رئيس الجمعية الشرعية يعترف: ميزانيتنا بالمليارات

مصطفى ماهر
تزامن مع حلول شهر رمضان إغراق شاشات الفضائيات بإعلانات الجمعيات الخيرية والدينية، والتبرعات التى يتاجر أصحابها بكل شىء بداية من الأطفال المرضى وحتى المصابين بالحروق والسرطان، وانضمت الجمعية الشرعية لقطار التسول الإعلانى بحملة بعنوان «إحياء النفوس» بعد إجازتها من مؤسسة الأزهر، وفتح حساب لقبول التبرعات من مصر وخارجها ببنك البركة الإسلامى وآخر بالمصرف المتحد.
الإعلان يعد الأول للجمعية على شاشات الفضائيات الشهيرة، والغريب أنه جاء فى نفس العام الذى شهد تسريب فيديو لأحد اجتماعات رئيس الجمعية د. محمد المختار المهدى عضو هيئة كبار علماء الأزهر فى تسجيل يعود إلى فبراير 2011 يتحدث إلى بعض الأشخاص مرتدين عمائم الأزهر ويستمعون إليه يقول: «الجماعة اللى بيراقبوا علينا زى الجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة التضامن الاجتماعى بيحقدوا علينا ويعملوا مشاكل كبيرة جدًا ويقولوا إننا دولة داخل الدولة، عشان كدا لازم نخفى ميزانيتنا اللى بالمليارات».
وأضاف قائلاً: «اللى يدخل الميزانية شىء واللى على الورق شىء تانى، واللى له حق يأخذه من الجمعية وليس من يد شخص حتى يكون الولاء للجمعية وللإسلام». وتزامن تسريب هذا الفيديو مع إعلان الجمعية الشرعية حصولها على تصريح من وزارة التضامن الاجتماعى فى الأول من أبريل الماضى يسمح لها بجمع أموال تبرعات تصل إلى 50 مليون جنيه.
وفى هذا السياق قال مصطفى إسماعيل الأمين العام للجمعية الشرعية: إن الجمعية حصلت على «ترخيص جمع أموال» من وزارة التضامن الاجتماعى عن طريق الإيصالات غير محددة القيمة لمدة عام، من الأول من أبريل الماضى وحتى نهاية مارس .2016 ورغم ما جاء فى الفيديو المسرب، أكد إسماعيل فى بيان أن حصول الجمعية على هذا الترخيص «دليل قاطع على ثقة مؤسسات الدولة فى منهج الجمعية ونشاطاتها».
وكان من المفترض أن تحقق وزارة التضامن ومؤسسة الأزهر فيما جاء فى هذا المقطع القصير الذى كشف عن طريقة تعامل الجمعية مع الدولة وإخفاء ميزانيتها الحقيقية لأسباب غير معلومة، ويشير حديث رئيس الجمعية إلى أن الدولة لا تعرف كيف يتم جمع هذه الأموال، لأنه إذا كانت الدولة على علم بكل جنيه يدخل ويخرج من خزينة الجمعية وحساباتها البنكية لكان من الصعب إخفاء المليارات التى تحدث عنها المهدى خلال الفيديو.
وكان فى ختام عام 2013 أعلن المستشار عزت خميس مساعد أول وزير العدل ورئيس لجنة حصر ممتلكات الإخوان أن الجمعية الشرعية تمتلك 1100 فرع على مستوى الجمهورية، تم التحفظ على 138 منها مخترقة من جماعة الإخوان.
وبدأت الجمعية إعادة الانتشار فى الشارع والترويج لأنشطتها الخدمية والخيرية التى تعتمد على التبرعات، بالإضافة لسيطرتها آنذاك على عدد كبير من المساجد لمخاطبة المصلين يوم الجمعة على مستوى الجمهورية، ودفعت الجمعية 120 قافلة دعوية لإلقاء الدروس بالمساجد عصرًا ومساءً.
وعلى الموقع الرسمى للجمعية الشرعية نُشر فى 25 يونيو الماضى خبر بصورة ضوئية جاء فيه أن «لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أيدت إخراج زكاة المال للمراكز الطبية للجمعية الشرعية، التى تقدم خدماتها الطبية لغير القادرين وبالمجان».
وجاء على الموقع أن لجنة الفتوى قالت ردًا على سؤال من مصطفى إسماعيل الأمين العام للجمعية الشرعية: «لا مانع شرعًا من صرف مال الزكاة على علاج المرضى المحتاجين، وعمل ما يلزم لهم من علاج وأشعات تشخيصية ووحدات غسيل كلى وحضانات للأطفال المبتسرين، مادام المستفيدون من أصحاب الفقر والحاجة».
واستندت اللجنة حسب نص الفتوى إلى أن «الله تعالى جعل الفقراء والمساكين فى طليعة ومقدمة الأصناف الثمانية الذين يستحقون الزكاة، ومن المعلوم شرعًا أن الزكاة للفقير سدٌّ لحاجته، والفقير المريض أولى الناس بالزكاة، لأنه زاد على فقره المرض والحاجة للعلاج».
وأضاف الموقع أن الأمين العام للجمعية كان تقدم بسؤال للجنة الفتوى بالأزهر الشريف حول جواز إخراج زكاة المال للإنفاق على المراكز الطبية للجمعية الشرعية (حضانات الأطفال المبتسرين، غسيل الكلى، الأشعة التشخيصية) والتى هى مخصصة لعلاج غير القادرين لكل الناس وبالمجان.
وأوضح الأمين العام أن الجمعية الشرعية بصدد البدء فى حملة ضخمة لجمع «مليون جنيه» (تعمد المقال عدم ذكر قيمة المبلغ 50 مليون الذى كانت أعلنت عنه الجمعية من قبل، دون وضوح الأسباب) لتمويل مراكزها الطبية التى تقدم خدماتها وبالمجان، بعد أن أخذت الترخيص بذلك من وزارة التضامن الاجتماعى لمدة عام كامل.
وأكد الأمين العام أن هذا «الترخيص» يؤكد الثقة المتبادلة بين أجهزة الدولة المختلفة والجمعية الشرعية، التى لا تبتغى من أنشطتها إلا رضا الله، والإسهام فى تقدم المجتمع المصرى. وأشار إلى «حرص الجمعية الشرعية على الاستئناس برأى المؤسسة العريقة الأزهر الشريف حتى يطمئن المتبرع إلى صواب إخراجه زكاة المال للمراكز الطبية للجمعية الشرعية».
وأكد أن الجمعية تتبع شفافية كاملة فى كل مشروعاتها الطبية والاجتماعية، وفى حملة جمع الـملايين من خلال جمع التبرعات بدفاتر إيصالات مختومة بخاتم الإدارة المركزية للجمعيات وخاتم الجمعية الشرعية وتحرير محاضر بذلك.
ورغم تأكيد أمين الجمعية على أن فتوى الأزهر بالتبرع تعتبر إجازة للحملة الجديدة وطمأنة للمتبرع، فإن عباس شومان وكيل الأزهر نفى فى تصريح لـ«روزاليوسف» أن يكون الأزهر أجاز حملة التبرعات التى تقودها الجمعية الشرعية. وقال: «إن الأزهر لم يجز شيئًا وليست له أى علاقة بحملة إحياء النفوس التى أعلنت عنها الجمعية الشرعية مؤخرًا».
وبسؤاله عن الحملة والهدف منها وكيف تُصرف أموالها، أكد أنه «لا يعرف شيئًا عن هذه الحملة والأزهر يخلى مسئوليته منها». وفى السياق ذاته لوحظ فى أعلى الصورة الضوئية التى أرفقها موقع الجمعية مع مقال إجازة الأزهر أنها موثقة بتاريخ 24 مارس 2015 ،وتقدم بها إسماعيل يوم 18 مارس وتحمل رقم 931، على الرغم من أن الجمعية كانت أعلنت فى الأول من أبريل الماضى أن وزارة التضامن أصدرت تصريحًا لها بتنفيذ حملة التبرعات لجمع 50 مليون جنيه، ولا نعلم ما إذا كانت الجمعية أرادت الحصول على رأى الأزهر قبل الحصول على التصريح الحكومى أم هى كانت تضمن موافقة الحكومة مسبقًا.
حاولنا التحدث إلى د. المختار المهدى رئيس الجمعية، لكن ابنه أبلغنا أنه مريض بالمستشفى وأنه لا يمكنه التحدث نيابة عنه، فتوجهنا لمصطفى إسماعيل أمين الجمعية الشرعية الذى تعجب من تصريح شومان وقا إن الجمعية حصلت على نص الفتوى التى أجازتها لجنة الفتوى بالأزهر، ولمن يريد التأكد من نص الفتوى يتوجه لمقر الجمعية ويقرأ النص الرسمى والأصلى للفتوى. وأكد أنه لا يريد معارك مع الأزهر الآن وتتحمل الجمعية مسئولية الإعلان على حصولها على إجازة الأزهر.
وجدير بالذكر أن الجمعية الشرعية تقبل تبرعاتها من خلال الهاتف المحمول عن طريق نفس التطبيق الذى تعتمد عليه وهو «ميجا خير» الذى دشنته TA Telecom إحدى الشركات المتخصصة فى مجال الاتصالات والرسائل النصية، ومن أبرز شركاء ميجا خير (مستشفى سرطان الأطفال 57357 وبنك الطعام المصرى ومؤسسة مجدى يعقوب للقلب ومدينة زويل والمعهد القومى للأورام).
ويعد بنك البركة الذى يتعامل مع الجمعية الشرعية بشأن التبرعات، أحد أبرز البنوك الإسلامية، الذى يزعم أنه «يطرح العديد من برامج التمويل بالتجزئة الجديدة والمستحدثة وغير المسبوقة فى السوق المصرية تلبى احتياجات الشرائح المختلفة من المجتمع، وجميعها تتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء ومنها تمويل التعليم الخاص والأجنبى والنوادى والعمليات الجراحية والرحلات السياحية، بالإضافة إلى تمويل السيارات والتمويل العقارى، وتتم مراجعة جميع عمليات البنك ومعاملاته من خلال هيئة رقابة شرعية مستقلة». على حد وصف إدارة البنك.∎