الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عاصفة «صافيناز» تغير خريطة الرقص السياسى فى مصر

عاصفة «صافيناز» تغير خريطة الرقص السياسى فى مصر
عاصفة «صافيناز» تغير خريطة الرقص السياسى فى مصر


خطفت الأرمينية «صافيناز» الأضواء من فيلم «القشاش» وأبطاله فى مواقع التواصل الاجتماعى وموقع اليوتيوب الشهير وسجلت أرقاما غير مسبوقة فى المشاهدة والمتابعة وأيضا التعليقات حتى أصبحت حديث الشارع الفنى والإعلامى أيضا.
 
فلا «هز» يعلو فوق «هز صافيناز» على أنغام رائعة وديع الصافى الشهيرة «على رمش عيونها» بعد أن استخدمت كل أسلحتها فى لفت نظر الجميع، حتى إن البعض تحدث عن معجزة صافى الجديدة وكأنها حملة مدبرة لتكهين نجمات الرقص الشرقى فى مصر وإيذانا بمولد نجمة جديدة تهز عرش العمالقة وتاريخهن فى اقتحام الحياة السياسية بداية من كاميليا فى القصور الملكية مرورا بتحية كاريوكا وسامية جمال ونجوى فؤاد التى اقترنت بمزاج وزير الخارجية الأمريكى هنرى كسينجر، وحتى دينا صاحبة آخر ضجة فى الأوساط المصرية.
 
البعض صور «صافيناز» على أنها الصاروخ القادم الذى سوف يجتاح الجميع رغم أنها حيلة دعائية استخدمتها الشركة المنتجة لفيلم «القشاش» من أجل شباك التذاكر وعلى طريقة السبكية وأسحلتهم الفاسدة.
 
الأرمينية غطت علي تفوق «حورية فرغلى» بطلة فيلم «القشاش» التى قدمت نفسها فى دور غازية فى الأفراح الشعبية وبفواصل متقنة من الرقص الشرقى ضمن أحداث الفيلم لتعلن عن نفسها كممثلة شاملة.
 
«محمد فراج» أيضا تأثر «بهز» صافيناز رغم اجتهاده فى تقديم نفسه كبطل لأول مرة ومنافسا قويا لاختراع «عبده موتة» أو محمد رمضان وإبطال مفعوله مؤقتا فى شباك التذاكر.
 
أما فيلم «القشاش» نفسه فقد اجتهد مخرجه فى تقديم وجبة ترضى المزاج السائد فى السينما حاليا خلال فترة الغيبوبة وكمحاولة سينمائية تجاوزت الأخطاء الساذجة فى الشعبيات «السبكية» وعوالم البلطجة.. وارتكز الفيلم على سيناريو شبه محكم كتبه محمد سمير مبروك وإيقاع متوازن للمخرج إسماعيل فاروق مع قدرة ملموسة على إدارة النجوم المشاركين فى الفيلم على خلفية معاناة شاب يقيم فى أحد الأحياء الشعبية بالإسكندرية يتهم فى جريمة قتل زوجة أحد الأثرياء ويحاول بعد هروبه من السجن إثبات براءته فى محافظات مصر وينجح فى تقديم مستندات البراءة لكن على الطريقة المأساوية يقتل فى النهاية.
 
سيناريو الفيلم يلمح طوال الأحداث بتفاصيل تحمل دلالة غير مباشرة على الأحداث التى تشهدها مصر وفى الوقت نفسه لا يريد أن يقحم نفسه فى قضايا سياسية ساخنة، فالزوج الذى يكشف خيانة زوجته ويخطط لقتلها بعد حملها غير الشرعى والذى يجسده «إيهاب فهمى» تشعر معه أنه شخصية متأسلمة ويبدو هذا من إطلاق ذقنه الخفيف ولكنه دون عمق أو إضافة أو إلحاح.. نفس الموقف كرره فى دور حسن حسنى الشيخ السلفى المتمسك بكتاب الله ولكنه لا يفعل ما تؤكده سلوكيات المسلم فى التبرؤ من ابنته وهى نماذج باتت مكشوفة فى المجتمع المصرى بعد اقتحام الجماعات الإسلامية المشهد والتناقض الواضح بين معتقداتهم وآرائهم وسلوكياتهم الغريبة والازدواجية عموما فى شخصياتهم.
 
نفس الملمح الدينى يقدمه الفيلم فى احتماء سيد «القشاش» فى أحد الأديرة والتستر عليه بعد أن أثبت نبله فى رسالة واضحة لترابط نسيج المجتمع المصرى ومكافحته للظلم والفساد وللرد على المغرضين الذين يحاولون إشعال نيران الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط.
 
قضية اختلاط الدين بالسياسة فى المجتمع وكشف المتاجرين بالدين اتضحت على استحياء أيضا فى بيت «دلال عبدالعزيز» التى لجأت ابنتها «حنان مطاوع» إلى الاستعانة بـ«القشاش» الذى يحمل نفس ملامح ابنها الذى قرر تركها للجهاد فى أفغانستان لتخفيف آلامها من غياب ابنها المفقود بشعارات إسلامية.
 
المؤلف والمخرج اجتهدا فى اختراق المجتمع المصرى من مشرقه لمغربه وتحديدا من الإسكندرية لأسوان ليلمح بوجود التلاحم بين أبنائه وأصالة الشعب المصرى لكن الإغراق فى أجواء المهرجانات الشعبية والموالد والسنج أدى إلى المواربة عن القضايا المهمة وسير الأحداث لكن يحسب لهما المحاولة فى رسم صورة مثالية للبطل الشعبى الذى يتعرض للظلم ويحاول إثبات براءته والخروج من ثغرات «عبده موتة» و«الألمانى» والأبطال الشعبيين الذين قدمتهم السينما المصرية فى الفترة الأخيرة من خلال «محمد رمضان» للتعاطف مع «القشاش» المتهم البرىء.
 
يحسب للثنائى المخرج والمؤلف أيضا التأكيد على إبراز الجانب الإيجابى لرجل الشرطة بعد ثورة 30 يونيو من خلال نموذجين مختلفين الأول الصارم الذى يطارد المجرم دون شفقة بلا مشاعر والحريص على تطبيق القانون بينما على الجانب الآخر يطرح صورة متوازنة لرجل الأمن المتوازن الذى تحركه مشاعره وإحساسه والانحياز للمتهم البرىء، فضلا عن مشهد اقتحام قسم الشرطة وهو السيناريو المكرر حاليا والذى أبرز الفيلم فيه خروج رجال الأمن من النفق المظلم والتصدى بشجاعة لمحاولات المخربين ومطارداتهم حتى الآن بعكس ما حدث فى الواقع بعد الصورة المأساوية لمهزلة قسم كرداسة التى راح ضحيته رجال الأمن الأبرياء.
 
فيلم «القشاش» شهد كوكبة من الأسماء المعروفة من أجيال مختلفة لمعت فى مقدمتهم دلال عبدالعزيز فى دور الأم المكلومة لغياب ابنها وأدته رغم قصر الدور ببراعة كبيرة فى حين تعرضت موهبة فى حجم «حنان مطاوع» للظلم رغم تفوقها فى المشاهد التى قدمتها ولم يخدمها السيناريو فى تقديم المزيد وهى فى حاجة لإعادة ترتيب أوراقها مرة أخرى لاستثمار طاقتها الفنية بدلا من الظهور فى عمل لن يضيف لها جديدا.
 
«القشاش» محاولة لتصحيح صورة البطل الشعبى وإخراجه من دائرة البلطجة إلى دائرة الإنسان النبيل الذى يتعرض لضربات القدر رغم إهماله الواضح للقضايا الجادة رغم اقترابه منها والتى كان من الممكن أن تمنح الأحداث عمقا وتأثيرا لكن أجواء المهرجانات وهوس شباك التذاكر أفسد الكثير من تفاصيله، وجاءت حملة «صافيناز» فى النهاية للتغطية على المحاولة الجادة للمخرج والمؤلف لأغراض تجارية.. حيلة صافيناز التى تبدو مدبرة وموجهة فى صورة حوارات وصفحات وحسابات على فيس بوك وتويتر لم تؤثر على خريطة الرقص السياسى فى مصر بل أثرت على نجوم «القشاش» وقضاياه الأساسية وسرقت فرحتهم باعتبار أن الفيلم هو البطولة المطلقة الأولى لبطلته «حورية فرغلى» وأيضا «محمد فراج» واجتهادهما معا فى تقديم أدوار متماسكة بعيدة عن الإسفاف والابتذال المطروح فى المناخ السينمائى الحالى ولكن الفيلم فى النهاية هو بدايتهما الحقيقية نحو الطريق الصحيح إذا أرادا ذلك أو السقوط مرة أخرى فى مستنقع السبكية وعلى مذبحة شباك التذاكر وأغانى المهرجانات.