الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عشر سنوات من البناء عرفنا قيمتها الآن «السفينة» و«الطوفان» للإخوّة علينا واجبٌ نؤديه وللوطن أمنٌ يجب أن نحميه سيناء ليست أرضًا بلا شعب "2"

28 يومًا مَرّت على بدء عملية «طوفان الأقصى» وما بين مَدّ وجَزر.. وكَرّ وفَرّ.. لا تزال أمواج الطوفان المتلاطمة تتلاعب بسفينة المقاومة وخطتها ومستقبل القضية الفلسطينية ككل.. فربما لم تخسر المقاومة الحرب حتى الآن؛ ولكن..



هى أيضًا لم تربح.. والسؤال الآن ربما يكون مكروهًا ولكنه ليس بحرام: 

أعددتم لأنفسكم سفينة وأنفاقًا دفينة وأطلقتم الطوفان فلماذا لم يكن لسكان غزة فى سفينتكم للنجاة مكان؟؟

جئتم بالطوفان ولم يفاجئكم.. وأعددتم سُفنًا تحمى العتاد والمقاتلين وتركتم أهل غزة من النساء والأطفال والمُسنين!!! 

ورُغْمَ ذلك؛ هى خطتكم أنتم أدرَى بها ولا نتمنى إلا أن تؤتى ثمارها وتزيح المحتل بعد أن تنتهى المعركة وينقشع غبارها..

أمّا مصر فهمّكم همّها وعدوكم عدوّها ومَصابكم يؤلم قلبَ كل فرد فى شعبها.. 

ولكن إن كان للإخوّة علينا واجبٌ نؤدية فللوطن أمنٌ وشرفٌ يجب أن نحميه.. 

 

ربما اختلفنا كثيرًا ودارَ الجدل طوال السنوات الماضية حول أهمية وأولويات المشروعات الواجب تنفيذها؛ ولكن أعتقد أن الجميع أدرك لماذا كان الرئيس السيسى يسابق الزمن ويُصرُّ على أن يتم الانتهاء من مشروعات التنمية والتعمير فى وقت قياسى وكان على رأس قائمة أولويات التنمية أغلى قطعة من أرض مصر.. سيناء الأرض التى سبق أن دفعت حصتها من الدماء فى حرب الكرامة..حرب أكتوبر 1973،لنكتشف أن ما كان يتم هو سفينة نجاة تحمى هذه الأرض إذا ما جاء الطوفان.

فإذا ما قمنا بحصر حجم الاستثمارات المنفذة والجارى تنفيذها فى شبه جزيرة سيناء فقط من دون ربط ما يتم فى إقليم قناة السويس، والمنطقة الاقتصادية؛ سنجد أنفسنا أمامَ رقم مذهل بكل المقاييس؛ فقد أنفقت مصر خلال السنوات العشر الماضية ما يزيد على 750 مليار جنيه على مشروعات التنمية بسيناء، ولا تزال تنفق اليومَ على التنمية المتكاملة لها.

أمّا النقطة الأهم من حجم الإنفاق؛ فهى التخطيط الاستراتيچى والرؤية الثاقبة لضرورة إحداث الربط الكامل بين غرب قناة السويس وشرق القناة، أو إقليم القناة، والأكثر إثارة للإعجاب هو كيفية تنفيذ ذلك من خلال رؤية متكاملة للربط بمجموعة من المَحاور التى أصبحت بمثابة شرايين للتنمية، فهى تربط أقصى شرق الجمهورية إلى أقصى غربها، مرورًا بمجموعة من الأنفاق والكبارى.

فتم إنشاء 5 أنفاق أسفل قناة السويس أضيفت للنفق الوحيد الذى كان قائمًا وهو نفق الشهيد أحمد حمدى بالسويس، حتى أصبح لدينا 6 أنفاق، بالإضافة إلى 7 كبارى عائمة، فضلاً عن مجموعة هائلة من شبكات الطرُق التى تم تطويرها فى سيناء التى تتجاوز 3000 كم. تشييد هذه الأنفاق فى زمن قياسى وفى توقيت واحد كان بمثابة مَلحمة بَعد أن قدّرت بيوت الخبرة وشركات عالمية المُدة اللازمة للانتهاء من هذه الأنفاق بـ 15 عامًا، بخلاف إنشاء 7 كبارى عائمة بتكلفة تقدر بنحو مليار جنيه.

 ربط سيناء بالعالم

جهود التنمية تضمّنت كذلك ربط سيناء مع العالم، من خلال تنفيذ ازدواج الممر الملاحى لقناة السويس، وتطوير وإقامة العديد من الموانئ البحرية والجافة، إلى جانب تطوير المطارات،على أرض سيناء، بخلاف إقامة عدد من المطارات الجديدة، منها مطار البردويل الدولى، إلى جانب تنفيذ أعمال التطوير ورفع الكفاءة لعدد آخر من المطارات، من بينها مطار شرم الشيخ الدولى، ومطار سانت كاترين ومطار العريش الدولى الذى يستقبل الآن المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من كل أنحاء العالم ليل نهار.

ولتكتمل منظومة النقل تم العمل على إنشاء مشروع الخَط الأول للقطار الكهربائى السريع (العين السخنة - العلمين - مَرسى مطروح)، بطول 675 كم ويشمل 21 محطة، وخَط السكة الحديد (الفردان - بئر العبد - العريش - رفح) بطول 226 كم، وجارٍ تنفيذ المرحلة الأولى من الفردان حتى بئر العبد بطول 99 كم، ووصلة شرق التفريعة بطول 24 كم.

ولأن الماء هو أهم عنصر فى الحياة حرصت الدولة على أن تضم سيناء أكبر عدد من محطات تحلية مياه الشرب من حيث العدد والحجم؛ حيث تشهد سيناء تنفيذ 12 محطة تحلية؛ سواء جديدة أو شهدت توسعات، منها محطة التحلية برأس سدر والعريش، والشيخ زويد، ودهب، وطابا وشرق بورسعيد، إلى جانب محطة بحيرة البردويل التى تخدم التجمعات هناك. وزادت الرقعة الزراعية بنحو 500 ألف فدان فى ترعة السلام وما يحيط بها.

كما تم تسجيل محطة بحر البقر كأكبر محطة معالجة مياه فى العالم بموسوعة چينيس للأرقام القياسية، كونها تُعَد مَصدرًا مُهمًا لمياه الرى وحلاً فعالاً لدعم الزراعة بمنطقة سيناء.

واستحوذ قطاع التعليم على النسبة الأكبر من إجمالى الاستثمارات بنحو 28.1 %.

وبالنسبة لقطاع الطاقة تمّت زيادة عدد المشتركين الذين تم توصيل التغذية الكهربائية لهم بنسبة 108.7%؛ حيث بلغ عددهم 2.4 مليون مشترك عام 2023، مقارنة بـ 1.15 مليون مشترك عام 2014، فضلاً عن بلوغ استثمارات وتكلفة مشروعات توزيع الكهرباء نحو 7.3 مليار جنيه حتى الآن.

ولأن الدولة لم تنسَ البشرَ فعملت على إنشاء مدن جديدة تم وجارٍ العمل فى بناء وتطوير 6 مدن أبرزها الإسماعيلية الجديدة على مساحة 2.8 ألف فدان، ومدينة سلام مصر بشرق بورسعيد على مساحة 22 ألف فدان، فضلاً عن مدينة بئر العبد الجديدة على مساحة 2.7 ألف فدان.

وفيما يتعلق بالإسكان الاجتماعى وتطوير العشوائيات تم تنفيذ 131.6 ألف وحدة إسكان اجتماعى بتكلفة 23.26 مليار جنيه، كما تم تنفيذ 54.5 ألف وحدة سكنية لتطوير العشوائيات لتصبح سيناء ومدن القناة المصرية خالية من العشوائيات غير الآمنة، بجانب إقامة التجمعات التنموية؛ حيث تم إنشاء 4338 بيتًا بدويًا، علاوة على إنشاء 18 تجمعًا تنمويًا بمحافظتى شمال وجنوب سيناء و17 أخرى جارٍ إنشاؤها.

 بشهادة العالم!

الغريب أن الدول التى تحاول إقناع مصر بقبول تهجير الفلسطينيين فى سيناء وتروّج لفكرة أن سيناء قطع صحراء خالية شهد شاهدٌ من أهلها بكل ما حققته الدولة من إنجازات فى تنمية وتأهيل سيناء لتصبح مكانًا أكثر جاذبية للعيش والعمل.

فقد أشاد برنامج الأمم المتحدة UN-HABITAT بخطة التنمية للرويسات بمدينة شرم الشيخ، والتى تتم بالتعاون بين الأمم المتحدة والحكومة المصرية عن نهج التنمية المجتمعية لتنمية سيناء، والقائم على مؤشرات رئيسية لأهداف التنمية المستدامة.. مشيرًا إلى أنه من شأن هذا التحول أن يجذب المستثمرين والسائحين.

كما رأت مجموعة أكسفورد للأعمال أنه منذ 2014 تحسّنت مصر بشكل كبير فى التقييم العالمى لجودة الطرُق من خلال توسيع شبكة الطرُق القومية وتشييد الأنفاق والجسور؛ خصوصًا تلك التى أسهمت فى ربط شبه جزيرة سيناء بباقى المحافظات.

أكدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على دعمها مشروعات التنمية فى شمال سيناء؛ استجابة لأهداف الحكومة المصرية، من خلال المبادرات المختلفة للتنمية وتحسين الوصول إلى خدمات الصرف الصحى والمياه النظيفة، وتحسين خدمات التغذية والصحة والتعليم.

اعتبر تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة مشروع تنمية محور قناة السويس والذى يقوم على تعظيم الاستفادة من إمكانيات المنطقة وموانئها وإنشاء مناطق صناعية ولوچستية من أهم المشروعات القومية التى تنفذها مصر منذ عام 2014، بالإضافة للأنفاق التى تربط سيناء بباقى أقاليم الدولة لتحويل مصر إلى مركز اقتصادى ولوچستى عالمى، فضلاً عن المشروع القومى لتنمية سيناء والذى يشمل إقامة مُدن سكنية وآلاف الوحدات السكنية فيها وشبكة طرُق ومناطق صناعية ومَزارع سمكية.

 مبدأ النكبة وفخ النكسة!

عندما وقعت النكبة عام 1948 جاء اليهود حاملين الشعار الصهيونى «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، وهو شعار عمّمَه شعبيّاً إسرائيل زانغويل (Israel Zangwill)، وهو كاتب يهودى إنكليزى، كثيرًا ما أشارت إليه الصحافة البريطانيّة على أنه المتحدث بلسان الصهيونيّة، وأحد أوائل منظّمى الحركة الصهيونيّة فى بريطانيا. وعلى مدار عقود كان كل شىء يدور حول عمليات الإجلاء والتى عندما تتعثر كان البديل هو الإبادة الجماعية والتطهير العرقى.

والتاريخ معروف للجميع، إلا أن هناك محطات مرّت دون الوقوف عندها؛ ففى عام 2010 كان هناك جدل كبير حول شعار ظهَر وقتها هو دولتان لشعبين ( فلسطين لليهود والأردن للعرب) ولأن مجرد طرح الفكرة أعاد للأذهان أزمة مطالبة الآلاف من الفلسطينيين المُهَجّرين سابقًا للأردن للمطالبة بحق العودة وبالتالى أغلق الباب قبل أن يفتح فإذا كان المهجرون من قبل لم يتحقق لهم العودة فكيف تستقبل الأردن المزيد وهى تعرف أن هذا ليس لجوءًا مؤقتًا وإنما تهجير!!

يقول فتحى كليب عضو المكتب السياسى للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ((مَهما اختلفت التسميات والمخططات والمشاريع والاتفاقات؛ إلا أن المستهدف دائمًا هو الأرض الفلسطينية التى ستبقى تشكل عنوان المشروع الصهيونى وجوهره، إذ من دون إحكام السيطرة عليها سيظل هذا المشروع عرضة للخطر.. لذلك يجهد قادة الحركة الصهيونية العالمية من أجل تسريع عملية السيطرة على القسم الأكبر من الأرض الفلسطينية؛ خصوصًا تلك التى تحظى بأهمية دينية وتاريخية وفقًا لأساطير ومزاعم وخرافات تلك الحركة)).

ومَهما تغيرت أشكال الصراع منذ النكبة حتى اليوم؛ لكن الطابع الإجلائى الإحلالى ما زال هو الذى يميز الاحتلال الصهيونى عن بقية الاحتلالات التى شهدها التاريخ.

 فهو احتلال لم يكتفِ بالسيطرة على الأرض فقط؛ بل إن أى أرض كان يتم السيطرة عليها بالضرورة أن يرافقها طرد منظم لسكانها. 

وهذا هو ما يفعله نتنياهو الآن، فهو يسعى لانتزاع شرعية ومواطنة الفلسطينيين الذين تبقوا فى وطنهم بعد النكبة، وبالتالى استكمال المشروع الصهيونى التاريخى الهادف إلى تفريغ فلسطين من سكانها العرب تنفيذًا للأكذوبة التاريخية للحركة الصهيونية التى ادّعت «أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» وتطبيق نظرية الوطن البديل.

ولكن لا سيناء أرض بلا شعب ولا الفلسطينيين شعب بلا أرض، فسيناء هى أرض 105 ملايين مصرى وهى حق كل فرد منهم هذا بشكل عام، وبشكل خاص؛ فإن أبناء سيناء رجال من ذهب نباهى بهم وبقبائلهم وأبنائهم وجدودهم وتاريخهم المشرف.

أرض سيناء ليست صحراء قاحلة، فهى شهدت وستشهد فصلاً جديدًا من التنمية والتعمير فى خطة عشرية جديدة تمتد لعام 2030.

والشعب الفلسطينى لديه أرضه التى يحتلها الآن الصهاينة مطاريد أوروبا وآسيا وباقى دول العالم الذين كتب الله عليهم الشتات وإليه مصيرهم ولو بَعد حين.

ولكن اليهود يحاولون تكرار التاريخ وتكرار النكبة والتهجير وتطبيق فكرة الوطن البديل وإعادة إنتاج نفس السيناريو مرّة أخرى.

وللأسف؛ بعض من الدول الناطقة باللغه العربية تسعى بقوة لتحقيق ذلك؛ بل يدفعون ويحرّضون لكى تسقط مصر فى فخ أشبه بفخ 1967.

إلا أن ذلك لن يحدث لعدة أسباب؛ أهمها أن القيادة السياسية استبقت الجميع بما قامت به من استعدادات لمثل هذا اليوم ومنذ عشر سنوات مضت برؤية ثاقبة وعلم بمخططات تسعى للنيل من أمن مصر وسلامة شعبها ووحدة أراضيها، والأمر الثانى أن المعطيات مختلفة؛ فقوة الجيش المصرى الآن لا تقارَن بحاله فى الستينيات؛ فمصر تمتلك القدرة ولكن لا تهدد بها أحدًا.. 

ولذلك؛ فمصر لن تسمح بتكرار تهجير 1948 ولن تقع فى فخ نكسة 1967 ولن تقبل بتصفية قضية فلسطين.