الإنترنت تحت رقابة الـ «CIA»

هالة أمين
لاتقتصر فضائح الاستخبارات الأمريكية على ما كشفه العميل السابق «إدوارد سنودن» بشأن التجسس على «جوجل» وشبكات التواصل الاجتماعى، وما إلى ذلك من ممارسات تفضح «أكذوبة القوانين الأمريكية ذات العلاقة باحترام الخصوصية.. فبعد «فضيحة سنودن» فجر «برنارد ستشيما» محامى المفوضية الأوروبية فضيحة أثقل وأخطر.
العنوان الرئيسى للفضيحة «واشنطن تتجسس على العالم بأسره».
وفى التفاصيل يتكشف أن الولايات المتحدة الأمريكية تمول شبكة «فيسبوك» بحوالى 13 مليون دولار سنويا.
هذا التمويل يميط اللثام عن عمليات التجسس الأمريكية على «آبل» و«جوجل» ومواقع التواصل، ليست عمليات سرية من وراء ظهر هذه المواقع، فهى شريكة بالتواطؤ والصمت، أو هى أدوات فى يد الاستخبارات الأمريكية.
ووفقا لصحيفة «برافدا الروسية» فإن هناك صفحات على موقع «فيسبوك» تركز على غسل دماغ مستخدمى الموقع الشهير، وهناك صفحات تحض على زعزعة الاستقرار فى بلاد ومناطق مستهدف خرابها، وأخرى تنشر الانفلات الجنسى والانهيار الأخلاقى.
المحلل الأمنى «جلين جرينوالد» نشر وثائق جديدة «لا مكان للاختباء» تكشف عن شراكة وكالة الأمن القومى «NSA» ومكتب التحقيقات الفيدرالى «FBI» ،والمخابرات الأمريكية «CIA» فى عمليات قذرة تشمل الدخول على الرسائل الشخصية والصور الخاصة وجميع العناوين وأرقام التليفونات والبيانات الشخصية.
وتكشف الوثائق عن آلية التجسس عن طريق برنامج يسمى «أكامى» وذكر التقرير أن وكالة الأمن القومى تخفى «سيرفر» وتنشر البرمجيات الخبيثة والضارة داخل شبكات التواصل الاجتماعى، وتشمل التقنيات السابقة استخدام رسائل البريد الإليكترونى.
وأشارت التقارير إلى أن هناك طرقا مختلفة تتجسس بها وكالات الاستخبارات الأمريكية على المواطنين فى الولايات المتحدة وحول العالم، هى الهواتف، وهى لاتزال واحدة من أكثر الوسائل إثارة للجدل، ومن ثم التجسس على بيانات المستخدم الخاصة فى الخدمات الرائدة على الإنترنت مثل مايكروسوفت، وياهو، وجوجل، «الفيس بوك، البالتوك، يوتيوب، سكايب، وآبل» للحصول على معلومات خاصة مثل رسائل البريد الإليكترونى، ورسائل الفيس بوك والوثائق المخزنة.
كما تقوم وكالات الاستخبارات الأمريكية الثلاث بعمليات القرصنة الهجومية تستهدف أهدافا ذات قيمة عالية، وتتجسس على وصلات الإنترنت عن بعد فى البلدان فى جميع أنحاء العالم مستفيدة من كابلات الألياف البصرية تحت البحر والتى تحمل كميات هائلة من البيانات، كما تعترض تلك الوكالات مراكز البيانات المتدفقة من جوجل وياهو، فعند تسجيل الدخول إلى بريد جوجل، لابد أن يكون هناك رقم سرى يخضع لحماية لكن «جوجل» بالاتفاق مع أجهزة المخابرات الأمريكية لم تستخدم التشفير عند انتقال البيانات بين الخوادم الخاصة بها، وبذلك تحصد كميات كبيرة من بيانات المستخدم.
لايستهدف التجسس فقط المواطن العادى ولكن يستهدف رؤساء الدول على الهواتف النقالة والبريد الإليكترونى وغيرها من مصادر نقل المعلومات، ويتم تتبع الهواتف الخلوية فى جميع أنحاء العالم وجمع 5 مليارات من التسجيلات فى يوم واحد وقامت تلك الوكالات مع وسائل التواصل الاجتماعى وشركات المحمول والإنترنت بتقويض عمليات التشفير وذلك بوضع استراتيجيات لاستغلال الثغرات الأمنية فى الأجهزة الإلكترونية المنزلية والتجارية واستهداف مفاتيح الأمان الأساسية المستخدمة لتشفير البيانات المخزنة على تلك الأجهزة مثل اللاب توب والكمبيوتر والمحمول والآيباد والآيفون وغيرها، وتمكن جواسيس سى آى إيه والإف بى آى ووكالة الأمن القومى بزرع شفرات خبيثة على تلك الأجهزة والبحث عن نقاط الضعف المحتملة فى أجزاء أخرى منها وسرقة كلمات السر فضلا عن وضع تطبيقات للاستماع إلى المكالمات ومشاهدة الرسائل للتجسس على حاملى تلك الأجهزة فى العالم كله، ومن آليات التجسس أيضاً استخدام برامج الكوكيز لاختيار أهداف القرصنة ومعظمها على المواقع التجارية عن طريق وضع قطع صغيرة من البيانات التى يتم تخزينها على جهاز الكمبيوتر الخاص بالمستخدم، يمكن للمخابرات بالاشتراك مع شركات المحمول أن تسجل كل مكالمة هاتفية فى أى وقت وأى بلد وتخزينها لمدة 30 يوماً.
ووفقاً للتقارير فإن وكالات المخابرات هى التى أنشأت جوجل وهى وراء المراقبة الجماعية والحرب التى لا نهاية لها بحسب موقع «سكاى نت» فإن تحقيقا أكد أن الاستخبارات الأمريكية تمول وترعى وتحتضن «جوجل» كجزء من حملتها للسيطرة على العالم من خلال السيطرة على المعلومات، وكانت وكالة الأمن القومى ووكالة الاستخبارات المركزية مولت البذور الأولى لجوجل للاحتفاظ بالتفوق المعلوماتى.
وكشفت التقارير عن أن هذه المواقع تعمل برعاية وزارة الدفاع الأمريكية لتكون جسراً بين حكومة الولايات المتحدة والنخب عبر القطاعات المختلفة والشركات، ووسائل الإعلام، «جوجل» أصبحت ستاراً من الدخان للمجمع العسكرى الصناعى فى الولايات المتحدة، على مدى العقدين الماضيين، أسفرت الاستراتيجيات الأمريكية الخارجية والاستخبارات فى حربها الوهمية على الإرهاب إلى مزيد من الصراعات فى جميع أنحاء العالم وخاصة الشرق الأوسط.
ويساعد «مقاولو الدفاع» مثل شركة «بوز ألن هاملتون» التى يشار إليها أحياناً باسم «مجتمع استخبارات الظل» فى عمليات التجسس بسبب الاتصالات الخفية بينها وبين الحكومة الأمريكية، وقدرتها على التأثير والعمل على التطورات العلمية والتكنولوجية وذلك وفقا لمجلة «نيو ساينتست» التى تعمل على التخطيط الاستراتيجى، وخلق السيناريوهات لإحكام قبضتها على كل مواطنى العالم.
وصلت نفقات برامج المخابرات الأمريكية إلى 9,56 مليار دولار لتمويل برامج التجسس وهو رقم مبالغ فيه، وتغطى أموال الميزانية أقمار التجسس والمعدات التقنية المتطورة ورواتب الموظفين بمن فيهم المحللون وخبراء اللغات وفك الشفرات وخبراء الإنترنت والتنصت الإلكترونى.
وجاء فى محاضرة بجامعة تكساس تحت عنوان «الندوة السنوية مجتمع المخابرات»أن هناك وكالات أخرى تمويلها يرجع لمواقع التواصل الاجتماعى وجوجل وغيرها من الخدمات على الإنترنت منها «CMS» التى تعمل تحت إشراف مدير الاستخبارات المركزية، عملت فى تطوير جوجل على مدار الأعوام الماضية لزيادة كفاءة التجسس عن طريق برنامج تثبيت إلكترونى وتطوير تقنيات إدارة البيانات والاستعلام والتصفح والتصفية والمعالجة والفهرسة ونمذجة البيانات، ودمج قواعد البيانات غير المتجانسة وتوفير الوصول السلس والانصهار مع كميات هائلة من البيانات والمعلومات للاستخدام من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، ومجتمع الاستخبارات وهو ما أكده روبرت ستيل، ضابط مخابرات كبير سابق فى «السى آى إيه»
ووفقا للتقارير فإن هناك مشروعات تجسس جديدة تمولها المخابرات الأمريكية ووزارة الدفاع مما يتيح توسيع جهاز المراقبة السرية باسم الأمن القومى، ويوفر جميع أنواع التكنولوجيات واستخراج البيانات للبحث فى قواعد البيانات على الإنترنت ليس فقط رسائل البريد الإلكترونى، والدردشة على الإنترنت وتصفح التاريخ، والمعاملات المالية واتصالات النقل الجوى العالمية.
وتقوم استراتيجية التجسس الأمريكية على المساعدة فى تحقيق أهداف سياستها التخريبية فى العالم وفقا لمصالحها، وجوجل فى الواقع أحد المشاركين الرئيسيين مع الجيش الأمريكى والعمليات الاستخباراتية التى تنطوى على التعذيب والتخريب من الحكومات الأجنبية وتفجير الحروب والتى راح فيها مئات آلاف من الأرواح فى أفغانستان والعراق وباكستان وأماكن أخرى. ∎