النفط مقابل التجسس

أدم شاهين
كشف قائد إحدى ميليشيات الجبهة التركمانية العراقية، ويُدعى «نهاد يالنيز» أنهم ألقوا القبض على ثلاثة من عناصر المخابرات التركية ممَّن يحاربون فى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، ضد التركمان ذوى الأصول التركية فى شمال العراق.
ووفق ما ورد فى موقع «كردستان 24» «Kurdistan24.org» الإلكترونى، نشر يالنيز أسماء وصور عناصر المخابرات التركية الثلاثة المقبوض عليهم، ورمز إليهم بحروف (م.ى)، و(إ.ش)، و(ك.ش).
وقال يالنيز إن عنصر المخابرات التركية (م.ى)، الذى كان يطلق النار على التركمان مع ميليشيات داعش، سيكون وبالا على تركيا، بعد أن يقوموا بنقل اعترافاته إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب، لافتا إلى أنهم عثروا على جواز سفر أحمر (دبلوماسى) بحوزته.
وزعم يالنيز أن عميل المخابرات اعترف لهم أيضاً بأن المخابرات التركية تعقبت تحركات الجيش العراقى عبر القمر الاصطناعى «جوكتورك 2»، وأبلغت قيادة داعش بتلك التحركات، وأن هناك اتفاقًا بين الحكومة التركية وداعش على أن تشترى منه برميل النفط العراقى بـ30 دولارا مقابل أن تدعمه بالسلاح والغذاء والمواد الطبية.
وقال يالنيز: «ألقينا القبض على العميل الثانى المدعو (إ.ش) للمخابرات التركية وهو جريح، أما العميل الثالث المدعو (ك.ش)، فبعد أن قبضنا عليه وحقَّقنا معه وجدنا أنه يتكلم العربية والكردية والإنجليزية، وقد أوفد إلى العراق لتزويد عملاء المخابرات فيه بالمعلومات»، طبقاً لما جاء فى موقع «كرستان 24».
∎ صفقة مع «داعش»
كانت صحيفة «طرف» التركية اليومية واسعة الانتشار، كشفت الأسبوع الماضى عن صفقة بين الحكومة التركية و«داعش» وافقت فيها الحكومة على طلب التنظيم بانسحاب تركيا من ضريح سليمان شاه فى سوريا، الذى يعد الأرض الوحيدة لتركيا خارج حدودها وفقًا لمعاهدة أنقرة أثناء الانتداب الفرنسى على سوريا، مقابل إطلاق سراح 49 من الدبلوماسيين الأتراك وعائلاتهم وأفراد القوات الخاصة التركية، الذين احتجزهم، خلال هجومه على مبنى القنصلية التركية بالموصل، فى 11يونيو الماضى.
وأصدرت الخارجية التركية بيانا تنفى فيه ما ذكرته الصحيفة إلا أن مدير تحريرها أوجوز كاراموك أكد امتلاك الصحيفة للوثائق والمستندات التى تثبت صحة الخبر.
∎ صراع مؤسسات
وقال تعليقًا على الادعاءات وحالة البلبلة التى شهدها الرأى العام إزاء تحفظ الصحيفة على نشر الوثائق: «إننا نؤكد على مصداقية خبرنا مائة فى المائة، ولقد تغير قانون المخابرات الوطنية التركية.. وأصبح نشر مثل هذه الوثائق أمرا غير قانونى يُعاقب عليه القانون. فالعقاب ليس على نشر الخبر، ولكن سيكون على نشر الوثائق. ونحن لدينا وثائقنا التى استندنا إليها فى هذا الخبر».
وأضاف: إن حزب العدالة والتنمية يستخدم أسلوب التخوين واتهام مخالفيه بـ«الخيانة» عندما يعجز عن الرد، كوسيلة للدفاع عن نفسه.
وكانت الخارجية التركية عقدت سلسلة اجتماعات للبحث عمن سرب الوثائق لصحيفة «طرف» خلصت فى نهايتها إلى أن التسريب جاء من داخل قصر رئاسة الجمهورية.
∎ اعترافات من «داعش»
الأدلة على الدعم التركى لداعش كثيرة لا تتوقف عند مثل هذه الصفقة، ولكن ما قاله أحد القادة الميدانيين لداعش ويكن «أبويوسف»، والذى يتحرك بحرية ما بين سوريا وتركيا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، التى التقته فى بلدة ريحانلى التركية على الحدود مع سوريا يكشف عن حجم الدور التركى الكبير فيما وصلت إليه المجموعات والتنظيمات المسلحة فى سوريا، وفى مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» بسبب مساعدتها لكل أعداء الرئيس السورى بشار الأسد.
ونشرت الصحيفة الأمريكية، تقريرا مطولا عن تنظيم «داعش» كشفت فيه عن أن تركيا لعبت دورا كبيرا فى وصول التنظيم إلى هذا المستوى من القوة.
وقال أبويوسف: إن بعض أعضائنا تم علاجهم فى المستشفيات التركية، وفى بداية الحرب وصل كثير من الأجانب الذين التحقوا بنا عن طريق تركيا كما حصلنا على التجهيزات اللازمة والمواد الغذائية بنفس الطريقة أيضا.
وذكرت الصحيفة أن «داعش» استخدم المدن التركية الواقعة على الحدود مع سوريا كمراكز للتسوق ومعبر للأسلحة والمقاتلين الأجانب، ونقلت عن أبويوسف، أنهم مدينون لتركيا بدرجة ما فى النجاح الذى يحققه التنظيم.
ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا شددت من التدابير ضد داعش بعد أن سيطر التنظيم على مدينة الموصل، لكنها تأخرت كثيرا فى ذلك.
وتابعت: إن تنظيم داعش، الذى حاولت أمريكا وقف تقدمه فى العراق من خلال الغارات الجوية استخدم الحدود التركية كخط إمداد استراتيجى ونقطة دخول للحرب طوال شهور عديدة، لافتة إلى أنه تم بيع بنزين من المناطق البترولية التى سيطر عليها داعش إلى تركيا عن طريق التهريب.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا زادت من التدابير الأمنية ضد داعش بعد التطورات الأخيرة وبدأت بالتعاون مع الحكومات الأوربية والأمريكية فى إلقاء القبض على الأجانب الذين يحاولون عبور الحدود إلى سوريا للانضمام إلى المقاتلين.
وذكرت «واشنطن بوست» أن المقاتلين نجحوا فى التسلل عبر الحدود رغم التدابير المتخذة من جانب الحكومة التركية، لافتة إلى أن القائد فى داعش أبو يوسف تمكن من الوصول إلى بلدة ريحانلى التركية من أجل إجراء اللقاء معه.
وأفاد أبويوسف بأن التدابير الجديدة عرقلت استخدام تركيا كخط إمداد، لكنهم لم يعودوا بحاجة إليها، بفضل القبائل السنية التى تم الاتفاق معها فى العراق، قائلا: إنهم يشترون أسلحة بما فيه الكفاية من العراق كما أن هناك أسلحة كافية حتى فى سوريا.