الأربعاء 20 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النجاسة فى السياسة


عبدالله كمال 18 سبتمبر 2010 3:00 م
 
البرهان على خطورة وجود الإخوان

عملياً ، تواجه جماعة الإخوان مصاعب جمة في خوض الانتخابات البرلمانية، من داخلها، وحتي لو كانت بعض مصادرها (تزعم) أنها بصدد أن ترشح 300 عضو منها في المعركة المقبلة، وهو رقم مبالغ فيه، فإن (المحظورة) تواجه تحديات تنظيمية مذهلة تجعل فرصها أقل كثيرا مما كانت عليه من قبل .. ناهيك عن تيقظ القوي السياسية المدافعة عن الديمقراطية وعن المدنية التي لا تريد أن يؤدي تيار التطرف الديني بخطورته علي مستقبل مصر إلي تدمير للحياة السياسية في البلد.

مالياً، توجد مشكلة حقيقية لدي الجماعة في توفير النقد اللازم لخوض معركة علي نطاق واسع، خصوصا بعد القضايا التي حوكموا فيها باتهامات غسيل ا لأموال، ومن ثم فإن اجتماع مكتب الإرشاد الأخير شهد نقاشا حول تلك الأمور، إلي درجة دعت البعض للدعوة إلي الابتعاد عن المنافسة وعدم إنفاق مال لا طائل سياسي من ورائه.

انتخابياً، يواجه أعضاء الجماعة المنتخبون بالطريقة الفردية علي مقاعد مجلس الشعب، وحيث دونوا خداعا في أوراق التسجيل أنهم (مستقلون)، وهم ليسوا كذلك، يواجهون تبرما ورفضا من الناخبين، الذين تبين لهم أن أعضاء الجماعة لا يقوون علي تلبية احتياجاتهم، ولا يمكنهم أن يقدموا خدمة أو يوفروا مشروعا، وليس لديهم سوي (الطنطنة السياسية) والتصريحات الزاعقة والاتهامات التي يريدون بها تشويه الآخرين، في حين لم يتمكن 88 نائبا من أن ينجزوا ما هو ملموس أمام الناخبين في الدوائر.
تنظيمياً، وبخلاف أن كيان (المحظورة) واجه - ولم يزل- أزمة كبري نتيجة تطاحن التيارات في داخله خلال عملية إخلاء المرشد مهدي عاكف وإحلال المرشد المستجد محمد بديع، فإن النواب المنتمين للجماعة يواجهون إما عدم القدرة علي الاستمرار في العمل السياسي، خاصة أن أغلبهم ينتمون لدوائر غير التي ترشحوا فيها، أو يواجهون تحديا من كوادر داخل الجماعة ترغب في أن تترشح بدلا من النواب الحاليين فضلا عن الصراع الطاحن بين التنظيميين وبين المرشحين، الفريق الأول يري أنه يبذل جهدا لا يستحقه كثير من المرشحين، والفريق الثاني يري أن الجهد المبذول لايكفي في ضوء ضراوة المعركة.

سياسياً، أدي الخواء البرامجي، وعدم طرح الجماعة أي بديل واضح، إلي حالة من الانكشاف المذهل، خاصة بعد أن فرض الدستور منعا علي توظيف الدين في السياسة، بخلاف أن التواجد السياسي غير المتوقع من الجماعة قبل غيرها أدي إلي إظهار عدم وجود أفكار أو رؤي قادرة علي حل مشكلات الناس .. فلم يطرح الإخوان فكرة ولم يعلنوا رأيا ولم يقدموا حلا .. بخلاف تمترسهم خلف شعارات الإسلام التي يمكن للمسلمين جميعا أن يتسلحوا بها وليس هم وحدهم.

أساليب التغطية

الملاحظ في هذا السياق، أن الجماعة، تغطيةً علي أزماتها المتنوعة، لجأت إلي أساليب متنوعة لتمرير الفترة المقبلة، فهي تمثل لها مشكلة حقيقية علي عكس ما توحي التحليلات المتواطئة معها .. ومن ذلك كان أن لجأ الإخوان إلي التالي:

التحالف مع ما وصف بأنه مطالب الجمعية الوطنية للتغيير، التي يتقدمها الدكتور محمد البرادعي .. ومضي الجماعة في عملية جمعية التوقيعات الإلكترونية لصالحها .. وهو ما كانت تعتقد أنه سوف يمثل زخما يؤدي إلي منحها أوراقا يمكن أن تستخدمها في نيل مكاسب بافتراض أن هناك من سوف يقبل النقاش علي هذه المكاسب.

لكن هذا التصرف، رغم العبثية التي يتم بها، إذ إنه لا يتطلب سوي أن يضغط أحد مستخدمي الإنترنت بـ(كليك) علي المطالب، بلا توثيق أو تدقيق، واجه مجموعة من المشكلات وكشف عن مصاعب عديدة .. حولت هذه (اللعبة السياسية) إلي عبء في رقبة الجماعة أكثر من كونه، كما تخيلت سابقا، سيفا في يدها.

فمن جانب، لم تعد تعرف الجماعة ماذا تفعل بهذه التوقيعات وما هي قيمتها، ومن جانب آخر وجدت نفسها محملة بأعباء النزاعات الداخلية في جمعية البرادعي وفقدانه المصداقية، وانتقال صخب تلك النزاعات إلي خارج الجمعية، والأهم هو أن الدكتور البرادعي الذي قبل أن يكون أسيرا سياسيا لدي جماعة الإخوان لا يبقي في مصر .. ولديه مشكلات حقيقية مع الرأي العام تتصاعد كلما زار مصر.

وما زاد الأمر جدلا وصعوبة هو أن الجماعة صار عليها أن تدافع عن مواقف شخصية للدكتور البرادعي وعائلته، وبما في ذلك أن الجماعة وجدت نفسها في مواجهة أعضائها الذين يطرحون تساؤلات حول صور نشرت لابنة الدكتور البرادعي بملابس البحر وبيانات عنها تقول أنها (لا دينية) .. وهو عمل صحفي غير مقبول سبق أن أدانته ولكن تلك الإدانة لاتنفي أنه أحدث تأثيرا سياسيا علي صورة الدكتور البرادعي بين عوام الناس .. ومن ثم مع من تحالفوا معه.

التصرف الثاني للجماعة في مواجهة أزماتها ومصاعبها في المعركة الانتخابية المقبلة كان هو اللجوء من جانبها إلي محاولة الحفاظ علي جسور ممتدة مع أحزاب المعارضة الرئيسية .. بقصد الاحتماء بها .. وتوظيفها لتحقيق أهداف الإخوان .. وبما في ذلك محاولة ترسيخ صورة عن وجود تحالف من القوي السياسية الشرعية وغير الشرعية في مواجهة الحزب الوطني.

لقد فشلت تلك المحاولات عمليا، ليس فقط لأن الجماعة لم تقدم للأحزاب ما يمكن أن يكون مفيدا من وجهة نظرها .. ولكن كذلك لأن هذه الأحزاب تدرك في قناعتها الحقيقية أن الخطر الحقيقي علي وجودها يكمن في وجود الجماعة نفسها .. باعتبارها ضد الحزبية وإن استخدمتها .. وضد الديمقراطية وإن استغلتها .. وضد المؤسسات وإن حاولت اختراقها.

وفي حين أن الجماعة كانت تصرح بأنها يمكن أن تقاطع الانتخابات إذا ما قاطعتها الأحزاب، مركزة علي حزب الوفد، فإنها كانت تتحرك علي الأرض عمليا كما لو أنها سوف تخوض الانتخابات غدا .. بل قامت بتحديد أسماء عدد كبير من المرشحين بدون أن تنسق مع الأحزاب كما تدعي .. وفي حين دفعت حزب الجبهة وجمعية التغيير إلي تبني مقترح المقاطعة الذي لا يجد أي صدي .. فإنها حملت حزب الجبهة نفسه مطلبا يدخل في صميم ترتيب العملية الانتخابية .. وهو الذي يتعلق بمطالبة الحزب الوطني بأن يوافق علي تقييد مندوبي المرشحين من خارج الدوائر.

لقد انطوي هذا المقترح الذي حمله حزب الجبهة إلي أحزاب المعارضة متبنيا إياه علي أحد أهم أمثلة خطورة أن يتواجد الإخوان في الحياه السياسية .. إذ فضلا عن أن وظيفة المندوب هي أنه يتحقق ممن يعرفهم في الدائرة أثناء عملية التصويت، فإن الاقتراح الإخواني المرسل عبر حزب الجبهة كان هدفه إتاحة الفرصة لعدد من كوادر الإخوان بأن يتم إرسالهم من دوائر أخري للتواجد في دوائر لاتوجد فيها كثافة للإخوان.

المرشد المستجد

التصرف الثالث والأخطر كان هو لجوء الجماعة علي لسان مرشدها وأصوات أخري إلي تصعيد حملات الهجوم الديني التكفيرية والتشويه السياسي القائم علي الشتم، وقد كان علي رأس هذا الكلمة التي ألقاها المرشد المستجد محمد بديع في حفل إفطار بمحافظة الغربية، حيث صدمت تصريحاته جهات سياسية مختلفة، وحيث قال إن لدي جماعته ماء طهورا من السماء .. سوف تقوم به بتطهير نجاسات المجتمع والحكومة.

وبقدر ما عبرت هذه العبارات التي وردت في خطبة معلنة ومسجلة عن أن لدي الجماعة مواقف تتعمد إخفاءها بلين الكلام في أوقات إحساسها بالنشوة، وأنها تخفي ما لا تظهر، وبقدر ما انزعج الكثيرون وكتب العشرات عن هذه العبارات المؤسفة والكاشفة، بقدر ما انزعج المرشد من نفسه، وراح يحاول عبر مواقع مختلفة ومن خلال ردود أرسل بها إلي بعض الصحف، وبما في ذلك صحف تتحالف معه وتعتبر منبرا له .. منكرا ما قال.

إن (النجاسة) هي عنوان هذا الخطاب .. ولكن - استنادا إلي ما ورد في مواقع إخوانية بخلاف نصوص منشورة في جرائد مختلفة المشارب مثل «الأهرام المسائي» و«الدستور» و«الشروق» - هذا الخطاب تضمن مجموعة من الأفكار التي كشف عنها بديع في أول مرة ينطق فيها علي سجيته .. مؤكدا علي أن تلك الجماعة تمثل خطرا حقيقيا علي الوطن برمته .. وليس علي أي منافس انتخابي .. وأن الدولة المدنية القائمة علي العدل والمساواة تواجه تحديا تتزايد خطورته يوما تلو آخر مع وجود الإخوان.

الخطاب، الذي تريثت في التعليق عليه، لكي أرصد ردود أفعال المجتمع عليه بعيدا عن تدخل «روزاليوسف» التي يقول الإخوان إنها تعاديهم حتي ولو قالوا دررا .. لقي هجوما مروعا .. ومدهشا .. وبما يثبت تأكيدا أن في البلد قطاعا كبيرا من الذين يستشعرون هذا الخطر .. ويدركون كارثيته .. الخطر الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين.

وبالرجوع إلي مواقع جريدتي «الشروق» و«الدستور» يمكن رصد عشرات من التعليقات التي أدلي بها مواطنون عاديون .. ليسوا كتابا ولاصحفيين .. بدأوا في رفض ما قال بديع من عند (من الذي أعطاك حق الطهارة) .. وصولا إلي السخرية منه وأنه بذلك يدعو إلي (تحميم) المصريين .. ومرورا بمن قال له إن عليك أن تطهر أولا الجماعة ممن فيها من الفاسدين ثم بعد ذلك تتكلم عن الشعب والحكومة.

خطاب «بديع» هو في حد ذاته موقف (نجس)، باعتباره يعبر عن رؤية قذرة، تفتقد طهارة اللغة، وحسن الاتجاه، من حيث إنه يتهم الآخرين بلا دليل، ويزعم لنفسه صفات لا بيان عليها، وينفي عن بقية المسلمين إسلامهم، مكررا الخطيئة الإخوانية التي تعتبر أن كل من ليس في جماعة الإخوان ليس من المسلمين وأن الإسلام مقصور عليهم ودعوته في أيديهم هم فقط.

لقد قال أحد الزملاء لبديع (من الذي أعطاك توكيل ماء السماء)، واستنتج آخر- وهو علي حق- أن كلام بديع المحسوب علي التيار القطبي في الجماعة لا يفرق عن تكفير المجتمع علي طريقة سيد قطب وقد وصف الأخير المجتمع العصري بأنه ينتمي إلي الجاهلية ما يعني أنه كافر .. وكتب له أكثر من زميل أن حديث النجاسة هذا إنما يعني وصف المجتمع بأنه من المشركين علي اعتبار أن الآية تقول (إنما المشركون نجس .. .).

ما ذكره (المستجد)، لاينم عن قلة خبرة في التعامل مع الميكروفون والخطابة في الناس، وإنما عن مواقف ثابتة للجماعة، فهي نفسها التي حاربت المجتمع بعمليات الإرهاب والتنظيمات السرية واستهداف رجال الدولة كما جري مع المرحوم محمود فهمي النقراشي وقد قتله الإخوان، ومع الرئيس عبدالناصر وقد حاولوا اغتياله في واقعة المنشية الشهيرة .. وهي نفسها الجماعة التي قال مرشدها السابق (طظ في مصر وفي اللي جابوا مصر واللي في مصر) .. وفق حديث مسجل .. نشرته «روزاليوسف» وصدر به كتاب مشهور للزميل سعيد شعيب .. وقبل هذا وذاك كان المرشد الأسبق مصطفي مشهور هو نفسه الذي أصدر فتوي بتحريم دخول الأقباط إلي الجيش .. معبرا عن مكنون الجماعة من أبناء مصر.

أيادي الإخوان

نظرية (النجاسة) التي تبناها بديع، لم تكن إذن هفوة لسان، خاصة أنه رسخها من خلال وصف أعضاء جماعته باعتبارهم (الأيدي المتوضئة) كما لو أن كل الآخرين ليسوا كذلك .. وكما لو أن كل أعضاء الأحزاب الذين يذهب لعرض التحالف عليهم لن يكونوا كذلك .. وهو تعبير لا ينطوي علي عنصرية وتمييز فقط بين المسلمين وإنما ينطوي علي تمييز أكيد لا فصال فيه ولانقاش ضد الأقباط.

إن أخطر ما جاء في كلام بديع هو أنه قد أطلق الوصف علي (المجتمع والحكومة) في ذات الوقت، أي أنه لم يكن يلجأ إلي أساليب التشويه السياسي فحسب، وإنما كان يعلن عداءه للمجتمع كله .. مجتمع من (الأنجاس) فيما الإخوان هم الأطهار .. علي طريقة أسامة بن لادن الذي قسم العالم إلي فسطاط كفر وفسطاط إيمان واعتبر نفسه بالطبع في الفسطاط الأخير .. وقرر أن يدمر العالم كله بعمليات الإرهاب تخلصا من فسطاط الكفر .. لا فرق بين ما قال بديع وما قال بن لادن .. والمنبع واحد .. والتمييز راسخ في ذهن هؤلاء .. وكلاهما يصب في اتجاه لا خلاف علي خطورته.

وقد حاول بديع الإفلات من هذه الورطة التي كشفت مكنون أفكاره، فقال إن الصحف نقلت عنه بالخطأ ما قال، وأن الاقتباسات لم تكن دقيقة، لكنني راجعت الخطبة ولم أجد فيها فقط ما جاء علي لسانه، وإنما وجدت فيها أيضا ما يؤكدها أكثر من مرة .. ومن ذلك استخدامه تعبير (مساجد الإخوان المسلمين) وهو ما استنكرته أوساط دينية وعادية عديدة .. ففي عقيدة الإسلام (جعلت لي الأرض مسجدا) .. ولا توجد مساجد للإخوان ومساجد لغيرهم .. والكل يدخل إلي أي مسجد للصلاة باعتباره مؤمنا بالله لا تفرقة بين أبيض وأسود إلا بالتقوي.

تعبير (مساجد الإخوان) في حد ذاته يشير - حاشا لله - إلي أن بديع يري أن هناك مساجد يجب أن يستخدم ماء الإخوان معها بدورها .. إذ لم يعد الأمر مقصورا علي المجتمع وعلي الحكومة وحدهما.

ولا يقف الأمر في هذا الخطاب علي تلك النقطة المروعة، فيما يخص الطهارة وحديث النجاسة في السياسة، وإنما امتد إلي أمور أخري كشفت عن قناعات الجماعة .. وأهمها في رأيي حديثه الساذج عن أنه قد تم تجريب المنهجين الاشتراكي والرأسمالي وأن علي الجميع أن يجربوا المنهج الإسلامي باعتباره الحل الأمثل .. ضاربا المثل بالأزمة العالمية .. وأنها أثبتت سقوط المناهج غير الإسلامية.

وفي ذلك يجب أن نسجل الملاحظات التالية:

قصر بديع المناهج التنموية علي الرأسمالية والاشتراكية يعبر عن خواء علمي، علي أساس أنه توجد مناهج اقتصادية متنوعة، فالاقتصادات لم تعد أيديولوجية، وإنما تقوم علي تحقيق المنفعة، ناهيك عن أن الاقتصاد له قواعد محددة لا علاقة لها بالتوجهات السياسية .. القوانين الاقتصادية لا تتغير وإنما الذي يتغير هو البرنامج التنموي المتبع.

دلل بديع مجددا علي خوائه العلمي حين قصر حديثه عن المنهج الإسلامي علي حديث الربا والفائدة .. وهذا كلام في أساليب الائتمان .. تجاوزته حقائق الزمان وإدراك الناس إلي أن هناك بديلا للتضخم ومعامل الاستثمار تدفعه البنوك لا يمثل ربا .. وليس لهذا بالطبع علاقة متكاملة مع الاقتصاد بمعناه الأشمل . وهو ما يعبر عن قصور في الرؤية وكسور في بنيان التصورات.

لم يقل لنا محمد بديع ما هي المنهجية الإسلامية في الاقتصاد التي تستخدمها تركيا المنجرفة في التفاعل مع العولمة والبنوك الرأسمالية وتطبق كل قواعد الاقتصاد الحر وتقبل الخضوع لقيم ومعايير الاتحاد الأوروبي علي الرغم من أن حزب العدالة والتنمية الذي يحكمها يقول إنه إسلامي؟

لم يقل لنا محمد بديع ما هو رأيه في النموذج الاقتصادي الصيني، بمواصفاته المعقدة، التي قفزت بالصين إلي مرتبة ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة كاسرة احتكار اليابان للمركز الثاني؟ .. وهل علي الصينيين أن يروجوا نموذجهم الاقتصادي باعتباره الاقتصاد البوذي أو الاقتصاد الكونفوشي .. أو أي اقتصاد يتبع أي دين آخر؟

لم يقل لنا بديع ما الذي فعلته النماذج المتأسلمة في كل من: أفغانستان - غزة - السودان .. لكي نعرف هل تلك هي النظريات التي يدعيها للمنهج الإسلامي؟ .. هل يريد لمصر أن تكون كما هو حادث لغزة تحت حكم حماس؟ أم لعله يريد أن تكون مصر قيد التقسيم كما هو الحال في السودان؟ .. إلا إذا أنكر علي تلك المناطق ما تدعيه من تطبيقها - كما تقول - للمبادئ التي توصف بأنها إسلامية.. والإسلام منها براء.

ولم يقل لنا بديع ما هو أصلا المنهج الإسلامي الذي يدعيه، ما هي مواصفاته، كيف نوزع الدعم وفق مجرياته، كيف نوفر فرص العمل، كيف نجتذب الاستثمارات، كيف نزيد معدل نمو السياحة، كيف ترتفع معدلات التصنيع؟ .. إلا إذا كان الذي يقصده بالاقتصاد الإسلامي هو تلك الأساليب التي اتبعت في قضية غسيل الأموال وحكم فيها بالسجن علي عدد لا بأس به من قيادات الجماعة.

لكن الأغرب هو أن بديع قرر أن يحل مشكلة القمح في مصر من خلال نظرية ما يمكن وصفه بأنه نظرية النبي يوسف عليه السلام .. وقال إن الحل كان هو أن تتم زراعة القمح سبع سنوات لتغطية العجز سبع سنوات عجاف . ولست أدري كيف يكون هذا المرشد المستجد أستاذا جامعيا حين يقول هذا الكلام ويردده .. متجاهلا كل قواعد تنوع المخزون السلعي والحاصلات المختلفة .. ومتناسيا حتي حقيقة الرواية الدينية حول إن ما لجأ إليه النبي يوسف كان مبنيا علي نبوءة جاءته في حلم .. وأنه تم الاستعداد للسنوات العجاف بمخزون السنوات المنتجة للقمح.

ليس في هذا العصر أنبياء يمكن أن تأتيهم النبوءات في المنام، ولا أعتقد أن الدكتور بديع سوف ينام ويعتقد أنه يحلم باعتباره من الصفوة المنتقاة في المجتمع، ثم يصحو لكي يتخذ قرارا اقتصاديا بناء عليه يتقرر مصير الشعب ومستقبل الوطن.

إن هذا الخطاب المسجل الذي يحاول بديع ومن حوله أن يعيدوا تفسيره وتبريره يمثل برهانا أكيدا علي (البلوي) التي يمثلها الإخوان .. أما بقية الأمور فهي متفرقات تؤكد الكارثة.
عبد الله كمال

يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة على موقعه الشخصى

www.abkamal.net

أو موقع روزاليوسف:

www.rosaonline.net

أو على المدونة على العنوان التالى:

http//alsiasy.blospot.com

أو على صفحة الكاتب فى موقع الفيس بوك أو للمتابعة على موقع تويتر:

twitter.com/abkamal

البريد الإلكترونى

Email:[email protected]
واقرأ أيضا: الجماعة مكشوفة وإن اختلف المفكرون
وأيضا .. د. وحيد ومستر حامد