الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكومة جوز خالتى

حكومة جوز خالتى
حكومة جوز خالتى


خالتى الحاجة من الجيل التلفزيونجى.. تجلس أمام التليفزيون طوال الوقت.. تقلب القنوات.. تتفرج على برامج التوك شو.. وقد هجرت الأفلام والمسلسلات.. وفى آخر اليوم تصدر أحكامها النهائية.. على اعتبار أن التليفزيون هو المرجع وهو الأصل والفصل.
 
هى تؤكد أن مصر كلها مرتشية.. وأن الثورة المصرية صناعة أمريكية.. ونشطاء الثورة عملاء للسى أى إيه شخصيًا.. وبعضهم عميل للموساد.. تلقوا الدعم والتدريب والتمويل من الخواجة لإسقاط حسنى مبارك من أجل خاطر العم سام والذى هو الأب الروحى للثورة.
 
خالتى عندها تنظيم من نوع خاص.. والتليفون بجانبها.. تتبادل من خلاله الرأى والمشورة من صديقاتها.. من أجل خلق رأى عام واحد موحد.. ومعظم صديقاتها يصدقن ما تقول، والدليل أن التليفزيون يعيد ويكرر أفكارها وآراءها فى السياسة والمنطق.
 
والخيبة أن الدولة بجلالة قدرها.. لم تهز طولها للمواجهة والمجابهة.. لم تكلف خاطرها للرد على هذا التشكيك التليفزيونى المتواصل والمستمر.. ببرامج مضادة.. أو قرارات حكومية.. أو حتى بإحالة من تتردد أسماؤهم مقترنة بالعمالة.. إحالتهم للتحقيق.. حتى تنجلى الحقائق عند عموم الناس.. والمصيبة أننا نصدق الأقاويل المرسلة أن التليفزيون الحكومى له سبق الريادة والصدارة.. وهو العاجز عن مواجهة حملات التشكيك التى طالت ثورة يناير ثم ثورة يونيو.. والتى تتهم الجميع بالرشوة والتمويل والتكسب!
 
ولو أن للحكومة فلسفة فى الحكم.. لتخلصت فورًا من إدارة هذا الجهاز الإعلامى الحكومى المترهل.. وأوكلت إدارته لمؤسسة أهلية وظيفتها مراقبة الأداء الإعلامى.. كما تفعل معظم دول العالم.
 
العالم كله لا يعرف ولا يعترف بمنصب وزير الإعلام.. والمؤسسات الأهلية تتولى إدارة الإعلام.. ولو تجاوزت محطة فضائية.. لصدرت الأوامر من جهاز المراقبة بغرامة فورية تقصم الوسط.. حتى تتحرى القناة التليفزيونية الدقة وهى تتهم الناس.. ومن حقى كمواطن أن أعرف الحقيقة كاملة.. لا نصف الحقائق كما تفعل معظم الفضائيات الآن!
 
فى بلاد الخواجات يمتد نشاط مؤسسات مراقبة الإعلام.. يمتد نشاطها إلى الصحف ويا ويلها ويا سواد ليلها لو تعرضت صحيفة بالشائعة لحياة المواطنين.. الغرامة رادعة.. بالإضافة لإلزامها بنشر تكذيب فورى فى عدة صحف رائجة تعتذر للمواطن عن تجاوزها فى حقه.. وعندنا فى مصر المحروسة صحف ما أنزل الله بها من سلطان.. تفبرك الأخبار عينى عينك.. وتخترع الموضوعات من وحى الخيال.. وتدبج الصفحات من تأليف أبو لمعة شخصيًا!
 
ولن يتحقق ذلك كله سوى بحكومة قوية تدير البلاد بروح الثورة.. وبالأفكار الجديدة المبتكرة.. لوقف هذا السيل العاصف من الأكاذيب والشائعات والاتهامات بالجملة والقطاعى.. وهى الاتهامات التى حولت مصر كلها إلى مرتشين يفتحون من أجل المكاسب والأرباح!
 
لو أن الحكومة تدير البلاد بروح الثورة.. لا بأسلوب السيد جوز خالتى القادم من قهوة المعاشات.. ولو أن لها فلسفة خاصة.. لاختفت العديد من المشاكل التى تضعها فوق رأسها.. وخذ عندك أزمة الإسكان على سبيل المثال.. وفى جميع دول العالم الحكومات لا تقوم ببناء مساكن والأفراد أيضًا لا يقومون بهذه المهمة الثقيلة.. وفى بلاد بره البنوك التجارية تؤسس شركات للبناء.. لأن وظيفة البنوك ألا تكنز الأموال فى خزينتها.. وإنما تمول بها مشروعات الإسكان والمواصلات العامة وتكسب كثيرًا.. البنوك عند الخواجات ليست حصالات فلوس.. هى تمول الإسكان والمواصلات والصناعة والتجارة.. فتحصل الحركة التى هى بركة.. وتسترد البنوك فلوسها ومعها الأرباح من هذه المشروعات المربحة.
 
عندنا الأحوال تختلف.. والحكومة وظيفتها جباية الضرائب وخلاص.. وحتى جهاز التليفزيون الذى تملكه يحقق خسائر غير مسبوقة.. ولا تفكر الحكومة فى عرضه للبيع والاكتفاء بمؤسسات مراقبة الأداء.. حكومتنا تفكر بأسلوب السيد جوز خالتى القادم من قهوة المعاشات.. وهو ما يفسر الخيبة الثقيلة التى نعيشها الآن!