الثلاثاء 13 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أسطوات الكوميديا الجدد: «الإيفيه» راحت عليه!

أسطوات الكوميديا الجدد: «الإيفيه» راحت عليه!
أسطوات الكوميديا الجدد: «الإيفيه» راحت عليه!


تعتبر الأعمال الكوميدية ركيزة السباق الدرامى فى شهر رمضان، فحتى لا يشعر الجمهور المصري بالتخمة نتيجة العدد الهائل من المسلسلات التى تعرض عليه فى اليوم الواحد، تأتي الكوميديا لتكون بمثابة «طبق الحلو» لتسليهم وترسم البسمة على وجوههم، نظرًا لأنها دائمًا ما تكون أعمالاً خفيفة ومدة عرضها قصيرة جدًا مقارنة بالمسلسلات الأخرى، وفى المقام الأول تكون مضحكة!

كان هناك شبه إجماع بين النقاد والجمهور على أن الدراما التليفزيونية الكوميدية فى رمضان الماضي، خيبت آمال المصريين، واعتبر البعض أن هناك حالة إفلاس درامى شديدة لدى الكتاب والمؤلفين، وسواء أكان هذا صحيحًا أم لا، إلا أننا نتفق جميعًا على أن طبيعة الكوميديا المصرية قد تغيرت جذريًا فى الآونة الأخيرة، وأن الشاشة الصغيرة شهدت موجة جديدة فى الكوميديا بممثلين ومؤلفين ومخرجين أغلبهم من الشباب، وفرضت الموجة نفسها كانعكاس للحالة الجديدة التى عاشها الشارع المصرى بعد ثورة يناير.
فبمرور الوقت اختفت مسلسلات «السيت كوم» بعد أن أصبحت موجة جديدة هى الأخرى وحلت بديلاً للمسلسلات الكوميدية التى تناقش الموضوعات الاجتماعية مثل «يوميات ونيس»، لتصبح «السيت كوم» هى الأكثر انتشارًا على شاشات التليفزيون، وظهرت بعدها أجناس كوميدية أخرى أخذت أشكالاً عديدة واستقطبت نجومًا ونجمات كبارًا، ومن رمضان لرمضان فقدت تلك الأعمال بريقها حتى جاءت الثورة وغيرت معها كل شيء.
الموجة الكوميدية الجديدة التى سيطرت على الموسم الرمضانى السابق، كان لها سمات عدة، ربما أبرزها أن جميع مؤلفيها وأبطالها من الشباب، وأن مدة الحلقة الواحدة لا تزيد على 20 دقيقة، وأن لكل حلقة موضوعًا منفصلاً، فضلاً عن اعتمادها بشكل كبير على كوميديا الموقف والإيفيه، وخريطة مسلسلات رمضان الكوميدية لن تكون استثناءً عن هذه القاعدة.
فرغم الحضور الفنى المؤثر الذى سيشهده موسم دراما رمضان 2018 لكبار نجوم الساحة الفنية المصرية، فإن الأعمال الكوميدية ستنال جزءًا كبيرًا من الكعكة الرمضانية، إذ أن هناك 6 أعمال كوميدية سيشاهدها الجمهور المصري، وهي: «أرض النفاق»، «سك على أخواتك»، «عزمى وأشجان»، «الوصية»، «ربع رومي» و«عوالم خفية».
أغلب مؤلفى تلك الأعمال من شباب الموجة الجديدة، وهم من أشعلوا منافسة الماراثون الكوميدى العام الماضي، فمثلاً مسلسل «عزمى وأشجان» خرج من تحت عباءة ورشة كتابية مشتركة بين «أحمد محيي» و«محمد محمدي»، اللذين ظهرا بقوة فى رمضان الماضى بأعمال مثل «خلصانة بشياكة» و«هربانة منها».
تحدثنا إلى «محمدي» وسألناه عن رأيه حول الموجة الكوميدية الجديدة وأبرز ملامحها فقال: «لقد تغير إيقاع الحياة بشكل كبير، وساهمت مواقع التواصل الاجتماعى فى هذا الأمر، النكتة نفسها تطورت عن الماضى  وإيقاع الكوميديا تغير، نظرًا لسيطرة السوشيال ميديا على جميع جوانب الشباب، وبالتالي، كان طبيعيًا أن تكون الموجة الكوميدية الجديدة شبابية بكل المقاييس».
بالطبع تعتبر مواقع التواصل الاجتماعى أحد العوامل القوية التى تؤثر على الأعمال الكوميدية بشكل ما أو بآخر، إذ إنها أصبحت فى حد ذاتها ثقافة شعبية، خاصة مع رجحان كفة كوميديا الإيفيهات على حساب الموقف بشكل تدريجي، وانسياق المؤلفين وراء إيفيهات صفحات «الكوميك» على «الفيس بوك»، فمثلاً قد أشيع مؤخرًا أن اسم مسلسل «عزمى وأشجان» مقتبس من اسم شخصية «كمال أبورية» و«فيفى عبده» فى مسلسل «طائر الحب» بعد أن أصبح محط سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعى فى الآونة الأخيرة.
ينفى «محمدي» هذا الأمر مؤكدًا أن مواقع التواصل الاجتماعى لا تعتبر مصدرًا لإلهام كتاب الكوميديا بقدر ما هى لغة تواصل بين الجيل الأكبر سنًا والشباب، وأن صناع المسلسل لم يستهدفوا الشباب فحسب، بل جميع الفئات العمرية، مضيفًا: «فى حالة مسلسل عزمى وأشجان، رأينا أن الاسم سيكون وقعه لطيفًا على آذان الجمهور، وليس صحيحًا ما أشيع حول اقتباس الاسم، ومع ذلك مسألة الاسم ليست مقياسًا لجودة العمل، بل الأحداث هى التى ستفرض نفسها».
السيناريست الشاب «مصطفى عمر» ومؤلف مسلسل «ربع رومي» وأحد كتُاب «خلصانة بشياكة»،  يتفق مع رأى «محمدي»، مستهلاً حديثه معنا بالقول: إن «الكوميديا تتغير من عام لآخر، فمثلاً مسلسلات السيت كوم أصبحت موضة قديمة وبدأت فى الاختفاء تدريجيًا نظرًا لقلة الطلب عليها، وفى الوقت الراهن، ظهر شكل جديد من الأعمال الكوميدية جمع بين روح السيت كوم وشكل المسلسل التقليدي، ومن هنا جاءت الحلقات المنفصلة قصيرة المدة».
وفيما يتعلق بشكل الكوميديا فى رمضان 2018، يرى «عمر» أن كوميديا الموقف لم تختفِ على الإطلاق، وأن كتاب مسلسل «ربع رومي» اعتمدوا بشكل كبير على هذا النوع من الكوميديا تمامًا كما حدث فى الأعمال السابقة التى شارك فى تأليفها مثل «لهفة» و«هربانة منها» و«كلب بلدي».
وأضاف «عمر»: «نحرص على وجود توازن بين كوميديا الموقف والإيفيه، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، وهناك مؤلفون يستسهلون ويقتبسون بعض الإيفيهات من مواقع التواصل الاجتماعى وهم معروفون، وهناك آخرون يواكبون العصر وروح الشباب هؤلاء لا يقتبسون، فعلى سبيل المثال الأعمال الكوميدية القديمة إذا عرضت الآن ستفشل فشلاً ذريعًا رغم أنها كانت ناجحة فى عصرها والسبب هو تطور شكل الدراما والتأليف على مر السنين، وقد حرصنا فى أعمالنا السابقة على هذا الأمر، بل نجحنا فى الهروب من فخ التكرار كما كان الحال مع مسلسل خلصانة بشياكة، الذى جاء بفكرة مختلفة وجديدة تمامًا على المشاهد المصري».
ومع التطور التكنولوجى الكبير، لا يزال التليفزيون يشكل جزءًا مهمًا فى منظومة الترفيه لدى المصريين، رغم الضربة القاتلة التى تلقتها الدراما التركية مؤخرًا فى الشرق الأوسط، حينما قررت مجموعة قنوات «MBC» منع عرض جميع المسلسلات التركية، لكن «عمر» يرى عكس ذلك تمامًا، ويؤكد أن التليفزيون سيختفى قريبًا جدًا شأنه شأن الإذاعة، قائلاً: «نسبة كبيرة من الشباب وأنا منهم، لا يشاهدون التليفزيون، لقد أصبح الإنترنت المصدر الرئيسى للترفيه بالنسبة للشباب، ومع اقتحام شبكة نتفلكس سوق الدراما وإنتاج المسلسلات، قد نرى يومًا ما انتقال موسم الدراما الرمضانى إلى شبكة الإنترنت».
وكان للكاتب «أحمد محيي» - أحد مؤلفى «عزمى وأشجان» - رأى مختلف عن آراء زميليه، وقال إن «مواقع التواصل الاجتماعى تعتبر مصدرًا كبيرًا لإلهام المؤلفين الأعمال الكوميدية، لكنها تعد سلاحًا ذا حدين، فهى تساعد على فتح الخيال بالنسبة لنا ككتاب سيناريو، لكنها أحيانًا تقوم بحرق عدد كبير من الإيفيهات بحيث لا يستطيع المؤلفون إعادة ابتكارها بصورة كوميدية».
وحول تغير شكل الكوميديا، يرى «محيي» أن هذا الأمر طبيعى للغاية، وضرب مثلاً على ذلك بخروج «عادل إمام» من عباءة «يوسف معاطي» واتجاهه إلى المؤلفين الشباب فى مسلسله الأخير «عفاريت عدلى علام».
وأوضح «محيي»: «كبار النجوم يتجهون إلى الشباب الآن، فالكوميديا لا تعتمد على «القفشات والإيفيهات» كما كانت قديمًا، فهذه الطريقة فى الإضحاك تسببت فى ملل الجماهير، كوميديا الموقف هى المسيطرة فى الوقت الراهن ولطالما تمكن هذا النوع من الكوميديا من الهروب من فخ التكرار، كما أنه يصل بسهولة لجميع الناس من كل الثقافات».
وأضاف: «جميع تجاربى السابقة كانت شبابية جدًا وخاطبت فيها الشباب، كان أولها مسلسل «فيس أبوك»، الذى لم يتقبله الجمهور، رغم أنه يناقش فكرة عالم الإنترنت وما أصبحت تمثله فى حياة البشر، وخلصانة بشياكة أيضًا لم يتقبله البعض لصعوبة فكرته، أما هربانة منها فقد حرصت على كتابته فى إطار اجتماعى بسيط بعيدًا عن الفانتازيا، وهذا ما أحاول أنا وزملائى فعله فى أعمالنا القادمة». 