الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
من يدفع للزمَّار؟!

من يدفع للزمَّار؟!


اعترافات أمريكية "جديدة" عن استغلال "المعارضة" للنيل من الأنظمة
لم نكن فى حاجة – يقينًا – لتلك الأنباء الواردة [أخيرًا] من فوق شواطئ «بحر الصين الجنوبي»؛ للتدليل مٌجددًا على أن «البرامج الأمريكية» [المُتدثرة بالديمقراطية] كان يتم توظيفها (قديمًا، وحديثًا)؛ للنيل من «الأنظمة» (بامتداد قارات العالم المأهولة بالسكان).. وبما يُخدِّم (أولاً وأخيرًا) على «المصالح الأمريكية» بمختلف دول العالم.
لكن.. يُمكننا التعامل – قطعًا – مع تلك الأخبار بوصفها «تأكيدًا» لما سبق وأن شددنا عليه [مرارًا وتكرارًا]، حول أن كثيرًا من «الجرائم السياسية» كانت تُرتكب باسم الترويج للديمقراطية (!)
فخلال جلسة [أخيرة] بالكونجرس الأمريكى، قال «دانيال تويننج» (Daniel Twining) رئيس المعهد الجمهورى الدولى (IRI): إن رؤساء المنظمات الأمريكية الهادفة لنشر الديمقراطية (وفقًا للتصور الأمريكي) يمتلكون استراتيجية خاصة للتعامل مع الأنظمة والحكومات [الموصوفة بالأوتوقراطية].. وأنّ تلك الاستراتيجية تتعامل مع كل ما يتعلق بـ «إثارة الخوف» لدى الرأى العام(!)
وأشار «تويننج» إلى أنّ معهده (أى المعهد الجمهورى) يعمل مع «المعارضة الماليزية» منذ العام 2002م.. وهو ما ساعد المعارضة فى ماليزيا على الفوز فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت أخيرًا فى البلاد؛ إذ إن «قيادة المعارضة» (وفقًا لتعبير تويننج) تُعد عملاً استراتيجيًا شديد الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة أمريكية؛ لأن «ماليزيا» تقع على بحر الصين الجنوبى، وقريبة من العالم الإسلامى.. فضلاً عن دول آسيا (!)
ومع ما أثاره هذا الاعتراف، من ردود أفعال غاضبة داخل «ماليزيا» (خصوصًا من قيادات المعارضة التى أصبحت فى مرمى النيران).. كان أن سارع المعهد الجمهورى الدولى (IRI)؛ لنفى تدخله فى الانتخابات الماليزية.. وتداول عدد من نشطاء المعارضة الماليزيين (قبل ثلاثة أيام) ، قول المعهد بأنّ [أنشطته فى ماليزيا] تتجاوز الانقسامات السياسية (!)
وفى الحقيقة.. ليس لهذا الأمر أى نصيب من الصحة.. إذ لا تخرج أنشطة المعهد عن الانقسامات السياسية فى أى دولة (بأى حال من الأحوال).. بل تتغذى تحركاته – فى المقام الأول – على تلك الانقسامات.. مثلما يفعل نظيره المعهد الديمقراطى الأمريكى (NDI).. ومن فوقهما [المظلة الكبرى]، المعروفة باسم «الصندوق الوطنى للديمقراطية» (NED).. وهو أمر تعكسه – إلى حد بعيد – ظروف نشأة تلك المنظمات، من حيث الأصل.
ففى أعقاب تفجير فضيحة «ووتر جيت»؛ كان أن اختلطت الأمور، لسنوات طويلة، داخل «وكالة الاستخبارات المركزية» (C.I.A) - خاصةً خلال النصف الأخير من السبعينيات - إذ اكتسبت الوكالة سمعة «نابية» بصورة مفرطة.. مما سبَّب حرجًا لأصحاب النفوذ داخل الوكالة الأمريكية «الأشهر».. وبالتالى، كان لا بد من عمل شيء ما.
لكن.. ما تم عمله (وفقًا لـ «ويليام بلوم» فى كتابه: الدولة المارقة) لم يتطرق إلى وقف «الأعمال الشائنة»، التى تورطت بها الوكالة.. بل تم تحويل كثير من هذه الأشياء «الشائنة» إلى منظمة جديدة.. منظمة تحمل اسمًا له رنين «لطيف»، هو «الصندوق الوطنى للديمقراطية» (NED).. وكانت الفكرة؛ أن يفعل الصندوق، أو «الوقف الوطنى» علنًا.. ما ظلت تفعله وكالة الاستخبارات المركزية «سرًا»، خلال عقود مضت.. وبذلك تزيل “الوصمة” المرتبطة بأنشطة الوكالة السرية.
وعلى هذا.. تم تأسيس «الصندوق» الجديد، خلال العام 1984م (أى: خلال رئاسة «رونالد ريجان «للولايات المتحدة)؛ لدعم ما أُطلِقَ عليه: «المنظمات الديمقراطية» حول العالم (!).. وينقل «مؤلف الدولة المارقة» عن «ألن واينشتين» (Allen Weinstein) - الذى شارك فى وضع مشروع الصندوق - قوله بالعام 1991م: «إنَّ كثيرًا مما نفعله اليوم، كانت تقوم به وكالة الاستخبارات المركزية (CIA).. منذ 25 عامًا».
وفى أعقاب تأسيس «الصندوق الوطنى للديمقراطية»، الذى تُوفِّر ميزانيته الحكومة الأمريكية الفيدرالية (عبر وزارة الخارجية الأمريكية).. كان أن استقرت «الولايات المتحدة» على تأسيس 4 هيئات تابعة، لتلقى أموال الدعم المقرر من الصندوق.. وكانت هذه الهيئات، هى:
المعهد الجمهورى الدولى (IRI)، والمعهد الديمقراطى الوطنى (NDI)، و«المركز الأمريكى للتضامن العمالى الدولى» - وهو مركز يتبع اتحاد العمال الأمريكى، ومؤتمر المنظمات الصناعية - والمركز الدولى للمشروعات الخاصة»، ويتبع الغرفة التجارية الأمريكية.

1 الكيانات الثلاثة (الكُبرى):

خلال جلسة الكونجرس ذاتها.. كان إلى جوار «دانيال تويننج» (Daniel Twining)، كلٌ من: «كارل جيرشمان» (Carl Gershman) مدير الصندوق الوطنى للديمقراطية (NED)، و»كينيث وولاك» (Kenneth Wollack).. رئيس المعهد الديمقراطى الوطنى (NDI).. أى أن أهمية تلك الجلسة، ترجع (فى المقام الأول) لوجود قيادات الكيانات الأمريكية [الثلاث] الأكثر تداخلاً مع السياسات الأمريكية الخارجية.. وهو ما يتطلب منا – فى المقابل - الوقوف أمام سيرهم الذاتية بعض الشىء.
(أ)- كارل جيرشمان:
وُلد «جيرشمان» فى العام 1943م، ويُعد من أقدم العناصر الفاعلة بـ «الحقل الحقوقى» على المستوى الدولي؛ إذ تولى مسئولية «الصندوق الوطنى للديمقراطية» [NED] أو (National Endowment for Democracy)، منذ تأسيسه بالعام 1984م (خلال إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق «رونالد ريجان»).
وقبل هذا التاريخ.. كان أن انضم «جيرشمان» للعمل بقسم الأبحاث فى منظمة «بناى بريت» الدولية (B'nai B'rith) بالعام 1968م (وتعنى أبناء العهد).. وهى منظمة صهيونية، وتُعد أقدم مؤسسات «الخدمة اليهودية» فى العالم (تأسست بالعام 1843م)، وينصب نشاطها – فى المقام الأول – على الالتزام بحماية واستمرارية «الشعب اليهودى» و[دولة إسرائيل]، ومكافحة ما يُسمى بـ «العداء للسامية» (anti-Semitism).. كما تتضمن مهمتها حفظ العقيدة اليهودية ودعم «الهوية اليهودية»، وتعظيم المصالح اليهودية حول العالم.
..وفى العام 1972م، عمل «جيرشمان» بمجلس إدارة «اللجنة اليهودية الأمريكية» (ما بين العام 1969م، وحتى العام 1974م).. كما عمل مديرًا للأبحاث، ومديرًا تنفيذيًا للمنظمة الشبابية من أجل السلام بالشرق الأوسط.. وقام بتحرير مجلة «كروسرودز» (Crossroads).
(ب)- كينيث وولاك:
انضم «كينيث وولاك» (Kenneth Wollack)، للمعهد الديمقراطى الوطنى (NDI) بالعام 1986م [كنائب للرئيس التنفيذي].. ثم تم انتخابه رئيسًا لمجلس إدارة المعهد (الذى كان يترأسه نائب الرئيس الأسبق والتر مونديل) فى مارس من العام 1993م.. وكان على رأس نطاق اختصاصات «وولاك» بالمعهد (قبل أن يتولى رئاسته) العمل بـ [دول أوروبا الشرقية والوسطى، والاتحاد السوفيتى السابق].. وهى المناطق التى شهدت موجة عارمة من الانتفاضات (عُرفت – فيما بعد - بالثورات الملونة).. إلى جانب دول: أمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط ، وآسيا ، وإفريقيا (ممثلاً عن برامج التنمية السياسية بالمعهد).. ثم تولى أخيرًا رئاسة المعهد (خلفًا لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «مادلين أولبرايت»).
وقبل انضمامه إلى «المعهد الديمقراطى الوطنى»؛ شارك «كينيث وولاك» فى تحرير نشرة إخبارية عن «سياسة الشرق الأوسط» تصدر فى «واشنطن».. كما كتب بانتظام حول الشئون الخارجية فى صحيفة «لوس أنجليس تايمز» خلال الفترة من العام 1973م إلى 1980م.. إلى جانب توليه منصب المدير التشريعى لـ [لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية/ AIPAC] (!)
(ج)- دانيال تويننج:
يعتبر  «دانيال تويننج» (Daniel Twining)، رئيس المعهد الجمهورى الدولى (IRI) من أحدث الوجوه القيادية فى منظومة المنظمات الأمريكية الكبرى.. إذ تولى مسئولية المعهد فى العام 2017م (تحديدًا فى سبتمبر).. ويدير حاليا نحو 400 خبير من خبراء المعهد (والمتعاونين معه) بهدف توجيه السياسات العالمية (حكومات وشعوب)، وفقًا للتصورات الأمريكية عن الديمقراطية.
وشغل سابقًا منصب مستشار ومدير برنامج آسيا فى صندوق مارشال الألمانى للولايات المتحدة (مقره واشنطن).. كما خدم فى فريق الإدارة التنفيذية الذى يحكم العمليات السنوية لصندوق مارشال [كمدير لبرنامج آسيا]، إذ قاد فريقًا للعمل على [تأثير صعود آسيا على الغرب].. وقبل انضمامه إلى صندوق مارشال، عمل «تويننج» كعضو فى فريق تخطيط سياسة الولايات المتحدة بوزارة الخارجية [كمستشار للسياسة الخارجية للسيناتور «جون ماكين»، الذى قاد المعهد فى وقت سابق].
وفى الواقع.. فإنّ النشاط «الاستخبارى» للمعهد الجمهورى، بشكل عام (فضلاً عن ارتباطه بأجندة اليمين الأمريكى، والمصالح الإسرائيلية)، يُمكن استنباطه من العناصر الفاعلة داخل المعهد، مثل: «جون ماكين»، و«دان سوليفان».. إذ يُمكننا– يقينًا – أنْ نلاحظ أنَّ عديدًا من أعضاء مجلس إدارة المعهد، خدموا [بطريقة ما] فى قطاعات متعلقة بالعمليات العسكرية الأمريكية أو الشئون الاستخبارية أو العلاقات الخارجية.
أى أننا عندما نتحدث عن الكيانات (الديمقراطية!) الكبرى فى الولايات المتحدة.. فإننا – جزمًا – نتحدث عن برامج استخبارية، أو [أجندات صهيونية] متقاطعة مع اليمين المتطرف (!)

2 الثورات الملونة.. عود على بدء!

بمزيد من التفصيل، حول ما جرى داخل جلسة الكونجرس السابقة.. كشف قيادات المنظمات الثلاث عن أنهم بالفعل ما زالوا يمارسون دورهم فى التأثير السياسى على الدول الأجنبية عبر استخدام «القوة الناعمة» ، ودعم «الثورات الملونة» على الأنظمة غير الحليفة (أو المؤثرة) بالنسبة لواشنطن.. وأوضحوا أنهم إلى جوار دورهم فى «ماليزيا» حاليًا، لعب الصندوق الوطنى للديمقراطية (NED) دورًا بارزًا فى نيكاراجوا» من أجل تشجيع القوى المعارضة على القيام باحتجاجات ضد حكومة «دانيال أورتيجا».
كما أنفق الصندوق (وفقًا لـ«جيرشمان») منذ العام 2014م داخل «أوكرانيا» وحدها (وهى إحدى البلدان التى دعمت فيها واشنطن الاحتجاجات الشعبية سابقًا) نحو 3 ملايين و381 ألفًا و824 من الدولارات، عبر برنامج «الميدان الأوروبى» (وهو برنامج خاص بدعم المنظمات غير الحكومية)؛ بهدف الحد من محاولات الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» لاستعادة نفوذ «الإمبراطورية الروسية» التى خسرها الاتحاد السوفييتى فى أعقاب «الثورات الملونة» التى اجتاحت «شرق أوروبا»، بدعم من المنظمات الأمريكية (!)
وفى الحقيقة.. كان هذا النهج (أى نهج الثورات الملونة) هو الذى اعتمدته أجهزة واشنطن كافة؛ للإجهاز نهائيًا على ما تبقى من ميراث الاتحاد السوفييتى [خلال الحرب الباردة].. إذ بدأ هذا السيناريو من «صربيا»، عندما تم تأسيس حركة «أوتبور» ودعمها من أموال المنظمات الأمريكية؛ للإطاحة بالرئيس الصربى «سلوبودان ميلوشيفيتش».
فوفقًا لما كشفه - سابقًا - «بول مكارثى» (Paul B. McCarthy) أحد قيادات الصندوق الوطنى للديمقراطية (NED)، فإن «الأموال الأمريكية» بدأت تتدفق على «أوتبور» - بشكلٍ متتابع – منذ أغسطس من العام 1999م (فضلاً عن نحو 3 ملايين من الدولارات، تم إنفاقها على الحركة، منذ سبتمبر من العام 1998م)، إذ كانت «أوتبور» هى المتلقى الأكبر لأموال «المساعدات الأمريكية» من بين فصائل «المعارضة الصربية»، التى شاركت فى الإطاحة بـ «ميلوشيفيتش» (أى: الثمانية عشر حزبًا، الأخرى).. وأوضح «مكارثى» أن «التمويلات» كانت تُضخ عبر «حسابات خارجية» للحركة.. بشكل متزامن، مع اللقاءات التى كان يعقدها «بنفسه» مع قيادات الحركة بـ «بودجوريتسا» (Podgorica)، عاصمة «الجبل الأسود» (Montenegro)، وفى كلٍّ من: «بودابيست» (Budapest)، و«سيجيد» (Szeged) بـ «المجر».
بينما أوضح مدير المساعدات السابق «دونالد بريسلى» (Donald L. Pressley)، أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» (USAID)، ضخّت وحدها، لدعم الاحتجاجات ضد «ميلوشيفيتش»، نحو 25 مليونًا من الدولارات.. كما ذهبت التقديرات الأمريكية (الرسمية) إلى أنّ إجمالى ما تم إنفاقه داخل «صربيا»؛ للإطاحة بـ «ميلوشيفيتش»، يُقدّر بنحو 41 مليونًا من الدولارات.. ويقول «دونالد بريسلى»، أيضًا: إنّ «مئات الآلاف» الأخرى مُنحت للحركة (بشكل مباشر)؛ لتوفير الأدوات اللازمة للعملية الاحتجاجية، مثل: الـ «تى - شيرتات» (T-shirts)، والملصقات (stickers).
فيما كشف «دانيل كالينجيرت» (Daniel Calingaert) أحد مسئولى «المعهد الجمهورى الدولى» (فى سياق حديثه عما كان شاهدًا عليه، بنفسه)، عن أن معهده (IRI) منح «أوتبور» نحو 1.8 مليون دولار، خلال الفترة نفسها.. ورغم أنه (أى: كالينجيرت) التقى بنفسه وعدد من قيادات الحركة (نحو من 7 إلى 10 مرات) فى «المجر»، و»مونتينيجرو» (الجبل الأسود)، ابتداءً من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1999م؛ إلا أن منظمته لم تكتفِ بذلك.. إذ استضافت نحو 20 من نشطاء الحركة (كان على رأسهم: «سرديا بوبوفيتش») داخل فندق «هيلتون بودابيست» (Budapest Hilton) باهظ التكاليف، خلال الفترة من 31 مارس إلى 3 إبريل من العام 2000م؛ لتدريبهم على «تكتيكات التغيير الأمريكية».. إذ كان «الدعم التكتيكى» (على حد توصيفه) مهمًا بقدر أهمية «الدعم المالى» للحركة (!).. وبيَّنَ «كالينجيرت» أن «قيادات أوتبور» التقوا خلال تلك الفترة والجنرال «روبيرت هيلفى» (Robert Helvey) - أحد جنرالات الجيش الأمريكى «المتقاعدين» - للتعرف على تطبيقات «مقاومة اللاعنف».
وانطلاقًا من «صربيا»، تم تكرار الأمر نفسه بأكثر من دولة من دول أوروبا.. إذ استضاف قادة «أوتبور» طلاب «حركة كمارا» الجورجية داخل صربيا (وهى الحركة التى نجحت - عبر الدعم التقنى، والتكتيكى لـ «أوتبور» - فى الإطاحة بـ «إدوارد شيفاردنادزه»، الذى شغل منصب «رئيس جورجيا» منذ العام 1995م).. وكان هذا بالعام 2003م، فيما أصبح يعرف باسم «الثورة القرمزية»، أو «ثورة الزهور» (the Rose Revolution).. كما انعكست تكتيكات «أوتبور» أيضًا - بعد عام تقريبًا من أحداث جورجيا - على جُل المشاهد التى شهدتها «الثورة البرتقالية» (The Orange Revolution) فى «أوكرانيا»، حيث قضى «نشطاء أوتبور» شهورًا فى تقديم النصيحة، والمشورة لشباب حركة «بورا» (Pora)، وتعنى: «حان الوقت» (It’s Time).
وفيما تم تقدير حجم «الأموال الأمريكية» التى تم ضخها داخل «أوكرانيا»، وقتئذ، بنحو 14 مليونًا من الدولارات، بشكل مبدئي؛ ذهبت التقديرات «النهائية» إلى أن «إدارة بوش» (الابن) أنفقت ما يقرب من 65 مليونًا من الدولارات خلال العامين «التمهيديين» للثورة الأوكرانية، بالتعاون مع شركائها الغربيين، مثل: بريطانيا، وكندا، والنرويج، والدنمارك، والسويد، وسويسرا.. إذ سرعان ما لجأت «المنظمات غير الحكومية» (الغربية)، و«منظمات المجتمع المدنى» التابعة لها؛ إلى ضخ تمويلاتها الضخمة، فى أعقاب انهيار «الاتحاد السوفييتى»؛ دعمًا لميزانيات، وتدريبات، و«تكتيكات» العديد من «المنظمات»، والحركات الاحتجاجية» داخل «جمهوريات الاتحاد» السابقة؛ لتغيير أنظمة تلك الجمهوريات الحاكمة،.  بدءًا من «صربيا»، وحتى «قيرغيزستان» (Kyrgyzstan) بالعام 2005م.
.. وهو دورٌ لعبت خلاله المؤسسات «الخاصة» مثل: معهد المجتمع المفتوح (Open Society Institute)، الذى يديره الملياردير اليهودى المعروف «جورج سورس» (George Soros)، دورًا محوريًّا (جنبًا إلى جنب) مع حكومات الدول الغربية (!)
 

3  أموال «الزَّمار».. وأفكاره:

لأن «الحرب الباردة» كانت أول تطبيق عملى لـ «الحروب منزوعة السلاح» لم يتوقف الأمر – يقينًا - على الجوانب التكتيكية «واحتجاجات الشارع».. إذ امتد مضمار الحرب إلى «حرب العقول»، و»الحروب الثقافية» أيضًا (!).. ففى أوج لحظات الحرب الباردة بين كل من «واشنطن» و «موسكو»؛ كان ثمة صحفيَّة إنجليزية [شابة] تشق طريقها باجتهاد داخل عالم «الإخراج التليفزيونى.
ولفت نظر الصحفية الشابة [كانت تُدعى «فرانسيس سوندرز» (Frances Saunders)] أنّ هناك علاقة فى حاجة إلى تفسير بين مختلف نقاد الفن «الأمريكيين» و»الرسامين التعبيريين»، و»الفنانين التجريديين» أيضًا، مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA).. وهو ما دفعها إلى تحقيق هذا الأمر فى ريبورتاج خاص للقناة الرابعة الإنجليزية، تحت عنوان: [اليد الخفية: تاريخ مختلف للحداثة].. وبعد هذا الأمر بنحو 4 سنوات (بالعام 1999م)، كان أن أصدرت «سوندرز» كتابًا تفصيليًا حول علاقة المخابرات الأمريكية (فى إطار الحرب الباردة) بتصدير أنماط ثقافية محددة، مثل الحداثة وما بعدها، وبعض أنواع «الفن التجريدى» فى سياق برامج أوسع، يُمكن من خلالها استقطاب شرائح ثقافية أكبر نحو العمق الأمريكى (!)
صدرت الطبعة الإنجليزية من الكتاب، تحت عنوان: «من دفع للزمار: المخابرات المركزية والحرب الثقافية الباردة» (Who Paid the Piper: The CIA and the Cultural Cold War).. بينما صدرت طبعته الأمريكية فى العام التالى (أى العام 2000م) تحت عنوان: «الحرب الثقافية الباردة: المخابرات المركزية وعالم الفن والأدب» (The Cultural Cold War: The CIA and the World of Arts and Letters).. وتحدثت خلال الكتاب عن برنامج كان يديره داخل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ضابط يُدعى «توم برادن» (Tom Braden).. وكانت وظيفة البرنامج، هى «الحرب والتقديرات الثقافية».
ورغم الملاحظات التى أُخذت على بعض أجزاء من الكتاب، فى حينه.. فإنّ شواهد «الحرب الثقافية»، والحرب على «الثقافات المغايرة»، أو تصدير «ثقافة أمريكية [بعينها] للعالم، كانت وستظل، جزءًا من مكونات «قوة الاستخبارات الأمريكية» [الناعمة].. ومن ثمَّ يصلح وصف: [من يدفع للزمّار؟] على عديدٍ من النماذج المختلفة.. إذ بعد تفكك الاتحاد السوفيتي؛ كان أن تم توجيه العديد من البرامج التى تديرها «وكالات الاستخبارات الأمريكية» (سواء بشكل مباشر، أو عبر برامج أدواتها الحقوقية المختلفة) نحو دول منطقة الشرق الأوسط.. كما ضخت المنظمات الثلاث عديدًا من الأموال داخل العالم العربى (وفى المقدمة: مصر).. ودربت حركة أوتبور الصربية عديدًا من شباب الحركات الاحتجاجية فى القاهرة (6 إبريل نموذجًا).. وفى غمرة ما كان يشهده الشارع القاهرى [فيما قبل 25 يناير من العام 2011م]؛ كان أن ساهمت «السفارة الأمريكية بالقاهرة» (منذ العام 2005م) فى الدفع باسم «د.محمد البرادعى» لقيادة حالة الحراك التى ساهمت «واشنطن» فى صناعتها (سياسيا، وثقافيًا، واجتماعيًا، وعبر وسائل التواصل الالكترونى).
وخلال الشهر، الذى عاد خلاله «البرادعى» إلى القاهرة (بعد مرحلة ابتعاد طويلة)؛ كان أن أعلن عن تشكيله «الجمعية الوطنية للتغيير» (NAC)، مناديًا بإجراء ما أطلق عليه «حوارًا وطنيًا» مع كُلِّ القوى الراغبة فى تغيير «سياسات الحزب الحاكم».. ودعا «البرادعى» كلَّ من يسعى للهدف نفسه؛ للانضمام إلى «الجمعية»، بما فى ذلك: شخصيات «المعارضة السياسية»، ورموز «المجتمع المدنى»، و»جماعة الإخوان».. مُعلنًا أن «الهدف الرئيسى» من تأسيس الجمعية هو الضغط على النظام من أجل إجراء «إصلاحات دستورية»، وتحقيق «العدالة الاجتماعية».
ووفقًا لـ«المصادر الإخوانية»: ظلت «الجماعة» تدرس على مدار ثلاثة أشهر متتالية، كيفية الاستفادة من حالة الزخم (المدعومة أمريكيًا) التى أحدثتها «عودة البرادعى»، وإمكانية الاستفادة من «مشروعه» من دون التورُّط فى دعمه كمرشح خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة (!).. وفى النهاية؛ تم الاتفاق (داخليًّا) على أن تُعلن الجماعة تأييدها لمبادئ «الجمعية الوطنية للتغيير»، فى سياقٍ (عام)، هو تأييدها لـ«دعوات الإصلاح»، كافة.
ومن ثمَّ.. كان أن استهلّت «الجمعية الوطنية للتغيير» نشاطها بإصدار بيان تأسيسى «عريضة» (a petition) يدعو لإجراء «تعديلات دستورية»؛ تسمح للسياسيين «المستقلين» بالترشح خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتوفير إشراف قضائى «مستقل» على تلك الانتخابات.
وفيما كان يتوقع «البرادعى» خروج الملايين تأييدًا لتلك المطالب، إلا أنها لم تحظَ فى الواقع سوى بتوقيع 70 ألف فرد فقط (على أقصى تقدير)، إذ كان يأمل «البرادعى»، من جراء ذلك، أن تتحرك من خلفه «الاحتجاجات الحاشدة»، رفضًا للمشاركة بـ«الانتخابات التشريعية» المقبلة (أى: انتخابات خريف العام 2010م).. وهى الانتخابات التى علق عليها قائلاً: (إن كل من يشارك فى هذه «المهزلة» يعطى شرعية، أو «شبه شرعية» لنظامٍ يائس)،. منتقدًا كذلك الشعب المصرى، الذى يتوق إلى التغيير، ولكنه (على حد توصيفه) لا يتحرك للعمل، والاستعداد لتحقيق ذلك الهدف.. وأنه (أى: الشعب المصرى)، يُفضل الجلوس مسترخيًّا فى انتظار المنقذ (!).. وأنه (أى: البرادعى) وإن لم يكن هو ذلك «المنقذ»، إلا أنه على استعداد لأن يقدم المساعدة؛ لتحقيق الديمقراطية.. إذ لا يمكنه إحداث أية تغييرات، وهو خالى الوفاض (!)
وفى الواقع؛ لم يكن «وفاض البرادعى» خاليًّا تمامًا، إذ كانت أغلب تحركاته «مشفوعة» بدعم شبكة (متعددة الأطراف) من «النشطاء»، وقوى المعارضة (بما فى ذلك تيار «الإسلام السياسى»)؛ لاستثمار «حالة الحراك المُجتمعى»، وتحريك «الشارع المصرى» بشكلٍ أكبر.. (فضلاً عن التوجيه الأمريكى).
 

4 الشبكات الاحتجاجية.. والدعم الخارجى:

تفسيرًا لتلك الحالة (أى: حالة التشبيك الاحتجاجى)؛ قالت أستاذ التحليل الاستراتيجى بوزارة الدفاع الأمريكية «نانسى روبرتس» (Nancy C. Roberts)، فى سياق حديثها عن «آليات الحشد الجماهيرى»، التى استخدمها «النشطاء المصريون»؛ للإطاحة بنظام «مبارك»، عبر «وسائل التواصل الاجتماعى»، خلال محاضرتها، التى ألقتها أمام طلاب «كلية الدراسات العليا بالبحرية الأمريكية» (The Naval Postgraduate School)، تحت عنوان: [رأس المال الاجتماعي] (social capital):
(فى الحقيقة.. إن أحد الأشياء المهمة التى جعلت الشبكة، التى تحرك من خلالها «النشطاء» ناجحة؛ كان فى قدرة الشبكة على تأسيس ركيزتين «أساسيتين»: الأولى؛ «رأس مال اجتماعى على الإنترنت»، والثانية؛ «مد جسور التواصل للخارج».. أى أن «رأس المال الاجتماعى» ارتبط بشبكات خارجية).
وبمزيد من «التعمق».. كانت تلك «الشبكة» (وهى «شبكة» عامة)، إحدى النقاط الأساسية التى تناولتها «أطروحة» الباحث الأمريكى «كيرك دنكان» (Kirk A. Duncan)، بعد محاضرة «نانسى» ببضعة شهور، فقط.. وهى «أطروحة» تم تقديمها للجهة نفسها (أى: كلية الدراسات العليا بالبحرية الأمريكية)، تحت عنوان: [تقييم استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى البيئة الثورية] (Assessing the use of social media in a revolutionary environment).. إذ تعرضت تلك «الأطروحة» لآليات عمل تلك الشبكة، بشكل أكثر عمقًا.
ووفقًا للمخطط التوضيحى المرفق بأطروحة «دنكان»؛ انطلقت «الشبكة»، من أن ثمة 4 روافد «للدعم الخارجى» (External Support)، كانت هى المسئولة عن دعم خبرات «النشطاء المصريين»، والخروج بـ «دعوات التغيير» من حيز الإنترنت إلى حيز التنفيذ.. إذ كانت روافد «الدعم الخارجى» كالآتى:
(أ)- منظمة أوتبور «Otpor» الصربية، التى انبثق عنها مركز «كانفاس» (الذى تصفه العديد من «أدبيات اليسار الأمريكى» بأنه «كلية الانقلابات» التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية).
(ب)- أكاديمية التغيير «Academy of change» (وهى أكاديمية تم تأسيسها فى لندن بالعام 2006م..  ثم أنشئت أول فروعها الخاصة بالشرق الأوسط فى «قطر» بالعام 2009م..  قبل أن يتم تأسيس فرعها فى «فيينا» بالعام 2010م).
(ج)- الشباب التقدُّمى التونسى «progressive youth of tunisia» (وهى المجموعة التى نقلت خبراتها فى الإطاحة بنظام «بن على» للقاهرة، بشكل فورى، كمثال «تطبيقى» على فاعلية روافد «الدعم الخارجى» فى «تغيير الأنظمة» بالمنطقة).
(د)- المركز الدولى لصراعات اللاعنف «International Center on Nonviolent Conflict» (وهو مركز أمريكى، يُعنى بـ «تدريب»، ونقل الخبرات اللازمة لنشطاء الحركات الاحتجاجية، حول العالم).
.. (وهى، جميعها، روافد، بحسب العديد من المراقبين «الغربيين»، ذات اتصال مباشر، بـ «أجهزة الاستخبارات الأمريكية»).
وعلى المستوى التالى من «الشبكة العامة»؛ ارتبطت تلك «الروافد الأربعة»  بتغذية شبكتين «رئيسيتين» من النشطاء المصريين، منذ العام 2008م.. إذ كانت الشبكة الأولى هى شبكة «شباب 6 إبريل».. ثم ألحقت بها شبكة «الناشط» وائل غنيم (الشبكة «الفرعية» الثانية) فى وقتٍ تالٍ.. وهو تحرك تزامن فى توقيته، مع محاولة تمهيد الأرض فى الداخل المصرى، عبر استغلال «أخطاء النظام السياسى»، القائم، حينئذ، ووضعها تحت المجهر، بشكل مكثف.. إذ انقسمت «عملية التمهيد» تلك بدورها إلى مرحلتين متوازيتين:
المرحلة الأولى؛ عبر تكثيف الانتقادات الموجهة لـ «النظام الأسبق» من قبل منظمات المجتمع المدنى (المحلية، والدولية).. وهى انتقادات كان يحكمها فى المقام الأول شروط الجهات المانحة (كانت جهات «أمريكية» فى الأغلب).
والمرحلة الثانية؛ عبر اجتذاب «قطاعات النخبة»، نحو بؤرة أفكار التغيير الأمريكية.. وهى «مرحلة» تعرضت لها، أيضًا، الباحثة الأمريكية «مارى إليزابيث كينج» (Mary Elizabeth King)، أستاذ الصراعات ودراسات السلام بالأمم المتحدة، خلال «تحليلها السياسى»، الذى أعدته، تحت عنوان: [الثورة المصرية بدأت قبل 2011م] (Egypt’s revolution began long before 2011)، إذ قالت: (إن الدروس «العملية»، و«الملموسة» التى حدثت فى مصر؛ كانت نتاج للعديد من السنوات التى تداخلت فى صناعتها «قنوات متنوعة».. إذ استفاد النشطاء المصريون من الشبكة التى كونها قادة «أوتبور»، وهى شبكة ضمت عناصر فاعلة فى «صراعات اللاعنف» من: «جنوب إفريقيا»، و»الفلبين»، و»لبنان»،       و«جورجيا»، و«أوكرانيا»).. مشيرة كذلك إلى الزيارة التى قام بها كلٌّ من: «ماريا ستيفان» (Maria J. Stephan)، و»ستيفن زونس» (Stephen Zunes)، إلى القاهرة بالعام 2009م؛ للعمل مع «الأكاديميين المصريين»، من ذوى التوجهات الليبرالية، و«نشطاء التغيير» بمنظمات المجتمع المدني؛ من أجل تهيئة قطاعات «النخبة المصرية»، والحصول على دعمها فى توجيه عمليات «التغيير السياسى» بمصر.
 

5 كيف تتقاطع الشبكات الاحتجاجية؟:

بشكلٍ تفصيلى (وفقًا لـ «المخطط التوضيحى»، المُرفق بأطروحة «دنكان»)؛ فإن شبكة الدعم الخارجى (External Support)، مدّت، ابتداءً (عبر روافدها الأربعة)، قنوات الاتصال مع حركة «شباب 6 إبريل»، ومجموعة النشطاء المرتبطة بها.. ثم وجهت دعمها: («التقنى»، و«التكتيكى»، و«المالى»)، فى مرحلة تالية، لشبكة «وائل غنيم».. وهى شبكة، ضمت (وفقًا لـ «كيرك دنكان»)، كُلاًّ من: نجيب جرار (شغل، أيضًا، موقع مدير التسويق الإقليمى فى جوجل.. وانضم كذلك لمنظومة موقع «بارليو»، الذى أسسه «وائل غنيم»، بالعام 2016م).. إلى جانب المُدوّن المصرى «وائل عباس»، والناشط «محمد عيسى» (صاحب أول دعوة لتنظيم «وقفة صامتة» على شاطئ الإسكندرية، بالتعاون مع «وائل غنيم» على صفحة: «كلنا خالد سعيد»، بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»).
ومن موقع «المركز»؛ مدّت حركة «6 إبريل» قنوات التنسيق مع 4 شبكات أخرى.. وكانت أولى تلك الشبكات هى الشبكة التى كونها «وائل غنيم».. والثانية؛ هى مجموعة «شباب الإخوان».. والثالثة؛ هى مكتب إرشاد «جماعة الإخوان» ذاته.. أما «الشبكة الرابعة» فهى الشبكة التى تحلقت حول «د. محمد البرادعى»، ومشروعه (المؤسسة الوطنية للتغيير).. وهى الشبكة التى تم تضمين العديد من أعضائها فيما بعد داخل «حزب الدستور».. إذ وفقًا لـ «المخطط التوضيحى» لشبكات «الحراك الاجتماعى» فى مصر؛ لم تكن تلك الشبكات بعيدة، بأى حال من الأحوال، عن عمليات التنسيق، والتوجيه من قِبل «الإدارات الأمريكية» المتعاقبة.. بل إن جُلّ «الشبكات الفرعية» كان يتم توجيها بشكل مباشر (تدريبيًا، وتنسيقيًّا، وتقنيًّا، وتكتيكيًّا)، فضلاً عن دعمها «ماليًّا» من قبل المؤسسات الأمريكية.. أو تلك التى تحركها «الولايات المتحدة»، وأجهزتها الاستخبارية من خلف ستار. (شبكة الدعم الخارجى « External Support»، نموذجًا).
.. وكان من بين ما قدمته، وقتئذ «شبكة الدعم الخارجى» للنشطاء المصريين، فى أعقاب «عودة البرادعى» لمصر (بحسب «دوائر المعلومات» المصرية)، تشبيك نشطاء «6 إبريل»، و»الشبكات الفرعية» الأخرى،>>> >>>>>>>بشكل عاجل.. إذ توجه عدد من أعضائها، نحو «دبى» (الإمارات)؛ للمشاركة بإحدى «الدورات التدريبية» الخاصة بـ»آليات التخطيط الاستراتيجى لنشطاء الحركات».. وهى الدورة التى شارك بها، أيضًا، فتى «جوجل» المدلل (وائل غنيم).. إذ كان ذلك خلال الفترة من 19 إلى 23 إبريل من العام 2010م.
وفى تزامن «لافت» مع دورة «دبى» التدريبية (أى: خلال إبريل/ نيسان من العام 2010م)؛ كان أن تم الانتهاء (داخل «واشنطن»، نفسها)، من تشكيل ما بات يُعرف باسم: «مجموعة عمل مصر» (The Working Group on Egypt).. وهى مجموعة تم تشكيلها (بشكل تنسيقى) بين عدد من «الخبراء» المنتمين لـ»مراكز التفكير» المختلفة.. وفيما كان الهدف «المعلن» للمجموعة (إلى جانب دراسة «عملية التغيير» فى الحالة المصرية عن قرب)، هو الدفاع عن «نشطاء الديمقراطية»، والترويج لها على نطاق واسع (!)،. إلا أنها، فى الواقع، كانت صوتًا إعلاميًّا «صاخبًا» للقطاعات الصقورية بـ»الحزب الجمهورى».. إذ يُمكننا هنا ملاحظة أن غالبية أعضاء «المجموعة» من المحسوبين على تيار «المحافظين الجدد».. كما كان من اللافت، أيضًا (وسط تلك الأجواء)؛ تعيين «البرادعى»، بعد شهر واحد تقريبًا، من إعلان «جماعة الإخوان» تنسيقها معه (أى: فى تموز/ يوليو من العام 2010م) بمجلس أمناء «مجموعة الأزمات الدولية» (International Crisis Group).. وهى مجموعة تضم العديد من الوجوه القريبة من صناعة القرار داخل «الولايات المتحدة الأمريكية»، أو تلك المتداخلة فى توجيه «السياسات العالمية»، من ذوى الخلفيات: الأمنية، والدبلوماسية، والعسكرية.. فضلاً عن رجال أعمال مؤثرين داخل «وول ستريت» (شارع المال)، وبيوت التفكير (think tanks)، مثل:
وفى الحقيقة.. فإن نظرة سريعة على ممولى أنشطة «مجموعة الأزمات الدولية» تعكس بوضوح كيف تعبر «المجموعة» عن توجهات العديد من مراكز الثقل الغربية، بشكل عام (خاصة تلك الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية)، إذ تسعى مراكز الثقل تلك (فى المقام الأول)؛ لتأمين مصالحها «الخاصة» بأرجاء العالم كافة.. فنحو 49 % من تمويل المجموعة يأتى عبر حكومات: الولايات المتحدة، وبريطانيا، و»الاتحاد الأوروبى»، وأستراليا، والنمسا، وبلجيكا، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وألمانيا، وأيرلندا، وهولندا، ونيوزيلندا، والنرويج، والسويد، وسويسرا، وتركيا.
.. ونحو 20 % من التمويل، من قِبل المؤسسات الخاصة، مثل: مؤسسة كارنيجى (Carnegie Corporation)، ومؤسسة «إليديرز» (Elders Foundation)، ومؤسسة «ويليام وفلورا هيوليت» (William and Flora Hewlett Foundation)، ومؤسسة «هنرى لوس» (Henry Luce Foundation)، ومؤسسة «جون وكاثرين ماك آرثر» (John D. and Catherine T. MacArthur Foundation)، ومؤسسات المجتمع المفتوح (Open Society Foundations)، التى تديرها عائلة المليادرير اليهودى «جورج سوروس»، ومؤسسة «رادكليف» (The Radcliffe Foundation)، ومؤسسة «ستانلى» (Stanley Foundation)، وصندوق «إخوة روكفلر» (The Rockefeller Brothers Fund).
بينما تأتى بقية التمويلات (نحو 31 %) من الأفراد والمؤسسات، مثل: مجموعة «الأنجلو أمريكان» (Anglo American PLC)، و»مجموعة بى. جى» (BG Group)، و»بى. بى» (BP)، و»شيفرون» (Chevron)، و»شل» (Shell)، ومؤسسة «عائلة كلينتون» (The Clinton Family Foundation)، وشركة «إينى» للبترول (ENI).
ومن ثمَّ.. يبدو واضحًا (فى ضوء المعطيات السابقة) أن «النخب الغربية»، التى كافأت «البرادعى»، مبكرًا، بمقعد داخل المجلس الاستشارى لمجموعة الأزمات الدولية؛ كانت فى حالة من «التأهب» لحدوث عمليات تغيير «جذرية» بمصر فى القريب (!)

6 ما يحدث عندما يموت الزمّار؟:

عندما تغير المشهد فى أعقاب انتفاضات العام 2011م فى مصر.. كانت كل الفرص متاحة لـ«البرادعى» وأنصاره وحوارييه؛ لتطبيق ما صدعوا رءوسنا به.. لكنهم لم يحركوا ساكنًا [ولم تجد معهم منشطات العجز السياسي].. وعندما أتيحت الفرصة للبرادعى، نفسه (ومن يحاولون استنساخ تجربته) فى أعقاب الإطاحة بحكم الإخوان فى يوليو من العام 2013م.. وبعد أن شغل «البرادعى» منصب نائب رئيس الجمهورية.. أبى أن يعمل، وينتج.. بل لم يجرؤ على العمل من حيث الأصل.. وأعلن – بنفسه - وفاة «أسطورة الزمار» الذى طالما أسمعنا ألحانًا غربية (!).. لكن.. من حين لآخر ، يسعى القابعون خلف الجدران المغلقة، ممن يدفعون للزمار (أى زمار)، أن يجددوا لعبتهم.. ويستنسخون من «الزمار» ألف زمار.. ويبشرون بالدمار(!).. يغيرون الأدوات.. ويكثفون النزوات.. ويجددون فى الوجوه.. إذ ينزعجون كثيرًا ممن يعملون.. ويخططون.. وينتجون.. إذ كانت، وما زالت، وستظل «القاهرة» عصية على الكسر والهزيمة.