الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صراع الطاقة يرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط

كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز المصرى للدراسات الاستراتيجية  أعدها المهندس أحمد سلطان رئيس لجنة الطاقة بنقابة المهندسين عن تطورات الصراع في منطقة الشرق الأوسط وكيف أن الطاقة تلعب دورا مهما فى توازن القوى.



وأكد سلطان فى الدراسة أن  مصادر الطاقة  تلعب دورًا رئيسيًا في توازن القوى والمصالح الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يخلق مجالًا حافزًا للتنافس على هذه المصادر، وعلى وجه الخصوص (النفط الخام والغاز الطبيعى)، وخاصةً في المواقع التي تتقاطع عندها المصالح والأهداف الإقليمية والدولية المتعلقة بالاستحواذ على مصادر الطاقة في المنطقة، وهو ما يمثل أهم العوامل المؤثرة فى رسم خريطة التنافس على مصادر الطاقة (النفط والغاز الطبيعى) في منطقة الشرق الأوسط؛ ما ينعكس على إعادة صياغة السياسات الاستراتيجيّة لدى أطراف التنافس وفق ما بات يُعرف بمصطلح (جغرافيا الطاقة)، وهو مصطلح يقصد به دراسة موارد الطاقة من حيث خصائصها وتنوعها وتوزيعها الجغرافي على مستوى العالم وعلى مستوى الوحدات السياسية.

 

النفط الخام والغاز الطبيعى 

وأشار رئيس لجنة الطاقة إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعتمد بشكل واضح على النفط الخام والغاز الطبيعي، مصدرًا رئيسيًا للطاقة والإيرادات الضخمة؛ حيث تضم المنطقة أكبر احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي على مستوى العالم، وعليه تُشكل الطاقة الهيكل الأساسي لاقتصادات العديد من دول منطقة الشرق الأوسط والتي تأتي على رأسها الممكلة العربية السعودية.

 وبالتالى لعبت إيرادات صناعة الطاقة دورًا مهمًا في تطوير البنية التحتية والنمو الاقتصادي للعديد من دول الشرق الأوسط. ورغم وفرة موارد الطاقة بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط، فإن العديد من الدول تواجه تحديات ضخمة في صناعة الطاقة، إذ أدى النمو السكاني والتحضر السريع في منطقة الشرق الأوسط إلى زيادة الطلب على الطاقة؛ حيث إنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة الأولية في المنطقة بنسبة حوالي 56 % وذلك بحلول عام 2040، مع توقع تضاعف الطلب على استهلاك الكهرباء.

دفع عجلة التقدم والتطور 

تعد الطاقة ركيزة أساسية للتنمية البشرية، فهي المحرك الذي يدفع عجلة التقدم والتطور، ومع ذلك، فإن التفاوت في الوصول إلى الطاقة يمثل تحديًا كبيرًا يهدد تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ ما يستدعى بذل جهود مضاعفة لتوفير الطاقة بأسعار معقولة وبشكل مستدام للجميع.

 لقد شكل التفاوت في الوصول إلى الطاقة محركًا رئيسيًا للتفاوتات الاقتصادية العالمية منذ الثورة الصناعية؛ حيث أسهم في تعزيز التبادل التجاري بين الدول، وفي الوقت نفسه، أدى إلى زيادة التنافس على الموارد الطاقوية وتشكل تحالفات جديدة؛ ما جعل من الأمن الطاقوي قضية مركزية في العلاقات الدولية.

تعتبر منطقة الشرق الأوسط، بمساحتها الشاسعة وتنوع تضاريسها، موطنًا لأكبر احتياطيات نفطية وغازية في العالم، هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي والثروات الطبيعية الهائلة جعلا المنطقة مركزًا للصراع والتنافس الدولى، كما شكلا ركيزة أساسية للاقتصادات العربية. إن التحديات الأمنية والسياسية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب التغيرات المناخية والضغوط البيئية، قد أدت إلى تفاقم مشكلة أمن الطاقة في المنطقة. ولتجاوز هذه التحديات، تسعى الدول إلى تنويع مصادر الطاقة والاستثمار في التقنيات النظيفة؛ ما يتطلب تعاونًا دوليًا لضمان إمدادات الطاقة المستدامة والموثوقة.

الفجوة بين الإمكانات والاحتياجات 

رغم الجهود التي تبذلها دول المنطقة لتطوير قطاع الطاقة المتجددة، فإن الفجوة بين الإمكانات المتاحة والاحتياجات المتزايدة لا تزال كبيرة. وتواجه هذه المشاريع تحديات عديدة، مثل ارتفاع التكاليف ونقص الخبرات؛ مما يستدعي مزيدًا من الدعم الحكومي والاستثمارات الخاصة لتحقيق أهداف التحول نحو اقتصاد أخضر مستدام. رغم الجهود المبذولة لتنويع مصادر الطاقة، فلا يزال الغاز الطبيعي يشكل العمود الفقري لمزيج الطاقة في منطقة الشرق الأوسط. وقد أدت الأحداث الجيوسياسية الأخيرة، مثل الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعيات الحرب على غزة، إلى تعزيز هذا الاتجاه؛ حيث من المتوقع أن يشهد الإنتاج الإقليمي من الغاز الطبيعي نموًا ملحوظًا في السنوات المقبلة؛ ما يؤخر تحقيق أهداف التحول الطاقوي. ويشهد قطاع الطاقة تحولًا جذريًا؛ حيث من المتوقع أن تنخفض سعة الطاقة التي تعمل بالنفط بنسبة كبيرة بحلول عام 2030. ويعود ذلك إلى التفضيل المتزايد للغاز الطبيعي كوقود انتقالي، مدفوعًا بالجهود العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية والتحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.

التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط 

تاريخيًا أدى الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة الأحفورية إلى العديد من التحديات التي تواجه دول منطقة الشرق الأوسط وبالأخص دول المنبع النفطي، بما في ذلك ارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة مع التقلبات الحادة والمتغيرة في أسعار النفط الخام خلال السنوات الأخيرة (حالات عدم التوازن مع عدم الوصول إلى نقطة التوازن الإنتاجي)، علاوة على ذلك التدهور الواضح في الوضع البيئي المتدهور. وهو الأمر الذي من شأنه زيادة الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة وضرورة العمل على تطوير مصادر الطاقة البديلة المختلفة.

في هذا السياق، تُثار عدة تساؤلات؛ أهمها: ما التحديات الحالية التي تواجه قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط؟ وماذا يحمل المستقبل من فرص تُسهم في التغلب على هذه التحديات بما يعزز ويدعم إمكانيات قطاع الطاقة؟ وكيف يمكن أن يُسهم التعاون الإقليمي في التغلب على تلك التحديات وتعظيم الاستفادة من فرص نمو قطاع الطاقة وموارد الطاقة الضخمة في المنطقة؟

مصادر الطاقة النظيفة 

تواجه منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات للتحول والانتقال الناجح في مجال الطاقة من خلال استخدام مصادر الطاقة النظيفة، ورغم توافر الموارد الطبيعية المتجددة في المنطقة (بشكل ضخم)، فإن استغلال مصادر الطاقة البديلة لا يزال غير مستغل بالشكل الأمثل. وعليه، من الضروري تحديد ومعالجة المدخلات الرئيسية التي تُسهم في التحول دون تطوير تلك الموارد الطبيعية بشكل أكبر في منطقة الشرق الأوسط. أمام ما تقدم، يواجه الانتقال إلى نظام طاقة منخفض الكربون ومستدام في منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات، والتي من ضمنها النقص الشديد في التمويل والبنية التحتية المصاحبة لهذا التحول، وضعف الإطار التنظيمي والمؤسسي اللازم، بالإضافة إلى الاعتماد الكبير على الطاقة الأحفورية كمصدر رئيس للطاقة والدخل، وزيادة الطلب على الطاقة، وتعرض الاقتصاد للصدمات الخارجية مثل تذبذب أسعار النفط الخام، بالإضافة إلى الصراعات الجيوسياسية والأزمات التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط والعالم في السنوات الأخيرة (بالأخص في دول منبع). هذا فضلًا عن تزايد مستويات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والآثار الناجمة عن التغيرات المناخية الحادة.