السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مبادئ الدولة المدنية تتعارض مع التشريعات الدينية

مبادئ الدولة المدنية تتعارض مع التشريعات الدينية
مبادئ الدولة المدنية تتعارض مع التشريعات الدينية



 بدأت الدعوة للانتفاض قبل يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 وفى الخامس والعشرين خرجت مظاهرات فى عديد من المحافظات تطالب بإسقاط الحكومة، وفى اليوم التالى مباشرة كانت الأعداد قد تزايدت وكان النداء الذى يتردد صداه فى كل الأرض المصرية هو: «عيش، حرية، كرامة إنسانية»، هذا النداء ظل مصاحباً لكل الشعارات الأخرى طوال أيام الثورة والتى كانت ذروتها فى المطالبة بإسقاط النظام والرئيس.
 
 
 
سقط الرئيس، وربما أوشك النظام السياسى على السقوط أيضًا، لكن ماذا عن العيش، الحرية، والكرامة الإنسانية؟!. فى الواقع الثورات لا تنطوى فقط على تعبئة جماهيرية وتغيير لنظام سياسى، بل أيضا تنطوى على تغييرات أساسية وجذرية اجتماعية واقتصادية وثقافية بعد فترة وجيزة من الصراع على سلطة الدولة، لكن لم يحدث أىَّ من هذا: لم يحدث أى تغييرات اجتماعية أو ثقافية. هذا يعنى أن ثورة الخامس والعشرين من يناير هى فقط إنتفاضة أطاحت بنظام أو برئيس لكنها لم تحقق المعنى الكامل للثورة.
 
والواقع أن النظام الجديد: أى الإخوان المسلمين، لا يبشر بالخير، فمن الصعب أن يتبنى تيار دينى أصولى أى تغييرات جذرية نحو المدنية والحداثة فى المجالات الاجتماعية والثقافية.
 
هوية الدولة والمساواة
 
حتى الآن ليس هناك إجماع أكاديمى على التعريف الأكثر ملاءمة «للـدولة»، لكن المتفق عليه هو أن «الدولة» هى «شخصية اعتبارية» وليس شخصية طبيعية، بينما الدين هو إيمان بمجموعة معتقدات بالإضافة لممارسات طقسية ترتبط بعبادة إله، وهذا الإيمان وهذه الممارسات هى أمور تمارس من قبل الشخصية الطبيعية «وليس الإعتبارية» أى هى شىء شخصى فى الأساس.
 
ووفقًا لتعريفى الدولة والدين فالدولة ليست شخصًا طبيعيًا يصلى ويصوم ويمارس طقوساً وعبادات أو يعتنق إيمانا ما، وعليه ينبغى على الدولة أن تكون محايدة تجاه مواطنيها، فإنه لا يمكنها اعتماد أى دين كدين رسمى لها أو كمصدر للتشريع وإلا فقدت حيادها بينما هذا الحياد هو الضمانة الحقيقية لتطبيق قواعد العدالة لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.
 
 انقلاب يوليو وتجريف الهوية المصرية:
 
بدأ تجريف الهوية المصرية مع انقلاب يوليو العسكرى 1952م، حيث قُضىَّ تمامًا على المناخ الليبرالى سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية بفضل الحكم العسكرى الاستبدادى، وتبنى جمال عبدالناصر فكرة القومية العربية مع تهميش تام للهوية المصرية التى انحسرت واختفت تدريجيًا من العقل والوعى المصرى وحلت محلها القومية العربية. لكن فكرة القومية العربية ما لبثت أن انهارت مع هزيمة 1967م وفشل الوحدة بين مصر وسوريا، ونتيجة لذلك وجد العقل المصرى نفسه دون قومية أو هوية يرتكن إليها فالهوية المصرية ولت منذ زمن، والقومية العربية ظهر أنها وهم، لذا لم يكن هناك بد للعقل المصرى سوى النزوع نحو الهوية الدينية بدعم من حركات الإسلام السياسى، وتدريجيًا بعد ذلك تأكدت هوية الدولة المسلمة فى الدستور، ثم مبادئ الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع وأصبح الرئيس السادات رئيساً مسلماً لدولة مسلمة.
 
مصر ليست دولة اسلامية او مسيحية أو ذات أى دين، مصر هى دولة مصرية وهذه هى قوميتها، دولة تحيا كل تعدداتها فى مساواة كاملة من حيث الوصول للمناصب المختلفة فى الدولة وحرية التعبير والعبادة.. إلخ
 
فى بعض الأحيان قد يحدث تعارض بين المبادئ المدنية العامة وبين التشريع الدينى، على سبيل المثال فالشريعة الإسلامية تسمح بالزواج بأكثر من زوجة، بينما المبادئ الدولية العامة لا تسمح بمثل هذا، لكن هذه الاشكالية لا يجب أن تدعونا لنتبنى تشريعات تتفق ودين الأغلبية أو حتى دين الأقلية، فهناك مقترحات متعددة تسمح بعلاج مثل هذه المشكلات، وهى أن تسلم الدولة المؤسسات الدينية الرسمية مثل الأزهر والكنيسة وغيرهما سلطات قانونية تمكنها من أن تفرض نظامها الخاص بقانون الأسرة.
 
وهذا الحل، كان جزءا مقترحاً إضافته للمادة الثانية وهى أن يحتكم غير المسلمين إلى شرائعهم فيما يختص بقوانين الاسرة، لكن إضافة هذا الجزء للدستور هو ترسيخ صارخ للتمييز بين التعدديات المختلفة داخل الدولة، التى يفترض بها أن تكون محايدة تمامًا وذات قومية تستمد منها وليس من دين تعددية الأغلبية، أى دولة ذات قومية مصرية فقط لا غير.