الإثنين 5 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عزت العلايلى: اقضوا على الإرهاب.. بالفن!

عزت العلايلى:   اقضوا على الإرهاب.. بالفن!
عزت العلايلى: اقضوا على الإرهاب.. بالفن!


أكثر من 170 عملًا فنيًا قدمها الفنان الكبير «عزت العلايلى»، ما بين الشاشتين الصغيرة والكبيرة، خشبة المسرح أو من وراء ميكرفون الإذاعة، أعمال على الرغم من تنوعها فإنها لا تخلو من أسلوب «العلايلى» الوقور، المقنع فى جميع الأحوال ومع مختلف الشخصيات، بل الأدق، أنه يملك أداءً مثقفًا أيا كان الدور الذى يؤديه. ومنذ آخر ظهور له فى فيلم «جرانيتا» عام 2001 يعود الفنان الكبير لشاشة السينما من خلال تجربة شبابية متميزة فى فيلم «تراب الماس». وهو ما بدأنا حوارنا منه.

 لماذا كانت العودة من خلال هذا الفيلم بالتحديد؟
- لأن القصة جذبتنى جدا، وعندما قرأت السيناريو شعرت أنه فيلم من «العيار الثقيل» الذى يعيدنا إلى أمجاد السينما المحترمة، التى تحترم عقلية المشاهد وتحمل رسالة هادفة بعيدا عن السينما الخالية من المضمون، والتى تسعى وراء المكسب المادى فقط. وموضوع الفيلم مهم جدا وله أبعاد سياسية واجتماعية مهمة، لا تتواجد باستمرار على الساحة الفنية، كما أنه مأخوذ عن نص أدبى وهذه النوعية من الأفلام تستهوينى. وقد تغيبت عن الساحة السينمائية لفترة لأننى لم أجد العمل المناسب لتاريخى ومشوارى الفنى.
 هل تعتقد أن الأعمال الفنية المأخوذة عن نص أدبى تزيد من أهميتها أم تبعد عنها المشاهد؟
- وهل عندما دخل الجمهور روايات «نجيب محفوظ» قالوا ذلك؟ هناك المشاهد الواعى الذى يعى أن الفيلم المأخوذ عن نص أدبى يحمل ثقلًا وأهمية وعمقًا فى الأحداث، كما أن هذا يرجع إلى الرواية نفسها، فهناك روايات وموضوعات أدبية تتسع لأفكار وأبعاد سياسية واجتماعية تصلح لأن تقدم فى السينما والعكس صحيح، هناك أعمال لا تصلح للسينما. كما أن الأدب والسينما يعتبرا عملا متبادلا، فكل منهما يضيف وجهة نظره للآخر.
 وما تقديريك لموهبة المؤلف «أحمد مراد» الأدبية؟
- «أحمد» موهبة مبشرة، وكاتب على دراية كبيرة بمشاكل عصره وجيله. وهذا جانب مهم من المفترض أن يتوافر فى الروائى، وهو الشعور بهموم مجتمعه حتى يستطيع التعبير عنه، ويرتبط به ويكون مرآة لمشاكل ناسه.
 أنت من أكثر الفنانين الذين قدموا أفلاما مأخوذة عن روايات أدبية، لماذا تستهويك هذه النوعية؟
- هذا حقيقى، فقد قدمت العديد من الأعمال المأخوذة عن روايات أدبية لأننى أشعر أن هذا هو دور السينما، حيث يجب أن يكون للسينما رؤية ووجهة نظر، وهذا ما يوفره لها الأدب. وليس شرطا أن يتم توظيف الرواية لصالح الفيلم بالكامل،فمن الممكن أن يضيف الفيلم للرواية من خلال الاختلاف فى الصياغة الفكرية للسيناريو أو إضافة مساحات أكبر للشخصيات أو الإشارات والدلالات الأعمق لبعض التفاصيل
 هل تغيرت رؤيتك لشخصية «محروس برجاس» التى تؤديها بعد أن أصبحت الرواية فيلمًا  سينمائيًا؟
- قراءة الرواية قبل تحويلها لعمل سينمائى أو تليفزيونى تدفع القارئ إلى التخيل، وتجعله يدخل فى الشخصيات بشكل مختلف يعتمد فى الدرجة الأولى على خياله. أما السيناريو فيعتمد على طريقة إعداد السيناريست، وإذا كان مؤلف الرواية هو نفسه كاتب السيناريو فهذا شىء جيد، لأنه يكون أقدر على تجسيد الشخصيات وتحويلها إلى «لحم ودم»، وقد قرأت أغلب الروايات التى تم تحويلها إلى أفلام سينمائية وقمت بالمشاركة بها، وفى النهاية الموضوع يعتمد على وجهة النظر، فالروائى يكتب بوجهة نظره والسيناريست يقدمها بالشكل الذى يراه وأنا كفنان لدىَّ رؤية ثالثة فى استقبال الشخصية وتجسيدها.
 تعاملت مع جيل العمالقة مثل «نجيب محفوظ»، «يوسف شاهين»، «صلاح أبو سيف» وغيرهم. هل الجيل الحالى مبشر بظهور مثل هؤلاء المبدعين؟
- الحتمية التاريخية تؤكد أن من بين كل مجموعة من المبدعين لا بدَّ أن يخرج جيل به بعض المؤثرين فى الحركة الفنية والإبداعية. وهذا هو تتابع الأجيال وسنّة الحياة. والاختلافات بين الأجيال تنبع من الأرضية الثقافية التى تعكس اهتمامات كل جيل والظروف الحياتية التى يعيشها المبدع. فمثلا «نجيب محفوظ» و«يوسف شاهين» و«صلاح أبوسيف» وغيرهم، كان عصرهم مليئًا بالأحداث السياسية التى تعيشها مصر، عصر ملىء بالقصص والبطولات والتضحيات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومرت مصر بالهزيمة والانتصار. فكل عصر له رؤيته وانعكاساته التى تفرض نوعا من الإبداع والفن والمبدعين.
 صناع الفيلم من الشباب سواء البطل أو المخرج أو المؤلف كيف تعاملت معهم وهل كانت التجربة مفيدة لك؟
- «مروان حامد» مخرج متميز تعاملت معه بكل احترام وتركت له فكرة توجيهى كيفما يشاء، والمؤلف قدم عملا متميزا وجديدا، وكان السبب فى عودتى للسينما. أما «آسر ياسين» بطل الفيلم فهو فنان خلوق، يختار أدواره بعناية وتدقيق، على الرغم من أنه لم يجمعنى معه فى الفيلم إلا مشهد واحد.وأنا أحب التعاون مع الشباب وأحترم وجهة نظرهم وأستمع إليها باهتمام لأنه مما لا شك فيه أننا نمتلك الخبرة وهم يمتلكون التجديد والجديد وهذا التواصل يخلق نوعا من اكتمال الحالة الفنية.
 تقوم بتقديم شخصية عضو برلمان ورجل أعمال فاسد وقد تم تقديم هذه الشخصية كثيرا من قبل، كيف حرصت على أن يكون ظهورك متميزا ومختلفا؟
- أترك إجابة هذا السؤال للمشاهد، هو من سيقيم دورى وظهورى كضيف شرف، ويحدد مدى الاختلاف الذى قدمت به الشخصية فبجانب توجيهات «مروان حامد» وطبيعة الشخصية داخل السيناريو كان لى بعض الإضافات التى ستظهر للمشاهد.
 هل تعتقد أن الفن استطاع أن يعبر عن الفساد الذى يتعلق ببعض رجال الأعمال فى المجتمع؟
- الفن على مر العصور ينقل الحالة التى يعانى منها المجتمع، كما ينقل الإيجابيات الموجودة به، محاولا تسليط الضوء على الثغرات والسلبيات التى يعانى منها الإنسان فى كل منطقة محيطة به فى وطنه الصغير والكبير. وهو يقدم الشخصية الفاسدة ويقدم معها المصير المحتوم لها من خلال تصرفاتها الخاطئة. وعلى أصحاب العقول أن يميزوا هذا المصير المرتبط بالفساد، وليس دور الفن تقديم الحلول بشكل مباشر. ودائما ما يأتى المعنى مستترا من خلال إسقاطات أو رموز.
 أين أنت من الدراما التليفزيونية وما تقييمك لها هذه الفترة؟
- أنا موجود، وهذا السؤال يسأل فيه صناع الدراما. وقد عرض علىَّ بعض الأدوار ولكنى رفضتها لأنها لا تناسب تاريخى الفنى. والعبرة ليست بالتواجد المستمر، وخاصة إذا كان الفنان قد وصل لمكانة معينة فعليه أن يحترمها، مهما كانت الضغوط أو الإغراءات. ولا شك أن هناك بعض الأعمال التى تحترم عقلية المشاهد ولكننا نطمح فى زيادة هذه الجرعة من الأعمال الدرامية الهادفة، فنحن نحتاج إلى دراما تواكب التطور السريع الذى يحدث من حولنا فى القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ويجب أن نهتم بالشباب والأطفال فى هذه الدراما، لأنهم يمثلون المستقبل. فالفن لا بدَّ أن يكون وراءه دافع تثقيفى سياسى واجتماعى.
 مؤخرا، تم تكريمك من قبل المسرح القومى، ماذا يعنى لك هذا التكريم وكيف ترى حال المسرح؟
- يظل الفنان طوال عمره يطمح ويطمع فى التكريم، فهو تكليل لمشواره الفنى وثمرة للجهد الذى قدمه لمهنته وتقديرا للمتميزين. وأى فنان مهما نال من تكريمات يصبح سعيدا مع كل تكريم جديد.أما حال المسرح فعلى الرغم من أنه أبو الفنون وصاحب الكلمة المؤثرة فى الجمهور، فإنه يعانى ويكاد ينعدم، باستثناء محاولات قليلة وهو يحتاج إلى جهد كبير من قبل القائمين عليه سواء مسرح الدولة أو المسرح الخاص لأنه صوت قوى لمواجهة عيوبنا ومشاكلنا وقضايانا الشائكة.
 ناديت من قبل بعمل «كومنولث» فنى عربى ماذا تقصد بذلك وهل فى رأيك سيكون له مردود؟
- بالفعل طالبت بهذا كثيرا لأنى من أكثر الفنانين المصريين الذين شاركوا فى أعمال عـربية من أول «بيروت يا بيروت» فى لبنــان و«عملية فدائية» فى سوريا و«سأكتب اسمك على الرمال» فى المغرب و «الطاحونة» فى الجزائر وكثير من الأعمال التى عرضت علىَّ من العالم العربى.ولا بدّ أن يحدث تقارب وتعاون فنى عربى بين كل الشعوب العربية من المحيط للخليج لأن قضايانا الإنسانية وهمومنا وأحلامنا واحدة، ولن نجد منبرًا يعكس هذه القضايا أسهل وأسرع من الفن.
 ما أهم القضايا التى من الممكن أن يركز عليها مثل هذا التعاون العربى الفنى؟
- لكى تتقدم الأمم لا بدَّ أن يتسع وعيها السياسى، فالقراءة والكتابة ليست هى كل الوعى ولا بدّ أن نعمل على بناء عقلية عربية سليمة تهدف إلى معرفة الحقوق والواجبات واحترام الديمقراطية البناءة وليست الهدامة التى لا تحترم الرأى الآخر. كما يجب علينا تبنى وترسيخ معانى الجمال التى تقضى على الأفكار غير الواعية والتى تؤدى إلى انتشار التخلف والتأخر والإرهاب الذى يعانى منه العالم كله، وليس الوطن العربى فقط، وهذا لا يتأتى إلا من خلال أعمال فنية ضخمة ظاهرها اجتماعى وباطنها سياسى. 