عيب يا سادة..!

عاصم حنفي
وما الذى يدبرونه لمحمد البرادعى؟.. تشعر أن هناك جهة ما تقود وتغذى الحملة المدبرة ضد الرجل.. ما إن يفتح فمه ليتكلم.. حتى تنهال عليه اللعنات والاتهامات تطعن فى وطنيته وانتمائه للوطن.. ومحمد البرادعى شئتم أم أبيتم ينتمى للتيار الوطنى.. ينتمى لثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو.. البرادعى هو ملهم الثورة.. أول من دعا للعصيان المدنى.. أول من طالب الناس بالنزول فى مليونية.. أول من دعا الشباب للنزول فى الشارع للاحتجاج على حكم مبارك.. فما الذى حدث إذن؟!
البرادعى يفكر بطريقة مختلفة.. له رؤية مستقلة تماما.. ربما كانت الإقامة الطويلة فى بلاد الخواجات قد شكلت منهجه الخاص.. وفى أعقاب ثورة 30 يونيو وجد البرادعى أنه لا يتفق مع أسلوب التعامل مع الإخوان.. رأى أنه لا يستطيع تحمل فاتورة الدم.. فآثر الانسحاب.. وماله.. له طريق ولنا طريق.. وقد وجد البرادعى أنه من الأفضل له.. وحتى لا تفسر تحركاته وأقواله عكس ما يقصد.. وجد أن الأفضل أن يغادر البلاد نهائيا.. ليأخذ استراحة محارب.. يبتعد فيها عن مجرى الأحداث.
لكن هناك من يترصد تحركات وأقوال البرادعى.. تماما كما حدث فى أواخر عهد مبارك.. حيث تعرض الرجل الحائز على نوبل لحملة من الشائعات والتشكيك فى مقاصده.. وهى ذاتها الحملة التى تتكرر الآن.. فما المقصود بهذا؟!
وبالأمس هلل البعض لما يسمى بقرار فصله من نقابة المحامين.. وهو الأمر الذى نفاه تماما سامح عاشور.. وليس هكذا تتعامل النقابة مع أعضائها المختلفين سياسيا مع النظام.. وهناك من يرى أن عضوية النقابة كالجنسية لا يجوز إسقاطها عن العضو.. إلا فى ظروف خاصة ليس منها الخلاف السياسى.
وفى عام 1980 طالب السادات من نقابة الصحفيين برفتنا من عضويتها.. والسبب أننا نعارض سياساته ولا نكتفى.. بل أصدرنا مجلة فى لندن اسمها 23 يوليو برئاسة تحرير عمنا وتاج راسنا محمود السعدنى.. شنت المجلة حملة عاصفة على سياسات السادات.. فطالب بإسقاط عضويتنا من النقابة مع زملاء لنا يعارضونه من باريس.. وعندما رفضت النقابة إسقاط عضويتنا هدد السادات بتحويلها إلى مجرد ناد اجتماعى.. ولا تنسى جموع الصحفيين الموقف المشرف للنقيب وقتها الأستاذ كامل الزهيرى.. الذى دافع عنا نحن المنفيين خارج الوطن.
الأمر يتكرر الآن مع الدكتور محمد البرادعى.. القامة الوطنية التى اختلفت مع سياساتنا.. وعلينا أن نتعلم آداب الاختلاف.. وعلينا ألا نندفع نحو سلوك القطيع.. سياسة أن الكل موافق والمعترضون منا نحسبهم فى صفوف الخونة والخارجين عن الإجماع الوطنى.
إن مصر الثورة تحتاج إلى جهود كل الأطراف.. الموافقين والمعارضين، بل إنها تحتاج إلى إسهامات المعارضين بالذات لأن لهم رؤية خاصة.. وعندهم وجهة نظر مختلفة، نحن فى أشد الحاجة إلى سماعها.
ويعنى إيه تسحب عضوية النقابة من عضويتك يختلف معك.. وقد أضفت إلى اسم البرادعى اسما آخر هو أيمن نور.. وغدا تضيف أسماء أخرى تبعا لانتمائها السياسى وهو ما لا يجوز أبدا.
المثير أن محمد البرادعى بالذات هو ابن الأستاذ مصطفى البرادعى أحد رموز المحاماة فى مصر.. وأحد النقباء المحترمين الذين دافعوا عن استقلال المحامين.. وحقهم فى ممارسة المعارضة.. فإذا بالابن محمد البرادعى الحاصل على نوبل يتعرض للعنت والاضطهاد وتشويه السمعة من جهات بعينها تسعى نحو الديكتاتورية المطلقة.. بما يعنى أنها جهات ضد الصالح العام.. ولن أقول إنها جهات فلولية بامتياز.
وهل تستطيع سعادتك مواجهة العالم الذى ينظر إليك ويتابع خطواتك.. وأنت تستبعد البرادعى من عضوية النقابة.. بما يعنى أن سعادتك ديكتاتور ترفض الرأى الآخر؟!
مطلوب الحكمة والتعقل فى التعامل مع قضايا الوطن.
وحسنا فعل النقيب الواعى سامح عاشور.. عندما أعلن أنه لا توجد نية لإبعاد البرادعى الذى ينتمى للفصيل الوطنى.. برافو سامح عاشور.. وتحية للدكتور محمد البرادعى الذى نحترمه ونقدره.. رغم خلافنا مع بعض من أفكاره.