خبراء سياسيون أكدوا أن أخطر ما يتعرض له قطاع غزة هو المزايدة السياسية قوافل المتاجرة بالقضية الفلسطينية لن تمر بـ«الابتزاز»

شوقى عصام
لن يستطيع أحد المزايدة على دور مصر تجاه القضية الفلسطينية، فهى حاضرة من قبل عام 1948 حتى الآن، وستظل إلى أن يحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة.
ولذلك؛ فإن القاهرة ترحب بكل دور أو مسعى يحمل أهدافًا لصالح القضية، ولرفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية, دون القبول بأى مخطط قد يحمل فى طياته مزايدة سياسية أو يذهب إلى «الخط الأحمر» المتعلق بمؤامرات «تهجير الفلسطينيين» من أرضهم التى يتمسكون بها ويثبتون جذورهم فيها بدمائهم.
ولن يمر على أحد، ما فى باطن قوافل «المتاجرة» التى لا يهمها الفلسطينيين؛ ولكن يهمها تحقيق الأهداف السياسية للمشغلين، وهو ما وضح مؤخرًا مع ادعاءات تحرك قافلة لفك الحصار عن غزة، دون أى تنسيق مع الدول العربية التى ستمر منها القافلة، فالنية ليست صحيحية والغرض هو المزايدة، وما خُفِى كان أعظم.
خبراء وباحثون سياسيون قالوا، إن «القافلة» التى أرادت الوصول إلى معبر رفح بحجة فك الحصار دون القيام بأقل إجراء، وهو الحصول على تأشيرة دخول للبلاد، يوضح أن من بين صفوفها مَن يؤدون أدوارًا «خفية» على حساب معاناة الفلسطينيين، وأن القافلة حملت رسائل لا تخلو من الرغبة فى الفوز بمكاسب سياسية على حساب القضية الفلسطينية.
وقدموا عبر «روزاليوسف» مجموعة من الطرُق القانونية الأكثر فاعلية لدعم أهل غزة وفك الحصار وإدخال المساعدات دون أن يتحرك أفراد القافلة من بلدانهم، ومنها الذهاب إلى مبانى السفارة الأمريكية فى عواصمهم؛ لنقل رسالة إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بضرورة الضغط على تل أبيب للسماح بإدخال المساعدات الحاضرة بالفعل فى المعبر من الجانب المصرى، بينما تمنع إسرائيل دخولها.
يرى الدكتور محمد عبدالعظيم الشيمى،أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، أن أسوأ وأخطر ما يتعرض له الشعب الفلسطينى، هو مَن يزايدون على قضيته ويعملون على المتاجرة بها أو يجعلون أنفسهم جسرًا لتنفيذ مخطط يضر أهالى قطاع غزة.
وأوضح «الشيمى»، أن مثل هذه القوافل عندما يكون دورها إنسانيًا غير مسيس، وتهدف إلى توصيل صوت الشعب الفلسطينى وبعث رسائل تضامنية وكسر الحصار وتحقيق حالة من الضغط السياسى على الحكومات الداعمة سياسيًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا للكيان الصهيونى، ورفع معنويات الشعب الفلسطينى؛ فإن ذلك لا بُد أن يكون منسقًا مع جميع الجهات، وفى إطار احترام القوانين والإجراءات، حتى لا يتم استغلال المبادرة من أى أطراف معادية؛ خصوصًا الجانب الآخر الإسرائيلى.
واستكمل «الشيمى» قائلًا: إن أى تحرك على المستوى السياسى له أهداف، منها ما هو معلن وما هو خفى. مشيرًا إلى أن المعلن هو تحريك الرأى العام، وفى هذه القافلة كان غير المعلن هو تحقيق أهداف حركات تتكسب سياسيًا على حساب الوضع الإنسانى لأهل القطاع، وهو ما وضح من عدم التنسيق مع السلطات المصرية التى تعمل وفق قوانين وإجراءات تحكم دخول أراضيها، وهو أمرٌ معلوم للجميع مثل أى دولة فى العالم.
ولم يستبعد «الشيمى» استخدام القافلة كأداة من أجل الضغط لتنفيذ مخطط التهجير القصرى، وذلك من خلال الذهاب إلى نقطة حدودية تستهدف إحداث انفلات مخطط، وأكد أن المخاوف كانت حاضرة، مثل كثيرين، من هذه القافلة التى تتخذ شكلاً «إنسانيًا» لكنها ضد الفلسطينيين وضد استمرار وجودهم فى أرضهم التى يتمسكون بها؛ لاسيما أن محاولات فرض مخطط التهجير من جانب إسرائيل قائم علنًا من جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
ومن الأرض الفلسطينية، تقول الدكتورة تمارا حداد، الباحثة السياسية: إن أى مبادرة بغض النظر عن طبيعتها، لو كان هدفها إنسانيًا بحتًا ومن أجل الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات؛ فهذا شىء إيجابى جدًا، لكن يجب أن تكون الأدوات والأسلوب والسلوك ضمن المسار الصحيح. وتفسّر «حداد» المسار الصحيح فى عدة أطر، فى صدارتها أن يكون القيام بهذه المهمة «الإنسانية» دون مزايدات أو الرهان على افتعال أزمة مع احترام قوانين الدول؛ حيث لا يستطيع أحد أن يدخل أى بلد دون أن يحمل تأشيرة دخول (فيزا) أو تصريحًا أمنيًا، أو موافقة الدولة ليتسنى له الدخول بشكل رسمى وقانونى.
وتؤكد «حداد»، أن الإطار القانونى للزائر حتى لو كان بغرض نبيل إنسانى أمرٌ طبيعىٌ، وفى كل بلدان العالم فإن أى شخص يدخل دولة لا بُدّ أن يحمل إما تأشيرة أو تصريحًا ليكون وجوده قانونيًا، لكن تلك القافلة كان بها عدد كبير ممن لا يحملون أى وثيقة تسمح بالدخول، وبالتالى فإن طبيعة حضورهم ليس منطقيًا مع الهدف المعلن، وهو محاولة فك الحصار، ولا بُد أن لهم هدفًا آخر.
وأشارت «حداد»، إلى أن كل ما تعلق بتحرك ما سُمّى بـ«القافلة» وعدم التزامها؛ أحيط بشبهات، منها العمل على الزعزعة وبث الفتن والتدبير لمشهد أن مصر هى التى تقوم بالحصار، على عكس الحقيقة الواضحة لأهل غزة، قبل أن يكون ذلك معروفًا للعالم أجمع، فى حين أن مَن يحاصر أهل قطاع غزة معروف، فهو ليس مصر أو الأردن أو ليبيا؛ وإنما سلطة الاحتلال الإسرائيلى الذى يتمسك ويرهن إدخال المساعدات بأهدافه فى غزة، وفى صدارة ذلك تغيير الطبيعة الديموجرافية الفلسطينية فى القطاع، بحسب رؤية اليمين الإسرائيلى المتشدد.
وبحسب «حداد»؛ فإن القافلة متخبطة بالادعاء أنها جاءت لتقديم المساعدات فى وقت لم يظهر ما تحمله من مواد إغاثة حقيقة، فضلاً عن أن الأزمة ليست فى توافر المواد الإغاثية التى هى فى الأساس متواجدة فى المَعبر وترفض إسرائيل إدخالها من ناحيتها.
وتابعت «حداد»: إن المشكلة ليست فى مصر وليست فى المَعبر؛ الأزمة أن إسرائيل لا تريد إدخال المساعدات لأنها تستخدم ذلك للضغط على حركة حماس حتى تسلم الرهائن والقضاء على حكمها فى غزة.
لافتة إلى أن هذه القافلة لو كانت أرادت بالفعل الذهاب إلى الطريق الصحيح لفك الحصار؛ لوقف مَن تحركوا بها، أمام مبانى السفارة الأمريكية فى عواصمهم؛ لنقل رسالة إلى الرئيس الأمريكى ترامب؛ بضرورة الضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات الحاضرة بالفعل وتمنع تل أبيب دخولها، أمّا أسلوب قوافل «المزايدة السياسية» فهى للأسف لا تحمل مساعدات للغزاويين؛ لكنها تحمل أهدافًا أخرى، ليست فى صالح الفلسطينيين.
وأفادت «حداد»، أنه لا بُد لأى مبادرة إنسانية أن تتخذ الخطوات الصحيحة وأن يكون هدفها فعلاً إنسانيًا للضغط على الطرف الإسرائيلى ومَن وراءه لفك الحصار، ومَن يريد الضغط على إسرائيل أيضًا؛ لديه مسار مهم يستطيع القيام به وسيكون له صدًى واسع عبر اتباع البعد القانونى عبر مَحكمة العدل الدولية ومَحكمة الجنايات الدولية.