
محمد جمال الدين
أبدًا.. لن ترتفع الأعلام السوداء
هالنى أن أرى الأعلام السوداء ترتفع فوق أسطح العمارات المقابلة لمديرية أمن شمال سيناء.. وهالنى أيضا بل أزعجنى أن يتعرض مبنى المديرية للهجوم بجميع أنواع الأسلحة والذخيرة من قبل البعض ممن ينتمون للجماعات الإرهابية فى سيناء.. الذين سبق أن فجروا خط الغاز وهجموا على كمين «الريسه» أكثر من مرة.
الهجوم الدنىء على المديرية أسفر عن أول شهيد مصرى «مجند فى الجيش» يسقط بأياد مصرية.. وجهت رصاصات الغدر إلى صدر هذا المجند فى هجوم منحط لا أخلاقى، يخدم أول ما يخدم العدو الإسرائيلى.. ثم بعد ذلك يخدم من قام بهذا الهجوم لمجرد سعيهم وراء حلم لم ولن يتحقق أبدا بتكوينهم إمارة إسلامية الإسلام منها براء.. الحادث أسفر أيضا عن إصابة سبعة من أفراد القوات المسلحة.. هذا بخلاف سيدة وطفلة شاء حظهما أن تتواجدا فى موقع الحادث أثناء الهجوم.
بالتأكيد الحادث له العديد من الدلالات التى لابد من الانتباه لها، وبالطبع يندرج تحت هذه الدلالات الاعتداءات المستمرة على خط الغاز.. وكمين الريسه لابد أن يجعلنا نفكر وبأقصى سرعة فى ضرورة وضع جدول زمنى محدد لتنمية سيناء بعيدا عن الخطط النظرية والمستقبلية التى نسمعها بين الحين والآخر، جدول يشارك فيه كل محب لهذا الوطن، بعيدا عن الحكومات ومعارك الأحزاب السياسية التى تكاد تدخلنا فى أتون معركة لن ينتصر فيها أحد وستلحق الخسارة بمصر وشعبها بإهمالنا لسيناء، وقتها سنقول يا ليتنا وضعنا أيدينا فى يد بعض لإنقاذها.
فى وقت ماض تعرضت أقسام الشرطة للعديد من الاعتداءات فى ظل انفلات أمنى وأخلاقى تعرضت له البلاد.. وأعتقد أن هذه الفترة قد ولت، ولكن أن يتم الهجوم على مديرية الأمن التى تعد رمزا من رموز الدولة على يد هؤلاء الإرهابيين يجعلنا نطالب بضرورة القضاء على الإرهاب الأسود وأعلامه بجميع الطرق الذين استباحوا كل ما له علاقة بالدولة وزادوا فى غيهم عندما سولت لهم أنفسهم مهاجمة مديرية الأمن فى تحد صارخ للدولة وهيبتها.. وما الاعتداءات المستمرة على خط الغاز وكمين الريسه إلا تأكيد لذلك، وخيرا فعلت الدولة الممثلة فى القوات المسلحة وأجهزة الشرطة باستمرار العملية نسر للقضاء على هذا الإرهاب التى أعتقد شخصيا أنها ستأتى بثمارها فى القريب العاجل جدا ووقتها ستختفى مثل هذه الأعلام والرايات التى لم نعهدها من قبل.
الغريب أن حادث العريش تزامن فى توقيته مع محاولة الاعتداء على السفارة الأمريكية بسبب الفيلم المسىء للرسول الكريم الذى صرح بشأنه الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء.. بأن بعض المشاركين فيه اعترفوا بتلقى أموال للاحتجاج أمام السفارة.. وللأسف لم يذكر لنا رئيس الوزراء ما هى حقيقة تلك الجهة التى دفعت هذه الأموال وعن السبب الذى جعلها تفعل ذلك.
الحادث أيضا لم يفسر لنا سبب عدم تصدى الشرطة للمتظاهرين فى بادئ الأمر.. ثم تصديها بعد ذلك لهم والقبض على البعض من هذه العناصر التى تلقت هذه الأموال.
من المعروف أن محاولة اقتحام السفارة والاعتداء عليها دعا له بعض الجماعات الدينية عقب بث مقاطع من الفيلم المسىء على شبكة الإنترنت «رفعت فيه الأعلام السوداء أيضا» التى سرعان ما انسحبت من أمام السفارة بعد ازدياد عدد المتظاهرين وهذا الانسحاب تحديدا يتطلب تفسيرا لدى المحللين والخبراء.. لأن من تحمل وزر هذا الاعتداء بعد ذلك كان أغلبهم من الشباب صغير السن الذين أخذتهم الحماسة التى سرعان ما انتهت بتلقى البعض منهم أموالاً للمشاركة فى هذا الاعتداء «لم يسلم الأمر من اندساس بعض البلطجية والمجرمين بين المتظاهرين».
فى الوقت الذى قام فيه شخص بحرق «الإنجيل» فى تصرف غير مسئول من رجل يدعى على نفسه أنه من حفظة القرآن، رغم أن تصرفه هذا ليس له أدنى علاقة بالقرآن أو بالإسلام الذى يطالبنا باحترام جميع الأديان.
وحتى الآن لم نسمع أو نرى مسئولاً فى الدولة أمر بضرورة القبض على هذا الرجل والتحقيق معه.. بل ومحاكمته فى أسرع وقت إذا أثبت التحقيق إدانته، فما فعله فيه ازدراء واضح لديانات أخرى.
وتطبيقا لمبدأ المساواة والشفافية.. فإننا نطالب بإغلاق القناة التى يملكها من قام بحرق الإنجيل لأنها تبث ما لا يمكن أن نقبله مثلما سبق وأغلقنا قناة توفيق عكاشة التى رأينا فيها ما لا يمكن أن نقبله أيضا.. لأن المساواة فى الظلم عدل.. فجميعنا يرفض ما فعله حارق الإنجيل الذى صرح بأنه ينوب عن المسلمين فى فعله هذا.. رغم أننا لم نوكله فى ذلك لاحترامنا لكل الأديان والكتب السماوية.
ومثلما رفضنا ما فعله حارق الإنجيل.. فإننا نرفض أيضا المنشور الذى يطالب فيه مروجوه بضرورة مغادرة الأقباط لسيناء فى خلال 84 ساعة.. وإلا حدث لهم ما لا تحمد عقباه.. فهو منشور أيضا مرفوض وسافل ومنحط ويشعل الفتنة بين أبناء الوطن الواحد الذين ليس من بينهم بكل تأكيد من يحرق الإنجيل.
تحقيق الأمن فى سيناء لن يتحقق إلا إذا واكبته تنمية حقيقية تتطلب جهوداً اجتماعية وثقافية واقتصادية ومشاركة فعالة من أبناء سيناء أنفسهم.. الذين لن يسمحوا أبدا برفع الأعلام السوداء المطبوع عليها صورة بن لادن الذى أضر بالإسلام وبالمسلمين أكثر مما أفادهم مثلما أضرنا جميعا تصرف هذا المدعى الذى حرق الإنجيل.
سيناء يجب أن تزرع بالبشر أولا حتى تقوم بها النهضة التى نرجوها ووقتها لن يكون هناك مكان لأى صاحب مصلحة أو فكر أسود ولن يرتفع فوقها علم القاعدة ولن يكون من بين أبنائها من يزدرى ديانة غير ديانته.. فيكفى مصر ما هى فيه من مشاكل وإضرابات واقتصاد يعيش داخل منطقة الخطر، ومؤامرات تحاك وتدبر لنا من قبل أهل الداخل والخارج.. وقانا الله ووقى مصر من شرها.