الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

التغنى بالقرآن حلال تلحينه حرام 

حالة من الجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام برزت على الساحة عقب تداول فيديو  للملحن أحمد حجازى يتلو القرآن الكريم على أنغام العود، وفى الفيديو كان الملحن أحمد حجازى الذى يملك أكاديمية للتدريب على الغناء والعزف، يقرأ الآية 81 من سورة «يس» بإيقاع موسيقى برفقة قراء ومنشدين لتعليمهم المقامات. 



 

فيما رد الملحن أحمد حجازى فى تصريحات له: «إنه لم يفعل شيئًا مخالفًا، بل كان يقوم وبشكل طبيعى بتعليم المقامات لعدد من القراء، مشيرًا إلى أن هؤلاء يعتمدون عليه لتعليمهم أصول المقامات الصحيح. وكشف أن صوت القارئ للقرآن به عدة طبقات ولابد من تعليم المقامات على آلات الموسيقى، لأنها تساعد على خروج الصوت بشكل عذب يجذب جميع المستمعين، مطالبًا النقابة بوجود شخص دارس يعلم القراء المقامات بالشكل الصحيح كما يفعل هو».

قضية التلحين فتحت معها الحديث عن إمكانية التغنى بالقرآن أو سماعه بمقامات موسيقية لاسيما أن هناك حديثًا شهيرًا يأمرنا بالتغنى بالقرآن الكريم، فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» أخرجه الشيخان عن أبى هريرة رضى لله عنه. ورواه أبو داود بسند صحيح من طريق ابن أبى مليكة، عن عبيد الله بن أبى يزيد، عن أبى لبابة رضى الله عنه، وزاد فيه: قال أحد رواة الحديث: «فقلت لابن أبى مليكة: يا أبا محمد، أرأيتَ إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يُحَسِّنُهُ ما استطاع».

وبالبحث عن قضية التلحين واالتغنى بالقرآن كانت هناك فتوى بدار الإفتاء توضح المقصود من التغنى بالقرآن الكريم للدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق قال فيها إن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يحبّ الصوت الحسن؛ فقال لعبدالله بن زيد رضى الله عنه الذى رأى الأذان فى منامه: «قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم.، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» رواه أبو داود والنسائى وابن ماجة وأحمد والدارمى عن البراء بن عازب رضى الله عنه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم. زاد الدارمى والحاكم وغيرهما: «فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا».

وأوضحت الفتوى أن رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بلغ فى ذلك غايةَ الكمال؛ فقد روى الشيخان عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال: «سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم قرأ فى العشاء بالتين والزيتون، فما سمعتُ أَحْسَنَ صَوتًا ولَا قِرَاءةً منه». وروى الترمذى فى «جامعه» من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه: «ما بعث الله نبيًّا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجهًا وأحسنهم صوتًا».

ولفتت الفتوى إلى عدد من الأدلة التى تجيز قراءة القرآن بنوع من اللحن الصوتى ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنُ الصَّوْتِ، يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ»، وهو عند الطبرى بسند صحيح بلفظ: «ما أذِنَ الله لشىء ما أَذِنَ لنبيٍّ حسنِ التَّرنُّمِ بالقرآن»، وأَذِنَ: أى استمع.

وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اقْرَؤُوا القُرآنَ بلُحُونِ العَرَبِ وأَصْواتِهَا، وإيَّاكُم ولُحُونَ أَهْلِ الفِسْقِ والكَبَائِرِ» رواه أبو عبيد القاسم بن سلام فى «فضائل القرآن»، والطبرانى فى «الأوسط»، والبيهقى فى «شعب الإيمان». وكان يقول: «مَن سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأ القُرْآنَ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أُنزِل فلْيَقرأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابنِ أمِّ عَبْدٍ» رواه ابن ماجه وأحمد، والبخارى فى «خلق أفعال العباد»، وصححه ابن حبان، والحاكم، والضياء فى «المختارة».

وكان يقول لأبى موسى الأشعرى رضى الله عنه: «يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» متفق عليه. وزاد أبو يعلى فى روايته فى «مسنده»: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى االلهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ هُوَ وَعَائِشَةَ مَرَّا بِأَبِى مُوسَى وَهُوَ يَقْرَأُ فِى بَيْتِهِ، فَقَامَا يَسْمَعَانِ لِقِرَاءَتِهِ، ثُمَّ أَنَّهُمَا مَضَيَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ لَقِيَ أَبَا مُوسَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَبَا مُوسَى، مَرَرْتُ بِكَ الْبَارِحَةَ وَمَعِى عَائِشَةُ وَأَنْتَ تَقْرَأُ فِى بَيْتِكَ فَقُمْنَا وَاسْتَمَعْنَا». فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا إِنِّى يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا.

وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول لأبى موسى رضى الله عنه: «ذَكِّرْنا ربَّنا»، فيقرأ أبو موسى ويتلاحن، وقال مرة: «من اسْتَطَاعَ أَن يُغنى بِالْقُرْآنِ غناء أبى مُوسَى فَلْيفْعَل».

وعن ابن عباس رضى الله عنهما: «أن داود عليه السلام كان يقرأ الزبور بسبعين لحنًا، ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم، فإذا أراد أن يبكى نفسه لم تبق دابة فى بر أو بحر إلا أنصتت معه واستمعت وبكت»

ولفتت فتوى د. على جمعة إلى أن العلماء أجمعوا على استحباب تحسين الصوت عند قراءة القرآن الكريم، حيث قال الإمام الشافعى رحمه الله تعالى: [لا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأى وجه كان] وقال القاضى عياض رحمه الله: [أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها] اهـ. «شرح النووى على مسلم» (6/ 80، ط. دار إحياء التراث العربى - بيروت).

وأوضحت أن الذى يتحصل من الأدلة كما يقول الحافظ فى «الفتح» [وعلى استحباب تحسين الصوت عند قراءة القرآن الكريم استقرت كلمة العلماء، ومن جملة تحسينه أن يراعى فيه قوانين النغم؛ فإن الصوت الحسَن يزداد حُسنًا بذلك، وإن خرج عنها أثَّر ذلك فى حُسنه، وغير الحَسَن ربما انجبر بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبَر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يفِ تحسين الصوت بقُبح الأداء]

 معارضة واسعة 

تلحين أحمد حجازى للآية القرآنية لم يمر مرور الكرام بالنسبة لنقابة القراء حيث كشف نقيب قراء القرآن الكريم فى مصر محمد حشاد، أن النقابة احتفظت بالفيديو المتداول للملحن أحمد حجازى يتلو القرآن الكريم على أنغام العود. لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بواسطة مستشارها القانونى.

وأشار نقيب القراء القرآن الكريم فى تصريحات صحفية إلى أن النقابة معنية بالحفاظ على كتاب الله وإبلاغ الجهات المختصة حال وجود أى مخالفة أو تجاوز من القراء أو غيرهم فى حق كتاب الله.

وأكد أن النقابة معنية برصد أى مخالفات تجاه تلاوة القرآن الكريم، مضيفا أن الملحن أحمد حجازى يواجه تهمة ازدراء القرآن الكريم.

وشدد على أن ما يقرأه الملحن خلال عزف العود ليس قرآنا حتى وإن كانت آيات من كتاب الله.

وأوضح حشاد أن تعليم المقامات الموسيقية بواسطة القرآن الكريم بات ظاهرة بهدف التكسب والتربح، مشيرا إلى أن القرآن نزل مرتلا من السماء على النبى محمد.

وتابع قائلاً: «أولئك الذين يريدون أن يتعلموا المقامات بالقرآن، يخالفون كتاب الله وأحكام التجويد»، مبينا أن الملحن محمد حجازى عندما يتلو القرآن على ألحان العود لا يراعى الأحكام ولا يحفظ القرآن الكريم.

 القرآن أكبر مما يفترون

موقف بعض علماء الأزهر كان معارضا لما حدث من الملحن فى قراءة قرآن على أنغام العود، حيث قال د عبدالمنعم فؤاد أستاذ العقيدة بالأزهر إن القرآن كلام الله المتعبد بتلاوته لا يليق أبدا فى مصر بلد الأزهر أن يخرج علينا من يمسك بآلات الموسيقى والمعازف ليلحن بها القرآن ويعلم الناس المقامات، وينشر ذلك عبر الصفحات من بعض الذين يدعون الفن والتنوير!. 

وشدد أن هذا أمر خطير ومريب والقرآن أكبر مما يبتدعون، ويجب أن يتدخل القانون لمنع هذا العبث مع كتاب الله الذى يجب أن تخشع له القلوب، وتطمئن له النفوس، وتتنزل الملائكة والرحمات عند تلاوته. فالقرآن ليس كلامًا أنتجه الأدباء أو الشعراء إنما هو كلام المولى الذى نزل به جبريل على قلب الرسول الأمين ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين).

وعن جواز التغنى بالقرآن قال فؤاد: «إذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام -طلب أن نتغنى بالقرآن، ونحسن أصواتنا به فلا يعنى أن يتغنى به على المسارح، وتعزف مع آياته الموسيقى، ويتغنى به السكارى فى الملاهى والمسارح، ولكن يعنى أن نقيم أحكامه، ونتعلم ضوابط تلاوته، ومعلوم أن موسيقى القرآن كامنة فى ضوابط قراءته 

بينما قالت دار الإفتاء المصرية  ردا على الفيديو المتداول : «إن الاستماع للقـرآن الكريم مع النغمات الموسيقية أو قراءته مصحـوبًا بالآلات الموسيقية، حرام شرعًا».

واستكملت الإفتاء: «القرآن الكريم هو كلام رب العالمين، أنزله الله على الرسول -صلى الله عليه وسلم- هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ولم ينزله ليتغنى به الناس ويطربوا به، وأمر الله المسلمين بفهم معانيه وتدبر ما فيه من معانى وآداب وعظات».

وأوضحت: «سماع القرآن بالطريقة التى تسمع بها الأغانى، تجعله أداة للهو والطرب، تصرف السامع عما فى القرآن من هداية الناس وإرشادهم، إلى سماع ما فى الأغانى من لذة وطرب».

وأكدت الدار على: «أن القرآن الملحَّن بالموسيقى، ليس هو القرآن المنزل على النبى الكريم، وتعبدنا بتلاوته التى تلقيناها عن الرسول صلى الله عليه وسلم».وشددت الإفتاء على أن قـراءة القرآن ملحنًا بالموسيقى، أو سماعه مصحوبًا يالآلات الموسيقىة، ما هو إلا تحريف وتبديل لكتاب الله، وضياع للدين وهلاك للمسلمين.