الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى الذكرى الـ23.. 11 سبتمبر كيف تغير وجه العالم؟

فى الساعة 3:14 مساءً بتوقيت نيويورك، استيقظ العالم يوم 11 سبتمبر 2001 على ما وصفته الخارجية الأمريكية أسوأ هجوم ضد الوطن فى تاريخ الولايات المتحدة؛ حيث اصطدمت طائرتان ببرجىّ مركز التجارة العالمى فى نيويورك بينما اصطدمت طائرة ثالثة بالبنتاجون فى واشنطن، فى حين تحطمت طائرة ثالثة فى ولاية بنسلفانيا. 



ومثلت هجمات 11 سبتمبر التى أدت إلى مقتل 3 آلاف شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين وتسببت فى اندلاع حربين فى العراق وأفغانستان أدتا بدورهما إلى مقتل قرابة نصف مليون مدنى، لحظة فاصلة فى السياسة الأمريكية والعالمية.

 

 لقاء الخصوم

وأقيمت مراسم الذكرى السنوية فى مركز التجارة العالمى؛ حيث التقى هاريس وترامب وجهًا لوجه وتصافحا، وفى بداية الاحتفال، للمرة الثانية خلال ساعات، بعد المناظرة الرئاسية التى جمعتهما ليل الثلاثاء/الأربعاء فى فيلادلفيا، إذ تبادلا هجمات واتهامات حادة.

وزار كل من الرئيس جو بايدن والمرشحان لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترمب وكامالا هاريس، المواقع الثلاثة التى استهدفتها الطائرات بعد اختطافها.

واتجه بايدن، فى آخر ذكرى لـ11 سبتمبر من ولايته ومَسيرته السياسية التى استمرت نصف قرن على الأرجح، مع هاريس لاحقًا إلى احتفالات فى بنسلفانيا ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بينما من المقرر أن يزور ترامب النصب التذكارى الوطنى للرحلة 93 بالقرب من منطقة شانكسفيل الريفية فى بنسلفانيا.

وفى وقت سابق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير «يمكننا فقط تخيل تحطم القلب والألم اللذين شعرت بهما عائلات 11 سبتمبر والناجون منها فى كل يوم على مدى الثلاثة والعشرين عامًا الماضية، وسنتذكر ونقدّر دومًا الذين سُرقوا منّا فى وقت مبكر للغاية».

 وأضافت: «سنواصل فعل كل شىء بمقدورنا لضمان عدم تكرار هجوم مثل هذا أبدًا».

 تحذير.. 11 سبتمبر قد يتكرر

فى الذكرى 23 لهجمات 11 سبتمبر، حذر المجلس الأطلسى، وهو مؤسّسة بحثية ذات طابع استراتيجى تتخذ من واشنطن مقرًا لها، الولايات المتحدة من رد فعل إرهابى محتمل بسبب دعمها لإسرائيل فى الحرب على غزة.

وقال المجلس فى تحليل للكاتبة كريستيان ألكسندر تحت عنوان «فى عصر المنافسة بين القوى العظمى، لا يزال التهديد بوقوع هجمات أخرى مثل هجمات الحادى عشر من سبتمبر يلوح فى الأفق»، وأضافت: إن أقوى حليف لإسرائيل قد يواجه رد فعل إرهابى؛ حيث قدمت واشنطن لها المساعدات العسكرية والدعم السياسى والدعم الدبلوماسى..

ويساهم تصوير الولايات المتحدة باعتبارها ممكّنًا رئيسيًا للأفعال الإسرائيلية فى سرد مفاده أن الولايات المتحدة مسئولة بشكل مباشر عن مقتل ومعاناة الفلسطينيين. وقد أدى هذا إلى تأجيج المشاعر المعادية لأمريكا؛ وبخاصة فى المناطق التى يتم فيها بث صور وقصص الضحايا المدنيين فى غزة على نطاق واسع.

وأوضحت الكاتبة، أن هذه المشاعر لا تقتصر على الشرق الأوسط ولكنها تتردد عالميًا، وتؤثر على المجتمعات المسلمة والمتعاطفين مع الفلسطينيين فى جميع أنحاء العالم.

 إرهاب الداخل الأمريكى

وبعد مرور 23 عامًا على الحدث الذى غيَّر العالم، وهو هجمات 11 سبتمبر الإرهابية التى أطلقت شرارة حروب لا تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن، وفتحت الباب أمام جماعات إرهابية أشد عنفًا وأكثر تطرفًا لأن تنتشر وتتوغل فى شتى بقاع الأرض تحت مسميات مختلفة.

لا شك أن الهجمات المتزامنة التى وقعت صباح الثلاثاء الموافق من 11 سبتمبر 2001 قد قلبت الولايات المتحدة رأسًا على عقب، وغيرت الكثير من السياسات الداخلية والخارجية؛ فقد أطلقت العنان لما يُسمى بـ «الحرب على الإرهاب» لملاحقة تنظيم القاعدة، الذى أعلن مسئوليته عن تلك الهجمات، حتى تحوَّل الآن وبعد مقتل زعيميه أسامة بن لادن ومحمد الظواهرى، جزءًا من الماضى؛ لاسيما مع ظهور جماعات أخرى رفعت راية الإرهاب بعده، أبرزها داعش.

لكن الآن، وبعد أكثر من عقدين على اليوم الأكثر دموية فى تاريخ أمريكا، لم يعد إرهاب القاعدة وخلفائها التهديد الأكبر للولايات المتحدة أو أكثر ما تخشاه، وإن كان لا يزال قائمًا؛ بل ظهر إرهاب الداخل الذى يحمل عباءته ليس أصحاب اللحى الطويلة المنتسبون للإسلام، ولكنْ متطرفون أشد عنفًا ينتمون لأيديولوجيات يمينية متشددة، وأحيانًا قليلة يسارية، تقوم على رفض الآخر ومحاولة إقصائه بالقوة، مما يجعلها فى صدارة التهديدات للأمن القومى الأمريكى فى الوقت الراهن.

فى مارس 2023، رصد تقرير لمكتب المحاسبة الحكومى الأمريكى صعود الإرهاب الداخلى فى الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة، وقال إن على مدار العقد السابق ارتفعت تحقيقات الإرهاب المحلى بنسبة 357 %. ووفقًا لوزارة الأمن الداخلى، كان هناك 231 حادثًا (سواء هجمات أو مخططات لهجمات) تندرج تحت تعريف الإرهاب الداخلى بين عامى 2010 و2021. وقعت هذه الحوادث عبر أنحاء الولايات المتحدة، لكن العدد الأكبر منها كان فى الولايات التى توجد بها مدن كبرى مثل كاليفورنيا (لوس أنجلوس وسان دييجو وسان فرانسيسكو)، ونيويورك وواشنطن.

وعن أسباب هذه الهجمات، قالت وزارة العدل إن 35 % منها كانت دوافعه عرقية أو عنصرية، وكانت هذه الهجمات الأكثر دموية، مثل مقتل خمسة ضباط من الشرطة فى عام 2016 فى حادث ذى دوافع عنصرية، وفى مايو 2022 قتل شخص 10 من السود فى بوفالو بنيويورك. وكانت دوافع التطرف العنيف المناهض للحكومة أو السلطة ثانى أكبر الأسباب للإرهاب المحلى، وأسفر عن مقتل 15 شخصًا. بينما كانت هناك حوادث إرهاب داخلى أخرى مرتبطة بالإجهاض وحقوق الحيوان وغيرهما.

 الإرهاب المحلى

بعد سنوات بدا فيها الإرهاب المحلى أزمة تختمر ببطء، جاءت محاولة اغتيال الرئيس السابق والمرشح الجمهورى فى انتخابات الرئاسة الحالية لتجعل المشكلة فى صدارة المشهد السياسى الأمريكى أحدث إطلاق النار على ترامب فى يوليو الماضى صدمة هائلة؛ حيث جاء بعد عقود من اختفاء محاولات الاغتيال السياسى فى الولايات المتحدة، والتى كان أشهرها ما تعرَّض له الرئيس كيندى عام 1963 باغتياله أثناء مرور موكبه فى تكساس.

وقال مكتب التحقيقات الفدرالى FBIأنه يحقّق فى محاولة اغتيال ترامب باعتبارها عملاً إرهابيًا داخليًا محتملاً. وقال مساعد مدير قسم مكافحة الإرهاب فى مكتب التحقيقات الفدرالى روبرت إنهم يحققون فى الواقعة باعتبارها محاولة اغتيال، لكن يحققون فيها أيضًا باعتبارها عملا إرهابيًا داخليًا محتملاً.

رغم الصدمة؛ فإن الأمر لم يكن مفاجئًا. فقبل أشهُر من واقعة إطلاق النار على ترامب، تعالت الأصوات المحذرة من مشكلة الإرهاب المحلى مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

ونشر مركز صوفان للتحليلات الاستخباراتية والأمنية تقريرًا فى يناير 2024، قال فيه إن الإرهاب المحلى يظل مبعث قلق كبير مع اقتراب الانتخابات؛ لاسيما أن أحداث اقتحام الكونجرس فى يناير 2021 لا تزال حاضرة بقوة فى الأذهان كونها مرتبطة بنتيجة انتخابات نوفمبر 2020.

وأشار التقرير إلى أن الإيديولوجيات اليمينية المتطرفة تمثل التيار السائد للإرهاب الداخلى فى الولايات المتحدة؛ حيث كان التطرف العنيف ذو الدافع العرقية والعنصرية مسئولاً عن العدد الأكبر من حوادث الإهاب المحلى. ووجد التقرير أن المحاربين القدامى بالجيش الأمريكى كانوا أكثر عرضة واحتمالا للمشاركة مع جماعات وأنشطة متطرفة مقارنة بالجمهور العام.

ورغم تصاعُد التهديدات القادمة من الداخل، لكن يظل الإرهاب بمفهومه الأوسع تهديدًا يلاحق أمريكا، وهذا ما أكده مقال نشر فى يونيو الماضى فى دورية فورين أفيرز الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى بعنوان «أضواء التحذير من الإرهاب تومض باللون الأحمر مرة أخرى.. أصداء الفترة التى سبقت 11 سبتمبر».

وقال كاتبا المقال، مايكل جى كوريل، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA سابقا، وعالم السياسة الأمريكى غراهام أليسون، إن النوايا المعلنة للجماعات الإرهابية، والقدرات المتنامية التى أظهرتها فى الهجمات الناجحة والفاشلة الأخيرة فى مختلف أنحاء العالم، وحقيقة إحباط العديد من المؤامرات الخطيرة فى الولايات المتحدة، تشير إلى نتيجة غير مريحة ولكن لا مفر منها، وهى ببساطة أن الولايات المتحدة تواجه تهديدًا خطيرًا بحدوث هجوم إرهابى فى الأشهُر المقبلة.