عبدالناصر لا يموت

روزاليوسف الأسبوعية
رحل منذ 47 عامًا إلا أنه لايزال حيًا فى قلوب والعقول المصريين بل العرب أجمعين، ميلاده منذ 99 عامًا، لكنه يولد الآن.
أى رئيس فى مصر حينما يأتى على لسان الشعب تجده تلقائيًا فى مقارنة مع عبدالناصر وكأنه أصبح النموذج الذى يُقاس عليه، لذلك يتحاشى أى فريق سياسى أن يضع الرئيس الذى يؤيده فى مقارنة مع قائد ثورة يوليو.
عبدالناصر عند مُحبيه الزعيم الخالد أبو خالد فمن قربه من الشعب عرفوه باسم ابنه وأطلقوا عليه لقب الخالد باعتباره مخلدًا فى قلوبهم وعقولهم.
عظمة عبدالناصر أنه الزعيم الذى هتفت له الجماهير حتى فى أسوأ الأوقات، حينما أخطأ «ناصر»، وجد المغفرة من الشعب قبل الحساب، المحبة من الناس له كانت مختلفة، فرغم المحبة على قدر العتاب، محبة عبدالناصر تجاوزت كل الحدود.
الفلاحون عشقوه، والعمال يحلفون بأيامه، والتجار يضربون المثل بأفعاله، دراويش عبدالناصر تمنوا رضاه وكان القول عندهم ما قال ناصر.
«ابق فأنت الأمل»، غناء من السيدة أم كلثوم كانت تعبيرًا عن الموقف الشعبى من عودة ناصر، فعودته عندهم كانت هى الأمل الحقيقى.
مع المحبة التى كانت بين الشعب والمستمرة حتى الآن، هل يمكن أن يموت ناصر؟ الإجابة بالطبع لا، وكل الشعب يهتف: «يعيش عبدالناصر» .
من اختلفوا معه لم يصدقوا رحيله، وأصيبوا بصدمة وفور موته تهافت الشعراء على رثائه، ومدح ما فعل حتى الذى اختلفوا معه فيه إلى حد وصف نزار قبانى له بــ«آخر الأنبياء».
قتلناك يا آخر الأنبياء
قتلناكَ.. يا آخرَ الأنبياءْ
قتلناكَ..
ليسَ جديدا علينا
اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ
فكم من رسولٍ قتلنا..
وكم من إمامٍ..
ذبحناهُ وهوَ يصلّى صلاةَ العشاءْ
فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ
وأيامُنا كلُّها كربلاءْ..
نزلتَ علينا كتاباً جميلاً
ولكننا لا نجيدُ القراءة..
وسافرتَ فينا لأرضِ البراءة
ولكننا.. ما قبلنا الرحيلا..
تركناكَ فى شمسِ سيناءَ وحدكْ..
تكلّمُ ربكَ فى الطورِ وحدكْ
وتعرى..
وتشقى..
وتعطشُ وحدكْ..
ونحنُ هنا نجلسُ القرفصاءْ
نبيعُ الشعاراتِ للأغبياءْ
ونحشو الجماهيرَ تبنا وقشا
ونتركهم يعلكونَ الهواءْ
نزار قبانى
الحلم والأغنية
لا.. لم يمت
وتظل أشتات الحديث ممزّقات فى الضمائر
غافيات فى السكينة
حتى تصير لها من الأحزان أجنحة
تطير بها كلامًا مرهقًا
يمضى ليلقفه الهواءُ
يرُدّه لترن فى جدرانه دور مدينة الموت الحزينةْ
أصوات أهليها الذين بنت بهم سرر البكاء
يتجمّعون على موائد السهر الفقير
معذبين ومطرقين
الدمع سقياهم وخبزهم التأوُّه والأنين
يلقون ـ بين الدمعتين ـ زفير أسئلة
تُخشخش مثل أوراق الخريف الذابلات
هل مات من وهب الحياة حياته
حقًّا أمات؟
تتجمع الكلمات حول اسمٍ سرى كالنبض فى شريانهم
عشرين عامًا
كان الملاذ لهم من الليل البهيم
وكان تعويذ السقيم
وكان حلم مضاجع المرضي
وأغنية المسافر فى الظلام
وكان مفتاح المدينة للفقير يذوده حرس المدينة عن حِماها
وكان موسم نيلها
يأتى فينثر ألف خيط من خيوط الخصب تورق فى رباها
صلاح عبدالصبور
مرثية العمر الجميل
هذه آخر الأرض
لم يبق إلا الفراقْ
سأسوّى هنالك قبرًا
وأجعل شاهده مزقة من لوائك
ثم أقول سلامًا
زمن الغزوات مضى والرفاقْ
ذهبوا
ورجعنا يتامي
هل سوى زهرتين أضمُّهما فوق قبرك
ثم أمزِّق عن قدمى الوثاق؟!
إنّنى قد تبعتك من أول الحلم
من أول اليأس حتى نهايته
ووَفَيْتَ الذماما
ورحلت وراءك من مستحيل إلى مستحيل
لم أكن أشتهى أن أرى لون عينيك
أو أن أميط اللثاما
كنت أمشى وراء دمي
فأرى مدناً تتلألأ مثل البراعم
أحمد عبد المُعطى حجازى
الرجل ذو الظل الأخضر
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
وحين تموت
نحاول ألا نموت معك !
ولكن لماذا تموتَ بعيدًا
عن الماء
والنيل ملء يديك؟!
لماذا تموت بعيدًا عن البرق
والبرق فى شفتيك؟
وأنت وعدت القبائل
برحلة صيف من الجاهليةْ
وأنت وعدت السلاسل
بنار الزنود القويةْ
وأنت وعدت المقاتل
بمعركة تُرجِع القادسيةْ
محمود درويش
رباعيات
إلى الرئيس
جمال عبدالناصر
العنوان: قلب مصر
فى ذكرى يوم مولدك
بنؤيدك
يا أيها المصرى العظيم
وبنوعدك
مهما غبت
حنوجدك
ومهما مت
مصر ح ترجع
مرة تانية
تولدك
المرسل: شعب مصر
صلاح جاهين