الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دستور «أهل النفط والسولار»!

دستور «أهل النفط والسولار»!
دستور «أهل النفط والسولار»!


 
∎ هل هناك مشكلة إلحادية فى مصر؟
 
∎ هل التجرؤ على الذات الإلهية يشكل ظاهرة عامة، ومن ثم تؤثر على إيمانات وعقائد غالبُ المصريين؟
 
∎ هل ظهرت لدينا عديد الحالات التى تم فيها مساس بأى شكل من أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين رضى الله عنهم؟
 
∎ هل هناك إحساس عارم بأن هوية مصر والمصريين مهددة، وأنها تحتاج إلى الحماية والذود عنها من خلال النص عليها فى الدستور القادم للبلاد؟ وهل عدم النص عليها يعنى تشويه أو هدم هوية مصر والمصريين؟!
 

 
ثمة عديد الأسئلة يطرح على بعض ما يتم فى اللجنة التأسيسية التى يغلب على تشكيلها مجموعة من المخاوف والأوهام، ولدى بعضهم غياب الخبرة والحساسية الدستورية والقانونية فى مقاربة معنى الدستور وكيفية وضع مواده، والجوانب الفكرية والمعرفية والثقافية والمقارنة المتصلة بعملية صناعة الدساتير؟
 
بعضُ ما يترشح عما يجرى فى اللجان التى تشكلت على عجل لوضع نصوص الدستور الانتقالى القادم، تكشف عن أمور لم نكن نتصور أن يتم طرحها فى هذه اللحظة من تطور النظم السياسية والدستورية الديمقراطية فى عالمنا؟
 
لم يكن يدور بخلد بعض كبار المثقفين بل والقانونيين البارزين أن يكون ما يجرى الآن هو تعبير عن تردى مستوى الحوار والمقترحات حول شكل النظام الدستورى، والسلطات الثلاث، والحريات العامة والشخصية - وعلاقة المؤسسة العسكرية بغيرها من مؤسسات وسلطات الدولة.. إلخ على هذا النحو المبسط والذى يثير فى بعض الأحيان الشفقة والقنوط، بل وقد يكون مثيراً للضحك السياسى الأسود!
 
لماذا؟ لأن أية مقارنة بين أساليب وضع الدساتير المصرية تاريخيا تشير إلى أن اللجان المعينة كانت أفضل بكثير مما حدث عندما تم اختيار لجنة تأسيسية منتخبة بعد عملية ثورية أجهضت من خلال وثوب قوى سياسية دينية عليها واستطاعت - عبر تواطؤات - أن تصوغ خياراتها فى تعديل دستورى تم الاستفتاء عليه، وتحول من خلال الدعاية الإيديولوجية السياسية إلى جدل حول الإسلام والدستور والهوية والإيمان والعقيدة إلى آخر هذا النمط التحريضى والتعبوى لأمور لم تكن هذه القضايا والإشكاليات المعقدة جزءاً من هذا التعديل الدستورى وجوهر القضايا التى وضع لحلها جزئياً!
 
من أسف هذا الجدل - يا ليته كذلك - الذى يثور داخل اللجنة التأسيسية المنتخبة، والمطعون على شرعية تمثيلها للمرة الثانية، ليس على ذات المستوى الرفيع الذى جرى أثناء وضع دساتير مصر الأساسية، لاسيما دستور 1923 الذى وضعته «لجنة الأشقياء» وفق وصف سعد زغلول باشا.
 
لا يوجد مجال للمقارنة الجادة بين مستوى مناقشات دستور 1923 الرفيعة المقام، وبين ما يجرى الآن من مقترحات وآراء تبدو غريبة حينا، وينطوى بعضها على خفة حينا آخر! بل ثمة مقترحات وضغوط لأمور ليس مكانها نصوص الدساتير، وإنما بعض القوانين واللوائح أو القرارات الإدارية!
 
خذ ما يجرى حالياً من مناقشات وقارن مع مشروع دستور 1954 زائع الصيت والذى لم ير النور بعد «ثورة يوليو» 1952 - كانت لجنة معينة، وليست منتخبة على الهوى الإخوانى والسلفى وبعض «نجوم» الإعلام ممن يطلق عليهم «الليبراليون» مجازاً، ويلعبون دوراً ثانوياً فى الحياة السياسية المصرية، بعد إجهاض العملية الثورية التى تمت فى 25 يناير -11 فبراير 2011 - وانتصار تحالف الإخوان والسلفيين ومعهم بعض التوابع من «الليبراليين»، و«الناصريين»، و«اليساريين»، وعلى الجانب الآخر من هذا التحالف تقف المؤسسة العسكرية، والتى يدور معها وإزاءها ومنها صراع خفى ومرموز حيناً، وعلنى حيناً آخر! بينها، وبين السلطة الإسلامية السياسية الجديدة الحاكمة؟
 
هذه القوى التى أجهضت العملية الثورية يفتقر بعضها إلى الوعى التاريخى، والحس الاستبصارى العميق بمعنى التاريخ وتحولاته، ومن ثم لا يرى غالب هؤلاء سوى مواقع أقدامهم ومصالحهم السياسية الآنية!
 
لم تعد المسألة هى صياغة النموذج السياسى الأمثل والأكثر ملاءمة لمصر وتطورها السياسى والتنموى والثقافى والعسكرى فى ضوء تجاربها التاريخية والسياسية المختلفة وكذلك التجارب السياسية والدستورية المقارنة وخاصة بعد انهيار الكتلة الماركسية أو فى جنوب أفريقيا وبعض دول أمريكا اللاتينية.. إلخ!
 
لم نشهد حواراً فى العمق حول مجالات التطور فى النظم الاجتماعية والسياسية والدستورية، وإنما جدل عقيم حول أمور تبدو من البداهات حينا، أو من الجزئيات وليست من ضمن أولويات مستقبلنا، وكأن الدساتير توضع تعبيراً عن لحظة تاريخية محددة، تعكسها بكل ما يدور فيها من صراع حول القيم السياسية المؤسسة، أو بين المصالح الاجتماعية والاقتصادية المتعارضة، أو لحسم بعض الجدل التاريخى والرمزى حول بعض القضايا المعقدة التى لا تحسم من خلال النصوص الدستورية أو القانونية وإنما عبر الجدليات الاجتماعية، والإنتاج السياسى والاجتماعى والثقافى والرمزى.. إلخ!
 
بداهات تبدو غائمة حينا لدى بعضهم وغائبة أو ملتبسة لدى البعض الآخر على نحو ما نرى من بعض «الممثلين» أو المهرجين على مسرح العجائب السياسية المثير للأسى والأسف لحالة بعض النخب المصرية المعتلة، والتى يهرج بعضها فى أمور تحتاج إلى المسئولية والجدية، والموضوعية والكفاءة والحس التاريخى والعقل السياسى الوثاب الذى ينتفض بالعافية والخيال والمعرفة وليست الضحالة وضيق الأفق والتعصب السياسى والدينى المقيت.
 
نعود إلى تصورات بعض الفاعلين السياسيين التى يطرحونها على أنها أولويات العمل الوطنى المصرى المستقبلى والمفصلى، لاسيما التى تدور حول قضايا الهوية. هل هناك هوية أبدية فوق المحددات التاريخية والثقافية والاقتصادية والسياسية والجغرافية والدينية؟
 
هل الهوية سرمدية ترتفع فوق الزمان والمكان والتاريخ؟ هل تختصر فى بعد واحد وتنفى بقية الأبعاد المركبة فى تشكيلة الهويات؟
 
هل هناك هوية واحدة ناجزة فى مجتمع ودولة ما؟
 
هل تؤسس الهوية على الانتماء الدينى فقط كما يتصور بعض المتنافسين والمتصارعين على روح الأمة والدولة المصرية بأقنعة تستتر وراءها وجوه ومصالح آخرين خارجنا؟
 
هل استطاع البعد والمكون الدينى أن ينفى بقية المكونات والأبعاد فى المجتمعات والدول التى تدين الأغلبيات الساحقة فيها بالإسلام أو المسيحية أو البوذية.. إلخ؟
 
بالقطع لا.. نقولها جهيرة بلا لبس لأن جميع الدراسات العلمية حول مسألة الهوية تنفى بعض هذه الآراء والانطباعات وأحكام القيمة الإيديولوجية والدينية التى لا تستند إلى المقاربات السوسيولوجية، والدينية والثقافية والجغرافية والتاريخية.. إلخ، فى طرح ودرس وتحليل معطيات وتركيب مسألة الهوية فى هذه البلدان، ومن ثم تطوراتها وبيئاتها السياسية والثقافية.
 
هل تختصر مسألة الهوية فى نص كالقول مثلاً أن مصر عربية وإسلامية وأفريقية!
 
هل عدم النص على ذلك فى الدستور يلغى أو ينفى هذه الأبعاد والمكونات فى التركيبة المصرية؟
 
بالقطع لا أيضاً.
 
هل النص على الأبعاد العربية والإسلامية والأفريقية يلغى أبعاداً أخرى كالبعد الآسيوى، وجزء من مصر فى آسيا. وهل يلغى البعد المتوسطى فى التركيبة المصرية الفريدة، وجزء من حدودنا البحرية ومدننا الكبرى تقع على المتوسط المتعدد؟
 
هل النص على البعد الأفريقى سيعيد وزن مصر السياسى فى أفريقيا بعد أن ذوىّ! هل سيعيد المصالحة التاريخية بين الإسلام العربى والإسلام الأفريقى بعد ما حدث من صراع دامى فى إقليم دارفور على أيدى التسلطيات القبلية والدينية الإسلامية الحاكمة فى الوسط النيلى فى السودان؟ هل النص على البعُد الأفريقى لمصر سيعيد المصالحة بين الإسلام العربى الراديكالى ممثلاً فى القاعدة وأشباهها ونظائرها وما تفعله فى أفريقيا - نيجيريا، ومالى وبعض دول شمال أفريقيا؟ هل سيعيد النص قيمة التسامح فى إدراك هذه الدول وقادتها وشعوبها إزاء الإسلام العظيم وقيمه السامية فى الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية؟
 
 
هل فى إطار التحولات العولمية نستطيع إلغاء هذا البعد والمكون التأسيسى المتمدد والساحق والنافذ فى تفاصيل وجزئيات حياتنا اليومية؟
 
نقولها لا أخرى صريحة ومباشرة وكبيرة وفارقة ضمن اللاءات الأخرى؟
 
هل عمليات التعولم وصيروراتها تنفى وتستبعد الهويات الخاصة والصغيرة كما يذهب بعضهم نقلاً عن نقاد العولمة من الباحثين والساسة الغربيين؟ لا بالقطع لأن استعارتهم هذا النقد للعولمة كان ضمن النقل الآلى من تراث الموجة الأولى لنقادها من الباحثين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين الغربيين أساساً.. إلخ. حدث تغير كبير فى هذه الروئ النقدية وثبت خطأها وأن العولمة تؤكد على الهويات الصغرى ولا تنفيها بل وتدافع عنها فى كل تجلياتها الثقافية والاجتماعية واللغوية والرمزية والفنية.. إلخ!
 
نحن إذن إزاء مجموعة من الأوهام والأساطير التى تحلق فوق رؤوس وعقول وأرواح ضيقة لا تتحرك إلا عبر الخوف، إنها فيما يبدو أحد مخرجات ثقافة المعتقلات الذهنية والروحية، لا ثقافة الحرية والقوة والانفتاح الضارى على زمن العالم من أجل تحريك الذات وتقويض المخاوف وهدم سجون الخوف المحلق فوق حياتنا وأرواحنا وعقولنا.. إلخ!
 
والسؤال الذى نطرحه هنا لماذا هذا الولع الغرائبى - هو هكذا فعلاً - والكرنفالى السياسى والدينى التأويلى والوضعى بهذا النمط من الأسئلة والأطروحات والأوهام والأساطير السياسية حول الهوية؟
 
نحن إزاء حالة سوسيو - ثقافية، وسوسيو - سياسية تحتاج إلى بحث لأنها تطرح بين الحين والآخر، ومن مرحلة تاريخية وسياسية لأخرى، منذ هزيمة يونيو 1967 - وحتى بعد إجهاض العملية الثورية فى 25 يناير - 11 فبراير .2011 إنها أسئلة الهزيمة المستمرة مع بعضهم حتى الآن!
 
يبدو لى وأرجو ألا أكون مخطئاً أن بعض هذه الأسئلة الغامضة والملتبسة والخارجة من أوهام ذاتية أو شبه جماعية لدى بعض الجماعات السياسية، لا تعدو أن تكون تعبيراً عن عديد من الاعتبارات التى يمكن رصدها فيما يلى:
 
1- أن بعضهم يطرحها عن عمد بهدف صرف الأنظار عن القضايا والمشكلات والأسئلة الكبرى والأساسية التى تطرح «اللحظة التاريخية» يا له من تعبير تم ابتذاله من كثرة الاستخدام الإنشائى والمشوه له فى أحاديثنا وخطاباتنا وكتاباتنا مصرياً وعربياً وإسلامياً؟
 
2- إنها أسئلة وإجابات تسعى بشراسة إلى تديين كل أسئلة الحياة وتفصيلاتها وتفضيلاتها لكى يضمن بعض رجال الدين والسياسة - الذين يوظفون آراءهم حول الدين - السيطرة والاستحواذ واستعمار الضمائر والأرواح، والخلط بين الأمور ومن ثم يسهل عليهم تعبئة قطاعات واسعة من بسطاء الناس وراء شعاراتهم الدينية الأهداف، والتأويلية الأسانيد والوضعية والمرامى التى تخفى مصالحهم السلطوية والاقتصادية والاجتماعية البشرية.. إلخ. أن مسعى بعضهم هذا أدى وسيدمع نحو العنف اللفظى والخطابى والمادى باسم التأويل الوضعى للدين.
 
3- إن تحويل كافة أو غالب الأطروحات والأسئلة والإجابات إلى المجال الدينى السياسى، يؤدى إلى فرض استراتيجية دينية محضة تدور حول الثنائية الضدية أى الصح والخطأ، الحلال والحرام، الخير والشر إلى آخر هذه الإجابات البسيطة جداً والتى ترضى العقل العادى والعقل البسيط، الذى اعتاد على الإجابات البسيطة وذات الجذور الدينية، لأنها تعكس نمط الثقافة الدينية الإسلامية والمسيحية السائدة.
 
من ناحية أخرى هى إجابات أقرب إلى ثقافة الميتافيزيقيات الشعبية والفلكورية الشائعة فى بعض الأوساط الشعبية، والتى امتدت طيلة عديد المراحل التاريخية بكل انعكاساتها على الميتافيزيقيات الوضعية التى تسيطر على عقول عامة الناس وبسطائهم! والتى تمددت إلى أوساط المتعلمين فى عديد العقود الماضية.
 
إن عملية تديين الأسئلة والإجابات هى تعبير عن نزعة كامنة ومسيطرة على وعى بعض رجال السياسة والدين والكتاب والإعلاميين، من أجل الهيمنة على المجال العام السياسى، واستبعاد وتهميش ذوى الاتجاهات الفكرية والسياسية الأخرى بدعوى أنهم بعيدون عن القيم والعقائد الدينية للشعب. لا شك أن هذا الاتجاه يتسم بالتبسيط والتخليط بين أمور واضحة وضوحاً بيناً، ومن ثم لا نحتاج إلى تحريرها كما فى الأمور الإشكالية أو المعقدة.
 
ما الذى يجعل من بعض القضايا الصراعية بين بعض الفرق والمذاهب فى المنطقة، تفرض على الساحة السياسية والدينية المصرية، وعلى أنها تمثل قمة أولويات العمل الوطنى؟
 
هل هو الدعم السياسى النفطى - والمال السياسى الحرام - الذى يقال إعلامياً وسياسياً أنه تدفق إلى الساحة الدينية والسياسية المصرية قبل وبعد 25 يناير ,2011 وانتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة؟ ومن أسف لم يحقق أحد فى هذه المقولات لكى نتبين أهى شائعات أم حقائق؟
 
هل المال السياسى النفطى وسواه - وبعضه قادم من خارج الإقليم - محايد فى العمليات السياسية الداخلية فى مصر؟
 
أم أن المال السياسى عادة ما يكون محملاً بمصالح سياسية ورمزية محددة لأصحاب هذه الأموال؟
 
 
بالقطع نعم، ولا يوجد مال سياسى محايد فى تجارب العالم على اختلافها والاستثناء يكاد يكون نادراً! وإنما متحيز وذو أهداف محددة؟
 
المال النفطى - أيا كان مصدره -يلعب دوراً سياسياً لصالح هذه الدول والعائلات البدوقراطية الحاكمة، ومحملة بنمط تحالفاتها الإقليمية والدولية؟ المال السياسى النفطى محمل بالمصالح الأمريكية وتحالفاتها فى الإقليم، لاسيما حول النفط والأمن وإسرائيل.
 
المال السياسى النفطى لا تحركه الغيرة على الإسلام أو قيمه العليا، ولا بسيادته، وإنما يوظف الإسلام سياسياً للتغطية على هذه المصالح المحددة لهذه البلدان والأسر الحاكمة.
 
من هنا تبدو مطارحات بعضهم حول الصراع السنى الشيعى، محاولة لنقل هذا الصراع الوهمى من المجال السياسى - فى إقليم النفط وشبه الجزيرة والمشرق ودول الجوار الجغرافى العربى فى غرب آسيا - إلى المجال المذهبى والعقائدى، أى خلق حرب داخل الإسلام، وبين مذاهبه على اختلافها بدعم مالى وسياسى عربى قادم من شبه الجزيرة والخليج إلى مصر والمنطقة كلها!!
 
بالقطع هذا التوجه يعكس مصالح بعض دول شبه الجزيرة العربية والخليج - السعودية والإمارات وقطر.. إلخ - فى صراعها مع إيران وبدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول المجموعة الأوروبية!
 
نزاع إقليمى ودولى على النفط والأمن وإيران لصالح إسرائيل!
 
كيف يمكن القبول بفرض قضايا إقليم النفط على الساحة السياسية الداخلية! ومن قبل بعض القوى السياسية الإسلامية؟
 
هل تُخضع وتقدم القوى الإسلامية مصر رهينة لدول وعائلات إقليم النفط ومصالحها وسياساتها؟
 
هل يتم شراء الاستقلال السياسى والسيادة المصرية مقابل بعض المصالحات الإقليمية من بعض فصائل الحياة السياسية الإسلامية المصرية؟
 
هل تستمر سياسة نظام مبارك التسلطى فى الإقليم تحت الوصاية السعودية والخليجية لدول الإقليم النفطى؟
إذن ما الفارق بين السياسة الخارجية للدولة التسلطية تحت حكم السادات ومبارك وبين الدولة ما بعد هزيمة العملية الثورية المصرية؟ لا فارق فيما يبدو حتى الآن!
 
هل تشهد مصر تجرؤا على أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين؟
 
بالقطع لا، وإنما هى ظلال معركة سعودية خليجية مع إيران، وبدعم أمريكى إسرائيلى ومحاولة فرضها على مصر المجتمع المتعدد والمركب والأكثر أهمية وفرادة فى هذه المنطقة من العالم.
 
نحن أمة ودولة حديثة بكل هذه المعانى، ولسنا مجتمع قبائل وعائلات وأشباه «طبقات» اجتماعية يغطى عليها الثراء والتخمة النفطية. ومن ثم نحن أكثر غنى وعمقاً من الصدف الجيولوجية والتاريخية فى هذه المنطقة من العالم مع احترامنا لهذه الدول وشعوبها ولكن السياسة ومصالح مصر الدولة والأمة الواحدة شىء آخر تماماً! مصر وتعددها وثقافتها وعمقها التاريخى الفذ أكبر من الصدفة النفطية، لأننا نستطيع كسر أية قيود يحاول بعضهم فرضها على إرادتنا وسيادتنا وسياساتنا الداخلية والخارجية.
 
الدساتير لا يضعها بعضهم من أجل تقنين مصالح الآخرين فى الإقليم والعالم على الأمة والدولة المصرية الحديثة والمعاصرة؟
 
الدساتير لا تضعها فصائل سياسية لا تنظر إلا إلى مواقع أقدامها ومصالحها السياسية الآنية؟
 
قد تتمكن بعض هذه الجماعات من خلال المال والتنظيم والغلبة والتحالف مع الولايات المتحدة وبعض دول النفط من فرض بعض إرادتها السياسية على أمة بكاملها! لكنها حالة مؤقتة وعارضة ولا تاريخية وفق منطق التاريخ وصيروراته وحكمته الصارمة!
 
الأغلبيات تتغير مهما كان زمن سيطرتها؟ هل تتغير الدساتير والهويات وغيرها وفق كل تغير سياسى؟
 
هل تخضع الدساتير لأهواء وتفسيرات وتأويلات بعض الجماعات الدينية السياسية كما يحاول بعضهم الآن؟
 
هل نضع دستوراً جديداً لمصر الديمقراطية الدستورية الحديثة التى ترنو للتقدم والازدهار أم نضع دستوراً لحكم الإخوان والسلفيين فقط؟
 
هل ننتج دستوراً لمصر بكل أطيافها أم دستوراً انتقالياً لن يستمر سوى لحظة فى تاريخنا!
 
هل نضع دستوراً للحرية والكرامة الفردية والجماعية؟ أم نضع دستوراً يكرسُ الغلبة والهيمنة باسم الإسلام العظيم البرىء من الأهواء وجمود بعضهم وتزمت رؤاهم وآرائهم البشرية ومصالحهم التى لا لبس فيها؟!
 
هل نضع دستورا يقنن الخوف وثقافته أم يبدده لصالح ثقافة الحرية والكرامة والشرف الإنسانى؟!
 
إنها لحظة نادرة تتوثق وتسجلُ فيها الكلمات والشعارات والسلوكيات والمصالح، والأهواء والمطامع والدنايا! لكنها أيضاً لحظة المسئولية والإرادة والترفع عن الصغائر والتحيزات لصالح قيم الوطنية المصرية العليا وتقاليدها وتاريخها المجيد.
 
وقى الله مصر من شرور بعض أبنائها ومخاطرهم على تطورها ومستقبلها وحريات مواطنيها!