السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رمضان جانا

رمضان جانا
رمضان جانا



رمضان.. بأى حال عدت يا رمضان.. والأسعار نار يا حبيبى نار.. والمواطن على شفا الجنون ويكلم نفسه.. وقد تصور أنه قام بالثورة من أجل إصلاح الحال المائل.. فإذا بالمسائل تتدهور.. وقد تفرغ الثوار للخناق الإيديولوجى.. تاركين المواطن فى حال لايعلم به إلا الله.. والخيبة أن النظام السابق كان يراهن على بقاء المواطن ملهيا فى البحث عن لقمة العيش.. غير قادر على الثورة والاحتجاج.. لكن النظام سقط بفعل الضغط الذى يولد الانفجار.. فكانت الثورة التى رفعت الشعار العبقرى.. عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. فأين العيش إذن.. ومتى نرى الحرية.. وكيف تتحقق العدالة الاجتماعية..؟!
 
فهل تكون العدالة فى صورة زيادة فى المرتبات والمشكلة أنها تتبخر سريعا فى ظل ارتفاع الأسعار والتضخم.. ولماذا لايصرفون لنا المرتبات فى صورة خضار وفاكهة ولحمة وأرز وعيش وصابون وسمنة وياميش رمضان وكسوة الصيف..؟!
 
لماذا لاتبتكر الدولة حلولا واقعية لمواجهة الفقر الأزلى الذى يعانى منه الموظف.. وما المانع مثلا من إقامة موائد الرحمن للموظفين فى رمضان وشعبان وذو الحجة وربيع الأول.. وأراهن أن أحوال الشغل ستنتعش.. وسوف يقبل الموظفون على العمل.. ينجزون مصالح الناس صبحا وظهرا وعصرا.. ثم يأكلون فى المساء.. وبالمرة يتفرجون على المنوعات والتمثيليات وبرامج الفكاهة والمسخرة..؟!
 
تسأل عن السبب فى ارتفاع الأسعار  الفاحش.. فيقولون لك إننا نستورد كل شىء من بلاد برة ولا أعرف لماذا هذه الهوجة للاستيراد طعاماً وشراباً من الخارج مع أننا دولة زراعية منذ آلاف السنين.. فهل أصابنا الكسل فجأة.. وحتى الجبن الدمياطى إنتاج بلدنا هنستورده من هولندا.. والفول المدمس والذى هو اختراع فرعونى نستورده من الصين وكوريا.. والحلاوة الطحينية التى هى اكتشاف مصرى نستوردها الآن من قبرص واليونان.. باختصار صرنا نستورد كل شىء.. من القمح للدقيق والأرز والقطن والعدس والمكرونة والسمن والسكر والزيت والصابون.. صرنا خبراء فى الاستيراد.. من الإبرة للصاروخ..!
 
الذى يغيظك يا أخى هم الخبراء الذين يطلون عليك فى التليفزيون بمناسبة الشهر الفضيل.. والأستاذ التليفزيونى يتهمنا بأننا شعب أكول.. لايعرف من متاع الدنيا سوى الطعام.. ولهذا ترتفع الأسعار.. والدليل فى رأى الأستاذ أن معدل استهلاك المواطن للدقيق والسكر هو الأعلى فى العالم.. لايكاد ينافسنا شعب من الشعوب.. والأمريكى والأوروبى لايكاد يستهلك السكر أبدا حرصا على صحته وميزانية بلاده.
 
ومع أن المقارنة ظالمة.. إلا أنها أيضا غير صحيحة.. والأمريكى بالذات يستهلك أضعاف ما يستهلكه المصرى من الدقيق والسكر.. ثم أننا زهقنا من تلك الدروس التليفزيونية الموسمية.. إذا أكلنا سكر وحلوى.. قالوا الخواجات لايفعلون.. مع أن الخواجة يأكل المربى ويشرب العصير الطبيعى.. ويعرف فطيرة التفاح والكمثرى والكريز.. ونحن فى ظل الفلس الأزلى.. أقصى حدودنا لما نفرح.. تقوم الست الوالدة بعجن دقيق بسكر لنأكل فطيرة بيتى.. أو أرز باللبن وخلاص ثم بيسمموا أبداننا بكلام عن الإسراف وسلوك الخواجات ولا أعرف لماذا يقارنون بيننا وبين الخواجة فى استهلاك الدقيق.. ولماذا لاتكون المقارنة فى استهلاك اللحمة مثلا.. واستهلاكنا لايزيد عن عشرة فى المائة من استهلاك الخواجة.. وأسعارنا أعلى طبعا.
 
رمضان جانا.. أهلا رمضان.. وتعظيم سلام لست البيت المصرية.. هى التى تواجه الأزمات والمتغيرات وانفلات الأسعار.. وتتعامل معها بالحكمة المطلوبة.. هى تدرك أن الزوج الذى يشقى فى العمل صبحا وظهرا وفى المساء والسهرة.. لايستطيع أن يفعل المزيد.. فيسلم لها قروش المرتب وعليها بالتصرف.. وهى تتصرف غالبا بالأصول لكى تأكل الأسرة وتستكمل المشوار.. هى التى اخترعت الفول والفلافل ومشتقاتهما.. هى التى اكتشفت فتة العدس والفول النابت بالخل والثوم.. تنافس بها موائد الأغنياء.. هى صاحبة اختراع المش والكشرى تسد بهما جوع الأسرة.. ولاتنسى الباذنجان أبو خل المسقعة والعدس والبصارة بالهنا والشفاء.
 
ست البيت هى البطل الحقيقى فى رمضان وفى غير رمضان.. ولولاها لانكشفت العائلات المستورة.. ولولا حكمتها وتدبيرها لما استطاعت الأسرة دفع مصروفات المدارس وفلوس الدروس الخصوصية وكسوة العيد ومصاريف المواصلات.. ست البيت هى ستنا وتاج رأسنا.
 
كل عام وأنتم بخير.. رمضان كريم.. يطالبكم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.