الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراسة: ٪90 من «العنف ضد الأطفال» لا يصل للجهات الأمنية!

دراسة: ٪90 من «العنف ضد الأطفال» لا يصل للجهات الأمنية!
دراسة: ٪90 من «العنف ضد الأطفال» لا يصل للجهات الأمنية!


يظل الأبناء هم ثمرة العلاقة الزوجية.. مهما شهدت من منحنيات صعودًا وهبوطًا.. لا يتغير مؤشر الحب تجاههم.. ولكن دراسة حديثة صادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية تكشف عكس ذلك.. حيث يتعرض الأطفال لاستغلالهم جنسيا وفى السرقات وبيع المخدرات وذلك من خلال مقربين بالأسرة.. بل وصل الأمر لوجود آباء قتلة.
فطرتهم السوية أهانوها وغريزة الأبوة والأمومة النقية لوثوها.. لم تعرف المشاعر الجميلة العفوية لهم طريقا.. قلوبهم كالحجارة، بل أشد قسوة.. ارتكبوا جريمة تعذيب أبنائهم حتى فاضت أرواحهم إلى بارئها.. وفاضت معها إنسانيتهم وآدميتهم إلى قبورهم!

الدكتورة فادية أبوشهبة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية قامت بدراسة مطولة عن العنف ضد الأطفال فى مصر، مؤكدة فى بدايتها أن العنف ضد الأطفال موجود فى كل دول العالم، وبدرجات مختلفة، من بلد إلى آخر، ففى أمريكا أكدت إحدى الدراسات أن 5  ٪ من الآباء الأمريكان اعترفوا بأنهم يؤذون أبناءهم بأشكال مختلفة، منها ضربهم بشىء ما أو ركلهم بشكل متكرر أو تهديدهم بالسكين أو المسدس!
وفى آخر مؤتمر عن العنف ضد الأطفال فى العالم العربى كشف أن هناك عوامل كثيرة مسئولة عن ممارسة العنف ضد الأطفال فى العالم العربى منها الفقر والبطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية لغالبية الأسر العربية، بالإضافة إلى المستوى التعليمى للوالدين وحجم الأسرة وعدد الأطفال والزواج المبكر والذى يعتبر أحد أشكال العنف ضد الأطفال، فضلا عن قصور النظم التربوية وجمعيات ومؤسسات رعاية الطفولة ووسائل الإعلام عن أداء أدوارها كما ينبغى وبخاصة فيما يتعلق ببرامج العنف الموجهة للأطفال.
قبل عرض الدراسة قالت لنا الدكتورة فادية أبوشهبة: هؤلاء الآباء الذين قاموا بضرب أبنائهم حتى الموت سواء الطبيب أو الجزار أو غيرهما لا يعلمون شيئا عن التنشئة الاجتماعية للأبناء والتى لا تتم بالتدليل أو القسوة، وقد يكون بعض هؤلاء الآباء كانت تنشئتهم عنيفة، حيث تلقوا ضربا وتعذيبا من آبائهم فى طفولتهم، ولهذا نحن فى حاجة إلى عمل برامج توعية أسرية عن كيفية المعاملة بين الزوجين وكيف يعاملان أطفالهما، وذلك من خلال وسائل الإعلام والدراما وتفعيل مكاتب الإرشادات الأسرية.
وأكدت الدكتورة فادية أن الدراسة التى قامت بها عن العنف ضد الأطفال اكتشفت فيها أن العنف يأتى من أقرب الناس إليهم، الآباء والأمهات والإخوة، بالإضافة إلى الأقارب وهؤلاء أيضا من يدفعون الأطفال لارتكاب جرائم.
وهناك أسر تقوم بإنجاب أطفال كثر لدفعهم للسرقة.
وأكدت الدكتورة فادية: نحن لسنا فى حاجة إلى تعديل القوانين، فقانون العقوبات وقانون الطفل فيه المواد العقابية الكافية عند ارتكاب جريمة ضد الأطفال، ولكن المشكلة عندنا فى عدم تبليغ الأم أو الجيران الشرطة عند قيام الأب أو زوجة الأب أو زوج الأم بضرب الأبناء بقسوة أو استغلالهم فى ارتكاب جرائم أو التعدى جنسيًا عليهم، وما يصل إلى بلاغات للشرطة ضد العنف ضد الأطفال لا يزيد على ٪10 من هذه الجرائم التى قد تصل إلى الضرب والتعذيب والقتل ضد الطفل، هنا يتم إبلاغ الشرطة فنحن فى حاجة ملحة إلى التوعية بالتنشئة وحقوق الطفل.
أما بالنسبة لدراسة الدكتورة فادية عن العنف ضد الأطفال فى مصر، فكشفت عن استغلال الأطفال فى العمل والسرقة والتسول، ويأتى بعد ذلك استغلالهم جنسيا ثم فى المخدرات.
وكشفت الدراسة أن ٪46 من الأطفال الذين تم استغلالهم فى مصر تتراوح أعمارهم ما بين 12 - 18 عاما، و31 ٪ منهم تتراوح أعمارهم بين 9 وأقل من 12 سنة، و19 ٪ أعمارهم ما بين 6 وأقل من 9 سنوات، وباقى النسبة 3 ٪ أقل من 6 سنوات.
وإن الغالبية العظمى من الأطفال الذين تم استغلالهم أكدوا أن الاستغلال يتم بواسطة آبائهم وبنسبة 64 ٪، وهو الأمر - كما قالت الدراسة - الذى يشير إلى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية و الأسرية التى تربى فيها هؤلاء الأطفال هى التى دفعت الوالدين لاستغلال أطفالهما سواء فى دفعهم للعمل فى سن مبكرة أو دفعهم للجوء للشارع لممارسة مهن التسول والبيع فى الطرقات وغير ذلك من الأعمال التى تمثل أشكالا للاستغلال.
كما كشفت الدراسة التى تم إجراؤها من خلال أطفال تم إيداعهم فى 10 مؤسسات للرعاية الاجتماعية للأحداث أن عددا من هؤلاء الأطفال تعرضوا لأنماط مختلفة من الاستغلال الجنسى، حيث أكد ٪55.8 من الأطفال الذين تم استغلالهم جنسيا أنهم تعرضوا لهتك العرض و٪32 أكدوا تعرضهم للاغتصاب، و٪29 للبغاء، والباقى من النسبة تعرضوا لأشكال أخرى من الاستغلال الجنسى.
وعندما سألتهم الدارسة عن الأشخاص الذين استغلوهم جنسيا قال ٪84.8 من الأطفال غرباء، و٪18 قالوا أقارب، و٪4 قالوا أحد الإخوة، و٪2.2 قالوا الأب، والغريب أن ٪0٫7 فقط قالوا زوج الأم.
أما الأماكن التى تمت فيها عملية استغلالهم جنسيًا فقال ٪65٫9 الشارع، و٪32٫6 قالوا «مسكن خاص»، ثم أتى بعد ذلك بالترتيب المكان الذى يسكنون فيه، وفى العربة، ثم منزل للدعارة، ثم أماكن أخرى مثل الجراج ومحل الجزارة وكافيتريا وورشة وخرابة.
وفسرت الدراسة هذه النسبة بأن الواقع الاجتماعى الذى يعيشه هؤلاء الأطفال يعبر بشكل واضح عن أطفال يعانون من جميع أشكال الحرمان وعدم الرعاية وفقدان الأمن والأمان، وهو الأمر الذى عرضهم لتلك الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات الأخرى.
وإذا كان استغلال الأطفال فى مجال العمل واستغلالهم جنسيا يمثلان مظهرين من مظاهر العنف الذى يمارس ضد الأطفال، فلا شك أن استغلال الأطفال فى مجال المخدرات على اختلال أنماطها وأنواعها من حيث التعاطى أو الترويج أو الإتجار تمثل أحد المظاهر الخطيرة للحرمان أو الانتهاكات التى يتعرض لها الأطفال من قبل عصابات المخدرات.
وكشفت الدراسة أن ٪71٫9 من الأطفال الذين اتهموا فى قضايا مخدرات أكدوا أنهم كانوا يبيعون ويشربون الحشيش ويأتى بعد ذلك البانجو ثم البرشام ثم الأفيون، وأخيرًا الكوكايين والمورفين، وتم استغلال هؤلاء الأطفال - كما قالت الدراسة - من قبل تجار المخدرات فى الترويج.
وكشف ٪7٫8 من هؤلاء الأطفال أنه تم استغلالهم من قبل آبائهم، و٪3٫9 من قبل أمهاتهم، و٪33٫6 معارفهم، و٪14٫8 قالوا من أقارب لهم، و٪8٫6 إخوة.
وسألت الدراسة الأطفال عن الأسباب التى دفعتهم للإتجار فى المخدرات، ٪12٫5 قالوا: علشان أصرف على أسرتى، و٪6٫4 قالوا علشان محتاج وعايز أكسب فلوس، وباقى الأسباب علشان بيضربونى لو رفضت وعلشان بتعاطى مخدرات ومش قادر على ثمنها.
وانتقلت الدراسة بعد ذلك إلى مجال تسول الأطفال وقال ٪72٫6 من الأطفال المتسولين إنه تم تدريبهم على ممارسة التسول فى الشوارع، وقال ٪42 منهم قام بتدريبهم الأب والأم والإخوة، و٪19٫6 قالوا عن طريق أحد المعارف، والباقى قال «شخص غريب».
ولم يكن الأب والأم والإخوة يدفعون أطفالهم للتسول، وإنما أيضًا للسرقة، حيث أكد ٪56٫2 من الأطفال الذين تم اتهامهم فى قضايا سرقة إن الأب والأم والإخوة هم من دفعوهم للسرقة.
وإن السرقات كانت بالترتيب خطف حقائب السيدات والنشل فى وسائل النقل العام وسرقات مساكن وسرقات المحال التجارية وسرقات الأموال العامة كالأسلاك والقضبان الحديدية وسرقات أخرى كالمشغولات الذهبية وموبايلات وموتوسيكلات وتوك توك وأموال نقدية من زوجة الأب أو رب العمل أو شخص اعتدى عليه جنسيا أو صندوق النذور بالمساجد.
وقال 57٫4 ٪ من هؤلاء الأطفال إنهم لم يستعملوا سلاحا فى ارتكاب جريمتهم، و37٫3 ٪ قالوا استعملوا سلاحا أبيض، ثم جاء بعد ذلك وبنسب قليلة آلة حادة وسلاح نارى.
وقال ٪56٫2 من هؤلاء الأطفال إن السبب الذى دفعهم إلى ممارسة السرقة أنهم كانوا محتاجين فلوس ليصرفوا على أسرهم، وكانت باقى الأسباب «لأنى هربت وتركت المنزل وقعدت فى الشارع ولأن أبى طردنى من البيت وليس لى عمل آخر أعرفه وعلشان أشترى المخدرات»!
وانتهت الدراسة مؤكدة أن هناك مجموعة من العوامل والظروف المسئولة عن تعرض هؤلاء الأطفال للاستغلال بأشكال وأنماط مختلفة، تلك العوامل متداخلة ومتشابكة يصعب الفصل بينها سواء تلك التى تتعلق بالواقع الأسرى لهؤلاء الأطفال والظروف المادية والاقتصادية والسكنية التى يعيشون فى ظلها، إضافة إلى التفكك الأسرى وسوء المعاملة والتنشئة الاجتماعية التى تتسم بالقسوة والعنف من جانب الوالدين، وعدم الاهتمام والرعاية الأسرية الكافية، فضلا عن الفقر والبطالة والإحباط وإدمان المخدرات وغيرها من العوامل الأخرى المجتمعية التى أسهمت بدرجات متباينة فى تعرض هؤلاء الأطفال للاستغلال بمختلف صوره وأشكاله.
ومواجهة تلك المشكلات التى يعانى منها هؤلاء الأطفال هى مسئولية جميع المؤسسات الرسمية والأهلية بدءا من الأسرة مرورا بالمؤسسات التربوية والدينية والإعلامية، وكذلك الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص.