السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الملك على «ورقة بوستة»

الملك  على «ورقة بوستة»
الملك على «ورقة بوستة»


الطوابع البريدية هى التوثيق الرسمى لتاريخ  أى دولة، وهى المرجع الأساسى والشاهد الرئيسى على أحداثها وتاريخها، وكما كانت مصر سباقة فى إنشاء خطوط السكك الحديدية التى أدخلتها أراضيها عام 1851م، كثانى دولة بعد بريطانيا، كانت أيضا  من أوائل الدول التى عرفت الطوابع البريدية وتحديدا ثالث دولة بعد إنجلترا وبافاريا، وذلك عندما قام الخديو إسماعيل - والى مصر - بشراء حق امتياز البوستة الأوروبية ليقوم بتأسيس البوستة المصرية عام 1865م فى مكانها الحالى بميدان العتبة، وليصبح الإيطالى «موتسى بك» أول مدير لمصلحة البريد المصرية، الذى ظهر فى عهده أول طابع بريد مصرى عام 1866م، وليتم بعدها إصدار الآلاف من الطوابع التى رصدت أحداثا وذكريات وتفاصيل كل حقبة زمنية مرت على مصر بتعاقب حكامها بداية من الخديو توفيق ثم عباس حلمى الثانى والسلطان حسين، ثم السلطان فؤاد قبل أن تتحول مصر إلى مملكة ويصبح الملك فؤاد ثم ابنه فاروق آخر ملوك الأسرة العلوية ليسدل الستار على عهد الملكية ولتبدأ مرحلة جديدة من التأريخ البريدى مع إعلان الجمهورية فور قيام ثورة 23 يوليو 1952 وبداية عهد محمد نجيب ثم جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات ومحمد حسنى مبارك إلى ما بعد قيام ثورة 25 يناير 2011.


هذا العام احتفلت هيئة البريد المصرية بمرور 150 عاما على ظهور أول طابع مصري، وكان عبارة عن طابع مستطيلى مزركش بنقوش عثمانية كتب عليه كلمة «تمغاي»، هكذا كانت تكتب الكلمة المعروفة بالـ «دمغة»، الطابع صدر بعدة فئات نقدية الـ «1» و«2» و«5» قروش، و«5» و«10» و«20» بارة، والبارة هى العملة العثمانية القديمة، حيث كانت مصر ولاية من ولايات الدولة العثمانية، لكن كان لها استقلالها فى الحكم، وهو ما جعلها تعرف طوابع البريد وتستخدمها حكوميا وأهليا قبل أن تعرفها الدولة العثمانية نفسها بفترة طويلة، الطوابع الثلاثة الأولى كانت بُنّيّة اللون، وبجانب الزخرفة المرسومة عليها كتب «تمغاى بوستة مصرية».
طوابع البريد الحكومية ظهرت عام 1893م وكانت تتميز بكتابة كلمة «أميري» عليها وطباعة الطوابع فى سنواتها الأولى كانت تتم فى إيطاليا وتحديدا مدينة «جنوة» حتى عام 1867م إلى أن انتقلت الطباعة لمدينة الإسكندرية من خلال مطبعة «أبناسونب» الحجرية الأهلية و«حجرية» أى الطباعة بنظام حفر الحروف والرسومات على الحجر والأهلية أى الخاصة غير المملوكة للدولة، وظلت فيها حتى عام 1872م عندما انتقلت إلى المطابع الأميرية بمنطقة «بولاق أبوالعلا».
فى عهد الملك فؤاد عام  1922م وبعد حصول مصر على استقلالها شهدت الطوابع البريدية طفرة كبيرة سواء على مستوى الطباعة نفسها أو على مستوى التصميمات والألوان والأشكال، وهى الفترة التى ظهر فيها صور الحاكم على طابع البريد وكانت البداية مع مجموعة الملك فؤاد الشهيرة.
ويعتبر «الملك فاروق» من أكثر الحكام الذين أولوا للطوابع أهمية كبيرة، كونه ليس فقط حاكما، وإنما كواحد من أكبر هواة الطوابع والعملات فى العالم، لدرجة أنه كان يمنح سنويا إلى الجمعية المصرية لهواة جمع الطوابع مقابل ذلك كانت الجمعية تخص «فاروق» بأندر وأحدث الطوابع أولا بأول، كما كان  فاروق عاشقا لمتابعة عمليات طباعة الطوابع فى المطبعة الأميرية، ومهتما بجمع الأخطاء المطبعية لها سواء خطأ فى اللون أو الكتابة أو الشرشرة، وهى الأخطاء التى تزيد من قيمة الطابع.
بعد قيام ثورة 23 يوليو لم يكن الوقت كافيا لإصدار طوابع بريدية جديدة فى وقت قياسي، ولم يكن متاحا وقتها سوى التعامل بطوابع الملك فاروق المتداولة فى تلك الفترة فى الوقت نفسه كان النظام الجديد من الضباط الأحرار يرفضون التعامل بكل ما يتعلق بالنظام البائد، وتحديدا بما يخص الملك فاروق وخروجا من هذه الورطة رأى المسئولون - وحرصا على عدم تعطيل الحركة البريدية لحين إصدار طوابع جديدة - طمس ملامح وجه فاروق من كل الطوابع المتداولة التى تحمل صورته بثلاثة خطوط سوداء.
الهدف من إنشاء مصلحة البريد بخلاف الحركة البريدية من عملية إرسال واستقبال المكاتبات والطرود والمغلفات كان أيضا لتوثيق تاريخ مصر عبر سبعة آلاف عام وهى التى سجلها طابع البريد المصرى على ورقته الصغيرة، منذ بداية ظهوره، وخلال نحو 150 عاما من تاريخ صدور أول طابع بريد مصري، تم تسجيل آلاف الأحداث منذ العصر الفرعونى وحتى ثورة 25   يناير) وخلدت ذكرى آلاف الشخصيات التى لعبت دورا بارزا فى تاريخ مصر القديم والمعاصر  من «مينا» موحد القطرين مرورا بالأسرة العلوية والرؤساء «جمال عبدالناصر» و«أنور السادات» وزعماء  الثورات «أحمد عرابي» و«مصطفى كامل» و«سعد زغلول» والحاصلين على جوائز نوبل ومن بينهم «السادات» و «نجيب محفوظ» والعالم المصرى «أحمد زويل» وبعض الفنانين من أمثال «يوسف  وهبي» و«أم كلثوم» و«عبدالحليم حافظ».
أما عن الأحداث التاريخية فتحرص هيئة البريد المصرية على إصدار طوابع تذكارية فى كل مناسبة، ومن أهمها «افتتاح قناة السويس» بنسختها الأولى التى أنشئت أيام «الخديوى إسماعيل» و«المعرض الزراعى الصناعي» و«إنشاء  جامعة الدول العربية عام 1945 م».
 أما عن أغلى وأندر الطوابع المصرية فهناك طابع للملك «فؤاد» الأزرق من فئة الجنيه، ووصلت قيمته إلى ما يساوى «35 » ألف جنيه مصري، كما تعتبر مجموعة «بورفؤاد» الشهيرة التى صدرت عام 1929م بمناسبة افتتاح مدينة «بورفؤاد» من المجموعات النادرة، ويصل سعرها إلى حوالى «20» ألف جنيه مصري، ومجموعة «مؤتمر الكشافة» التى صدر منها نحو 150 بطاقة عام 1956  يصل سعرها إلى «15» ألف جنيه. وكذلك من الطوابع النادرة تلك التى صدرت فى الفترة من ثورة    1952 إلى 1958 وذلك بسبب قلة أعدادها.
وطابع « المعرض الزراعي» الأبيض اللون، الذى وصل ثمنه ما يساوى «10» آلاف جنيه مصري، أما طابع «الملك فاروق  والملكة فريدة» الأخضر اللون فوصلت قيمته إلى  نحو (5) آلاف جنيه.
أما أغلى تجربة لونية لطابع مصرى تم بيعه فكانت التجربة اللونية لطابع «الملك فؤاد» عام 1922م من فئة الـ(10) مليمات باللون الأزرق التركوازي، هذا الطابع الذى كان عبارة عن طابع تجريبى لم يتم إصداره، حيث لم يخرج عن كونه تجربة فقط، وتم بيعه بـ«4» آلاف يورو، أى ما يساوى (50) ألف جنيه مصرى.
مثلما كان للأحداث  والشخصيات والزعماء نصيب من إصدارات مصر البريدية كان أيضا هناك الاهتمام بالمرأة المصرية على طابع البريد وسجلت مصر أول طابع نسائى للملكة «كليوباترا» كأول امرأة توضع  صورتها على طابع بريد مصرى وذلك عام 1914م، وهو من المجموعة السياحية ثم الملكة «نفرتيتي» عام 1947 وكان بمناسبة المعرض الدولى للفنون الجميلة، وفاز هذا الطابع الذى كان من فئة الخمسة قروش بجائزة أجمل طابع بريد فى معرض «مارينا ماسا» بإيطاليا من بين 48 دولة مشتركة.
 وفى العام 1960 صدر طابع يحمل صورة الملكة «إيزيس» بمناسبة الدعوة لإنقاذ آثار النوبة.
 أما طابع البريد الوحيد الذى كان يحمل صورة امرأة مصرية عادية تمثل جموع المصريات، وليس تذكاريا فكان للفلاحة المصرية.