الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سبب التعتيم على حقيقة «مذبحة القديسين»!

سبب التعتيم على حقيقة «مذبحة القديسين»!
سبب التعتيم على حقيقة «مذبحة القديسين»!


«1-1-2011» تاريخ قد يكون غاب عن أذهان البعض نتيجة للأحداث المتلاحقة التى وقعت بعد هذا التاريخ، من اندلاع ثورة يناير وسقوط نظام مبارك، وكان إيقاع الأحداث سريعا لاهثا وكأنه مدفوع دفعا نحو اقتياد الشعب للحكم على يد الإرهابيين، وكأن بداية العام وتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية مع الدقائق الأولى التى أعلنت عنها دقات الأجراس، وكأنها تعلن إنذارها أيضا للمصريين بأن ذلك التاريخ سيكون نقطة تحول كبيرة فى تاريخهم.

روزاليوسف تحيى الذكرى الثالثة لحادث كنيسة القديسين بالالتقاء بأهالى الشهداء استمعت إلى أوجاعهم وآلامهم ومطالبهم، وتعرفت على آخر مجريات التحقيقات، وتعرفت على آراء الشعب السكندرى فى تقرير مصيره فى المرحلة المقبلة وموقفه من الاستفتاء.
 
 
 
 
كانت أولى محطات الجولة هى كنيسة القديسين، فبعد هذه الأعوام الثلاثة وإن تم تجديدها وطلاؤها وإزالة الدماء من على جدرانها، كان داخل الكنيسة ركن توثيقى بمثابة شاهد على الأحداث سيظل ناطقا من كل جيل إلى آخر على بشاعة الإرهابيين وإجرامهم، حيث ضم داخل جدرانه الزجاجية قطعا من الحجارة الملطخة بدماء الأبرياء وما تبقى من ملابس جديدة للعيد، ولكنها كانت ممزقة ومهترئة، فضلا عن دولاب يحوى قطعا من القماش الأبيض المعطر بدماء.
القس متاؤس صبرى - كاهن كنيسة القديسين مارمرقص الرسول والبابا بطرس خاتم الشهداء- يتذكر  الحادث بوصفه أنه كان مؤلما، ووحشيا أن يجد الإنسان نفسه أمام «لم أشلاء أحبائك وأقاربك من على الأرض بعد الانفجار»، بل تجد أسرا كاملة فقدوا الحياة، فالحادث كان جديدا من نوعه، والتفجير كان قويا، على الرغم من أن كنيسة القديسين نفسها تعرضت فى 2006 لحادث اعتداء من أحد الأشخاص كان يحمل سيفا وأسفر عن وفاة شخص وإصابة عدة أشخاص، ولكن جريمة 2011 كانت الأبشع من سقوط أكثر من 20 شهيدا وإصابة 120 فردا.
وأضاف متاؤس: إن هناك فرقا كبيرا بين الاعتداء على «القديسين» وما حدث من حرق الكنائس والأديرة بعد 30 يونيو، فالأول كان حادثا إرهابيا مدبرا، أما اعتداءات ما بعد 30يونيو فكلها محاولات من جماعة الإخوان المسلمين ورد فعل لتأليب الناس على بعض ليخربوا البلد وإحداث فتنة طائفية ولم يكن المقصود منها الكنيسة بشكل مباشر، فهى أحداث تستهدف هدم الدولة المصرية.
يرى القس متاؤس أن حادث القديسين كان تدبيرا إرهابيا يريد أن يقلب الناس على الدولة والتى ترجمت بعد ذلك فى ثورة، وهذه الأطراف الدولية مازالت تعبث بأمن واستقرار البلاد حتى الآن وتقتل إخوتنا وعساكرنا فى سيناء، ولم يستبعد الاتهامات الموجهة للإخوان وحماس فى تفجير القديسين، ولكن يرى أهمية إجراء التحقيقات الجادة للكشف عن ذلك.
وفسر حالة التشدد والمغالاة التى أصابت المجتمع المصرى بأنها دخيلة على المجتمع المصرى، يريد الناس أن يتذكروا حفلات أم كلثوم والسيدات اللاتى كن يرتدين الميكروجيب بمنتهى الاحترام، فالتدين لم يكن ملابس ولكنه قلب، وكان هناك انفتاح وتقدم للدولة، ولكن فى عهد السادات وفتح الباب أمام الجماعات المتطرفة، أدى إلى أن وصلنا إلى هذا التطور من الاعتداء وتفجير الكنائس، وأن يقابلنى أحد المتشددين فى الشارع ليبصق فى وجهى أو يلقى على ملابسى ماء نار وغيرها من التصرفات المتطرفة، وقد نفى وجود ما يسمى بالتشدد المسيحى قائلا: «منضحكش على بعض»، متسائلا: هل فى واحد مسيحى قتل شخصا لأن كل جريمته أنه مسلم فقط؟!».
أما عن الدستور الجديد فقال: أغلب ردود الفعل عنه طيبة وتؤيده، وأهم مطالب الأقباط من الرئيس المقبل النهوض بالتعليم، وأن نتوقف عن طريقة التلقين والقوالب ولكن الإبداع والابتكار هو الأهم، والقضاء على الفقر وتشييد مشروعات استثمارية، وخاصة فى الصعيد، فالفقر والبطالة هما أحد أسباب التطرف وفرصة للاستخدام، فشراء الأصوات الانتخابية لن يتوقف مادام الفقر موجودا، وألا نقف ثانية أمام الزيت وسكر التى غيرت مصير البلد.
أما عن الموقف القانونى للقضية حتى الآن فكشف لنا جوزيف ملاك محامى أسر الشهداء ومصابى كنيسة القديسين أن الحادث كان مختلفا عن كل الاعتداءات السابقة التى تعرضت لها الكنائس، لأنه كان اختراقا واضحا للأمن القومى المصرى، لأن ما تعرضت له الكنائس من قبل كان لا يتعدى نشوب احتكاك أو اشتباكات بين الأهالى وبعضهم البعض، ولكن تفجير انتحارى وعربة مفخخة كان الأول من نوعه، وتمكنت عناصر أجنبية من الدخول إلى مصر واختراقها للنظام الأمنى، وتنفيذ هذا العمل الإجرامى، وكان الهدف منه بشكل أساسى هدم الدولة وإشاعة الفوضى.
أضاف: تقدمنا حتى الآن بحوالى أكثر من 20 بلاغا منذ ,2011 والنتيجة الوحيدة التى توصلنا لها أنه لا توجد تحريات لقضية كنيسة القديسين، وكل ما يضمه ملف القضية هو تقرير المعمل الجنائى وشهادة الشهود والمصابين، ولا توجد أى تحريات أخرى، وكل البلاغات التى تتعلق بكنيسة القديسين منذ اندلاع الحادث حتى الآن تدخل الثلاجة ولا تخرج منها، وكل ما تفعله النيابة أنها تقول أنها راسلت للداخلية لإجراء تحريات على البلاغ فقط دون رد.
أما عن صحة الاتهامات بتورط حبيب العادلى فى تفجير الكنيسة فقال جوزيف: كل ما يقال ليس له أى دليل من الصحة، لأن هناك جهات أجنبية بعد ذلك اعترفت بالتفجيرات ومنها تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أن أسلوب التفجير الانتحارى كان فكرا ليس موجودا فى مصر من قبل، بل هو فكر جهادى مستورد متطور، لذا لا يمكننى أن أصدق أن وزير الداخلية حبيب العادلى كما تم الترويج له آنذاك كان وراء الحادث لأن تقرير المعمل الجنائى الخاص بالانتحارى منفذ العملية حدد فقط أنها شخصية أجنبية تحمل ملامح غير مصرية، ولم تتم معرفة اسمه حتى الآن!
وأكد جوزيف أن أحد الأدلة التى تنفى تورط وزير الدخلية فى تنفيذ الحادث هو التفجير الذى وقع لكنيسة سيدة النجاة بالعراق قبل كنيسة القديسين بأيام، حيث كان يراد لمصر استمرار نفس مسلسل الفوضى والتدمير والتدخل الأجنبى فى شئون البلاد كما حدث للعراق، حيث كانت الهدف الثانى وهو ما حدث من إشاعة الفوضى فى البلاد بعد ثورة يناير، ونجاحهم فى القضاء على النظام الأمنى وإسقاط الشرطة بعد ذلك.
جوزيف قال إنه تقدم برفع قضية ضد الدولة أمام القضاء الإدارى لإساءة استعمال السلطة وعدم وجود تحريات عن القضية، واختصم فى هذه القضية محمد مرسى وقبله المجلس العسكرى بصفاتهم الرسمية، وعدم مسئولياتهم فى الاهتمام بتحقيقات القضية، معربا أنه يفترض أن المجلس العسكرى كان متواطئا مع نظام مبارك ولا يريد أن يكشف عن المتورطين من عهده، فلماذا لم يكشف الرئيس الإخوانى محمد مرسى عن متهمى كنيسة القديسين على الرغم من أنه أعلن فى مؤتمر شعبى بالإسكندرية بعد أن أصبح رئيسا، يتهم فيه نظام مبارك بالحادث، بالرغم كل تعهداته قبل وصوله للحكم أن شهداء تفجير كنيسة القديسين فى رقبته ولم يفعل شيئا!
وأضاف: إن المعزول لم يقابل أحدا من أهالى شهداء كنيسة القديسين، وتقابل مع أسرة الشهيد خالد سعيد، ولم يهتم بكل الطلبات التى أرسلت إليه للاهتمام برعاية أسر الشهداء والمصابين لأنهم ليسوا فى الحسبان من الأساس، والغريب أن السفيرة الأمريكية السابقة  «آن باترسون» هى الوحيدة التى طلبت مقابلة أسر الشهداء ولكن الأقباط تعاملوا بوطنية ورفضوا مقابلتها.
وأكد جوزيف أنه طالب بتشكيل لجنة تقصى حقائق للكشف عن أحداث الكنيسة أيام مجلس الشعب المنحل ,2012 وعندما تقدم 20 عضوا من التيار المدنى بهذا المطلب لسعد الكتاتنى آنذاك رفضه، وهو يعد إحدى علامات الاستفهام على تعتيم الإخوان المسلمين على القضية!
أما عن آخر البلاغات التى تقدم بها فكان رقم 1020 لسنة 2013 الذى يتهم فيه حركة «حماس» وخاصة قياديها ممتاز دغمش، اعتمادا على تصريحات المسئول الإعلامى لتنظيم القاعدة  «أيمن الفايد» وإعلانه أن القيادى بحماس ممتاز دغمش والمسئول عن جيش الإسلام الفلسطينى وراء التفجير مهدداً بتدويل القضية!.
أما عن أهالى شهداء كنيسة القديسين والذين لم يتذكرهم أحد منذ وقوع الحادث، ولم يعرف المسئولون فى أنظمتهم المتلاحقة بعد ثورة يناير شهيدا من الإسكندرية سوى «خالد سعيد»، ليتقابلوا معه فى كل محفل ومناسبة، ولكن «روزاليوسف» ذهبت إلى منازل هؤلاء الشهداء الأبرياء الذين قتلوا غدرا بعد صلواتهم وبدلا من أن يستقبلوا عاما جديدا، كان الموت هو الخيار الوحيد أمامهم أو الإصابات بالغة الخطورة.
«داود سليمان» ذلك الأب المكلوم على فقدان ثلاثة من أسرته زوجته السيدة تريزا فوزى وابنته وأخت زوجته السيدة زاهية فوزى فى الحادث، يقول: «البيت اتخرب خلاص، لا نشعر بطعم للحياة، فاستشهدت مارى وكان فرحها باقى عليه 7 أيام وحاصلة على بكالوريوس تجارة، ومارينا تعانى من إصابات بالغة تجاوزت 32 عملية جراحية ومازالت تقيم فى ألمانيا تحت الرعاية الطبية حتى الآن!
وبرلنتى كمال والدة الشهيد بيتر سامى تقول ودموعها تنهمر: إنه أصغر شهيد فى المذبحة، مات ولم يكمل 17 من عمره، هو ابنى الوحيد.واستنكرت  غياب التحقيقات وعدم تقديم الجناة للمحاكمة بالمقارنة بكل الأحداث التى تمت بعد ثورة يناير، تم تقديم المتهمين فيها للمحاكمات، ولكنها لا تستبعد تورط الإخوان وحركة حماس وغيرها من الجماعات المتطرفة فى تفجير الكنيسة، لتشابه ما جرى مع اعتداءاتهم على الكنائس بعد 30 يونيو، والدليل الآخر هو حادث اغتيال وزير الداخلية، حيث تم تنفيذه بنفس طريقة كنيسة القديسين، بنفس حجم القنبلة وقوتها.وتتعجب  مما يدور من كلام عن المصالحة الوطنية مع الجماعة وكل من تلوثت أيديهم بدماء المصريين عموما مسيحيين وضباط جيش وشرطة،وأن الدولة يجب أن تكون أقوى فى مواجهتهم لأنها تمتلك الحق فى الدفاع عن أمن مواطنيها، و لا ينبغى إرضاء حزب النور فى لجنة الخمسين، وكان أحد قياداته وهو الشيخ ياسر برهامى فى الإسكندرية يطالب فى خطبه «منبقاش رجالة لو محرقناش كنايس مصر»، أى اعتراف صريح أكثر من ذلك تريده الدولة ليكون دليلا على الجناة؟!
وتتفق معها السيدة دميانة عروج زوجة الشهيد صبرى فوزى على تورط الإخوان فى المذبحة لأن التحليلات التى خرجت بعد حادث اغتيال وزير الداخلية فى مدينة نصر كانت متطابقة تماما مع طريقة ضرب الكنيسة.
ترى سحر صبحى زوجة الشهيد «عادل عزيز»، الأب لثلاثة أولاد أصغرهم مريام الذى كتب لها وصيته الإنسانية قبل استشهاده، أن تفجير القديسين كان سياسيا، ومحاولة لهدم الاستقرار ورأى الجميع ما حدث بعد ذلك من ثورة يناير، ولكن ليس طائفيا لأن علاقة المسلمين بالمسيحيين لن تهدمها مثل هذه الاعتداءات، و ما يحدث بعد 30 يونيو أعمال تخريبية تستهدف إثارة الفتن الطائفية بين أبناء الشعب واختراق حالة التماسك بين المواطنين، وكأنها ضريبة يدفعها الأقباط.