الأربعاء 14 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

«الطـامـة الكـبـرى»!

«الطـامـة الكـبـرى»!
«الطـامـة الكـبـرى»!


استعرضنا الأسبوع الماضى نصوص الفصل الخاص بالسلطة القضائية فى مشروع دستور مصر الجديد الذى يُستفتى عليه الشعب، كإحدى سلطات الدولة الثلاث، وما به من عوار دستورى ينال من استقلال القضاء ويمنح الفرصة للسلطتين الباقيتين التنفيذية والتشريعية للتدخل بشكل سافر فى أعمال القضاء. ونستكمل فى الحلقة الثانية بعض عيوب المشروع فى الأحكام الخاصة بالسلطة التشريعية ونُظم الانتخابات.
 
 

 
عاتبنى البعض على تناول عيوب المشروع دون مزاياه، فكرَّرت قولى أنه ولئن أفصَحَت القراءة الأولية للمسوَّدة النهائية للمشروع عن نسبة لا بأس بها من النصوص المتوافقة مع التوجهات الدستورية الدولية والاجتماعية، فإن هناك عدداً من النصوص يحمل ألغاماً وقنابل موقوتة ستنفجر تباعاً فى ربيع الحياة المصرية المأمول جيلاً بعد جيل، كانت تكفى وحدها- مهما كانت قلتها- لضرورة الحوار الجاد المُثمر والتروى كثيراً فى طرح المشروع للاستفتاء الشعبى، لأنه من المفترض أن هدفنا جميعاً رسم دستور يتناسب مع الطموحات الثورية والشعبية فى غد أفضل للأجيال جديدة ويتماشى مع التطورات العالمية الجديدة التى جعلت من العالم قرية واحدة كبيرة لا تستعصى على المراقبات أو المداخلات أو الخارجية، تتشابك مصالحها وتتشارك قراراتها، دون أن تكون هناك مصلحة لفصيل معين فى تمريره!! ... فضلاً عن عيوب الصياغات غير المنضبطة والركيكة أحياناً وتقسيمات الخطة الدستورية فى التبويب والتقديم والتأخير التى لا تليق بدستور دولة فى حجم مصر ووسط هذا الظرف التاريخى النادر! وجلها عيوب لا يفطن لها مع الأسف سوى المتخصصين أو المهتمين بالشأن العام عموماً، فما بالكم بهذا الشعب المغيَّبة بعض فئاته ويحاول النظام تغييب البقية!
 
كما أنه فى ظل استماتة النظام فى تمرير هذا المشروع الدستورى ومحاولاته الفجة وسعيه اللاحيادى للتأثير على الشعب، بدءاً من رئيس الجمهورية ومروراً برئيس الوزراء والوزراء والمحافظين وانتهاء بقيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وبقية الأحزاب والجماعات والحركات المُسمَّاة بالانتماء إلى الإسلام، دون ضابط قانونى أو رقابة وعلى مرأى ومسمع من أجهزة المحليَّات الرسمية، وبلا أدنى تصاريح أمنية وبمنتهى انتهاك الحرمات الاجتماعية فى المرور على البيوت وإطلاق النساء طرفهم على سيدات الشعب البسيط ، تلك النساء اللاتى أثبتت التجربة أن جميع تلك الأطياف السياسية لا تلجأ إلى المرأة إلا حال مصالحها من كتل التصويت النسائى فى الانتخابات والاستفتاءات!! لذلك آثرت أن أترك لهم ما يُصدرونه من مزايا المشروع التى يرونها مكتفياً بسرد أهم المآسى التى ستصب فى صالح النظام الحاكم وتستبيح المستقبل المأمول للثورة الشعبية المصرية! واعداً بالعودة البحثية الحقة فى نصوص هذا الدستور بما له وما عليه إذا أقره الشعب وأضحينا جميعاً مضطرين للتعامل به وفقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية!!
 
يأتى الفصل الخاص بالسلطة التشريعية فى هذا المشروع الدستورى ضمن الباب الثالث المُخصص للسلطات العامة فى الدولة، وأصرت الجمعية التأسيسية فى مشروعها على بقاء مجلس الشورى كغرفة ثانية من البرلمان المصرى، وطبيعى أن قلنا فى السابق إن اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية عن طريق مجلس الشورى المُشارك مع مجلس الشعب بشكل مواز فى الاختيارات، سيُضفى موافقة ضمنية من أعضاء الجمعية التأسيسية على استمرار وجود مجلس الشورى فى الحياة البرلمانية المصرية! وإلا فأين يذهب أعضاؤه الحاليون! فالمسائل أضحت تُؤخذ بالمصالح لا بالصالح! خصوصاً أن تجربة مجلس الشورى منذ إنشائه لم تُسفر عن نتائج إيجابية تُذكر- برلمانياً وسياسياً- اللهم إلا السيطرة على المؤسسات الصحفية القومية وتكبيل حرية الرأى والتعبير خدمة للنظام الحاكم! فأفرد المشروع الفرع الثالث من الفصل الثانى لمجلس الشورى، وقرر فى المادة (128) تشكيل مجلس الشورى من عدد لا يقل عن مائة وخمسين عضواً، ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر، واستمر النص فى منح رئيس الجمهورية سلطة تعيين عدد آخر من الأعضاء فى المجلس كما كان معمولا به مع نظام ثورة يوليو، وإن كان خفَّض العدد قليلاً بما لا يزيد عُشر عدد الأعضاء المنتخبين، وجعلها سُلطة جوازية، وكأننا ما فرقنا إلا قليلاً لأن الفكر دام واحداً.
 
 

 
ونأتى للنظام الانتخابى لكلا المجلسين، إذ لم يُقرر المشروع نظاماً معيناً تُجرى عليه انتخابات مجلسى النواب والشورى والمجالس المحلية، بل ترك الباب مفتوحاً فى المادة (224) وفقاً للنظام الفردى أو نظام القوائم أو الجمع بينهما أو بأى انتخاب يحدده القانون! وهذا يطرح تساؤلاً جوهرياً يتعلق بالصياغة التشريعية عن جدوى وجود السرد فى هذه المادة مادام بأى نظام يحدده القانون؟ وكيف لا يتم تحديد النظام الانتخابى مادام ليس مسكوتًا عن وروده فى الدستور!! وما سبب وروده فى الفصل الخاص بالأحكام العامة من الباب الخامس، مع أن الأصول التشريعية فى الفهرسة والتبويب تلزم أن يكون ذلك ضمن نصوص الفصل الثانى من الباب الثالث المتعلق بالسلطة التشريعية! ناهيك عن إصرار الجمعية التأسيسية على أن تكون الانتخابات التشريعية القادمة التالية لإقرار الدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة والثلث للنظام الفردى ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما، وهو ما أقرته المادة (231) فى باب الأحكام الانتقالية، كأن الشعب سيوافق على دستور يجعل مجلس النواب المنتخب بهذه الوسيلة يُخالفها، وهو ما يصعب افتراضه!! رغم أن نظام القائمة قد أولد لنا فى العام الماضى مجلساً للشعب لم يحمل الكفاءات البرلمانية الكافية لوضع التشريعات المناسبة التى يحتاجها الشعب المصرى بعد ثورة على فساد دام أجيالاً!
 
والجارى أن المفهوم التحليلى البسيط لمعنى النظام الانتخابى يكمن فى إحلال أصوات الناخبين بأعضاء ومقاعد مادية قانونية داخل البرلمان، لذلك فإن البداية السليمة لإنزال نظام انتخابى معين فى أى دولة تأتى من دراسة ورصد الأوضاع الدستورية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأمة، وهو ما لم يحدث للأسف بشكل علمى، فلا يصح أن تتم المسائل على شاكلة النية المفاجئة والحاسمة لإصدار نظام انتخابى والسلام ثم يُطرح حوار قومى أو إعلامى أو حتى مصطبى لمناقشته، خاصة أننا فى ظل مد ثورى إيجابى للغاية، طالما حلمنا به ولم نكن نتوقعه آنياً، ولا يحتاج فى ظنى إلا التوجيه السليم نحو مستقبل أجمل للبلاد فى المجالات كافة، والمضحك بالنسبة لمصر تحديداً أن الجميع يتحدث عن نظامى الانتخاب الفردى والقائمة وأغلب بسطاء هذا الشعب الجميل الكادحين لا يعلمون الفروق القانونية والعملية بينهما ومزايا وعيوب كل منهما، فضلاً عن تفشِّى الأمية الثقافية فى نسبة غير قليلة من الطوائف المختلفة، وأتعجب بحق من إهمال مؤسسات الدولة الرسمية وكذا منظمات المجتمع المدنى لأدوارهم فى التوعية بذلك.
فإن أنظمة الانتخابات عموماً تتفرَّع إلى تقسيمات ثلاثة رئيسية هى نظام الانتخاب الفردى ونظام الانتخاب بالقائمة ونظام الانتخاب المختلط الذى يجمع بين النظاميْن الأولييْن، وتندرج تحت كل نظام من الثلاثة نوعيات مختلفة من الأنظمة والأساليب والطرق الانتخابية. وفى أحكام نظام الانتخاب الفردى يتم تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية مكانية صغيرة نسبياً من حيث المساحة، يمثلها عضو واحد فى البرلمان، ويقوم كل ناخب بالتصويت وفقاً لهذا النظام لصالح أحد المرشحين عن تلك الدائرة دون الآخرين، وهو النظام الذى تم تحريفه وتشويهه فى الأنظمة الدستورية المصرية المتتابعة بعد حركة يوليو 1952 ليمثِّل كل دائرة عضوان أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين أو الاثنان معاً، وهو ما أفرز وقائع كوميدية تنافس الأفلام الهابطة، حين نفاجأ على سبيل المثال بأستاذ جامعى حاصل على أعلى الشهادات العلمية ومن جامعات عالمية يمثل الشعب فى البرلمان بصفة عامل، أو ممثلة أو إعلامية فى صفة فلاحة، فقد تم إبعاد هذا النظام الانتخابى إبعاداً موجهاً عن مغزاه الحقيقى فى التمثيل الفعلى للفلاحين والعمال الكادحين!! ويتفرع عن نظام الانتخاب الفردى - حال ضبط وإعلان النتيجة النهائية - نظاما الانتخاب الفردى بالأغلبية المطلقة والانتخاب الفردى بالأغلبية النسبية، ففى الأغلبية المطلقة يُشترط فوز المرشَّح بالأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة للناخبين المقيَّدين فى الدائرة (50٪ + 1)، لذا يجيز هذا النظام إجراء العملية الانتخابية على دورتين، فإذا لم يحصل أى مرشَّح على هذه النسبة تُجرَى إعادة بين المرشحيْن اللذيْن حصلا على أعلى الأصوات، ويفوز المرشَّح الحاصل على أعلى الأصوات فى الإعادة، وهو النظام المعمول به فى مصر خلال العقود الأخيرة، وبعض الأنظمة تشترط الحصول على نِسب معينة من الأصوات فى انتخابات الإعادة. أما نظام الانتخاب الفردى بالأغلبية النسبية فيُشترط حصول المرشَّح على أعلى الأصوات فقط عن بقية المرشحين، دون النظر إلى مبدأ الأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة للناخبين، ومن ثم تُجرَى العملية الانتخابية فى ظل هذا النظام على أساس دورة واحدة. فى حين أنه فى نظام الانتخاب بالقائمة يتم تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية مكانية كبيرة نسبياً من حيث المساحة، يمثلها أكثر من عضو فى البرلمان، ويدلى كل الناخب بصوته وفقاً لهذا النظام لصالح مجموعة من المرشحين عن تلك الدائرة فى آن واحد، وينبنى على فكرة الفارق بين الأصوات التى تم الحصول عليها وبين المقاعد التى تم الفوز بها، فى حين يقوم نظام الانتخاب الفردى على مبدأ أغلبية أصوات الناخبين سواء كانت أغلبية مطلقة أو نسبية.
 
ورغم أنه من أهم مزايا نظام الانتخاب الفردى.. بساطته وقرب النواب من ناخبى الدائرة التى يمثلها واستمداده قوته ومكانته منهم وعلاقته بهم، وهو ما يُبعد عنه فى الغالب تأثيرات الأحزاب، إلا أنه أفرز فى الواقع المصرى المعاصر العديد من نواب المصالح ونواب القروض من رجال الأعمال وأدخل معظم الناخبين فى دائرة المطالب الشخصية، مما انعكس مباشرة على ما أصدرته البرلمانات المتتالية من تشريعات. فى حين أنه يلزم فى نظام الانتخاب بالقائمة أن تكون الأحزاب السياسية فى الدولة منظمَّة وفعالة ومشارِكة بفاعلية فى الحياة السياسية، أمينة على مصالح ومستقبل الشعب.
لذلك كان يجب التروى والدراسة العلمية والاجتماعية الفعلية لطبيعة المجتمع المصرى للوقوف على نظام واحد من النظامين، أما عن فكرة الدمج بين النظامين بنسب معينة فسوف يزيد الحياة السياسية تعقيداً فى هذه الفترة الانتقالية، ويؤدى فى النهاية إلى برلمان يزيد البلاد بلاء تشريعياً وسياسياً، فى ظل التطورات الثورية الحالية ورياح الحرية المستقبلية، على أن تضع السلطة الحاكمة فى الحسبان إذا قررت نظام القائمة النسبية أن يتم التوعية القانونية الحقيقية للشعب المصرى بهذا النظام، بعيداً عن مؤتمرات الحوار الوطنى والحوار القومى وأى حوارات أخرى، كما يلزم أن تأخذ اللجنة القضائية العليا المشرفة على العملية الانتخابية وقتاً كافيا لتدريب السادة القضاة وأعضاء الهيئات القضائية المشرفين على وسائل وطرق وأساليب الفرز والرصد للأصوات الانتخابية.
 
أما عن الطامة الكبرى، فهى إصرار الجمعية التأسيسية فى مشروعها الدستورى على وجود نسبة 50٪ عمال وفلاحين فى تشكيل أول مجلس للنواب بعد إقرار الدستور ولمدة دورة واحدة، وهو من الخطورة بمكان.. لأن هذا المجلس الذى سوف يتم انتخابه سيتحمل مسئوليات عضال وفعاليات جسام فى التعامل مع الحياة المصرية من الأوجه كافة، حتى وإن عرَّفت المادة صفة العامل بأنه كل من يعمل لدى الغير بأجر، وصفة الفلاح كل من عمل بالزراعة عشر سنوات على الأقل، لأن الجميع يعلم الإسهال المستندى فى مصر ومدى إمكانيته فى إثبات مثل تلك الصفات، فهم سيتولون الحياة النيابية بعد التعديل والانتخاب! ويتغلغلون فى مجلسى البرلمان والمجالس الشعبية المحلية فى هيكل نظام المركزية الإدارية المفرطة، مع استمرار العبث الدستورى المسمى بمجلس الشورى!
كما خدع المشروع الجميع بإهماله النص على انتخاب المحافظين، وهى الأحكام التى طالب الجميع بها بعد الثورة ومنهم حزب الحرية والعدالة نفسه، بل كان ضمن الدعاية الانتخابية للحزب!! وبالتالى ستظل بدعة اختيار المحافظين وفقاً لأهواء النظام فى الاختيار عبر معيار الولاء لا الكفاءة من ناحية، وتجنيب شعب كل محافظة فى اختيار من يديرها من ناحية أخرى.
 
فلا يزال الأمر يحتاج تغييراً جذرياً فى الأحكام والمبادئ الدستورية التى نزلت فى ظروف سياسية أو اجتماعية مغايرة، إذ كيف ننحو نحو ديمقراطية سليمة والدستور يصر على وجود نسبة 50٪ عمال وفلاحين بين فضاءات البرلمان، وهذا الكائن المريض المسمى مجلس الشورى، وغيرها من الأحكام الدستورية المهترئة التى تولدت نتيجة النهج السياسى والاجتماعى لأنظمة ما بعد حركة يوليو ,1952 أبهذا وذاك نبنى حياة نيابية جديدة تقوى على اختيار المرشحين لرئاسة الجمهورية، ولو أضفنا إلى ذلك السلطات والاختصاصات الشاسعة التى يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية نكون أمام كارثة حقيقية ستزيد الامر تعقيداً فيما بعد، فإن المناخ الثورى الجارى - بما له من أفكار متطورة - يجب أن يطيح بتلك القوالب الفكرية المعدة من مخلفات قرن مضى، والأمر يتطلب فى نظرنا دستوراً جديدا، وتبدو المرحلة الجارية خصبة للغاية فى سبيل هذا التغيير.
 
وأخيراً فإن هذه لمحات سريعة لهذا المشروع الدستورى الذى يبتغى كل مصرى حق أن يكون هناك دستور لمستقبل مصر، وما قرار رئيس الجمهورية بجعل الاستفتاء على مرحلتين إلا سلسلة أخرى من التخبط غير المنضبط فى قرارات السلطة التنفيذية عموماً والرئاسية خصوصاً، إذ كيف يكون إبداء الرأى فى ظل أكثر من مرحلة مع إمكانية وشيكة لتسريب النتائج خلال الأسبوع؟ لماذا لا يعترف رئيس الجمهورية ويُصارح الشعب بشجاعة أن عدد القضاة غير كاف للإشراف على إجراءات الاستفتاء وأن القضاة قد سطروا ملحمة تاريخية شجاعة ضد ما أصدره من قرار وسمَّاه وحده والذين معه إعلاناً دستورياً؟ اليس هذا الشعب يا سيادة الرئيس هو الذى خرجت إليه يوماً فى ميدان التحرير تحلف اليمين وتفتح رداءك وصدرك مطمئناً؟ أو ليس ذاته هذا الشعب الذى انتخبك؟ أو ليس هذا هو الشعب الذى يدعيه النظام ووقفت تخطب فيه أمام قصر الاتحادية منذ أسابيع؟ ثم خرجت مسرعاً بعدها بأيام من الأبواب الخلفية للقصر؟ لماذا لا يعترف النظام بالخطأ ونبدأ سطراً جديداً بدلاً من أبواقه التى تُصر على اكتمال عدد القضاة المشرفين على الاستفتاء؟ إذن لماذا تم إجراء الاستفتاء على مرحلتين إذا لم يكن هذا هو السبب؟ وإلا لن يكون وقتها سوى لأجل السماح للتيارات الموالية لمشروع الدستور أن تأخذ من الوقت والفرصة لتعيد تنظيم نفسها وتقسمه خلال هذا الأسبوع حتى يتم المراد!!
 
وأخيراً وفيما يتعلق بالنداءات التى يتبناها بعض القوى السياسية بمقاطعة الاستفتاء، فإن سياسة المقاطعة تمثل الضعف والخزى السياسى، وبعض القوى قد الفت فعلاً على ذلك فى التاريخ السياسى المصرى خلال العقدين الأخيرين، وكان ذلك أحد أسباب الانهيار المجتمعى فى مصر، وبكل فخر جاء التغيير بعيداً عن أفكارها ! لذلك فإننى أدعو جميع أطياف وفئات الشعب لممارسة حقها المشروع فى الذهاب لصناديق الاستفتاء اليوم ويوم السبت المقبل، ليبقى له القول النهائى الفصل، ونقف جميعاً على إرادته الحقيقية، فى ظل عمق الدور الوطنى الذى يتوخاه القضاة الذين وافقوا على الإشراف فى الخروج بالعملية الاستفتائية إلى استبيان ما تنشده إرادة الأمة فى هذا المرحلة التاريخية، أياً ما كان نتيجته، لأن هذه النتيجة هى ما سوف نتعامل معها جميعاً شئنا أو أبينا لكونها إرادة الشعب.