الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

«لندن».. حظيرة الإرهاب فى العالم

«لندن».. حظيرة الإرهاب فى العالم
«لندن».. حظيرة الإرهاب فى العالم


لم تعد لندن عاصمة الضباب فقط، بل الإرهاب أيضا.. فمنذ أن فتحت أراضيها لتأوى الهاربين من الأحكام فى مصر وعلى رأسهم «ياسر سرى» المحكوم عليه فى عدة قضايا فى مصر، منها العائدون من ألبانيا، وبعد تنحى الرئيس الأسبق مبارك أصبحت مأوى آمنا لأعضاء التنظيم الدولى للإخوان والإرهابيين فى العالم ويعقدون اجتماعاتهم هناك؛ خاصة أنه لا توجد اتفاقية تسليم مطلوبين بين مصر وبريطانيا؛ وبعد شهور من إعلانها إجراء تحقيقات موسعة عن إدراج جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية أم لا خلصت أنه لا يوجد دليل على ذلك؛ وعدم إعلان بريطانيا أن الإخوان جماعة إرهابية، أمر لا يختلف عن مواقفها السابقة، حيث إنها ترعى تلك الجماعات الإرهابية مثلها مثل أمريكا وهما أيضا تحاولان غسل أيديهما منه وتكونان مجرد غطاء له، مشيرا إلى أنه من مصلحة هذه الدول أن تستمر تلك الجماعات الإرهابية فى تنفيذ مخططاتها فى المنطقة العربية حتى تظل غير مستقرة، وهو الأمر الذى يعد جزءا من المخطط الغربى بالمنطقة.

تعد بريطانيا الآن من أكثر الدول الداعمة لنظام الإرهاب، كما أنها من أكثر الدول التى تمنح حق اللجوء السياسى للمتهمين بالإرهاب على مستوى العالم، وهى نفس الدولة التى ساعدت فى إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، والتى قدمت لهم الدعم المالى والاستخباراتى على مدار عقود، وفتحت لهم أبوابها ليعيشوا فى أراضيها وتحت كنف حماية شرطتها، بل منحت بعضهم معاشا من الضمان الاجتماعى، ووفرت لهم المساكن وأحيانا سيارات مجهزة بأحدث المعدات، وكل ذلك من أموال دافعى الضرائب، فهناك من عاش قرابة عقدين لاجئا فى لندن على الإعانة الاجتماعية، دون أن يدفعوا قرشا واحدا للضرائب أو يعرق فى أى عمل.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مصادر رسمية قولها إن تقريرا للحكومة البريطانية عن الإخوان فى مصر تأجل لعدم موافقة وزراء ومسئولين على ما انتهى إليه من نتائج بعدم تصنيف الجماعة منظمة «إرهابية». وأضافت نقلا عن مصادر مسئولة أن التقرير انتهى إلى أنه لا يجب تصنيف تلك الجماعة السياسية منظمة «إرهابية» وأنه لم يجد دليلا يذكر على أن أعضاءها ضالعون فى أنشطة من هذا القبيل.
ووفقا للفايننشال تايمز فإن الوزراء عطلوا نشر التقرير عدة أسابيع خوفا من رد فعل الحلفاء بالشرق الأوسط، ولم يتسن على الفور الاتصال بوزارة الخارجية والكومنولث للتعليق. وطبقا لمصادر فى الحكومة البريطانية، فإن تقرير السير جون توصل إلى أن جماعة الإخوان المسلمين «لا يشكلون خطرا إرهابيا يذكر فى المملكة المتحدة».
ونسبت فايننشال تايمز إلى مسئول كبير فى وزارة الخارجية البريطانية -لم تكشف عن هويته- القول إن «أسرة آل نهيان الحاكمة فى إمارة أبو ظبى على وجه الخصوص ظلت ترفع دعواتها بالتنبيه إلى المخاطر التى يشكلها الإخوان المسلمون».
وكان من المنتظر نشر نتائج التقرير نهاية الشهر الماضى، ولكن يبدو أن مسئولين حكوميين أشاروا إلى أن الوزراء لا يزالون يعكفون على صياغة الكيفية التى يمكن بها عرض تلك النتائج. وكانت السلطات المصرية فى وقت سابق قد صنفت الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، وقضت المحكمة الإدارية العليا مؤخرا بحل حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة وتصفية ممتلكاته.
وفى مفاجأة جديدة، كشفت صحيفة ديلى ميل البريطانية، عن أن المستشار الدينى لرئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون هو طارق رمضان حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، حيث يعمل رمضان ضمن 14 عضوا فى الهيئة الاستشارية بحرية الدين والعقيدة فى وزارة الخارجية البريطانية منذ أبريل الماضى التى يترأسها المحافظ بير بارونيس وكان أحد أعضاء اللجنة المشكلة لتصنيف الجماعة، و«رمضان» هو حفيد البنا ونجل سعيد رمضان أحد القياديين الكبار فى الجماعة، ويبلغ من العمر 51 عاما، وهو أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة فى جامعة أوكسفورد، وكان عضوا فى لجنة شكلها رئيس الوزراء السابق «تونى بلير»، وتم منعه عدة سنوات من دخول الولايات المتحدة بتهمة تقديم الدعم المادى لمنظمة إرهابية، قبل أن يسمح له بالدخول إلى الأراضى الأمريكية بعد حكم قضائى نفى وجود صله له بالإرهاب.
وبعد تعيينه ضمن مجموعة 13 مستشارا بريطانيا وأجنبيا لتقديم النصح لحكومة بلير فى إطار محاربة التطرف الإسلامى، أوضح د.طارق رمضان جوانب من مهام المجموعة.
وفى تصريحات لوسائل إعلام سويسرية، أعرب المصرى الأصل رمضان عن اعتقاده بأن لندن أدركت أنه «لا يمكن تسوية مشكلة التطرف الإسلامى دون الحوار مع المسلمين أنفسهم»، وجاء تعيين مجموعة المستشارين، بعد أقل من شهرين من الهجمات الانتحارية التى استهدفت لندن مخلفة 56 قتيلا، من بينهم أربعة من منفذى الانفجار- مسلمين بريطانيين - و700 جريح.
وفى تعليقه عن اختياره من قبل الحكومة البريطانية- حليفة واشنطن التى سحبت منه العام الماضى تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة بسبب ما وصفته بـ«دعمه للإرهاب»- أوضح طارق رمضان فى تصريح لـ«سويس انفو» أن تشكيل مجموعة الخبراء تثبت أن الحكومة البريطانية وعت بضرورة التعامل مع مشكلة الإرهاب عبر الحوار. وقال فى هذا السياق: «لا يمكن تسوية مشكلة التطرف الإسلامى دون الحوار مع المسلمين أنفسهم».
ويبدأ تاريخ علاقة التنظيم العالمى بالغرب مع علاقة الإخوان ببريطانيا، حين اعتبرت بريطانيا مصر بمثابة رمانة الميزان لمكانتها فى الشرق الأوسط فأعلنت حمايتها عليها خلال الحرب العالمية الثانية وسمحت لشركاتها بالسيطرة على الحياة التجارية فيها، وتمركزت أكبر قوة عسكرية بريطانية فى منطقة قناة السويس، لكن ذلك كله وجد مقاومة من قوتين: قوة الحركة القومية وقوة الحركة الدينية متمثلة فى الإخوان. وكانت سياسة بريطانيا تجاه الإخوان سياسة قمعية سعت للقضاء عليهم، وكان الإخوان يحظون بحماية الملك الذى كان يمولهم فى الأربعينيات، فقد اعتبرهم قوة يواجه بها الوفد والشيوعيين وفقا لتقرير للمخابرات البريطانية عام .1942
 أما أول اتصال بين الإخوان والإنجليز فكان فى عام 1941  وهو العام الذى ألقى فيه القبض على حسن البنا مؤسس الجماعة، ولكن مع إطلاق سراحه سعت بريطانيا للاتصال بجماعته، وعرضت بريطانيا على الإخوان تمويلا ماليا مقابل تأييد لبريطانيا منهم، لكن ليس هناك ما يثبت أو ينفى أنهم قبضوا التمويل فعلا، على أنه لوحظ هدوء نسبى فى نشاط الإخوان المضاد لبريطانيا بعد العرض بقليل، ومن ثم فإن من المرجح أن العرض البريطانى حظى بقبول.
وفى عام 1942 أصبح من المؤكد أن بريطانيا تمول الجماعة، ففى 8 مايو عقد مسئولو السفارة البريطانية اجتماعا مع رئيس الوزراء المصرى فى ذلك الوقت أمين عثمان باشا وناقشا العلاقة مع الإخوان واتفقا على عدة نقاط، منها تقديم مساعدات مالية لهم من حزب الوفد على أن تتولى الحكومة بشكل سرى التمويل الذى تأخذه من السفارة البريطانية، كما وافقت الحكومة على دس مخبرين فى الجماعة ومعرفة أسرارها ونقلها إلى السفارة البريطانية، يضاف إلى ذلك خلق شقاق بين حسن البنا وأحمد شكرى زعيمى الجماعة، دون اللجوء إلى ممارسات عنيفة ضد الجماعة، لقد تبنت بريطانيا سياسة القتل الرحيم.
ونوقش فى الاجتماع أيضا دور جماعة الإخوان فى التصدى للحركات القومية المصرية المعادية للاستعمار، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت بريطانيا تتعاون مع الإخوان على الرغم من إدراكها خطورتهم. وفى يونيو عام 1952 صدر تقرير عن الخارجية البريطانية تحت عنوان مشكلة القومية رصد مخاطر المد القومى على المصالح البريطانية، وبعد شهر من صدور هذا التقرير اندلعت ثورة يوليو أو جمال عبدالناصر الذى شكل تهديدا لبريطانيا، خاصة بعد تبنيه سياسة عدم الانحياز، وقد وصفت الخارجية البريطانية سياسته بفيروس القومية العربية، وفى محاولة للتصدى له سعت بريطانيا لاستغلال العناصر الدينية متمثلة فى الإخوان المسلمين للقضاء عليه؛ وهو ما يحدث تقريبا اليوم مع اختلاف الشخصيات فيما يسمى بالربيع العربى فى محاولة منهم لإحياء مخطط .1952
فى ذلك الوقت كان مرشد الجماعة حسن الهضيبى الذى عرف عنه عدم اللجوء إلى العنف، لكنه لم يكن قادرا على إحكام سيطرته على تيارات العنف داخل الجماعة، فأحيت الدعوة إلى الجهاد ضد البريطانيين، لكن تقريرا من السفارة البريطانية فى القاهرة صدر عام 1951 أكد عدم جدية الإخوان فى شن هجوم على التواجد البريطانى بمصر، وأشار تقرير آخر إلى أن بعض العمليات التى قام بها الإخوان ضد الإنجليز هى نتاج عدم انضباط داخل الجماعة ووجود تضارب بين سياسات القادة.
 وكشفت وثائق بريطانية سرية عن محاولات لعقد اجتماع مع الهضيبى وعقدت بالفعل اجتماعات مع أحد مستشاريه، وهو ما يثبت أنهم علنا كانوا يعلنون الجهاد ضد الإنجليز وسرا يلتقون بهم، ووفقا للخارجية البريطانية فإن هذه الفترة شهدت تلقى الإخوان رشاوى ضخمة من الحكومة المصرية من أجل عدم إجرائهم أعمال عنف ضد النظام.
 وتعتبر لندن بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين بفرعيها المصرى والتنظيم الدولى العاصمة الثالثة لهم، بعد ألمانيا وسويسرا على مدار عقود، ولكنها فى نفس الوقت تعد المركز المالى لجميع أنشطة التنظيم على مستوى العالم. وكشفت مصادر أمنية أن التنظيم الدولى للإخوان نقل استثماراته على مدى الأيام الماضية من لندن وعدد من الاستثمارات الأخرى من تركيا إلى أمريكا اللاتينية، وأن عددا من قيادات التنظيم الدولى عقدوا اجتماعا مؤخرا تواجد به عدد من قيادات التنظيم الدولى للإخوان على رأسهم يوسف ندا وإبراهيم منير، وكان الاجتماع هدفه نقل استثمارات الإخوان من بريطانيا إلى عدد من الدول الأخرى، إضافة إلى نقل قيادات من تنظيم الإخوان إلى أمريكا اللاتينية، وبالأخص الأورجواى، والتى زارها حسن مالك على مدى الأيام الماضية، هى وجزر الباهاما ثلاث مرات، إضافة إلى أنه قام بنقل جزء كبير خلال الفترة الماضية إلى بنك يوسف ندا وشريكه غالب همت.