثنين السابقين، وأسس فى البداية كجبانة مخصصة لدفن نساء الطبقة المالكة من المجتمع المصرى القديم فى بداية عصر الدولة الحديثة على الشاطئ الغربى لنهر النيل المواجه لمدينة الأحياء فى شرق طيبة (الأقصر الحالية). ولم تبدأ الحفائر العلمية المنظمة إلا فى عام 1903م، بوصول الإيطالى الشهير «إرنستو سيكياباريللى» (1856-1928م)- مدير المتحف المصرى فى تورينو- وحصوله على التصريح بالتنقيب فى الوادى من مصلحة الآثار، فنجح فى اكتشاف مقبرة الملكة الفاتنة نفرتارى، جميلة الجميلات. وتُعتبر الملكة نفرتارى الزوجة الرئيسة لفرعون مصر الأشهر الملك رمسيس الثانى العظيم (1290-1224 ق.م.)، وأم ستة من أهم أبنائه، وحفر لها زوجها الملك هذه المقبرة الرائعة، من فرط حبه لها. وبلغ من حبه الشديد لزوجته فائقة الجمال أن أنشأ لها معبدًا فى الصخر الطبيعى فى منطقة «أبوسمبل» إلى جوار معبده الكبير.
ومنذ العثور على هذه المقبرة الجميلة، اعتبرت واحدة من أجمل المقابر التى أبدعتها مخيلة المصريين القدماء فكرًا وأداءً، فبلغت الرسوم المصورة على جدرانها وممراتها 520 مترًا مربعًا من الجمال الساحر. وحين اكتشفها سيكياباريللى فى عام 1904م، فتح الباب ليطل العالم على واحدة من أجمل الإبداعات الفنية فى العالم عبر تاريخ الفن البشرى الطويل.
10 ـ خبيئة الكرنك
تُعد خبيئة التماثيل التى اكتشفت فى منطقة معابد الكرنك بين الأعوام 1903-1905م، أكبر خبيئة تماثيل تُكتشف فى مصر على الإطلاق إلى الآن، وكم كانت مفاجأة سارة وغير متوقعة للمهندس المعمارى الفرنسى جورج ليجران- الذى بدأ العمل فى الكرنك منذ عام 1895- أن يكتشف مثل هذا العدد الهائل من التماثيل الرائعة القادمة من مصر القديمة، التى يبدأ تاريخها منذ بداية الأسرة الفرعونية الأولى فى عام 3000 قبل الميلاد تقريبًا، ويمتد طوال تاريخ الحضارة المصرية القديمة كلها إلى نهاية الحقبة «اليونانية- الرومانية».
فى نهاية عام 1903م، عندما كان عمال المهندس ليجران ينظفون أرضية الفناء الأول أمام الصرح السابع للمعبد الكبير، اكتشفوا كسرات عدة من تمثال ضخم للملك سيتى الأول، وفى نهاية شهر ديسمبر، أى بعد شهر من بدء الاكتشاف، بلغ عدد التماثيل الكاملة المستخرجة نحو الأربعين، وغير الكاملة نحو العشرين، علاوة على عدد ضخم من الأدوات البرونزية. وبسرعة فائقة وصل العدد الكلى إلى 751 تمثالاً وقطعة حجرية و1700 أداة برونزية، وعدد كبير من التماثيل الخشبية التى لا تعيش طويلاً بسبب مادتها الهشة، والمسلات الصغيرة، وموائد القرابين.
هذا بعض من فيض عطاء وسحر مصر القديمة التى سحرت العالم منذ قديم الأزل ولاتزال إلى وقتنا الحالى..إنه قرن من السحر والجمال والروعة والبهاء.>
* مدير متحف الآثار-مكتبة الإسكندرية