الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأرقام تؤكد عظمة القرار واستثنائية المشروع 8 سنوات على ملحمة قناة السويس الجديدة

قرار عظيم ومشروع استثنائى .. عندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أغسطس 2014 عن بدء العمل فى تنفيذ قناة السويس الجديدة ويتم الافتتاح بعد عام واحد (يوم 6 أغسطس 2015) .. وهو المشروع الذى شهد له العالم كله بأهميته فى تسهيل حركة النقل البحرى علاوة على تأثيره الكبير لتحويل منطقة (القناة) إلى مركز لوچيستى عالمى.



ولأنه مشروع استثنائى فالحديث عنه يجب ألا يتوقف ليتم تخليده فى عقول الأجيال المتعاقبة؛ خصوصًا أنه وبَعد مرور 8 سنوات على افتتاحه أثبت للجميع الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية عندما قرر تنفيذه، فقد قام الرئيس المصرى، عبدالفتاح السيسى، بتوقيع وثيقة حفر قناة السويس الجديدة فى 5 أغسطس 2014، وتقديمها للفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس لتنفيذها. وفيها ألزم الرئيسُ منفذى المشروع بالانتهاء منه بعد عام واحد فقط، بدلاً من ثلاث سنوات كما عرض رئيس الهيئة على الرئيس خلال الاحتفال بتوقيع وثيقة الحفر.

 فكرة المشروع

المشروع الضخم كان عبارة إنشاء قناة السويس الجديدة من الكيلو 60 إلى الكيلو 95 (ترقيم القناة)، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح بطول إجمالى 37 كم (إجمالى أطوال المشروع 72 كم).

أمّا فكرة المشروع فهى إنشاء قناة جديدة موازية وتعظيم الاستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية بهدف تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية لتسيير السفن فى الاتجاهين دون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة ويقلل من زمن عبور السفن المارة، ويزيد من قدرتها الاستيعابية لمرور السفن فى ظل النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل وارتباطا بمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس ويرفع درجة الثقة فى القناة كأفضل ممر ملاحى عالمى ويقلل من قيمة الفكر فى قنوات بديلة تنافسية بالعالم والمنطقة، كما يرفع أيضًا درجة الثقة فى استعداد مصر لإنجاح مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس.. وينعكس كل ما سبق على زيادة الدخل القومى المصرى من العملة الصعبة ويصب فى خزينة الدولة مباشرة وإتاحة أكبر عدد من فرص العمل للشباب المصرى وخلق مجتمعات عمرانية جديدة.

 أهداف المشروع

أمّا أهداف المشروع فهى زيادة الدخل القومى المصرى من العملة الصعبة.تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية فى قناة السويس وزيادتها لنسبة 50 % من طول المجرى الملاحى. تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلاً من 18 ساعة لقافلة الشمال، وتقليل زمن الانتظار للسفن ليكون 3 ساعات فى أسوأ الظروف بدلاً من (8 إلى 11 ساعة)، مما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لمُلاك السفن ويرفع من درجة تثمين قناة السويس.. والإسهام فى زيادة الطلب على استخدام القناة كممر ملاحى رئيسى عالمى ويرفع من درجة تصنيفها.. زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن فى القناة لمجابهة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل.. خطوة هامة على الطريق لإنجاح مشروع محور التنمية بمنطقة قناة السويس ودفع عَجَلة الاقتصاد القومى المصرى لتحويل مصر إلى مركز تجارى ولوچيستى عالمى.

 تلاحم الشعب حول المشروع

وقد أعلنت هيئة قناة السويس وقتها أن تكلفة الحفر بالقناة الجديدة 8 مليارات دولار، 4 مليارات دولار لحفر قناة موازية للمجرى المائى الحالى لقناة السويس، والذى يبلغ طوله بعد آخر تطوير أُجرى للقناة فى عام 2009 نحو 192 كيلومترًا، وبلغ طول القناة الموازية 72 كيلومترًا، من خلال شق 35 كيلومترًا منها بتقنية الحفر الجاف، بينما سيتم استكمال ما تبقى من الطول المقترح للقناة (وهو 37 كيلومترًا) بتعميق مجرى القناة الحالية ووصله بالجزء المنفذ بالحفر الجاف، بالإضافة إلى 4 مليارات أخرى لحفر 6 أنفاق تعبر أسفل قناة السويس، 3 فى الإسماعيلية، و3 فى السويس، و2 لعبور السيارات، وواحد للقطارات، وذلك لكل محافظة، أى ما يوازى 60 مليار جنيه مصرى تقريبًا.

وبسبب أن ميزانية الدولة المصرية فى ذلك الوقت لا تتحمل هذه التكلفة العالية، طرحت الحكومة المصرية شهادات استثمار على المواطنين، بعائد 12 % ولمدة 5 سنوات، بهدف جمع 60 مليار جنيه مصرى خلال شهر من طرح الشهادات، ولكن بسبب إرادة المصريين لعبور أزمتهم، والوقوف بجانب القيادة الجديدة، تم بالفعل جمع 64 مليار جنيه، أى أكثر من المبلغ المطلوب فى ثمانية أيام فقط، فى ملحمة اعتبرت تأييدًا جديدًا للرئيس السيسى.

المرحلة الأولى

بدأت المرحلة الأولى للمشروع فى السابع من أغسطس 2014، أى بعد يومين فقط من تكليف الرئيس السيسى لرئيس أركان الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة اللواء كامل الوزيرى، والتى كُلفت بالإشراف على المشروع؛ خصوصًا فى مرحلته الأولى، الحفر الجاف، ولكى يتم الانتهاء من المشروع فى الزمن المحدد- عام واحد- كان لا بُدّ من الاستعانة بعدد أكبر من الشركات والعمالة التى ستقوم بإنجاز هذه المرحلة، وبالفعل شارك فى هذه المرحلة 44 ألف مواطن مصرى، بمصاحبة 4500 معدة، و62 شركة مصرية، وتمت إضافة كتيبتين من القوات المسلحة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب، إضافة لكتيبتى الطرق للمساعدة فى عمليات الحفر، واستطاعوا إنهاء الحفر الجاف بنسبة 100 % خلال 9 شهور، وكانت الكمية المطلوب حفرها من الرمال نحو 250 مليون متر مكعب من الرمال.

 المرحلة الثانية

المرحلة الثانية هى مرحلة الحفر المائى التى بدأت مباشرة بعد انتهاء الحفر الجاف، والوصول إلى العمق المطلوب وظهور مياه بأرضية القناة الجديدة، وشارك فى هذه المرحلة 5000 عامل ومهندس شاركوا فى التكريك المائى، إضافة إلى «تحالف التحدى»، وهو عبارة عن تحالف أسطول كراكات هيئة قناة السويس، وشركة الجرافات الوطنية الإماراتية (NMDC) وشركتى «فان أورد» و«بوسكالس» الهولنديتين وشركتى «جان دو نيل» و«دريدجينج إنترناشيونال» البلچيكيتين وشركة «جريت ليكس» الأمريكية. واشترك خلالها 45 كراكة، 23 منها أنهت عملها بالفعل، و22 أخرى تغادر الموقع بالتناوب، إضافة إلى 4 فنادق عائمة منذ بداية المشروع لاستراحة العاملين وتناوب الورديات، وأنهى تحالف التحدى عمله فى 267 يومًا.

 المرحلة الثالثة

المرحلة الثالثة وهى المرحلة التى تم البدء فيها مباشرة بعد افتتاح القناة الجديدة، يوم 6 أغسطس 2015، وتتضمن هذه المرحلة كما هو معلن 42 مشروعًا ذات أولوية، منها 6 مشروعات ذات أهمية قصوى، وهى «تطوير طرق القاهرة/ السويس- الإسماعيلية- بورسعيد إلى طرُق حرة، للعمل على سهولة النقل والتحرك بين أجزاء الإقليم والربط بالعاصمة، وإنشاء نفق الإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتى القناة «شرق وغرب»، وإنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقى والغربى لإقليم قناة السويس، إضافة إلى تطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وتطوير مطار شرم الشيخ وإنشاء مأخذ مياه جديد، على ترعة الإسماعيلية حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة.

ويمكن تقسيم هذه المرحلة جغرافيًا إلى عدة محاور، وهى منطقة شرق بورسعيد: يقترح لهذه المنطقة أن تتضمن محطتين للحاويات ومحطتين للصب السائل ومحطة تموين (لوچستية) ومحطة للحبوب، ومنطقة الإسماعيلية الجديدة ووادى التكنولوچيا: تشمل مراكز التنمية لهذه المنطقة صناعات الإلكترونيات والميكروإلكترونيات والهندسة الطبية والآلات الدقيقة ومعدات الاتصال، وتضم هذه المنطقة أيضًا المنطقة الصناعية لمدينة القنطرة شرق، ومنطقة شمال غرب خليج السويس: تضم هذه المنطقة كلاً من المنطقة الصناعية فى شمال غرب خليج السويس ومنطقة الصناعات الثقيلة التى تقع غرب المنطقة الجنوبية للخليج، وستشمل المنطقة أيضًا مركز معلومات ومجمع خدمات تموينية ومجمعًا طبيًا ومراكز أبحاث وجامعة ومعاهد تعليمية. عوائد القناة الجديدة

وبَعد مرور 8 سنوات على افتتاح المشروع فقد أثبت عظمة قرار تنفيذه من خلال تحقيقه لعدة أهداف وعوائد، ومنها؛ زيادة القدرة التصريفية للقناة لتصل إلى 97 سفينة معيارية/يوم مقارنة بنحو 77 سفينة معيارية/يوم قبل افتتاح القناة الجديدة، وتحقيق العبور المباشر لعدد 45 سفينة فى كلا الاتجاهين مع تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلاً من 18 ساعة لقافلة الشمال وضم قافلة الشمال الثانية إلى قافلة الشمال الأولى ليكون العبور قافلة شمال واحدة وقافلة جنوب واحده فقط.

قناة السويس الجديدة سمحت بعبور السفن حتى غاطس 66 قدمًا فى كلا الاتجاهين؛ خصوصًا فى ظل التزايد المستمر للسفن ذات الغاطس 45 قدمًا فأكثر، وهو ما ساهم فى جذب السفن العملاقة فى أسطول التجارة العالمى لعبور القناة، وتحقيق الأمان الملاحى لوجود قناة بديلة تضمن عدم توقف الملاحة عند حدوث أى حادث طارئ، وتقليل عدد الانحناءات بالمجرى الملاحى للقناة بما أدى إلى زيادة معدلات الأمان الملاحى للسفن العابرة للقناة، والحفاظ على المركز التنافسى لقناة السويس عن طريق الاستمرار فى تطوير المجرى الملاحى للقناة فى ظل مشاريع التطوير التى تتم فى الطرق المنافسة والبديلة سواء البحرية منها أو البرية.

حقائق بالأرقام

ولأن الأرقام لا تكذب ولا تتجمّل؛ فقد رصدت التقارير الملاحية لقناة السويس أهم التطورات التى تحققت بعد حفر قناة السويس الجديدة، وتأثيرها الإيجابى على عوائد القناة وحجم السفن المارة، فى الفترة من «2016 - 2022».

وحسب البيانات عبرت قناة السويس خلال السبع سنوات التالية لافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة نحو 135 ألف سفينة، مقابل عبور 125 ألف سفينة خلال السبع سنوات السابقة لافتتاح قناة السويس الجديدة فى الفترة من «2008 -  2014» بنسبة زيادة 8 %.

بلغ إجمالى الحمولات الصافية العابرة للقناة بعد افتتاح المشروع خلال الأعوام من «2016 - 2022» ما يزيد على 8.2 مليار طن، مقابل 6.2 مليار طن خلال الأعوام «2008 - 2014» بفارق 2 مليار طن، بنسبة زيادة 32 %، وحدثت طفرة كبيرة فى حصيلة إيرادات القناة مقومة بالدولار خلال السنوات التالية لافتتاح القناة الجديدة محققة أعلى عائدات سنوية فى تاريخ القناة بإجمالى إيرادات بلغت 41.7 مليار دولار، مقابل 35.4 مليار دولار خلال الأعوام «2008 - 2014»، بنسبة زيادة بلغت 17.8 %.

 زيادة الطاقة العددية

ونجحت قناة السويس الجديدة فى تحقيق المستهدف منها زادت الطاقة العددية والاستيعابية للقناة ليصبح متوسط أعداد السفن المارة خلال العام الميلادى الماضى 2022 ما يقرب من 68 سفينة يوميًا، مقابل 47 سفينة كمتوسط يومى للعبور عام 2014 قبل افتتاح القناة الجديدة، وارتفعت قدرة القناة على استقبال السفن العملاقة ذات الغواطس الكبيرة بعد زيادة عمق القناة إلى 24 مترًا، بما ساهم فى رفع التصنيف العالمى للقناة ومكنها من مواجهة تحديات المنافسة مع الطرق البديلة أو المحتملة، فضلاً عن دورها فى تقليل ساعات عبور السفن إلى النصف من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط.

أثمر مشروع القناة الجديدة زيادة معدلات الأمان الملاحى بالقناة بزيادة الأماكن المزدوجة بما عزز من قدرة القناة على التعامل مع حالات الطوارئ المحتملة، وكانت إحصائيات الملاحة بالقناة خلال العام الميلادى الماضى 2022 سجلت أرقامًا قياسية جديدة وغير مسبوقة على مدار تاريخ القناة، محققة أعلى معدل عبور سنوى للسفن العابرة بعبور 23851 سفينة، وأعلى حمولة صافية سنوية قدرها 1.4 مليار طن، مسجلة أعلى إيراد سنوى بلغ 8 مليارات دولار، متخطية بذلك جميع الأرقام التى تم تسجيلها من قبل.