السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حزام الحكومة!

حزام الحكومة!
حزام الحكومة!


 
ولأننى مواطن مسالم لا يهوى شغل اللبط.. يسمع كلام الحكومة ويمشى بجوار الحيط.. فإننى أعلن بالصوت الحيانى عن استعدادى التام لتنفيذ شعار المرحلة بربط الأحزمة.. على اعتبار أننا نعانى الأزمة الاقتصادية التى تعصف تماما بالاقتصاد المريض الذى هو فى حاجة لقبلة الحياة. وقد أفتى الخبراء أن ربط الحزام هو الحل المثالى والمختصر لتجاوز الأزمة..!
 
ربط الحزام يعنى أن نستهلك على القد.. ونوفر فى الغذاء والطاقة.. وأن نؤجل أحلامنا المتواضعة.. وأن ننسى تماما مسائل العدل الاجتماعى والحد الأدنى للأجور.. إلى ما بعد تجاوز الأزمة.
 
الخيبة أن الدولة تغير من سياساتها مع الموضة.. فلا تستقر على حال.. وزمان طالبتنا الدولة الاشتراكية بربط الأحزمة تمهيدا للإقلاع نحو عالم الرضا والمساواة.. وبعد سنوات طويلة.. اكتشفت الدولة أنها تسير فى الطريق الخاطئ.. فقررت سياسة الباب المفتوح والاقتصاد المختلط.. فطالبتنا نحن الرعية الذين يسمعون الكلام بربط الأحزمة استعدادا لدخول المرحلة الجديدة.. ثم تراجعت الدولة من جديد بعد أن اكتشفت أن عصر الخصخصة هو الحل وهو قصد السبيل.. فطالبتنا بربط الأحزمة من جديد.. والآن تستعد الدولة لمرحلة ما بعد الخصخصة التى تراجعت عنها.. وتطالبنا بربط الحزام مرة أخرى!
 
أقول إن الدولة تغير من سياساتها باستمرار.. بشرط أن يربط المواطن الحزام فى كل مرحلة من مراحل التغيير.. والله العظيم أننا لا نمانع.. لكننا لا نستطيع فعلا.. وقد أصابتنا العقد والكلاكيع.. ونحن نلتزم بسياسات الحزام المربوط.. فى حين أن المحظوظين والمسنودين يدركون قواعد اللعبة مبكرا.. فيلعبون لحسابهم وينضمون بالتالى لطبقة المليونيرات التى تعانى أمراض التخمة.. ولا تعرف أبدا العقد والكلاكيع والهلاوس النفسية التى يصاب بها نصف الشعب المصرى الذى يرزح تحت خط الفقر المصرى والعالمى..!
 
التقارير العلمية الصادرة عن جمعيات الطب النفسى العالمية تؤكد أن حوالى نصف الشعب المصرى يعانون الأزمة النفسية وأسبابها البطالة والتلوث البيئى والزحام.. ونضيف من عندنا أسبابًا أخرى هى أزمة الإسكان وأزمة الضمير والغلاء الفاحش وتدهور الأحوال المعيشية.. والعين البصيرة واليد القصيرة!
 
المصيبة الحقيقية التى تؤكدها جمعيات الطب النفسى.. أن التلاميذ أيضا يصابون بالمرض النفسى.. وقد أكدت التقارير أن 15 فى المائة من تلاميذ مصر مصابون بالمرض النفسى.. بسبب ضغوط المجتمع.. وإلحاح بابا وماما من أجل المذاكرة والتفوق.. فى ظل منافسة غير إنسانية.. وغياب الدور التعليمى للمدرسة.. والمدرس الطفشان خارج قاعات الدرس والمتفرغ تماما للدروس الخصوصية!
 
وفى بلاد الخواجات.. التلميذ الذى يحصل على 70 فى المائة من الدرجات.. يعد من العباقرة المتفوقين.. أما عندنا فالأحوال تختلف.. والتلميذ الذى يحصل على 95 فى المائة لن يتمكن من الالتحاق بكليات الطب والهندسة والصيدلة والاقتصاد.. بما يعنى أن أغلب التلاميذ يشعرون مبكرا بالعجز والخيبة.. وقد اجتهدوا كثيرا دون أن يحققوا أهدافهم.. ودون أن يتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعى.. ودون أن يمارسوا اللعب والشقاوة.
 
ولعل الأزمة- أزمة الأمراض النفسية والعقد والكلاكيع- هى السبب الحقيقى وراء تخصيص يوم 7 أبريل من كل عام.. ليكون يوما عالميا للصحة النفسية.. والتى لم نحتفل بها فى مصر.. رغم وجود 50 فى المائة من مجموع الشعب يعانون العقد والكلاكيع، والخيبة أنهم لايتذمرون.. وصابرون صبرا يذهل الخبراء فى مصر وفى العالم.
 
ومع ذلك يخرج علينا من يطالب بضرورة تحمل المسئولية وربط الحزام لتجاوز الأزمة الاقتصادية التى نتحمل وحدنا تبعاتها ونتائجها.. رغم أننا لسنا المسئولين عنها.. والمسئول الأول هو الحكومات المتعاقبة التى لم تربط الحزام أبدا.