الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مجتمع تحت الوصاية !!

مجتمع تحت الوصاية !!


بالأمس القريب كان مجتمعنا المصرى يتميز بقدر كبير من التسامح مع الآخر، وقبول ما يقوله دون اعتراض، فكان هناك الرأى والرأى الآخر، الود والاحترام سمة التعامل بين جميع أفراده، لم نسمع فيه قط من لا يحترم المختلف معه فى الرأى أو حتى العقيدة، أما اليوم فهذه الصفات لم يعد لها وجود على أرض الواقع، وحقق أصحاب الصوت العالى والنفوذ منطقهم المتمثل فى فرض رأيهم على الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن، وظهرت بيننا فئات لم يكن لها وجود من قبل مثل النخب والأوصياء والحكماء وكبار الساسة والإعلام والموسيقى والنوادى وكذابو الزفة، لدرجة أن البعض أصبح يرى أن المجتمع جله أصبح من الكبار ولم يعد لمتوسطى السن أو حتى الصغار وجود، ليتحكم هؤلاء فى مقدراتنا وكل شيء، فى الوقت الذى نطالب فيه بإتاحة الفرصة للشباب ليعبر عما فى الصدور، فها هو السياسى المحنك يطالب بضرورة إلغاء الأحزاب غير الممثلة فى البرلمان، بحجة وجود إفراط حزبى فى الحياة السياسية المصرية عقب ثورة يناير، مما سمح بوجود أحزاب ضعيفة، ليس لها أدنى تأثير أو وجود فى الشارع، ثم عاد وطالب سيادته بأن يكون مجلس النواب هو الجهة المنوط بها الرقابة على الأحزاب، وذلك من خلال تشكيل لجنة نوعية بمجلس النواب تقوم بأداء هذا الدور، متعديا بذلك على دور لجنة شئون الأحزاب التى تضم شيوخ القضاء فى مصر، والتى يقع على عاتقها مراقبة عمل الأحزاب والطعون على قراراتها، التى يجب أن تكون أمام القضاء، وتناسى سيادة النائب أن الأحزاب القائمة لديها الحق والحرية فى ممارسة نشاطها وعملها السياسى والحزبى، أما حكاية عدم نجاحها فى الانتخابات فهى غير مفهومة حتى يتم شطبها.. وها هو الإعلامى الكبير الذى صدع رؤوسنا ليل نهار بميثاق الشرف الإعلامى، فى الوقت الذى لم يعد فيه قادرا على معاقبة إعلامى اخترق هذا الميثاق، بل نسفه نسفا لمجرد أن كيانه النقابى مازال تحت التأسيس، وها هى ما تسمى أو يطلق عليها لجنة كبار الحكماء فى أحد الأندية، تعلن عن عقد اجتماع تتخذ فيه قرارا بفرض أسماء بعينها على أعضاء الجمعية العمومية، لتولى مسئولية إدارة النادى فى الفترة القادمة، بحجة أنهم أول من يعرفون مصلحة ناديهم (ولا عزاء لبقية الأعضاء ولرأيهم) طالما أن اللجنة إياها اجتمعت وقررت، وها هو الموسيقار الكبير الذى لا يعجبه العجب ولا الصيام فى رجب، يصدم جل من وجد لنفسه لونا موسيقيا معينا يجد نفسه فيه ويخرج به على الناس، بحجة أنه يفسد الذوق العام ويدمر الأغنية المصرية ويحطم مستقبلها، ثم يعود ويهدد البعض من هؤلاء بالضرب على الهواء مباشرة، عندما اعترض على ما يقوله الموسيقار الكبير، الذى طالب فى سابقة لم تحدث من قبل بضرورة اعتزال مطرب شعبى للغناء حفاظا على تاريخه، على اعتبار أنه لم يعد قادرا على الغناء، وعقب ذلك اعتذر عن رأيه عندما وجد عاصفة من الهجوم عليه، وها هو سيادة المثقف الذى يحدد لنا ما هو الذى يجوز ولا يجوز، فسيادته يعرف أكثر منا ولهذا علينا أن نأخذ بما يقرره لنا، فى الوقت الذى يقوم فيه بعكس جل ما يقوله لنا نهارا ويخالفه علنا ليلا بفعل ما يشربه أو يتعاطاه، وها هو (اللى ما يتسماش) الذى يفرض علينا عدم إلقاء الصباح على الجار، لكونه يدين بديانة غير ديانته، وها هو المحامى الذى جعل من نفسه قاضيا ووصيا على المجتمع، ليحاسب هذا ويتهم ذاك، مدعيا أنه يحافظ على مصر ويحميها.
ولهؤلاء جميعا أقول لهم اتقوا الله فى شعب مصر وشبابها، لقد بلغنا سن الرشد، ومن حقنا أن نقرر لأنفسنا ما نريده أو نفعله، لذا نرجوكم أن تبتعدوا بملاحظاتكم وإرشاداتكم وقراراتكم عنا، فقد أصابنا الملل منكم ومن تدخلكم فى حياتنا، وعليكم أن تعلموا بأن لكل منا طريقه ومنهجه الذى يختاره بنفسه، وعليه أن يتحمل نتيجة اختياره بعيدا عنكم وعن وصايتكم عليه، فمن حق غيركم أن يفكر ويجتهد ويعمل كما تفعلون دون فرض رأى أو وصاية، فمصر بقيت وستبقى بالجميع كبارا وصغارا شريطة أن يعمل كل فرد بمنهجه الخاص طالما لا يضر أحدا أو يضار هو شخصيا.>