«داعش» تهدد بهدم الكعبة إذا نجحت فى غزو السعودية!

صبحى شبانة
تأخذ الأوضاع على حدود دول الخليج مع العراق وسوريا أشكالا أكثر تعقيدا مع مرور الوقت، فالحرب الأهلية التى استعرت فى العراق بسبب سياسات نورى المالكى الطائفية آخذة فى التصاعد بشكل يهدد انتقالها إلى الدول المجاورة، والحرب الطاحنة فى سوريا التى أتت على مقدرات الشعب السورى وعادت بحاضرة العرب، ودولة الأمويين إلى عصور ماقبل الحضارة، ترمى بشررها فى اتجاهات عديدة وبعيدة، قد تطول بعض الدول التى تظن أن خيوط الحرب بيدها تحركها كيفما شاءت ومتى شاءت.
داعش المنتشية بانتصارات محدودة فى العراق، أغلب الظن أنها معنوية أكثر منها عسكرية تهدد الخليج، وتقول إنها إذا ما استتبت لها الأوضاع ونجحت فى غزو السعودية بعدما تفرغ من العراق والأردن، فإنها ستقوم بهدم الكعبة لأنها باتت تعبد من دون الله، ووفقا لأبو تراب المقدسى أحد قادة داعش الذى قال فى حسابه على تويتر: إن الناس يتمسحون بأحجار الكعبة، وليس تعبدا لله، لذا وجب الهدم.
داعش أو بالأحرى فقاعة داعش ماهى إلا صنيعة للحلف الإيرانى الأمريكى التركى الذى أناط بها تنفيذ السياسات الأمريكية فى المنطقة بعد فشل ثورات الربيع العربى، التى قامت بها تنظيمات دربتها المخابرات الأمريكية لسنوات طويلة لخلخلة الأنظمة العربية، واستباحة بلدانها للسيطرة على ثرواتها، وفى مقدمتها النفط حتى تحكم السيطرة على العالم، مستلهمة النظرية التى دعا إليها مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق الدكتور زبيجنيو بريجنيسكى ونشرها فى كتابه «خارج نطاق السيطرة» الذى صدر مطلع التسعينيات من القرن الماضى «إن السيطرة على مصادر الطاقة فى منطقة الخليج تعنى السيطرة على العالم».
الحلف الأمريكى التركى الإيرانى الذى تشكل منذ قدوم أردوغان إلى السلطة فى تركيا والذى أعلن عنه صراحة وإن جاء الإعلان متأخرا فى العاصمة التركية أنقرة يوم 9 يونيو الماضى بسبب فشل السياسة الأمريكية التى استثمرت فى تنظيم الإخوان لينوب عنها فى تفكيك الدول العربية، وتفتيتها، وقطرنتها، أى قبل يوم واحد فقط من الدفع بداعش للدخول فى حرب طائفية فى العراق، تربك بها المشهد بكامله فى المنطقة، وتبث الرعب فى دول الخليج المجاورة، وتكون إيذانا بمواجهة الحلف الجديد الذى يتشكل فى المنطقة والمكون من السعودية والإمارات ومصر والأردن والعراق بعد إزاحة نظام نورى المالكى الطائفى، هذا الحلف الذى يمتلك من القدرات التى تمكنه من أن يكون فى موقف رادع، وأكثر من ند للحلف الذى تقوده أمريكا التى فقدت وجودها وهيبتها وشرعيتها فى المنطقة بعدما أفصحت عن مخططاتها الاستعمارية الدموية للقضاء على الدول العربية القوية لكنها فشلت فى مصر والسعودية.
أمريكا التى فشلت فى العراق بعد أن خاضت حربا أسقطت فيها نظام صدام حسين، وسرحت الجيش العراقى، ثم سلمت العراق إلى إيران لتحولها إلى دولة طائفية تحت حكم رئيس الوزراء الشيعى نورى المالكى الذى دخل العراق على ظهر الدبابات الأمريكية بعد أن كان ناشطا سياسيا وفق الإرادة الأمريكية، ارتأت إدارة أوباما بعد فشل مشروعها فى المنطقة إثر سقوط حكم التنظيم الدولى للإخوان فى مصر وليبيا، وتعثره فى سوريا وتونس، وعدم نجاحه فى اليمن، أن تعود إلى البوابة العراقية من جديد ولكن بطريقة تتفق والأوضاع السائدة فى المنطقة، أى باستغلال التنظيمات الدينية الأكثر تطرفا لتهدد بها أمن الخليج وأنظمته بالطريقة التى تمكنها من إحكام سيطرتها على منابع النفط الذى يشكل الهم الأكبر فى صيرورة الحياة الأمريكية والغربية.
هذه الأوضاع المتردية فى المشرق العربى والتى تشير إلى أن داعش التى تسيطر على مناطق واسعة فى شمال وغرب العراق، باتجاه العاصمة بغداد، وعلى مقربة من الحدود مع كل من سوريا والأردن والسعودية لها دور مرسوم بعناية من أطراف دولية تتربص بالمنطقة، هذه الأوضاع المتسارعة، حدت بالعاهل السعودى، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأن يصدر أوامره إلى الأجهزة الأمنية فى المملكة العربية السعودية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتصدى لأى أعمال إرهابية محتملة، على خلفية تفاقم الأوضاع الأمنية فى عدد من دول المنطقة، وجاء فى البيان الصادر عن الديوان الملكى، «أنه بناءً على الأحداث الجارية فى المنطقة، وخاصةً فى العراق، فقد درس مجلس الأمن الوطنى، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.. مجريات الأحداث وتداعياتها»، وتابع البيان أنه «حرصاً من خادم الحرمين الشريفين على حماية الأمن الوطنى للمملكة العربية السعودية، مما قد تلجأ إليه المنظمات الإرهابية أو غيرها، من أعمال قد تخل بأمن الوطن، فقد أمر باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مكتسبات الوطن وأراضيه، وأمن واستقرار الشعب السعودى».
تدرك المملكة العربية السعودية أن الغرب يستخدم داعش كإحدى الآليات لتمرير مخططاته فى المنطقة، وأن داعش لن تكون آخر التظيمات الدينية الإرهابية التى يمتطيها ويجندها الغرب لمعاودة رسم وتنفيذ استراتيجيته وخططه التآمرية المحيقة بدول الخليج، فكما أن أمريكا ضمت فى حلفها تركيا السنية فإنها فى المقابل لا تستغنى عن إيران الشيعية التى تدعوها بالشيطان الأكبر، أمريكا تستخدم المتناقضات والحيل وعاطفة العرب الجياشة تجاه تنظيمات كنا فى السابق نظنها إسلامية، لكنها وللأسف أسفرت عن وجهها السياسى القبيح، لذا يعى مهندسو السياسة السعودية أن الحلف الشيطانى الأمريكى التركى الإيرانى تداعى رغم اختلاف عقائده ومآربه على المنطقة ظنا منه أنه سيظفر بثرواتها النفطية، أو يحولها إلى فضاءات تملأها الفوضى الخلاقة حسب النظرية الأمريكية، يقينا أن السعودية اليوم مختلفة تماما عما كانت عليه مطلع تسعينيات القرن الماضى، فهى لديها من الجيوش ما يشكل لها درعا وسيف يحميها من توغل داعش وإخواتها ومن يدعمون مثل هذه التنظيمات الإرهابية من قوى إقليمية ودولية متربصة باغية.
الأوضاع فى العراق آخذة فى التشكل، والسعودية ومصر على مرمى البصر تراقبان، تحللان، وفى النهاية الأمن القومى العربى سيفرض نفسه، سيتخندق العرب دفاعا عن الهوية والوجود، عن الثروة فى الخليج، والثورة فى مصر، لاشك أن الأمن القومى العربى فى خطر، هذا أصبح من المسلمات فى زمن تتهيأ فيه الأرض لتكون مسرحا لحرب عالمية ثالثة طاحنة، تجرنا إليها أمريكا التى تبحث عن نفسها، عن زمنها الضائع، عن قوتها العظمى التى انهارت فجر 30 يونيو، لكن من المؤكد أقولها وكلى ثقة إن السعودية ومصر يمتلكان قوة رادعة لا تستطيع أية قوة مواجهتها، لذا تحاول أمريكا ومن يتحالف معها من دول إقليمية طامعة حاقدة إنهاك الدول والشعوب العربية بتلك التنظيمات الإرهابية المستباحة التى تتاجر بالأرض والعرض والدين.
من الضرورى وقبل فوات الأوان أن نقضى على مواطن الخلل فينا، أن نقضى على هذه الجماعات والتنظيمات التى تعيش بداخلنا، تستنشق هواءنا لتنفثه سموما فى صدورنا لتقتلنا، أنا أعلم أن كل محاولات المصارحة والمصالحة والمراجعة والإتابة التى قامت بها الحكومتان المصرية والسعودية على مدى أكثر من عقدين كلها باءت بالفشل، بل استخدمتها تلك التنظيمات كاستراحة حرب، أو هدنة، لتعود بعدها من جديد أشد عنفا وإرهابا وضراوة وفتكا وحنقا على المجتمع، ولن تجدى أية محاولات أخرى قادمة، لذا أنا على يقين أنه لن ينفع مع دعاة التطرف وفلوله، والمنضويين تحت ألوية هذه التنظيمات الإرهابية المارقة إلا علاج واحد، ودواء واحد وهو دواء النار، وعلى الحكومات التى تريد أن تستنهض قواها وتستجمع إرادتها لما هو أخطر، أن تمارس وتجرب دواء النار، فلا مكان لإرهابى متطرف فى دولة ترفع لواء الإسلام وتمارس شعائره وتطبق شريعته.