الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ولادة الحـلــــــــــم

ولادة الحـلــــــــــم
ولادة الحـلــــــــــم


كانت الثورة بالفعل حُلماً يراود هذا الجيل البطل طيلة سنوات نضاله، هذا الجيل الذى تفتحت عيناه وتشكل وعيه مع بداية الألفية الثانية واغتيال الطفل محمد الدرة وانتفاضة شعبنا الفلسطينى الأبى من أجل الحياة ودفاعا عن الأرض.هذا الجيل الذى تشكل وعيه وهو ينتفض ضد احتلال العراق عام 2003 وحكام العرب جميعا فى سبات عميق لم يحركوا ساكنا، بل تواطأوا بكل وقاحة مع العدو فى مواجهة شعوبهم وأبناء وطنهم، كل ذلك خلق لدى هذا الجيل انتماءً حقيقيا بالقضايا القومية وأملا أصيلا فى تغيير هذا الواقع الأليم.. ولكن اصطدم هذا الحلم وهذا الأمل بصخرة أنظمة استبدادية قمعية تحكمهم فلم يكن هناك مفر من مقاومتهم.. وكانت هنا بداية «الطريق إلى الميدان».
بدأ هذا الجيل نضاله ضد نظام مبارك مع بداية الموجة المنادية بالتغيير فى نهاية 2004 وبروز الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» فكانت أولى هتافاته  «يسقط حسنى مبارك» و«لا للتمديد.. لا للتوريث «هتافات شكلت وعى جيل عبر فوق جدار الخوف والمذلة الذى تربى عليه أجيال من المصريين سبقتهم، لم تكن مقاومة هذا الجيل لنظام مبارك فقط من أجل حياة ديمقراطية فيها تعبير حر عن الرأى وتداول حقيقى للسلطة.. إلخ ولكن بالأساس لأن هذا النظام الذى ظل جاثما على صدور المصريين لأكثر من ثلاثة عقود أفقد هذا الجيل بالكامل أى أمل فى مستقبل أفضل، فكان لزاما عليهم أن يفتحوا من جديد طاقات للنور الذى لن يمر سوى بهدم هذا الجدار المقيت من الخوف الذى زرعته بداخلهم أنظمة بوليسية حكمت هذا الوطن بمنطق العزبة وبددت كل ثرواته وأفقرت شعبه وجعلت الملايين يبحثون عن قوت يومهم فى جبال القمامة.     
كان التحول الجوهرى الذى فجر السخط الشعبى ضد نظام المخلوع مع بداية تحكم شلة جمال مبارك فى مقاليد الأمور بالبلاد وعلى رأسهم ذلك الاحتكارى القصير «أحمد عز» وبداية توغل سياسات الليبرالية الجديدة، فزادت معدلات احتكار السلع والخدمات وانطلق قطار الخصخصة بلا هوادة يحصد بفساد ممنهج ما تبقى من مقدرات هذا الشعب، وازدهر مشروع التوريث للنجل الأحمق الذى ظن أن هذا الوطن نصيبه فى تركة والده، ولكنها كانت قسمةً ضيزى لم تقبل بها الجماهير ولم تسمح بها.
ظل هذا الجيل يقاوم مبارك ونجله وعصابته من خلال زرع الحلم والأمل فى قلوب المصريين بقدرتهم على الانتصار، على خلع هذا الديكتاتور العجوز الذى يختبئ خلف آلة أمنية مرعبة ولكنها هشة فى نفس ذات الوقت، حتى جاءت اللحظة التى قرر فيها هذا الشعب العظيم أن يقرر مصيره، اللحظة التى قرر فيها فقراء هذا الوطن أن يخلقوا عالما جديدا أكثر عدلا من أجلهم ومن أجل الأجيال القادمة، قامت ثورة 25 يناير فكان شعارها «تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية» شعار بليغ وعبقرى لخص معاناة المصريين عقوداً من الزمن أسيرة احتلال من جماعة من أبناء هذا الوطن.