الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تذكرة ذهاب إلى طرة!




عاصم حنفى روزاليوسف الأسبوعية : 04 - 02 - 2012


ولأنه لا حياء فى العلم ولا كسوف فى المصلحة.... فقد وجدنا أنه من المصلحة أن نتبادل المواقع مع نزلاء طرة.. فنفتح لهم الأبواب ونأخذ مكانهم بالسجن.. وحتى يتحقق لنا الأمان فى هذه الظروف المهببة التى نعيشها.. وقد ثبت لنا بالصوت والصورة أن سكان طرة هم الوحيدون فى جمهورية مصر الكوميدية الذين ينعمون بالراحة وهدوء البال.. هم يأكلون ويشربون ويمارسون الرياضة بانتظام وطلباتهم أوامر.. والفاكهة تأتى إليهم طازجة مثلجة.. وكبيرهم يعشق المانجو فتأتى إليه فى أقفاص وصناديق رغم اختفائها من الأسواق.. بما يعنى أن هناك من يستوردها خصيصا من أجل خاطر عيونه!
فى جمهورية طرة يتحركون بالطائرات والمصفحات.... وحرس الشرف فى انتظارهم فى الرايحة والجاية.. والأطباء تحت أوامرهم لزوم الفحص والعلاج والمتابعة والكانتين خمس نجوم لزوم العزومات والجمبرى المشوى والحمام المحشى والكباب والطواجن والأرز المعمر والحلو أم على!!
وجتنا نيلة فى حظنا الهباب.. نعيش تحت خط النار.. العصابات المسلحة تترصدنا حتى فى ماتشات الكورة.. وتجوب الشوارع علنا وعينى عينك.. تخطف الطبيبات من مستشفى الدمرداش.. وتحتجز أحفاد السادات نظير 5 ملايين.. وحوادث المرور تنتهى برصاصة فى صدر الأضعف تسليحا.. ولو خطفت رجلك إلى بورسعيد للفسحة والتشجيع فسوف تلاقى رب كريم فى المذابح الجماعية فشر مذابح الغزاة والمحتلين.. وشوارعنا المحصنة بالمتاريس والحواجز والسلك الشائك لا تمنع البلطجية وباعة البطاطا والذرة المشوى ومحشى ورق العنب.. والخيبة أنهم يقولون أنها أم الدنيا.. وقد صارت ملطشة للجميع.. وحتى السفيرة الأمريكانى تلعب بأصابعها من وراء ستار.. والأسعار فى الأسواق نار يا حبيبى نار.. وأم العيال لا تضع فى عينها حصوة ملح.. فلا تتنازل ولا تساوم فى مطالبها ومطامعها فى اللحم والخضار والسمن والسكر والزيت والصابون وحلاوة المولد والخروج والفسح والعزومات!
ولماذا التمسك بتلك الحياة الرديئة والخطرة.. ولماذا لا نلتحق بالإخوة الفلول فى مخبئهم الآمن المستقر.. عسى أن ننعم بما ينعمون به.. وعسى أن تشملنا سهرات الأنس والفرفشة بدلا من الهم والغم والقتل المنظم خارج طرة.. وساعتها سوف أمزق جواز سفرى المصرى.. وأطلب اللجوء السياسى لدولة طرة المستقرة الآمنة!
وفى داخل طرة الحرة المستقلة.. سوف تنام مرتاح الضمير.. بعيدا عن بعض النواب الجدد من محدثى النعمة.. وقد حاول مندوب إعلانات محترف وبرلمانى هاو.. حاول أن يتقمص دور سى السيد.. ويريد أن يجرجرنا إلى بيت الطاعة وأن يغلق علينا الأبواب والشبابيك بالضبة والمفتاح.. وأن يحتفظ بالعصمة فى يده.. وأن يحدد للصحافة ما تقول وما تفعل.. فتمشى بحساب وتتكلم بالمقاس.. وتكتب بالمسطرة.. ولا مانع عنده من خراب بيوتنا وإحالتنا للتقاعد.. على اعتبار أننا من صحافة الحكومة التى يجب التخلص منها.. ولم يفرق بين الصحفيين الشرفاء فى تلك الصحف وبين أصحاب نظرية فتح عينك تاكل لحمة.. أما الصحافة الخاصة.. فيسعى إلى تكميم أفواهها وإلغاء ترخيصاتها.. ولا مانع عنده من أن نمارس النقد أحيانا بشرط أن يكون بالشوكة والسكين.. مع أننا فى القرن الواحد والعشرين.. حيث العالم قرية واحدة.. وحرية الآراء والمعلومات متاحة للجميع.. فإذا حجبت بالقوة أو بالحيلة عن وسائل الإعلام المحلية.. اتجهت العقول والعيون إلى وسائل الإعلام الأجنبية.. عسى أن تطالع فيها ما تفتقد فى وسائل الإعلام المحلية المحبوسة والمقيدة..!
فى طرة سوف نمارس الحرية والرحرحة.. يكفى أنهم يتمتعون بميزة إضافية.. أنهم محرومون من السفر إلى بورسعيد.. حيث القتل الجماعى بالهوية.. طبقا للون الفانلة.. ولو كانت حمراء فيا داهية دقى.. وساعتها لن يكون متاحا للصحافة أن تطالب بتقديم الجانى للمحاكمة.. لأن صاحبنا مندوب الإعلانات ومحدث النعمة.. سيكون لهم بالمرصاد!!!