السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قصة طموحة معجونة بالمعافرة والحب الـ«كامب» بيزنس للرجال فقط «بسنت» تتحدى الطبيعة والطباع فى جنوب سيناء!

«لم  يكن الأمر سهلا على الإطلاق، واجهنا أوقاتًا صعبة جدًا، وشعرت باليأس وكانت لدى رغبة فى العودة للقاهرة، حزنت جدًا على أموالنا التى خسرناها بسبب الملاك للكامبات التى استأجرناها، وصلت لمرحلة «أن مفيش فايدة وليه مكملين»، خاصة أننا لم نحصل على أموال من عائلتنا أو أى دعم ولكن حفرنا فى الصخر كما يقولون، بدأنا مشروعنا وحلمنا بمجهودنا الشخصى من الصفر بل تحت الصفر، وارتبطنا عاطفيا بضيوفنا الذين آمنوا بمشروعنا وقرارنا الصعب بترك العاصمة والبدء فى جنوب سيناء».



 

تحكى بسنت مجدى لـ«روزاليوسف» عن رحلة الصعود والهبوط التى واجهتها مع زوجها مايكل حشمت عندما قررا الهجرة من العاصمة والعيش وامتلاك كامب (مخيم) سياحى فى مدينة نويبع بجنوب سيناء. تحدثنا مع بسنت عن تجربتهما كشابين قررا الخروج من المدينة، للاستقرار بنويبع، وما الصعوبات التى واجهتهما وماذا عن واقع المجال السياحى ورغبة الشباب المصرى فى العمل به.. 

 فى البداية.. كيف جاء القرار بالانتقال من القاهرة إلى العيش والعمل بجنوب سيناء؟

- بصراحة لم تبدأ الفكرة بقرار « يلا نسافر نعمل كامب»، بل على العكس أنا ومايكل قادمان من خلفيات مختلفة تمامًا عن السياحة، عملت لسنوات عارضة أزياء فى الإعلانات لبراندات عالمية، وكذلك مايكل متخصص فى مجال البرمجة والحاسبات، ولكن جمعنا شغف واحد هو حب السفر لجنوب سيناء، فى العُطلات المختلفة، وكنا نضطر فقط للعودة للقاهرة عند نفاد أموالنا وضرورة العمل بالقاهرة، حتى قابلت زوجى مايكل قبل خمس سنوات، وكان تفكيرنا متشابهًا وسألنا أنفسنا ذات يوم «ليه نرجع ما نعيش هنا؟!»،  وبالفعل نفذنا الخطوة بدون تخطيط، وبدأنا رحلة الاستقرار فى منطقة «أبو جالوم» كنزلاء لمدة يومين ولكن بقينا لثلاثة أشهر! وكل ذلك بحقائبنا الصغيرة، ثم تعرفنا على أصحاب المخيمات وعملنا كمتطوعين معهم فى الطهى للمخيمات (كامب) للنزلاء، وتنظيف الغرف والحمامات، وغسل الصحون، ورغم أن العمل تطوعى بدون مقابل مادى إلا أن الحياة فى الكامب بسيطة جدًا، وممتعة ويستطيع كل شخص يعمل ويشارك بما يحبه، وكأن لا شىء يسمى عملة أو نقود، بل المعيشة تبادلية بما تقدمه من أعمال، وكانت تجربة التطوع مهمة جدًا، تعرفنا من خلالها على شخصيات جديدة واكتسبنا خبرة مختلفة فى أصول الضيافة والفندقة.

يبدو أيضًا أن فترة التطوع بالمخيمات ساعدتكما فى تحديد شغفكما بهذا العالم؟

- نعم، نحن شعرنا بذلك جدًا فى هذه الفترة، لذلك قررنا الانتقال من أبو جالوم والعودة لدهب قبل جائحة الكوفيد بخمسة شهور، للتفكير فى الخطوة العملية القادمة، ورغبتنا فى تنفيذ  أحلامنا بأن يكون لدينا مخيم على البحر، نستقبل فيه الزوار، ليعيشوا تجربة مختلفة، يكونون فيها أنفسهم، ونبنى فيه المجتمع الذى نحلم به، الذى تختفى فيه المظاهر المادية والفوارق الاجتماعية والثقافية، ويعيش الجميع فيه بتناغم، وبالفعل استأجرنا أول كامب فى مشروعنا بمنطقة أبو جالوم ثم جاءت الكورونا والإغلاق العالمى للمطارات والسياحة وكل شىء، وكان ذلك أول تحدٍ نواجهه، ومع ذلك لم نتوقف، وأتذكر أن «أبوجالوم» آنذاك لم يكن فيها سوى 7 أشخاص، والجميع رحل، حتى عادت الحركة من جديد بهدوء واستقبلنا الضيوف المصريين، وكنت أنا ومايكل مسئولين عن كل شىء بالكامب من طهى، تنظيف، ضيافة، تسويق للكامب وتسجيل الحجوزات، ومع عودة الحياة لكامل حيويتها بعد الجائحة وارتفاع أعداد الزوار للكامب، بدأ البدو بالمنطقة يطمعون أكثر فى رفع ثمن تأجير الكامب، قررنا آنذاك الرحيل عن المكان والانتقال لنويبع، «من غير ما نعرف هنعمل إيه، لكن أخذنا المخاطرة». 

 ولكنها مخاطرة فعًلا.. ألم تخشيا فقدان زواركما الذين ارتبطوا بالكامب بأبوجالوم؟

- لن نتخيلِ أن الضيوف كانوا يتصلون من أجل الحجز ولكن لم يكن لدينا مكان جديد، حتى عثرنا عليه فى نويبع بعد رحلة بحث استمرت شهرا، حتى استأجرنا كامب جديدا، وصادف أول يوم استلمناه تلقينا حجزًا لثانى يوم، وكان مكانا رائعا كبيرا، يضم خمس غرف كبيرة، وحوالى 25 كوخا من الخوص على البحر، وعدنا للنشاط من جديد وزادت الحركة والإقبال، بل قمنا بتوظيف فريق عمل ليساعدنا فى ضيافة الأعداد المتزايدة من النزلاء، حتى واجهنا تحديا ثانيا هو تعويمات الجنيه المتتالية، وفوجئنا بمطالبة مالك الكامب بضعف الإيجار لثلاث مرات بل والدفع بالدولار!، 

وكان ذلك متزامنا مع موسم الشتاء الذى تنخفض فيه السياحة عمومًا. وهو ما دفعنا للرحيل للمرة الثانية، وكان وقتا شديد الصعوبة، ارتبطنا بالكامب جدًا عاطفيا وكان بيتًا وعملًا لنا، شعرت بالحزن على فقدانه، وعلى المجتمع الذى حلمنا به كدنا نشعر بوجوده وتحققه، كنا نستقبل 80 شخصًا، كانوا أصدقاء أكثر من نزلاء للكامب.

 وكيف واجهتما الأزمة هذه المرة؟

- سافرنا لرأس شيطان، وعثرنا على كامب جديد COZY، وكان على البحر، وأمضينا فيه خمسة أشهر فقط، ورحلنا للمرة الرابعة، بسبب مالك الكامب الذى كان يتدخل فى إدارته رغم أننا المستأجرين له، وقررنا فى ذلك التوقيت الحصول على إجازة واستراحة نعيد فيها ترتيب أوراقنا كما يقولون، ندرس فيها الأخطاء التى تورطنا فيها ربما لعدم الخبرة الكبيرة، وكانت فرصة لاستعادة التوازن النفسى بعد هذه الأزمات المتتالية، ومع ذلك عملنا فى هذا الوقت على جمع بيانات تخص المخيمات بنويبع ودهب، وكان عملاؤنا يتواصلون معنا للحجز، ولكن كنا نرشح لهم كامبات أخرى لأصدقائنا نثق فى جودة الخدمات المقدمة بها سواء فى شرم الشيخ أو دهب، لحين أن يصبح لدينا كامب جديد، حتى عثرنا على المكان الجديد منذ أسبوعين فى نويبع ونأمل الاستمرار وعدم الرحيل منه. 

واجهتما أزمات متتالية، هل فكرتما فى حمل حقائبكما والعودة للقاهرة.. ما الذى كنتما تريانه وقت الخسارة يدفعكما للاستمرار والقيام بعد كل عثرة؟

- لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق، واجهنا أوقاتا صعبة جدًا، وشعرت باليأس وكانت لدى رغبة فى العودة للقاهرة، حزنت جدًا على أموالنا التى خسرناها بسبب الملاك للكامبات التى استأجرناها، وصلت لمرحلة «أن مفيش فايدة وليه مكملين»، خاصة أننا لم نحصل على أموال من عائلتنا أو أى دعم ولكن حفرنا فى الصخر كما يقولون، بدأنا مشروعنا وحلمنا بمجهودنا الشخصى من الصفر بل تحت الصفر، وارتبطنا عاطفيا بضيوفنا الذين آمنوا بمشروعنا وقرارنا الصعب بترك العاصمة والبدء فى جنوب سيناء، ولكن ساعدنى جدًا، كان مايكل داعما ومشجعا ومصمما على الاستمرار ولم ييأس، رغم حزنى الشديد وقتها، كان متفهما لحالتى النفسية، وكان يدفعنى للتفكير فى هذه الأزمات بطريقة إيجابية، والبحث عن حلول للمشكلة وليس تركها تقضى علينا بالإحباط، والآن ننظر لهذه التجارب بعين مختلفة، ممتنين للخبرة الكبيرة التى حصلنا عليها بسببها. 

 حدثينا كيف كانت ردود فعل عائلتكما على خروكما من العاصمة؟

- اعتقدوا فى البداية إنها إجازة أو فترة قصيرة ونعود، وكانوا يسألوننا دائمًا «هترجعوا امتى؟»، ولكن مع الوقت آمنوا بمشروعنا وحلمنا وأصبحوا جزءا منه، يدعموننا معنويا ويرسمون خططه معنا.

ما الذى أعطته تجربة العيش فى جنوب سيناء لكِ كفتاة مختلفًا عن القاهرة؟

- كبنت لا تستطيعين السير فيها بهدوء وبحرية نعلم جميعا ما يحدث لنا، أما هنا البيئة مختلفة تمامًا، داعمة ومحفزة على التجريب واكتشاف العالم، بيئة متقبلة للأفكار الجديدة، فمثلا عملى كمتطوعة منحنى فرصة مميزة للتعلم واكتساب خبرات جديدة، وهذه التجارب غير متاحة بالقاهرة. 

 هناك العديد من الكامبات (المخيمات) فى نويبع ودهب.. إلخ.. ما الذى يميز مخيمكما عن الآخرين؟

- ما يميزنا إننا شباب طموح، مؤمن بما يفعله، فاهم ودارس لاحتياجات النزلاء والشباب خاصة لأننا كنا يومًا ما نزلاء وأمضينا وقتا طويلا فى مخيمات كثيرة، كما أن هدفنا ليس ماديا فقط، بل لدينا فكرة تعنى بتكوين مجتمع متناغم، يميزنا أننا لسنا بدو وهم أغلب الملاك للمخيمات بجنوب سيناء، ولسنا شركة سياحة ضخمة لرجال أعمال، نحن بدأنا حرفيًا برأس مال يتكون من رواتبنا التى عملنا بها وهو ما يجعلنا مختلفين. أيضًا وجودى كامرأة مستأجرة لكامب فى جنوب سيناء ليست سهلة ووجدنا صعوبات ترفض التأجير لكونى امرأة. 

 بعد سنوات من عملكما فى مجال السياحة ومن واقع الأزمات.. ما الذى ينقص مصر لتصبح رقم 1 جذبًا للسياح، خاصة فى ضوء خصائص البلد الفريدة جغرافيًا وثقافيًا.. إلخ؟

- أن تدعم الدولة الشباب، نحن لدينا إمكانيات وثقافة ولغة، بنظرة سريعة على البدو المسيطرين على المخيمات، معظمهم لا يتحدث سوى عبرى وعربى، لا يتحدثون الإنجليزية، وهو ما يفوت علينا فرصة لجذب السائح الأوروبى وليس المصرى والعربى فقط فى هذه المدة كدهب ونويبع، أيضا أن تحمى الدولة الشباب صاحب المشروعات الجديدة فى جنوب سيناء، وتحمى حقوقه سواء من البدو أو الملاك، وتسهيل الإجراءات، فضًلا عن توفير أسعار مناسبة لنا كشباب فى شراء مستلزمات المخيمات، نحن نحصل على كل شىء بأسعار سياحية.

 أخيرًا.. ما هى خططكما أو أحلامكما مستقبًلا؟

- حلمنا نمتلك قطعة أرض ونقوم ببنائها طوبة طوبة، ونضع فيها روحنا وقلبنا، ونمتلك مخيما ولا نستأجره، وأن نعمل بدون خوف من عمليات نصب أو إجبار لنترك المخيم ونرحل، لن تصدق، رغم مرور أسبوعين على استئجار المخيم الجديد، مازلت أشعر بالخوف والقلق وعدم الاستقرار لنرحل فى أى وقت، ولكن لدينا طموحات كبيرة فى أن نكبر ونتوسع خارج نويبع، ونُقدم خدمة سياحية لكل زائر وتوفير المواصلات المناسبة له من مكانه حتى يصل لجنوب سيناء.