دار الإفتاء تصحح خطأ فتوى أجازت المشاركة فى خروف كأضحية غلاء الأسعار هل يجيز الاشتراك فى أضحية؟
صبحى مجاهد
مع قرب عيد الأضحى أثيرت عبر وسائل التواصل الاجتماعى الحديث عن إمكانية الاشتراك فى أضحية خروف بين اثنين نظرا لارتفاع الأسعار بشكل مضاعف، حيث تم تداول فتوى للشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية تجيز المشاركة فى خروف كأضحية.
فتوى عويضة جاءت عبر أحد برامج الفتاوى حيث قال: «إنه يجوز اشتراك أكثر من فرد فى الأضحية حتى لو كانت شاة (خروف)، لافتا إلى أن سعر الخروف هذا العام وصل لمستويات كبيرة فالبعض ممن كانوا يضحون الأعوام الماضية لن يستطيعوا هذا العام وبالتالى يمكن أن يشاركوا فى الأضاحى ولا مانع من هذا».
وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، : «السنة اللى فاتت كان واحد يقدر يشترى خروف بسعر 3000 جنيه، لكن هذا العام الأمر صعب، عادى يشترى مع اثنين تانى مفيش مشكلة، لا تحرموا أنفسكم من الأضحية».
الشيخ عويضة خالف أيضا ما عليه الإجماع فى أن سبع البقرة تجزئ عن فرد لا أكثر وقال: «أنه يجوز لاثنين أن يشاركا فى سُبع عجل، وتكون نيتهم يا رب مش قادرين أكثر من كده، اقبل أضحيتنا».
فتوى جواز الاشتراك فى شاة كأضحية أو المشاركة فى سبع بقرة لأكثر من فرد لاقت رفضا واسعا حيث طالب د.أحمد كريمة أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشيخ عويضة بالاعتذار عن تلك الفتوى الخاطئة وقال إنه يجوز الاشتراك فى أضحية الأنعام من «الإبل والبقر والجاموس»، بحد أقصى 7 أسر، منوها بعدم جواز المشاركة فى الأضحية بنية العقيقة أو النذر، إذ يشترط أن تكون نية السبع، أضحية.
ونفى صحة الفتوى الأخيرة المنسوبة لأحد علماء الدين، بشأن جواز اشتراك أكثر من أسرة فى أضحية واحدة من الخراف والماعز؛ نتيجة الظروف الاقتصادية وغلاء أسعار الأضاحى، قائلا: «خطأ، خطأ، وأطالبه بسحب فتواه، وأن يتقدم بالاعتذار».
وأكد أنه لا يجوز الاشتراك فى أضحية «الخروف والماعز»، موضحا أن الأضحية تجوز عن رب الأسرة ومن يعول؛ كالزوجة والأبناء فقط، نافيًا جواز مشاركة الأجنبى من خارج الأسرة فى الأضحية.
وتابع: «اللى مش قادر عليها ميعملهاش، ولا يقترض؛ لأنها سنة وليست فرضا»، مدللا على رأيه ذلك بتعمد الصحابيين الجليلين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما؛ ألا يضحيا فى عيد من الأعياد؛ خشية أن يفهم الناس أنها فريضة واجبة على كل مسلم، موجهًا النصيحة لغير القادر؛ بعدم الاستدانة، مستشهدا بقوله -سبحانه وتعالى- «لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها».
الأحكام لا تتغير بالغلاء
الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق يؤكد أن الأحكام فى الأضحية لا تتغير بتغير الظروف، فلا يجوز أن يفتى بجواز المشاركة فى شراء أضحية شاة لغلاء الأسعار، وأوضح أن الأضحية سنة مؤكدة فى حق القادر عليها، والأضحية لا تكون إلا من النعم لقوله صلى الله عليه وسلم (إن بكل صوفة من أوصوافها وبكل وبرة من أوبارها وبكل شعرة أشعارها حسنة) وقال أيضا: ضحاياكم على الصراط مطاياكم).
لافتا إلى أن الأضحية لا بد أن تكون سليمة خالية من العيوب فلا تجوز العجفاء ولا العوراء ولا العمياء ولا العرجاء، والأضحية تقسم ثلاثا ثلث للفقراء، وثلث للهدايا وثلث للمضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «كلوا وأطعموا وادخروا»، فيجوز الادخار من لحم الأضحية شريطة ألا يجور المضحى على حق الفقراء.
وأضاف أن الأضحية الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته يجوز الاشتراك فى الأجر فيها بمعنى أن المضحى له أجر الأضحية هو وأهله، لكن لا يجوز الاشتراك فى الثمن، ويشترط فى الأضحية الشاة أن تكون عمرها ستة أشهر فأكثر ولا يباع من الأضحية شىء ولا يعطى للجزار أجرة من الأضحية وإنما يجوز الإعطاء من الأضحية هدية ولا يباع جلدها ولا أى شىء منها.
واستطرد قائلا : «أما إذا كانت الأضحية من البقر أو الإبل أو الجاموس فتجزئ عن سبعة ويشترط فى الإبل (الجمال) مرور خمس سنوات، والبقر والجاموس سنتين إلا أن اتجاهًا فى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر يقول إذا كانت الأضحية تزيد على 350 كيلو قائم فلا عبرة إذا بالسن ولكن أقول أن اشتراط السن سنتين واجب، لكن ما دام هناك رأى يجيز ذلك فلا مانع أن يأخذ المستفتى بأى الرأيين شاء.
وأوضح الشيخ الأطرش قائلا إن الأضحية تذبح فى أول يوم العيد بعد صلاة العيد لقوله صلى الله عليه وسلم (من صلى صلاتنا ونحر أضحيتنا فقد أصاب النسك) فمن ذبح قبل الصلاة فليس من النسك فى شىء وإنما هو لحم قدمه لأهله، ولقد قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته (قومى يافاطمة اشهدى أضحيتك فإن الله يغفر لك بأول قطرة من دمها) وينبغى للمضحى أن يذبح أضحيته بيده، فإن لم يستطع فليوكل من شاء، ويجوز أن تذبح الأضحية فى أول أيام العيد أو ثالث أيام العيد قبل غروب اليوم الثالث.
مركز الأزهرالعالمى للفتوى، أوضح كذلك الحكم الشرعى فيما يخص الاشتراك فى أضحية العيد مع الآخرين.، وقال عبر حسابه الرسمى على فيس بوك: «يجوز الاشتراك فى الأُضْحِية إذا كانت من الإبل أو البقر ويلحق به الجاموس فقط، وتجزئُ البقرة أو الجملُ عن سبعة أشخاص؛ لما روى عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه قَالَ: «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، مَعَ النَّبِيِّ الْبَدَنَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ، عَنْ سَبْعَةٍ» أخرجه ابن ماجة.
وتابع المركز فتواه قائلًا: «أمَّا الشَّاة من الضَّأن أو المعز فلا اشتراك فيها، وتُجزئ عن الشَّخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا من باب التَّشريك فى الثَّواب؛ لما رُوى عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّى بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى». [أخرجه الترمذي] وقد ثبت أنَّ النَّبى ضحّى عن كل فقير غيرِ قادر من أمته».
تصحيح دار الإفتاء
بينما أوضحت دار الإفتاء المصرية، فى تصحيح للفتوى التى نسبت لأحد أمناء الفتوى بها، أنه يجوز الاشتراك فى الأضحية بشرطين، الأول: أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر، ولا يجوز الاشتراك فى الشياه.
وأضافت دار الإفتاء المصرية، أن الشرط الثانى للاشتراك فى الأضحية هو البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة. ويجوز أن تتعدد نيات السبعة، ويجوز أن يتشارك المسلم مع غير المسلم فيها، ولكل منهم نيته؛ لما رواه مسلم عن جابر رضى الله عنه قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ؛ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ».
كما أوضحت دار الإفتاء المصرية، الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام، قائلة: «اختلف الفقهاء فى الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام على ثلاثة أقوال؛ أرجحها قول السادة المالكية أن الأفضل فى الأضحية: الغنم، ثم الإبل، ثم البقر؛ لحديث أنس رضى الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ» رواه الشيخان، وفى قول أنس رضى الله عنه: «كان يضحى» ما يدل على المداومة.
وكانت دار الإفتاء المصرية أكدت أن الأُضْحِيَّة مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، والإجماع: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)، ((ضَحَّى النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا)) متفق عليه.
وأوضحت الدار الحكمة من مشروعية الأُضْحِيَّة، بقولها: «الأُضْحِيَّة شرعت لِحِكَم كثيرة منها: شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة، وإحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام فى يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كان ذلك كله هو سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما فى الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها».