
محمد جمال الدين
الشفافية.. هى الحل
فى ظل الظروف العاصفة التى يمر بها الوطن، ومنعًا لأى لبس وبلبلة وتأجيج للصراع بين القوى السياسية وجموع الشعب المصرى أناشد بل وأطالب بأن نتعامل فى كل ما يخص الوطن والمواطن بأعلى درجات المكاشفة والشفافية، فبلادنا تمر بمنعطف حاد وخطير تغيرت فيه حكومات وقيادات وأفراد، «لم يسلم من هذا التغيير قيادات المجلس العسكرى»، فلابد أن تكون الصراحة منهج من يقود سفينة الوطن، والشفافية والمكاشفة أسلوب حياة يجب التعود عليه سواء كنا رؤساء أو مرءوسين.
أقول هذا وأدعو له بعد أن تزايدت التحليلات والآراء التى يخرج بها علينا أباطرة الفضائيات وطبقة الحكام الجدد الذين يتمركزون فى هضبة المقطم.. هذه التحليلات والآراء لن تحل مشكلة ولن تكون أبدًا السبيل لعلاج الميكروب الذى استوطن جسد الوطن منذ فترة ليست بالقصيرة.
الآن كل فصيل أو حزب أو حتى مجموعة سياسية يترصد للآخر، وفى النهاية لن يضار من جراء هذا الترصد سوى المواطن الذى لا يعرف البر الذى سوف ترسو عليه هذه السفينة، بعد أن احتكر ركابها من أهل الأحزاب والمقطم وباقى القوى السياسية مقاعدها ولم يعد هناك موضع قدم للمواطن العادى، فالجميع احتكر الحديث باسمه دون أن يكلفوا أنفسهم مجرد سماع صوته الواهن الذى لم يعد مسموعًا أصلاً.
الأمثلة على ما أقوله كثيرة، فحتى وقتنا هذا لا نعلم هل مكتب الإرشاد يتدخل فى قرارات مؤسسة الرئاسة أم لا.. من الممكن جدًا أن يخرج علينا من يقول إن هذا غير صحيح، وأهل المقطم لا يتدخلون فى أى أمر يخص هذه المؤسسة.
الرد على هؤلاء بسيط جدًا ويردده البعض بين الوقت والآخر.. فكل قرارات مؤسسة الرئاسة يتولى شرح تفاصيل إصدارها وتحليلها وفائدتها والغرض منها شخوص معينة لا تبتعد عن عصام العريان والبلتاجى والحسينى وعاكف وغيرهم ممن ينتمون للجماعة أو لحزب الحرية والعدالة، وكأن هؤلاء يعلمون مسبقًا بما ينتويه رئيس الجمهورية ويخطط له، وإذا لم يعجب البعض هذا الشرح أو التحليل فالتهديد والوعيد مصيره والعدة والعتاد جاهزة لكل من تسول له نفسه بغير ذلك.
بالطبع لا يستطيع أحد أن يصادر حق الرئيس فى اختيار معاونيه وفريق عمله.. إلا أن البعض منهم سبق أن تم اتهامه فى بعض القضايا، التى لا نعرف هل لفقها لهم النظام السابق؟ وهل ظهورهم مرة أخرى مع الدكتور مرسى يعنى عدم ثبوت الاتهامات السابقة عليهم؟
استفسارات عديدة الإجابة عنها واجبة حتى نعلم نحن- عامة الشعب- قبل غيرنا حقيقة من يتولون مقاليد أمورنا، لأن هؤلاء تحديدًا يطرحون آراءهم وأفكارهم على الرئيس التى تتحول بعد ذلك إلى قرارات تمس حياتنا، بالمناسبة هذه القرارات تلقى تأييدًا غير مسبوق ممن ينتمون لجماعة الرئيس وحزبه، وإذا جاز أن اعترض عليها أحد فإن هناك من يتولى ملاحقة كل من يطالب بحق المعرفة الذى يعد من أهم حقوق وبنود الديمقراطية التى من أجلها قامت ثورة يناير.
ويكفى أن الجماعة التى خرج منها الرئيس مرسى أغلب الشعب المصرى لا يعرف هل وجودها قانونى؟.. أم أنها جماعة سبق أن تم حلها عن طريق القضاء، وهل تخضع أنشطتها وأموالها للمراقبة والمتابعة من قبل أجهزة الدولة؟ مثلها فى ذلك مثل باقى الجمعيات الأهلية الأخرى التى نطالب بمراجعة أنشطتها وميزانياتها تحقيقا لمبدأ المساواة والشفافية.
وتطبيقًا للمبدأ السابق نحن نريد أن نعرف الأسباب الحقيقية وليس التى يخرج بها علينا المتحدث باسم الرئاسة لإقالة رئيس جهاز المخابرات وبعض القيادات الأمنية وإحالة المشير طنطاوى وسامى عنان للتقاعد، وهل هؤلاء متورطون فعلاً فى شىء ما كما يردد البعض.
إن حقنا فى المعرفة كمواطنين مشروع طالما نعيش تحت سقف هذا الوطن، وحتى لا نترك الفرصة لمن يحللون ويخترعون ما يعن لهم من آراء وتحليلات تزيد من فرقتنا ولا توحدنا.
ألم يقل البعض إن زيارة أمير قطر بالإضافة إلى الإملاءات التى لا يمكن أن يقبلها مصرى من أمريكا لها دخل فى هذه القرارات التى لا يعرف أغلبنا ما هى مبرراتها أو أسباب صدورها، رغم اعترافنا الكامل بأحقية الرئيس فى إصدارها بعد أن استشار المجموعة المعاونة له من رجال القانون.. «هناك من رجال القانون أيضا من صرح بأن هذه القرارات غير مستوفاة قانونيًا».
ونتيجة لغياب الشفافية لم نفهم لماذا تصر جماعة الإخوان على اتباع سياسة السيطرة والتدخل غير المبرر على مؤسسات الدولة التى بدأت شرارتها الأولى بالإعلام اعتقادا منها أنها توفر لنفسها مناخًا مناصرًا لها ولأعضائها.
ولذلك تحديدًا أوجب علينا نصيحتهم بأن ما يفعلونه يبعد الناس عنهم وعن جماعتهم، فلن يكون أبداً الاعتداء بالضرب وقمع الأصوات هو سبيلكم للتقرب من الناس.. فكما تطالبون بالحرية لأنفسكم عليكم أن تطلبوها لغيركم.
فما يصدر من فتاوى تكفر وتعليقات تهدد من سيتظاهر يوم 42 أغسطس يعنى أن حق التظاهر سيصبح ممنوحًا لفئة دون أخرى، علمًا بأننا لا نرغب فى أن يعود أسلوب حكم النظام القديم الذى كان يفاجئ المواطن بقرارات دون أن يوضح أسباب صدورها، فقد كان يمنح لأنصاره حقوقًا يمنعها عن معارضيه ومنها جماعة الإخوان نفسها التى كثيرًا ما عانت من تجبر وتكبر وديكتاتورية النظام السابق.
وقبل أن يزايد علينا البعض ممن احترف مهنة المزايدة على الغير، نعلن رفضنا التام لأى تجاوزات يمكن أن تصدر من قناة فضائية أو من أى وسيلة إعلامية.. ولكننا فى نفس الوقت نرفض الملاحقة بالبلاغات والقضايا والغلق لأى منبر إعلامى أو رأى أو فكر لا يتفق مع رأى الجماعة ومرشدها لأنهم ليسوا بأفضل من باقى المصريين.
ومن أجل كل هذا وغيره كثير مطلوب من مؤسسة الرئاسة المكاشفة والشفافية فيما تصدره من قرارات، لأن فى ذلك منعًا تامًا لأى بلبلة أو شائعات، لأننا نعيش فى ظل أجواء مضطربة نحن فى غنى عنها وحتى يثبت الرئيس محمد مرسى بحق أنه رئيس لكل المصريين.