الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السعودية تنجح فى مد جسور التواصل بين الشعوب عبر دبلوماسية الحج

لم يعد الحج شعيرة دينية أو فريضة إسلامية مهمة وحسب، بل أضحى فى عهد المملكة العربية السعودية رحلة إيمانية عظيمة ومشوقة، بعد أن وضعت حكومة خادم الحرمين الشريفين خدمة الحجاج على رأس أولوياتها ووضعت حزمة من المبادرات الاستراتيجية بُغية تطوير قطاع الحج ليحقق طموحات رؤية السعودية 2030، وتعتبر حكومة المملكة العربية السعودية موسم الحج فرصة مواتية ومناسبة جيدة لإعادة هندسة علاقاتها الخارجية مع العديد من دول العالم وفق مصالحها الاستراتيجية التى حددت أطرها واهدافها رؤية المملكة 2030، والتى تنسجم وتتماهى مع الروح الجديدة التى أطلقها ولى العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ين عبد العزيز فى شرايين وأوصال المجتمع السعودى والتى بدت فى تحلق والتفاف المجتمع بكل فئاته وأطيافه حول المشروع التنويرى الذى ازداد رسوخا وتأثيرا فى مجتمع ناهض مفعم بالحيوية غالبيته من الشباب دون سن الثلاثين.



 

 

 

يمتد تأثير دبلوماسية الحج إلى معظم دول العالم، فلا تكاد تجد دولة فى عالم اليوم إلا وهى تحتفى بإرسال مسلميها كل عام إلى الأراضى المقدسة لأداء فريضة شعيرة الحج التى لا تختلف المذاهب الفكرية الإسلامية المتنوعة والمتعددة عليها وهؤلاء الحجاج تعدهم السعودية كقوة ناعمة توظفها فى مد جسور التواصل والتآخى مع الشعوب الإسلامية والعربية والأجنبية باختلاف مذاهبها الفقهية والفكرية والعقدية والسياسية والأيديولوجية. 

ويلعب برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين دورا مهما للغاية فى مد جسور التواصل الحضارى والثقافى بين كافة الشعوب الإسلامية بفضل الأعداد الكبيرة التى يتم استضافتها على نفقة خادم الحرمين الشريفين كل عام ويحظون بالعناية الكاملة منذ خروجهم من بلدهم وحتى عودتهم إليها وتأمين جميع احتياجاتهم من ملابس الإحرام للرجال وأغطية رأس للنساء وأحزمة ومظلات واقية وحقيبة طبية وتذاكر سفر ووجبات إفطار وغداء وعشاء ونقل ومواصلات وحافلات على مستوى راقٍ وتقديم هدايا ومصاحف وكتب إسلامية وماء زمزم فضلا عن إعداد برنامج دعوى توعوى يشارك فيه عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والدعاة يشتمل على إلقاء الدروس والمحاضرات والكلمات الوعظية وعقد الندوات والإجابة عن الأسئلة التى يطرحها الضيوف سواء ما يتعلق منها بالحج أو ما يتعلق ببقية الأمور الدينية التى تهمهم كما يتم تأمين الهدى للضيوف ودفع قيمته تخفيفا عنهم ومساعدة لهم فى اتمام حجهم على أكمل وجه، هؤلاء الحجاج يعودون إلى بلدانهم وأوطانهم بعد انتهاء فريضة الحج يحملون ذكريات إيجابية عن كل ما أفضت إليهم به وقدمته إليهم حكومة المملكة التى تقوم على راحة ضيوف الرحمن بكل عناية واهتمام بعد إثراء وتعميق تجربتهم الدينية والروحية، من خلال عكس الصورة الحضارية للمملكة فى خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن. 

وعلى هامش موسم الحج من كل عام يستقبل خادم الحرمين الشريفين فى الديوان الملكى بقصر منى خلال حفل الاستقبال السنوى العديد من الملوك، ورؤساء الدول، ورؤساء الحكومات، ورؤساء الوفود الرسمية وكبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية، ومكاتب شؤون الحجاج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام ووفدوا إلى مكة المكرمة من شتى بقاع الأرض لأداء شعيرة الحج، وتعظم هذه اللقاءات المتكررة كل عام من قوة تأثير المملكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بالإضافة إلى المكانة الدينية التى تتمتع وتنفرد بها المملكة والتى منحتها دورا محوريا عالميا وظفته الدبلوماسية السعودية بمهارة وذكاء وحنكة طيلة اكثر من سبعة عقود فى خدمة الامتين العربية والإسلامية وفض المنازعات بين العديد من الدول الشقيقة والصديقة، على سبيل المثال إنجاز اتفاق مكة بين حركتى فتح وحماس الذى وقع فى 8 فبراير من عام 2007 برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز ونجح فى إنهاء الاقتتال بين الأشقاء الفلسطينيين فى حينه قبل أن ينهار ويتجدد الاقتتال فيما بينهما فى شهر يونيو من نفس العام.

ولقد أسهمت دبلوماسية الحج فى خفض مستويات التوتر وإنهاء الحرب بين دول التحالف والحوثيين بعد حرب دامت لما يقرب من عقد بعد أن شارك وفد رسمى من جماعة الحوثى فى مراسم الحج العام الماضى بناء على دعوة تلقتها جماعة الحوثى من حكومة المملكة، والتى جاءت فى أعقاب المصالحة التاريخية التى جرت بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية بعد وساطة صينية ناجحة، والتى أفضت الى إعادة تبادل فتح السفارتين فى كل من الرياض وطهران، كما نجحت دبلوماسية الحج  قبل المصالحة فى تهدئة التوتر وامتصاص الخلافات والتقليل من حدة الفوضى التى اعتاد الحجاج الإيرانيون فى مواسم الحج كل عام تكرارها بتعمدهم تسييس الحج ورفع شعارات قومية ومذهبية لا تتوافق مع وقار وجلال شعيرة الحج، بالرغم من أن فريضة الحج هى شعيرة دينية جماعية بحتة فى الأصل، إلا أن بعض الحكومات الإيرانية دأبت فى سنوات مضت على تحويل الحج إلى حدث سياسى بعيد كل البعد عن الهدف الدينى الأصلى المتوخى منه.