اعتزاز بدور مصر
احمد حمروش
روزاليوسف الأسبوعية : 03 - 04 - 2010
كان مفروضا أن أكتب هذه الكلمات من الرياض بعد أن وجهت لى دعوة للمشاركة فى مؤتمر الجنادرية الذى يقام هناك كل عام من أجل التراث والثقافة.. وبعد أن أعددت نفسى طرأت ظروف حالت بينى وبين السفر للمشاركة فى هذا المؤتمر الذى دعيت إليه أول مرة عام 1993 عندما كان تحت رعاية جلالة الملك عبدالله عندما كان وليا للعهد ورئيسا للحرس الوطنى.
وأذكر أننى قد شاركت فى هذا المؤتمر أكثر من مرة وأننى قد تعرفت على الشيخ عبدالعزيز التويجرى نائب قائد الحرس الوطنى الذى وجدت فيه شخصية فريدة وسمعت منه ما أثلج صدرى فى حديث عميق عن مصر التى كان يتابع تاريخها وأحداثها بفكر مستنير وعقل منفتح ووجدت فى كلماته الناضجة روحا عربية أصيلة، تجيد تقييم كل قائد يعمل على توحيد العرب وفى مقدمتهم الملك عبدالعزيز آل سعود الذى أسس المملكة العربية السعودية وحمل إلى الجزيرة العربية الأمن والاستقرار.. مما دفع الشيخ التويجرى إلى كتابة كتاب عنه كدراسة وثائقية كتب مقدمتها الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى قال إن الملك عبدالعزيز آل سعود قصة متفق عليها ودور معترف به فهو بكل المعايير شخصية تاريخية كبيرة ضمن مؤسسى الدول ومنشئي النظم فى هذا العالم العربى.. وكانت علاقته بمصر ودودة وطيبة.. لم تتأثر مطلقا بالخلافات السياسية.
وشاءت الظروف أن أشارك خلال هذه الأيام فى لقاء مثير شعرت فيه بالاعتزاز بمصر التى دعت إلى أول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية فى ديسمبر 1957 والذى دعا إليه جمال عبدالناصر بعد مؤتمر باندونج.. وكنا نحتفل بمرور عامين على المؤتمر الثامن لمنظمة التضامن الذى عقد فى حيدر آباد بالهند وانقضاء 52 عاما على إنشاء منظمة التضامن.. وهى تعيش فى أحضان الأمة العربية بالقاهرة.
وشارك معنا فى هذا اللقاء المعبر السفير ميخائيل بوجدانوف سفير الاتحاد الروسى والذى ألقى كلمة باللغة العربية التى يجيدها عبر فيها عن صادق التهانى لمنظمة التضامن وتحيات رئيس لجنة التضامن الروسية الذى يتولى أيضا رئاسة جمعية الصداقة الروسية المصرية، وأكد استمرار روسيا الاتحادية فى دعم منظمة التضامن وتأكيد دورها فى دعم حركات التحرر الوطنى فى آسيا وأفريقيا ومواصلة دعم نضال شعب فلسطين من أجل دولته المستقلة وإعادة السلام العادل والدائم فى الشرق الأوسط مشيرا إلى تزايد أهمية الدبلوماسية الشعبية فى العلاقات الدولية والمكانة الأكبر التى تحتلها إرادة الشعوب فى عالمنا الراهن.
وتحدث السفير الجديد لكوبا «أوتو بيانت فرياس» فى هذا اللقاء بكلمة قال فيها «اسمحوا لى أن أنقل لكم باسم الشعب والحكومة الكوبية وباسمى شخصيا، أحر التهانى بمناسبة هذا الحدث، متمنين لكم النجاح فى جميع المشروعات والمنتديات التى تقترح المنظمة إقامتها فى المستقبل القريب، كمثال مشرف لمصالح دول وشعوب العالم الثالث.
يعد هذا هو أول نشاط رسمى يشرفنى حضوره فى منظمة التضامن مع الشعوب الأفريقية والآسيوية، بصفتى سفير كوبا الجديد بجمهورية مصر العربية، لكنى على يقين من أننى فى المستقبل سأجد الكثير من المناسبات الأخرى التى سأشارككم إياها.
أود أن أنتهز هذه الفرصة لأجدد شكرى لمنظمتكم، التى طالما أبدت تضامنها ومساعدتها لكوبا وشعبها.
هذا ما بدا جليا على مدار السنوات الأخيرة، من خلال تعاونكم الذى لا يقدر بثمن أثناء الزيارة التاريخية التى قامت بها د. إليدا جيفارا، كريمة البطل المناضل أرنيستو تشى جيفارا إلى مصر.. وأيضا من خلال التنسيق الجيد مع سيادتكم أثناء المنظمات والمنتديات الإقليمية والدولية، على وجه الخصوص فى إطار حركة دول عدم الانحياز التى تترأسها مصر حاليا وبالأخص بشأن التضامن الذى تم إبداؤه مع الخمسة أبطال الكوبيين المحتجزين ظلما فى سجون الولايات المتحدة منذ حوالى أكثر من عقد».
ونقل فيكتور كاروزو سفير فنزويلا وعميد السلك الدبلوماسى تحيات الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز الذى يعمل من أجل تعميق التعاون بين بلدان الجنوب وإقامة عالم متحرر من كل أشكال الاستغلال الاقتصادى والهيمنة العسكرية.. وأعرب عن امتنانه للمشاركة فى هذا الحفل الذى أقامته منظمة التضامن فى القاهرة التى يحرص دائما على المشاركة فى مؤتمراتها وندواتها. وأدان سفير فنزويلا السياسة الاستعمارية الإسرائيلية خاصة فى غزة.. وكانت فنزويلا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بعد عدوانها على شعب فلسطين فى غزة.
وحضر من ليبيا الأخ سالم الدنا رئيس اللجنة الليبية للتضامن والسلام وقال فى كلمته «لا يسعنا فى هذه المناسبة المجيدة إلا الإشادة بالدور البارز الذى قامت به منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية خلال العقود التى انقضت معتمدة مبادئ باندونج العشرة وكان لها دور مهم فى دعم النضال التحررى فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها.
وفى ظل ما يشهده العالم من تغيرات فنحن بحاجة إلى مواصلة تفعيل منظمة التضامن والمنظمات المحلية الأخرى وتأسيس منظمات فى الدول التى لم تؤسس فيها بعد والتى تحظى عادة بالمشاركة فى الفعاليات التى تنظمها منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية ووصولا إلى ذلك على منظمتنا أن ترتقى بنضالها إلى مستوى الأحداث والمخاطر والمستجدات وأن تشمل نشاطاتها كافة قارات العالم خصوصا أفريقيا - آسيا - أمريكا اللاتينية وذلك لضمان استقلال وسيادة شعوبها وبلدانها واندماجها فى فضائها وتطوير علاقاتها فى جو من الديمقراطية والسلام والحرية، وإقامة شراكة استراتيجية جنوب - جنوب لمواجهة التحديات المستمرة والمتجددة التى تفرضها قوى الهيمنة بصورها المتعددة على شعوبنا والتى لاتزال تعانى من الاحتلال والعدوان والظلم وتهميش دورها».
وهكذا كانت مصر وسياستها القومية الرشيدة موضع تقدير من دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التى تتضامن فى محاولة ربط دول الجنوب خلال القرن الواحد والعشرين.