التسعيرة الثورية تفضح حكومة الببلاوى
ايمان مطر
كمن يلوح بالعصا بيد مرتعشة فى وجه حيوان مفترس أملا أن يخيفه.. هكذا حال الحكومة مع التجار فهى تهدد بتطبيق التسعيرة الجبرية وبفرض عقوبات تبدأ من الحبس لمدة سنة إلى خمس سنوات، والغرامة من ألف إلى خمسة آلاف جنيه على التجار والبائعين فى حالة مخالفة التسعيرة الجبرية واهمة بذلك أنها ستسيطر على انفلات أسعار الخضر والفاكهة التى يكتوى المواطنون بنارها.
رفعت الحكومة عصا التسعيرة الجبرية فجاء رد تجار الجملة بسوق العبور بأن المحصول قليل مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار حسب قانون العرض والطلب للسوق الحرة، وكشرت منظمات الأعمال عن أنيابها متخوفة أن يمتد تأثير التسعيرة المزعومة إلى منتجاتهم ساندهم فى ذلك تصريحات طابور من الخبراء فى وسائل الإعلام الذين انبروا فى توضيح كارثة تطبيق التسعيرة الجبرية والتى ستقودنا إلى الوراء ستين عاما، حيث الاقتصاد الشمولى وسيطرة الدولة على مقدرات الشعب والكثير من الكلام الضخم والذى إذا دل فإنما يدل على أنهم أشخاص بعيدون كل البعد عن الواقع وما يكتوى به المواطن العادى من غلاء الأسعار، فإذا استطاع هذا المواطن أن يصبر على ارتفاع أسعار الملابس فلا يشترى ملابس جديدة لمدة عامين أو ثلاثة فكيف يصبر هو وأبناؤه على الجوع جراء ارتفاع أسعار الخضروات الأساسية وليس الفاكهة والتى تعتبر ترفا لايعرفه الكثيرون؟!
وجاء رد الحكومة الأليف على لسان وزير التموين فى اجتماعه مع أعضاء غرفة الحبوب باتحاد الصناعات بأن التسعيرة الجبرية لا تتعارض مع آلية السوق واحترام العرض والطلب، وإنما الهدف منها تنظيم عملية الربح، ومنع استغلال بعض التجار.
استجداء ذليل من حكومة المفترض بها أن تستخدم كل آلياتها لصالح المواطن المطحون ونصرته أمام طوفان ارتفاع الأسعار والتى يعانى منها منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.
وقفت فى إحدى الأسواق أرقب رد فعل السيدات وهن يقتربن للسؤال عن أسعار الخضروات من البائعين وكان رد الفعل الاندهاشى والاستياء يعلو وجوههن عند معرفة السعر.. منهن من تمشى بدون تعليق وعلى وجهها يرتسم العجز وأخرى تشيح بذراعها فى وجه البائع عندما تعلم مثلا بأن سعر كيلو ورق العنب عشرون جنيها، أما الثالثة فوقفت تشترى ربع كيلو وعندما أراد البائع التأكد من الكمية التى تريد شراءها قالت بابتسامة بها الكثير من الحرج.. الكمية كافية لنا فنحن شخصان فقط.
أراد أحد البائعين تبرير ارتفاع الأسعار عندما سألته فقال: أنا مجرد بائع أضع هامش ربح بسيط لى فإذا اشتريت الكيلو بـ 4 جنيهات من سوق العبور فأنا أبيعه بـ 5 جنيهات أو 5,5 جنيه نظرا لتكلفة النقل، وإذا أرادت الحكومة أن تفرض تسعيرة فتفرضها على تجار الجملة.. تدخل أحد الزبائن الواقفين للشراء فى الحديث قائلا له: أفضل لك أن تبيع الخضار بسعر أرخص بعض الشىء على أن يتبقى لديك ويفسد، وهو ما رفضه البائع بأنه يفضل إلقاءه فى القمامة على أن يبيعه بسعر أرخص! منطق مغلوط يعكس استعلاء غبيا على المشترين!
بائع فاكهة شاب انفعل بشدة عندما تحدثت معه بخصوص التسعيرة ملوحا بيده بأن الحكومة لا تستطيع أن تفعل ذلك فلا توجد لديها آليات لتطبيقها من مفتشى تموين ولن تستطيع أن تضع أسعارا محددة للفاكهة نظرا لتنوع اصناف الفاكهة الواحدة مثل المانجو فمنها العويسى والهندى فكيف سيتم فرض تسعيرة واحدة لها وكذلك الموز فهو درجات؟!
بائع عجوز رحب بالتسعيرة، حيث إنها ستطبق على التجار فى سوق العبور وبالتالى سيشترون بأسعار أرخص ويبيعون بهامش ربح معقول، وهو ما كان يحدث أيام السادات والتى وصفها الرجل بأنها أيام الرخاء بالنسبة له.
رمى البائعون الكرة فى ملعب التجار والذين لم يتوانوا عن رميها بدورهم فى ملعب الفلاحين والعزف على وتر قلة المحصول التى تؤدى إلى ارتفاع الأسعار.
أيمن راضى - تاجر بسوق العبور- توقع عدم تطبيق التسعيرة سواء عليهم أو على البائعين مبررا رأيه بأن السوق مفتوحة، فإذا دخل أحد اصناف الخضر بكميات كبيرة إلى السوق فسوف يتم تداوله بسعر رخيص والعكس صحيح، وبالتالى فالأمر لايتوقف عليهم بل على محصول المنتجات الغذائية.
وعن شراء التجار لمحصول الفلاحين فى الحقول من قبل أن يتم طرحه قال راضى: هناك من يفعل ذلك ولكن لا يؤثر على الأسعار محذرا بأنه ستكون هناك عقوبات كثيرة منها المشاحنات التى ستتم بين التجار ومفتشى التموين فى حالة تطبيق التسعيرة.
وكشف راضى عن أنه خلال أسبوعين ستنخفض الأسعار نتيجة طرح كميات كبيرة من الخضار بمناسبة دخول موسم الشتاء.
ويكمل المعلومة فؤاد علوش - تاجر جملة بسوق العبور - مبررا ارتفاع الأسعار بأننا فى فترة تسمى فرق مواسم ما بين شتاء وصيف وهناك محاصيل لم يأت أوان حصادها، وبالتالى يتم طرح المخزون منها للبيع بأسعار مرتفعة مثل البطاطس والفاصوليا الخضراء، وسوف يتم انخفاض الأسعار مع بدء موسم الشتاء حيث سيقل الاقبال على الفاكهة ويزيد على الخضروات التى سيتم طرحها بكميات كبيرة.
وطالب علوش بدعم الفلاحين حتى يتسنى لهم زراعة الخضروات بشكل أكبر، وبالتالى انخفاض أسعارها عندما تزيد كمياتها.
ولكن بنظرة متأنية على الأسعار التى تعلنها سوق العبور على موقعها الإلكترونى والأسعار المتداولة نفاجأ بأن ربح البائع لا يقل عن 100٪ وأحيانا يتخطاها بأضعاف هذه النسبة عندما نجد بأن سعر كيلو البامية فى سوق العبور بـ 8 جنيهات، ويتم بيعها بـ 18 جنيها، وسعر كيلو البطاطس بـ 4 جنيهات وتباع بـ 7 جنيهات، وسعر الفلفل الملون بـ 5 جنيهات ويباع بـ 15 جنيها، وسعر الثوم بـ 10 جنيهات، ويباع بـ 20 جنيها وسعر الكوسة بـ 4 جنيهات ويباع بـ 8 جنيهات، وسعر الطماطم بـ 50 قرشا وتباع بـ 2 جنيه، وسعر الباذنجان الأسود بجنيه واحد ويباع بـ 4 جنيهات.
هذه بعض وليست كل أسعار الخضروات بغض النظر عن الفاكهة والتى فاقت هذه الأسعار بمراحل عديدة.
أيها السادة كان هناك رئيس لجمهورية مصر العربية اسمه جمال عبد الناصر ضرب بيد من حديد على استغلال التجار ورفعهم للأسعار بدون وجه حق فى عام ,54 ولذلك لايزال يذكره الملايين بالخير.. نريد حكومة قوية تستطيع أن تقود مصر فى هذه المرحلة المضطربة ولا تخشى غضب أصحاب المصالح ومن يتلاعبون بقوت الشعب.







