الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بالوثائق: السفارات الأمريكية.. قواعد تجسس

بالوثائق: السفارات الأمريكية.. قواعد تجسس
بالوثائق: السفارات الأمريكية.. قواعد تجسس


نشر موقع ويكيليكس منذ أيام وثائق جديدة تكشف عن استخدام الولايات المتحدة لسفاراتها فى أعمال التجسس، ويأتى ذلك فى الوقت الذى يعانى فيه «جوليان أسانج» مؤسس الموقع من التضييق عليه بعد رفض محكمة الإكوادور طلبًا له بتعديل شروط لجوئه إلى سفارة كيتو فى لندن، التى لجأ إليها عام 2012 خوفًا من الملاحقات الأمريكية له فى أعقاب كشفه مئات الوثائق السرية التى فضحت واشنطن وكشفت ألاعيبها وأنشتطها السرية فى كل مكان فى العالم.

اعتادت السفارات الأمريكية فى مختلف دول العالم على نشر طلبات شراء أو طلب موظفين عبر مواقعها الإلكترونية، حيث تطلب عروض أسعار لخدمات أو غير ذلك للاختيار بينها، لكن الموقع رصد حالات كانت تشير إلى وجود أنشطة سرية لا تتعلق بأعمال السفارة المعتادة. إحدى هذه الحالات وقعت فى أغسطس 2018 عندما طلبت السفارة الأمريكية فى «السلفادور» 94 كاميرا مراقبة على أن تكون داخل ساعات أو ناقلات البيانات «يو.إس. بى» أو جوارب أو أزرار قمصان إلى غير ذلك. والطلب نفسه تقدمت به السفارة الأمريكية فى كولومبيا.
طلبت السفارة الأمريكية فى «الإكوادور» عدد 6 كاميرات تجسس صغيرة الحجم للسيارات بخاصية تتبع الحركة والتصوير الليلى أى توفير صورة واضحة حتى فى الظلام، إلى جانب 10 أجهزة تضم كل منها ثلاث خصائص فى آن واحد وهى كاميرا ومايكروفون لتسجيل الصوت وخاصية «جى.بى. إس» وهى أجهزة يتم التحكم بها عن بعد وتعمل البطارية الخاصة بها لمدة 8 ساعات متواصلة، وتضم الوثيقة أيضًا عدد 8 كاميرات داخل رابطة عنق و10 كاميرات كل منها داخل قبعة و10 أخرى على شكل قلم و8 كاميرات على شكل «يو. إس. بى» إلى جانب 10 كاميرات تجسس على شكل نظارات و8 على شكل ساعات و5 أجهزة تحديد المكان من خلال الـ«جى. بى. إس».
بينما تكشف وثيقة أخرى تخص القنصلية الأمريكية فى شنجهاى عن نشاط يهدف إلى دعم المصالح التجارية لواشنطن، حيث طلبت إنتاج ثلاثة مقاطع فيديو للتسويق للحوم الأمريكية فى «الصين» والترويج لها.
وفى «كولومبيا»، طلبت السفارة الأمريكية فى يونيو 2017 شراء 10 أجهزة تسجيل صوتى صغيرة الحجم و10 كاميرات تجسس، أما فى مايو من العام نفسه، أجرت السفارة عمليات شراء لثلاث كاميرات تجسس وثلاثة أجهزة تجسس على شكل نظارات وثلاثة على شكل قبعات.
الأمر نفسه تكرر فى قنصليتها فى «فرانكفورت» الألمانية، حيث أظهرت الوثائق طلب واشنطن شراء أجهزة تساعد فى اختراق الاتصالات القائمة والوصول إلى الاتصالات القديمة أيضًا إلى جانب شراء أجهزة قرصنة للسفارة الأمريكية فى «مونتنجرو».
أما فى «أوكرانيا»، فقد طلبت الولايات المتحدة أجهزة تجسس مختلفة من بينها 15 جهاز اتصال لاسلكى و20 جهاز تسجيل صوتى متخصص، وقد حصلت بالفعل على هذه الأجهزة، كما تشير الوثائق.
وتعد إحدى أهم الوثائق فى الكشف الجديد لـ«ويكيليكس»، والذى يضم 16 ألف وثيقة، هى وثيقة خاصة بسفارة واشنطن فى «بنما».وتكشف الوثيقة عن تعاقد السفارة مع شركة «UFEDs» الإسرائيلية التى تنتج أجهزة كمبيوتر محمول صغيرة الحجم ويمكنها اختراق أجهزة المحمول والحصول على جميع البيانات والرسائل وغيرها.
كما تعد الوثائق الخاصة بسفارة واشنطن فى بغداد أيضًا ذات أهمية كبيرة، إذ أثبتت الوثائق شحن أكثر من مليون كجم من البضائع إلى مناطق متفرقة من العالم. البضائع الغامضة التى تم شحنها إلى قنصليات وسفارات أمريكية حول العالم لم تكشف الوثائق عن محتواها، لكن المؤكد أن واشنطن تستخدم سفارتها فى بغداد كمركز شحن منها إلى آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وفقًا للوثائق، شحنت الولايات المتحدة الأمريكية 540 طنًا من البضائع خلال شهر مايو 2018 فقط من خلال سفارتها فى بغداد. كما كشفت الوثيقة نفسها عن شحن 120 طنًا من البضائع المجهولة إلى أوروبا و24 طنًا إلى وسط وجنوب أفريقيا. هذا إلى جانب شحن طنين ونصف الطن ما بين مطارات بغداد والبصرة وأربيل الدولية داخل بغداد، مما يؤكد بالفعل أنها أصبحت مركزًا للشحن.
ويشير موقع «موفرز» الذى قام بشحن البضائع إلى أن الشحنات الأمريكية ضمت غرف نوم وغيرها من الأثاث وأدوات المطبخ وثلاجات وملابس وأدوات موسيقية.. ومع ذلك يظل الأمر محيرًا، ويبقى السؤال: لماذا تشحن واشنطن أثاثًا من بغداد؟! تأتى هذه الوثائق فى أعقاب الكشف عن استخدام القنصلية الأمريكية فى «فرانكفورت» فى عمليات المراقبة وكمركز لشراء أجهزة التجسس وشحنها إلى عدد من القنصليات الأمريكية حول العالم.. وها هى بغداد تستخدم كمحور آخر للعمليات السرية الأمريكية حول العالم.
ليس هذا فقط ما كشفت عنه الوثائق، بل كشفت الوثائق أيضًا عن استخدام القنصلية الأمريكية فى «فنلندا» لمخزن قديم بجانب مطار «مالمى» فى أنشطة غامضة، وقد زار صحفيون من جريدة «هلسينكى تايمز» الفنلندية زاروا الموقع وأكدوا بالفعل وجود موظفين وعمال يرتدون ملابس يظهر عليها العلم الأمريكى وأشاروا إلى أن الموظفين بدوا متشككين ومتوترين عندما سألهم الصحفيون عن سبب تواجدهم فى هذا المكان وفيما تستخدم قنصلية واشنطن المخزن. الصحيفة أكدت أن القنصلية شيدت سورًا ضخمًا حول المخزن يجعل من المستحيل مراقبة العمل المريب الذى يتم بالداخل. الوثائق تؤكد أن هناك أطنانًا من البضائع المجهولة يتم نقلها جوًا من مطار بغداد إلى «هلسنكى» حيث المخزن الذى تمتلكه القنصلية الأمريكية. ومن المعروف أن أى بضائع دبلوماسية يتم تبادلها بين القنصليات تأخذ إفراجًا جمركيًا وتصنف بشكل تلقائى كشحنة خاصة بالحكومة الأمريكية.
وبالطبع فإن التدقيق حتى فى الطلبات التى تبدو فى ظاهرها طبيعية أو غير مثيرة للشكوك قد يؤدى إلى اكتشاف نشاط مريب أيضًا مثلما حدث عندما كشف موقع «ويكيليكس» عن قاعدة قرصنة إلكترونية سرية فى القنصلية الأمريكية فى فرانكفورت وقبلها كشف الموقع أيضًا أن «وكالة الاستخبارات المركزية CIA» و«وكالة الأمن القومى» NSA تديران برنامجًا استخباراتيًا باسم «خدمات جمع المعلومات الخاصة» وهو برنامج يتم العمل به فى عدد كبير من السفارات الأمريكية حول العالم لتحويلها إلى منصات تجسس وقواعد للاختراق والمراقبة.
و من جانبها، طالبت الصين بتفسير واضح من الولايات المتحدة الأمريكية للمجتمع الدولى حول أسباب قيام سفاراتها حول العالم بشراء أجهزة تجسس كما ظهر فى الوثائق التى نشرها موقع «ويكيليكس».