السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

د. إبراهيم نصر الدين عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية: قطر ذراع أمريكا للعبث بأمن القارة لصالح إسرائيل

د. إبراهيم نصر  الدين عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية: قطر ذراع أمريكا للعبث بأمن القارة لصالح إسرائيل
د. إبراهيم نصر الدين عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية: قطر ذراع أمريكا للعبث بأمن القارة لصالح إسرائيل


مصر استعادت %50 من علاقاتها المفقودة فى أفريقيا مؤخرًا، ومستمرة فى هذا الأمر.. هكذا تحدث الدكتور إبراهيم نصر الدين أستاذ النظم السياسية وعميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية، ورئيس الجمعية الأفريقية للعلوم السياسية لـ«روزاليوسف»، مؤكدًا أن القاهرة انتبهت للتحركات الإسرائيلية فى القارة السمراء.
 لماذا خسرت مصر أفريقيا؟
- أولا يجب أن نتذكر كيف كانت مصر فى أفريقيا، فمنذ ثورة يوليو دعمت مصر حركات التحرير الأفريقية، وتم إنشاء الجمعية الأفريقية بالقاهرة، ووصل عدد مكاتب حركات التحرير إلى 22 مكتبًا، منها من يتخذ سبيل التفاوض للتحرر سلميًا من الاستعمار، وهناك حركات تتبنى المقاومة المسلحة، فالصحف الأجنبية بالخمسينيات كانت تتحدث عن الجمعية الأفريقية بأنها بؤرة لمساعدة المتطرفين والإرهابيين، وأنشأنا فى 1959 أول حركة لتحرير أريتريا فى القاهرة، بزعامة مريان موردو مريان، وفى 1960 تم تدريب 200 شاب ناميبى بالجيش المصرى، وبدأ الكفاح المسلح بناميبيا 1966 أى بعد 6 سنوات من بدء القاهرة فى تدريبهم.
 كيف تدهورت علاقتنا بالقارة السمراء؟
- بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر أغلق الرئيس السادات مكاتب مصر فى أفريقيا، وهى المكاتب التى كان مسئولا عنها محمد فائق، باعتباره كان منسق العلاقة بين الأجهزة المصرية فى مجالنا الأفريقى، وهو الدور التنسيقى الذى نفتقده الآن، وكانت مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل فى 1979 هى «القشة التى قصمت ظهر البعير»، فبعد أن كانت مصر تقاوم الاستعمار وتدعم حركات التحرير أصبحت فى تطبيع مع الكيان الاستعمارى الصهيونى بعقد اتفاقية كامب ديفيد، وقطعنا علاقتنا بالدول الأفريقية تمامًا، وفقدنا نفوذنا فى القارة، علمًا بأن صوت مصر كان مسموعًا فى أدغال القارة السمراء فكل حركات التحرير المسلح وخاصة فى جنوب أفريقيا  كانت اشتراكية، وأنجولا وموزمبيق استقلتا فى منتصف السبعينيات بتوجه اشتراكى.
 إذن يمكن القول إن السادات أفقدنا علاقاتنا الجيدة بأفريقيا؟
- نعم، بكل تأكيد؛ فالدبلوماسية فى هذه الفترة أفقدتنا علاقتنا بأشقائنا، فكانت الدولة المصرية تصرف مليارى دولار على البعثات الدبلوماسية التى تخرب العلاقات ولا تنميها وكأنها مهمتها كسب العداء الأفريقى، كما أن بعثات الأوقاف كانت تسيء لبلدنا، والخسائر كانت مضاعفة فيكفى أن فرع جامعة القاهرة بالخرطوم الذى كانت تنفق عليه الدولة 30 مليون جنيه سنويًا خرب علاقتنا نتيجة تعاملاته العنصرية، وحينما تم الاستيلاء على الفرع لم يهتم السودانيون بالدفاع عنه، وللأسف علاقة العرب بأفريقيا أيضًا  انخفضت فى فترة السادات مقارنة بفترة حكم عبدالناصر، وكانت رصاصة النهاية بمحاولة الاغتيال التى تعرض لها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى أديس أبابا.
 كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من سوء العلاقات؟
- غاب التنسيق، فكان ما حدث أمرًا طبيعيًا، وحينما تغيب وزارة الخارجية لا نستبعد شيئًا، فعلى سبيل المثال كان الأزهر يرسل دعاة لا يعرفون اللغات أو الثقافة الأفريقية، كما أن تصرفاتهم كانت مُشينة، وكان يجب الاستعانة بالدعاة الأفارقة الذين تعلموا فى الأزهر الشريف للقيام بهذا الدور، بدلاً من خلق عداء نتيجة سوء الفهم.
 كيف يمكن استعادة دورنا الريادي؟
- العلاقات بدأت فى التحسن مع تحركات الرئيس السيسى، وأصبح لدينا قبول سياسى واسترجعنا %50 من قوتنا فى القارة السمراء.
الرئيس السيسى لديه تصور لاستعادة العلاقات مع دول أفريقيا كما كانت فى فترة عبدالناصر، من منظور المصالح المتبادلة وليس من منظور فاعل الخير، ويجب تحديد مهام معينة لسفرائنا فى القارة، فالسفير روح الدولة ويجب أن يصنع علاقات على المستوى الاجتماعى والثقافى، والتخصص فى الشئون الأفريقية يفيد العلاقات الدولية.
 هل كان لتوقف البعثات العلمية للقارة السمراء دور فى تدهور العلاقات؟
- سمعة العرب بدول العالم وأفريقيا تتراجع، رغم أن نسبتهم فى القارة تتجاوز %30 وفى العمل الموسوعى يتجاهل المفكرون الشمال الأفريقى فكل كتاباتهم عن مشاكل جنوب السودان والنوبة والأقباط.
هناك تشابه كبير بين الحضارتين المصرية والأفريقية، والشيخ أنتى جوب الأستاذ بجامعة السوربون أثبت فى خمسينيات القرن الماضى أن الحضارة الأفريقية أصلها مصرى وذلك بأدلة من المومياوات والآثار، وعلى الجهات العلمية استغلال هذا الأمر، وثقافيًا يجب إنتاج فيلم عن أعمال «أنتى جوب»، واقترحت هذا الأمر مرارًا وتكرارًا.
لدينا أدوات مساعدة كثيرة ومنها أن عمر كنارى مفوض الاتحاد الأفريقى فى 2004 قال فى تقرير سنوى له، إن الحضارة النوبية أصل الحضارة المصرية وبالتالى هى أصل الحضارة الأفريقية.
 كيف توغلت إسرائيل فى أفريقيا؟
- تل أبيب لم تبدأ التوغل فى القارة إلا بعد تراجع الدور المصرى فى السبعينيات، رغم أن إنفاقنا فى القارة يتجاوز الدولة العبرية بمراحل، إلا أن دورنا تراجع، كما أن إسرائيل لديها سفير واحد بشرق أفريقيا يقوى علاقات الكيان بدول القارة ويسهل تحرك رجال الأعمال الإسرائيليين داخلها، فى حين أن مصر لها سفراء بكل دول أفريقيا، لكن لا يوجد تنسيق ولا توجيه لهذه الجهود، هذا بالإضافة إلى أننا نمنح دورات بكليات الزراعة والهندسة ومركز البحوث الأفريقى وأكاديمية الشرطة وأكاديمية ناصر، ونشاط الخارجية ووزارة التجارة.
 وماذا عن إيران؟
- غرب أفريقيا غالبيتهم مسلمون ونتيجة تجاهل مصر لهم ذهبت إيران إلى هناك ونشرت المذهب الشيعى، واستغلت أن أغلبهم ينتمون للصوفية ويحبون آل البيت، وأهل الخليج حينما أحسوا بذلك بدأوا ينشرون الفكر الوهابى ودعوا لهدم الأضرحة، ولذلك تولد الإرهاب فى هذه الدول، لكن التواجد القطرى بأفريقيا هو الأكثر خطورة.
 كيف تكون قطر الأكثر خطورة؟
- قطر كان لها قوات على الحدود بين أريتريا وجيبوتى، وتسببت فى نشأة نزاع بين الدولتين على الحدود، وهذا مكمن الخطورة، وقطر الأكثر خطورة لأن الولايات المتحدة حينما تلعب فى أفريقيا لصالح إسرائيل من مصلحتها الاستعانة بوجه عربى مُطيع لها مثل قطر، خاصة أن التواجد الإسرائيلى هناك يستفز مشاعر العرب، ولذلك على مصر تقوية علاقاتها بجيبوتى وإريتريا والصومال، ويجب ألا نغفل التحركات التركية التى تتم بأيدى إخوانية.
 ما الاستراتيجية التى تنصح باتباعها لتقوية العلاقات الفترة القادمة؟
- يجب تقسيم القارة إلى 3 قطاعات، الأول غرب أفريقيا خاصة أن هذه الشعوب لديهم اهتمام بالحضارة الإسلامية خاصة أنهم شاركوا فى صنعها، فلماذا لا ننشر تاريخ غرب أفريقيا بالدول العربية ونُدرسه فى المناهج؟، وذلك ينقل لهم إحساسًا بأنهم شركاء للدول العربية والإسلامية، وتدرب الولايات المتحدة الأمريكية، فى إطار «أفريكوم» وهى القيادة العسكرية الأمريكية المشتركة، كل الدول الواقعة جنوب الدول العربية بشمال أفريقيا، فهل ذلك لا يعنى التخطيط لأمر معين، ولا أحد يتحدث عن الصومال رغم أنها محاطة بالصراعات منذ أكثر من ربع قرن وتمتلئ بالفوضى الخلاقة، والقناة الفرنسية تتحدث يومياً عن دولة الأمازيج.
 ما المكاسب التى يمكن تحقيقها من تواجدنا الأفريقي؟
- أولا على المستوى الاقتصادى نفتح المجال لمستثمرين مصريين، لخدمة الشعوب الأفريقية، وأيضًا الترحيب بالمستثمرين الأفارقة فى مصر، فنحن نريد المواد الخام من بلاد أشقائنا، وهم فى حاجة للخبراء المصريين.
 ماذا عن أزمة سد النهضة؟
- وقعنا فى أخطاء كثيرة فى إدارة هذا الملف، وارتكب المفاوض المصرى أخطاءً كثيرة كانت بمثابة كروت مجانية أعطت لإثيوبيا قوة لم تكن تحلم بها، أيضًا من أخطائنا أننا تركنا الصومال وأهملناها، رغم أنها كانت ستحقق توازنًا مع إثيوبيا باعتبارها دولة عربية، وتركنا السودان على مدى 25 عامًا، كانت السودان خلالها أقوى عسكريًا من إثيوبيا، والآن أصبح لأديس أبابا 4 آلاف جندى بين شمال السودان وجنوبها، وحرس الحدود السودانى والإثيوبى يعيشان ويأكلان سويًا، فإهمالنا جعل إثيوبيا لها اليد العليا، والغرب يُراهن عليها.
 كيف نحل أزمة السد؟
- إثيوبيا أنشأت سد النهضة بالمخالفة للاتفاقيات الدولية التى تنص على ضرورة الاتصال بالسودان دولة الممر ومصر دولة المصب قبل البدء فى عمليات الإنشاء والانتظار 6 أشهر، للحصول على موافقتهما، وما فعلته إثيوبيا هو استكبار منها اعتمادا على مساندة الولايات المتحدة الأمريكية والصين وقطر لها، وتوهمت أنها تهدد مصر بسد النهضة.
كان على مصر التحفظ على النقاط المعترضة عليها، لكن سد  النهضة يمكن أن يفيد مصر فى حجز الطمى ببحيرة ناصر ولتوليد كهرباء من سد النهضة على إثيوبيا فتح توربينات المياه لتوليد تلك الكهرباء وليس إغلاقها كما يدعى البعض.
 هل تقصد أن السد ليس له أضرار على مصر؟
- مشكلتنا مع سنوات ملء السد والتى تمتد لسبع سنوات، والخطر الأكبر على السودان فى حالة انهيار السد الذى يرتفع لأكثر من 70 مترًا، لكن فى حالة إصرار إثيوبيا على ملئ السد بما يضر مصالح مصر فلا بديل عن اللجوء للحل العسكرى.
 هناك خبراء قالوا إن السد يقلل من حصة مصر من المياه؟
- هذه مؤامرة إخوانية لإرهاب الشعب المصرى من سد النهضة حتى لا يكون أمام الشعب إلا ضرورة توصيل المياه لغزة وبالتالى لإسرائيل، وتحدثت صحف إثيوبية عن أن المعزول مرسى حصل على عشرة مليارات لتنفيذ تلك الصفقة، ولم ينف الإخوان ذلك، واثق أن الرئيس السيسى لن يسمح بإنقاص نقطة واحدة من حصة مصر فى المياه.
 ما دور الجمعية الأفريقية التى أنشأتها؟
- أنشأت الجمعية فى أبريل الماضى، وطبعنا كتاب الإرهاب وتأثيره على العلاقات الأفريقية، وعقدنا مؤتمرًا عن تقييم العلاقات  العربية مع دول أفريقيا، وتهدف الجمعية لعودة العلاقات المصرية - الأفريقية، ويوجد بالجمعية وحدة لدراسات الجدوى لرجال المال والأعمال ووحدة للمرأة ووحدة للطلاب ووحدة للإعلام بهدف تغطية كل جوانب التعاون مع أفريقيا.