الثلاثاء 13 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المقدمة لــ«عادل إمام».. والمؤخرة لــ«إلهام شاهين»!

المقدمة لــ«عادل إمام».. والمؤخرة لــ«إلهام شاهين»!
المقدمة لــ«عادل إمام».. والمؤخرة لــ«إلهام شاهين»!




يبدو أن إسرائيل ستظل هى كلمة السر التى يراهن بها «عادل إمام» على نجاحه التليفزيونى التى تحققت علاماتها الأولى فى مسلسل «دموع فى عيون وقحة» الذى قدمه منذ أكثر من ربع قرن، وتناول فيه قصة «جمعة الشوان» العميل المصرى الذى تم تجنيده وزرعه داخل إسرائيل فى واحدة من أهم عمليات الجاسوسية المصرية على مدار تاريخها.
 
 
الآن يعود «إمام» بنفس كلمة السر من خلال أحد ملفات المخابرات المصرية ليؤكد براعة ووطنية الإنسان المصرى، وليراهن بها على نجاحه الذى بدأت علاماته تظهر خلال حلقات مسلسل «فرقة ناجى عطاالله» التى «شدت» الناس إليها بشكل ملحوظ لتجعله فى مقدمة المسلسلات التى نتابعها ليؤكد المثل الشائع «الجواب بيبان من عنوانه»، الذى ينطبق أيضا على مسلسل آخر احتل المؤخرة فى مشاهدته عند كثير من الناس نظرا لخلوه من الدسم الدرامى لما افتقده معظم أبطاله من الإحساس الصادق عند أدائهم لشخوصهم والذى ظهرت فيه انفعالات مصطنعة خالية من المشاعر وهو مسلسل «قضية معالى الوزيرة». مؤشرات تفوق «فرقة ناجى عطاالله» وتقدمه على معظم دراما رمضان وتحديدا على «قضية معالى الوزيرة» لم يكن فقط بحجم المشاهدة التى تحققت على مدار الأيام الرمضانية الماضية، لكن بحجم الإعلانات الموجودة فى فواصل  المسلسل التى وصلت إلى 88 إعلانا فى أربعة فواصل لمسلسل «فرقة ناجى عطاالله»، بينما وصلت إلى 12 إعلانا فقط لمسلسل «قضية معالى الوزيرة» فى الوقت الذى وصلت فيه إلى 60 إعلانا فى فواصل كل من «محمود عبدالعزيز» و«أحمد السقا»، وهذا على قناة تليفزيونية واحدة وليس على جميع القنوات المعروضة عليها، وهو ما يعتبر مؤشرا آخر للتميز بعد أن احتل «ناجى» شاشات 8 قنوات تليفزيونية، بينما اقتصر عرض «معالى الوزيرة» على قناتين فقط، وهو ما يعنى أن هذا الاختيار يرجع للتقييم الأولى الذى تم بناء عليه تحديد الصفقة الشرائية لكل مسلسل حتى من قبل أن يخضع لحكم الجمهور وكثافة المشاهدة العددية.
 
 
إذا نظرنا إلى الفجوة بين مقدمة «عادل إمام» ومؤخرة «إلهام شاهين» نلاحظ أن الفارق كبير سواء من الناحية التقنية بداية من النص ووصولا إلى الإخراج فنص «ناجى عطاالله» يكتبه واحد بحجم يوسف معاطى تاريخه يشهد له بالتميز والإخلاص فى العمل، وأنه لا يترك ثغرة فى عمله إلا عالجها فهو يجتهد بقدر الإمكان، وإن كنت أشم رائحة «السفارة فى العمارة» فى «فرقة ناجى عطاالله» رغم أن هذا ليس عيبا مادامت المعالجة والتناول مختلفين، كذلك اللمسات الإخراجية لـ «رامى إمام» رغم أنه ليس من كبار مخرجى التليفزيون، كانت متميزة وواضح فيها الإضافة الفكرية الجديدة من خلال تركيب بعض المشاهد على لقطات حية من شوارع ومبانى تل أبيب التى تعذر على صناع الفيلم الذهاب إليها نظرا للموقف العام من جميع المصريين ضد التطبيع مع إسرائيل، فخرج التركيب بشكل احترافى مبهر حى لم نشك لحظة أن هناك تدخلا تكنولوجيا حدث فيه، أما الأداء فكان تلقائيا من الجميع. «عادل إمام» رغم ظهور علامات الزمن بشكل واضح عليه، إلا أن ذلك لم يخف أبدا شباب الأداء وخبرات وتراكمات السنين التى ولدت نضجا ملحوظا والذى أتصور أنه بذل فيه أقصى ما لديه من مجهود ليحسن صورته أمام جمهوره الذى اتخذ معظمه موقفا ضده فى أعقاب الثورة، مما جعله محسوبا على النظام القديم الذي ظل يدافع عنه حتى بعد سقوطه. «إمام» بأدائه المتميز الذى ظهر عليه وكأنه يقدم نفسه للساحة الفنية من جديد يريد أن يستعيد توازنه الفنى خوفا من استمرار نزيف رصيده الجماهيرى الذى بدأه بتصريحاته النارية ضد الثورة والثوار، وهو ما لم تستطع إلهام شاهين أن تنجح فيه وخانها ذكاؤها فى كل خطواتها التى لم تحسبها جيدا سواء فى ردود أفعالها ضد الثورة التى استمرت حتى ما بعد انتخاب «د. مرسى» رئيسا للجمهورية، أو حتى فى اختيارها لأدوارها التى جاءت مخيبة للآمال فى «قضية معالى الوزيرة» الذى يعتبر استنساخا من «قصة الأمس»، لكن بصورة رديئة!
 
 
«إلهام شاهين» يبدو أنها أدمنت المناحة فى أعمالها وليتها مناحة صادقة، بل هى مجرد انهيار كاذب وبكاء مصطنع والذى ظهر بشكل واضح فى مشهد اكتشافها خيانة زوجها عرفيا «تامر هجرس» أو «كامل فهمى». كانت لحظة الانهيار مصطنعة وكأنها تريد أن تنبه كل من يراها «يالا بقى أنا هاأنهار أهوه» فكانت فى كثير من لحظات الانهيار تخرج من إطار إحساسها بالشخصية وتتنبه لوجود كاميرا التصوير وهو ما كان يظهر فى نظرات عينيها التى تسرقها للكاميرا أحيانا.
 
 
المناحة التى تعشقها «شاهين» فى أعمالها تقصد بها استعطاف الناس واستثارة شفقتهم إلى حالها كنوع من الجذب الجماهيرى، إلا أن وعى الناس أصبح حاجزا أمام أوهامها هذه، فكيف لسيدة أعمال مرموقة أن تسعى إلى صفقة عاطفية خاسرة رغم تحذير كل من حولها لها، وخاصة إذا كان من حولها هم أقرب الناس إليها والثقة بينهم من المفترض أن تكون قوية، لكن يبدو أن المراهقة المتأخرة التي ظهرت عليها «إلهام» - أقصد الشخصية - أعمت عينيها عمن حولها، وإن كان لذلك ضرورة درامية، كان يجب أن يخرج الأداء بصدق اللحظات التى تعيشها، فنحن لا نحرم الحب على أحد، ولكن الحب لابد أن يكون انفعاليا صادقا. ما رأيناه سواء من مشاعر «وفاء المصرى» تجاه «كامل فهمى» أو العكس هى عبارة عن ضحك على الذقون ومشاعر فاترة ساذجة يريد أن يقنعانا بأنها مشاعر ملتهبة. ظهر ذلك بشكل قوى فى ليلة الزفاف عندما كانا يتبادلان عبارات الحب ببرود رغم حرارة الموقف، وإذا كان ذلك مقصودا أن يظهر به «تامر هجرس» على أساس أنه لا يحبها بصدق وأن ما يفعله هو نوع من التلاعب بها وبمشاعرها كعادته، فكيف للتى - من المفترض أنها أحبته بصدق - «إلهام شاهين» - أن يخونها أداؤها الحار بتلك الصورة إلا إذا كان فتور إحساسه انعكس عليها؟! كان لابد من «رباب حسين» - كمخرجة - أن تنتبه لما يحدث حتى لو اضطرت لتكرار المشاهد الفاترة - وهى كثيرة - لتخرج أكثر إحساسا. لقد صدمنا من غياب المصداقية عن مشاهد الحب حتى لو كان من طرف واحد!
 
الفرق واضح بين فكر «إنعام محمد على» الذى يقترب من العبقرية، والتى ترفض أن يتدخل أحد فى عملها مهما كانت نجوميته وهو ما جعلها تنجح فى إعادة صياغة نجومية «شاهين» من جديد فى «قصة الأمس» منذ عامين بعد أن فقدت «شاهين» الكثير من رصيدها عندما قدمت أعمالا دون المستوى خاصة أن «إنعام» تمتلك سر الخلطة السحرية للرومانسية الدرامية، وبين فكر «رباب حسين» التى فشلت فى فك شفرة هذه الخلطة واستخدمتها «إلهام شاهين» كأداة تحركها كيفما تشاء بداية من اختيار الممثلين الذين لم يكونوا مناسبين لأدوارهم وتحديدا «تامر هجرس» الذى كان يمثل بجمود رهيب ولا يعتنى بأدائه بقدر اعتنائه بالتاتو ولون الشعر، وهو ما نجحت فيه «إنعام محمد على» فى «قصة الأمس» عندما اختارت الممثل المناسب فى الدور المناسب حتى قصص الحب فى «قصة الأمس» كانت منطقية ومحبوكة وصادقة وبشكل راق. البطل فى «قصة الأمس» كان لمسات «إنعام» وهو ما افتقدته «إلهام» عندما حاولت استنساخ المسلسل بلمسات «رباب حسين».
 
 
ملامح «إلهام» فى كثير من المشاهد كان يبدو عليها «القرف» وقد يرجع ذلك إلى الإحساس الاضطهادى والتآمرى الذى يلازمها بشكل مرضى وهو ما يفصلها فى كثير من الأحيان عن صدق إحساسها بالشخصية التى تقدمها لأنه من الواضح أنها أثناء التمثيل تفكر فيما وراء المشهد وليس فى المشهد نفسه.
 
«معالى الوزيرة» إلهام شاهين التى اهتمت بقضية تافهة لا تخرج عن إطار «مراهقة متأخرة» حتى لو كانت الطريق إلى شخصية جديدة تواجه الفساد المجتمعى من خلال وصولها إلى كرسى الوزارة كيف نصدقها وهى تمثل ما لا تؤمن به عندما ظلت تدافع عن الفساد ورموز الفساد من نظام «مبارك»؟! كيف نصدقها وهى تهاجم الفساد فى «قضية معالى الوزيرة».
 
 الأمر عند «عادل إمام» يختلف فالفارق هنا أن عادل إمام يدافع عن قضية ليست متعلقة فقط بنظام «مبارك» بل بقضية تتعلق بمصير وطن ضد العدو الصهيونى الذى يتفق على كراهيته كل المصريين بصرف النظر عن انتمائهم للنظام القديم أو الجديد، كما أن عادل إمام سجل موقفه هذا فى كثير من الأعمال التى نادى فيها بمعاداة الصهيونية ويحسب له أنه أظهر عداء الإسرائيليين الواضح لمصر والمصريين، وقام بتعريتهم وكشف سوءاتهم وأن مد أيديهم للسلام لم يكن إلا مجرد شكل ظاهرى يخفون به ما فى قلوبهم تجاهنا.
 
مسلسل «فرقة ناجى عطاالله» لم يكشف فقط عن العداء الإسرائيلى وكرههم لمصر والمصريين، وإنما كشف أيضا استخدامهم لأساليب الزيف والخداع من أجل تحقيق مصالحهم وأن مصلحتهم فوق الجميع، كما كشف عن قرصنتهم فى سرقة أعمالنا الفنية خاصة أغانى «أم كلثوم» التى ظهرت فى كثير من المشاهد كخلفية صوتية للحوار. الاستفزاز الذى أحدثه ناجى عطاالله للإسرائيليين وتحديدا بسخريته من بخلهم وغبائهم دفع التليفزيون الإسرائيلى -بنظام استخدام القرصنة- لترجمة المسلسل وإذاعته على قنواته.
 
تقدم «عادل إمام» بـ «فرقة ناجى عطاالله» وتأخر «إلهام شاهين» بـ «قضية معالى الوزير» لا يمنع أبدا من وجود أعمال كانت على قدر المنافسة مع إمام والبعد عن المؤخرة من إلهام، فقد أطل علينا «الفخرانى» فى ثوب جديد من خلال قضية فكرية فلسفية عقائدية أقرب إلى العشق الإلهى لم نر مثلها منذ فترة طويلة ليعلن عن مولد نجم جديد فى مساحة جديدة من الأداء التمثيلى التى كان أقرب منها أيضا «محمود عبدالعزيز» الذى اتسم أداؤه فى كثير من الأحيان بالعمق، وتحديدا فى مشاهد ظهوره باللحية، أما «نور» كعادته فيوظف كل ما ومن حوله وكل ما يملك من أدوات ومقومات لخدمة العمل ويحسب لهؤلاء الخبرة من النجوم أنهم أثبتوا ذواتهم وسط طابور طويل من جيل الشباب يضم أحمد السقا وكريم عبدالعزيز ومحمد سعد وهانى رمزى وعمرو سعد وكانت بصماتهم هى الأوضح لحين إشعار آخر!
 
 
يحيى الفخرانى

محمود عبد العزيز

نور الشريف